الإثنين 23 ديسمبر 2024
القاهرة °C

ليلون… رسالة سامية من أرض المأساة والنزوح

جعفر جابو

 

للمرة الأولى في تاريخ الإنسانية والنزوح يخلق المهجرون من ديارهم أفكار ومشاريع فنيَّة تحمل رسائل سامية، وذات إرادة عظيمة؛ هذا ما خلده مهرجان ليلون لصفحات التاريخ.

من خلف مخيمات المقاومة وضعت شاشة كبيرة عرضت الكثير من المآسي، الكوارث والمشاكل الاجتماعية ونجاحات تحققت في العالم، وكانت هذه مرآة مهرجان ليلون للأفلام السينمائية القادمة من أكثر مئة وخمسون دولة في العالم.

وحمل مهرجان ليلون السينمائي الدولي شعار “وردة لوحدها لا تشكل حديقة”، تعبيراً عن ضرورة تكاتف وتضامن شعوب العالم سوياً في جميع المراحل ليصلوا لحياة متكاملة وجميلة.

تنوعت الأفلام التي عرضت في المهرجان بلغتها المتنوعة وتبادل الثقافات بين منطقة وأخرى وكان عدد منهم يسرد وضع المرأة في الشرق الأوسط وصعوبات الشعب في الحياة الاجتماعية، تعرف من خلالها المشاهدون على الكثير من المعلومات والأحداث الواقعة في العالم.

استمر مهرجان ليلون السينمائي الدولي بعرض أفلامه على مدار خمسة أيام متواصلة، وكان حضور الأهالي من نساء، ورجال، ومسنين وأطفال يزداد وسط تفاعلهم مع الكثير من الأفلام لما كان يحمله من الواقع الذي يعيشه أهالي عفرين في مخيمات الشهباء وخاصة الأفلام المقتبسة من مقاومتهم في مرحلة مقاومة العصر.

في الزاوية الأعلى من المهرجان كان محط تجمع أطفال المخيم لمشاهدة الأفلام وهناك كانت أصواتهم وتفاعلهم مع أجواء العرض مختلفة ومميزة نظراً لما عاشوه وافتقدوه في الأزمة بالمنطقة.

زرع مهرجان ليلون البسيط بإمكانياته والكبير بفحواه الدهشة لدى كل من سمع به وشاهده، وأكد أن أثمن معاني الأمل هي التي تأتي في قمة اليأس وأن الشعب قادر على خلق الكثير من المعجزات والوقوف بوجه الحرب الممارسة ضده بوسائل مختلفة وسامية بعيداً عن القتال والسلاح طلباً للسلام.

ليلون لم يكن مهرجاناً لعرض ومسابقة الأفلام فحسب إنما أصبح بفكرته وظروفه المختلفة رسالة لجميع دول العالم والشعوب ليبين الروح النضالية  والمعنويات العالية التي جسَّدها أهالي عفرين بالفكر والإبداع؛ على عكس ما خلفه النزوح لدى الكثير من الشعوب الأخرى ونجح بالفعل بإرسال رسالته التي لفتت نظر جميع دول العالم والإعلام نحو قضية احتلال عفرين.

قدمت اللجنة التحضيرية للمهرجان الكثير من الجهود والمساعي لإيصال رسالتهم وكان إعداد أغنية خاصة بالمهرجان واحداً منها، حيث أنه تم إعداد وعرض أغنية بأصوات مختلفة من دول العالم ولغات متعددة أهداها المشاركون في المهرجان لمقاومة العفرينين خلال فعاليات الاختتام.

حمل اليوم الأخير من المهرجان تشويق واهتمام لدى الأهالي الذين كانوا يتابعون أفلام المهرجان لحظة بلحظة، وذلك كان حال العالم خلال تقاريرهم الإعلامية حول المهرجان وهل سينجح كما هو مرسوم له، وهذا ما ظهر خلال اليوم الأخير من ليلون حيث أن المهرجان تفوق وكسب محبة الجميع أكثر مما كانت تتصوره اللجنة التحضيرية.

ختاماً يمكن القول أن مهرجان ليلون السينمائي الدولي خلد على صفحات التاريخ رسالة سامية وعظيمة عن نازحي أهالي عفرين ومقاومتهم، وبرهنوا أن الشمس لا تشرق في منتصف الليل لكن من قمة اليأس يخلق الأمل وتبقى آمال أهالي عفرين برؤية جبل ليلون وإقامة مهرجان ثانٍ على أرضهم المحررة.

to top