الحدث – القاهرة
منذ العملية الأخيرة لدولة الاحتلال التركي تحت مسمى نبع السلام 2019م، والتي تم بموجبها احتلال سري كانيه (رأس العين) وكري سبي (تل أبيض) حينها، لم تتمكن دولة الاحتلال التركي من تنفيذ عمليتها الهادفة إلى احتلال كامل الشريط الحدود الشمالي. بسبب الاعتراضات الشعبية والمظاهرات التي عمّت العديد من الدول حول العالم، والضغط من المجتمع الدولي إلى جانب الاتفاقية التي أبرمتها الولايات المتحدة الأمريكية مع تركيا، والاتفاقية ما بين قوات سوريا الديمقراطية وروسيا لقطع الذرائع أمام دولة الاحتلال التركي عبر تواجد لقوات الجيش السوري على الشريط الحدودي.
تركيا بين الفينة والأخرى تجدد تهديداتها بشن عملية عسكرية بذريعة محاربة الإرهاب وحماية أمنها القومي، عبر القصف المستمر تارة، والاستهدافات عبر الطائرات المسيرة تارة أخرى، واستخدام مختلف الوسائل الاستفزازية لجر قوات سوريا الديمقراطية إلى مستنقعها.
حيث كانت المطالب التركية لشن العملية العسكرية على الشمال السوري حاضرة في جميع المحافل الدولية ونقاشاتها مع الدول الفاعلة في الأزمة السورية، لكنها لم تستطع إقناع المجتمع الدولي للقيام بالعملية، ودائما ما كانت يواجهها الرفض.
وعندما استنزفت جميع أوراقها التي بحوزتها لإقناع المجتمع الدولي، افتعلت تفجير استنبول الإرهابي، واتهام قوات سوريا الديمقراطية بالضلوع فيه.
شاهدنا التصريحات التركية كيف أنها كانت في حالة تخبط واضحة تارة تقول بأن منفذة التفجير تلقت تعليماتها من كوباني وترة أخرى من قامشلو، وأنها دخلت إلى تركيا من عفرين (المحتلة تركياً) لتدلي أحلام البشير أمام المحكمة بأنها دخلت من منطقة الباب (المحتلة تركياً).
بالرغم من هزلية مسرحية التفجير التي صدّرتها تركيا للعالم، ومن دون تقديم أية أدلة تثبت صحة ادعائها، لتتمكن من خلالها اقناع المجتمع الدولي برواياتها المفبركة وهي ذاهبة إلى قمة العشرين.
يبدو أردوغان يتحضر لاجتماع استانا من المزمع عقد في 22 و23 من الشهر الجاري وفي جعبته أوراق ضغط، لذا منذ ليلة الأمس بدأ بقصفه الهمجي على كامل الشريط الحدودي من ديرك إلى كوباني والشهباء مخلفاً ضحايا من الشهداء والجرحى من العسكريين والمدنيين وتدمير البنى التحتية.
قصف لا يميز بين مدني ولا عسكري، كما أنه استهدف نقاط للجيش السوري مخلفاً ضحايا، إلى جانب استهدافها للإعلاميين لمنعهم من نقل الحقيقة إلى العالم، حيث أن القصف تسبب بإصابة مراسل قناة ستيرك الفضائية محمد الجرادة، واستشهاد مراسل وكالة هوار للأنباء عصام عبد الله، وتدمير كلي لمشفى كورونا في مدينة كوباني.
دولة الاحتلال التركي ماضية في سياساتها الاحتلالية لتنفيذ مشروعها “الميثاق المللي”، هذا المشروع لن يتحقق إلا عبر جماجم شعوب المنطقة وتفريغها من سكانها الأصلاء.
حيث أنها وبعد فشل مساعيها من تنفيذ مشروعها عبر أدواتها من التنظيمات الإسلاموية الإرهابية وبشكل خاص تنظيم داعش الإرهابي، تدخلت عبر الاحتلالات المباشرة.
يبدو حتى في تدخلاتها المباشرة لن تتمكن من تثبيت تواجدها إلا من خلال التنظيمات الإسلاموية والعمل على شرعنة تلك التنظيمات، لذا شاهدنا مؤخرنا كيف أنها سلمت عفرين والباب إلى تنظيم جبهة النصرة المدرجة على لوائح الإرهاب والعمل على توحيد فصائلها تحت لواء جبهة النصرة.
واليوم نشاهد كيف أنها تنتقم من مدينة كوباني التي انتصرت على إرهاب داعش ومنها كانت البداية للقضاء على ما تسمى بدولة الخلافة في بلاد الشام والعراق، وتعمل على زعزعة أمن واستقرار عبر ترهيب وترويع المدنيين ودفعهم إلى الهجرة. بما يسهل ويساعد على تنشيط خلايا التنظيم، وتكون فرصة لتحرير عناصر التنظيم من المخيمات والسجون في مناطق شمال وشرق سوريا. كما فعلت أثناء الهجوم على سجن الحسكة، وكما اتضح لنا أثناء حملة الأمن والإنسانية التي قامت بها قوات سوريا الديمقراطية بالتعاون مع قوات التحالف في مخيم الهول، حيث كانت ثمة تحضيرات للعمل على فرار عوائل التنظيم من حفر للأنفاق ومعدات عسكرية تثبت تورط تركيا في ذلك.
يبدو تركيا مصرة في الحفاظ على التنظيمات الإرهابية في الشمال السوري لأنها صمام الأمان لتنفيذ أجنداتها الاحتلالية في سوريا، وضمان بقاء هذه التنظيمات لن يكون وفق الاستراتيجية التركية إلا من خلال إقامة دويلة إسلاموية إرهابية في الشمال السوري والقضاء على الشعوب والقوات التي قضت على الإرهاب وكانت السبيل في تحقيق السلم والأمن الدوليين.