الجمعة 27 ديسمبر 2024
القاهرة °C

ليلي موسي تكتب :لا للإبادات العثمانية بحق الإيزيديين

الحدث – القاهرة

بهذه العبارات استذكر الشعب الإيزيدي وأخوتهم في الإنسانية الذكرى السنوية السابعة للإبادة التي تعرض لها الشعب الإيزيدي على يد تنظيم داعش الإرهابي بتاريخ 3\ آب\ 2014، ومن النتائج الكارثية التي خلفتها تلك الإبادة؛ تهجير ما يزيد عن 360 ألف ايزيدي إلى داخل العراق وإقليم كردستان العراق، وهجرة 100 ألف منهم إلى خارج العراق، وهي أرقام تُصنف في عرف القانون الدولي الإنساني جرائم حرب وجريمة إبادة جماعية بحق مجموعة من السكان المدنيين الإيزيديين؛ البالغ عددهم ما يزيد عن 550 ألف قبل الإبادة. بالإضافي إلى 1293 مواطناً استشهدوا على يد التنظيم الإرهابي، حيث خلفت تلك الإبادة ما يزيد عن 2745 يتيماً، و82 مقبرة جماعية، وتدمير68 مزاراً في شنكال، و 6417 أسيراً ومختطفاً 3548 منهم نساء و 2869 رجالاً، ومازال 2763 مجهول المصير 1470 منهم ذكور و1293 نساء.
وبعد سبع سنوات مازال الغالبية منهم مهجرين، حيث لم يتمكن من العودة إلى موطنهم سوى 150ألف مواطناً ايزيدياً؛ أي ما يشكل 38% فقط من المجموع الكلي، والمحررين 3550 ، منهم 1049 طفلة ، 1206 امرأة، و956 طفل، و 339 رجلاً.
كما شهدت الإبادة بيع النساء في سوق النخاسة، والاستعباد، وعمليات الاغتصاب، والتزويج القسري، وإنجاب وحمل القاصرات، وتجنيد الأطفال الأيزيدين في حروب داعش القذرة، واستعبادهم، وتشغيلهم كخدم، وفي الكثير من الأحيان تعرضهم لممارسات لا اخلاقية من قبل عناصر التنظيم، وإعدامات ميدانية، وتعذيب ممنهج، وفصل الأطفال عن الأمهات، واخضاعهم لدورات فكرية وفق ايديولوجية داعش في معاهد داخلية؛ بالإضافة إلى تلقيهم لتدريبات عسكرية، وتغيير قسري لدينهم، وفرض الثقافة الداعشية عليهم، كممارسات تندرج ضمن كل ما هو منافي للقوانين والمواثيق والأعراف الدولية والإنسانية. فالشعب اليزيدي تعرض لـ 74 إبادة جماعية ومعظمها  كانت على السلطات العثمانية وكانت آخرها على يد تنظيم داعش المدعوم تركياً.
74 جريمة تمييز عنصري مورست بحق الإيزيدين، كانت أخرها من أفظع الجرائم التي عرفها القرن الواحد والعشرين، وبشكل لا يمكن للعقل البشري تصوره بتواطأ السلطات المديرة لشنكال، ومساندة إقليمية وصمت دولي، في وقت تدعي فيه القوى العالمية بأنها في عصر الحقوق والديمقراطيات ونصرة الشعوب المظلومة.
السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا شنكال والشعب اليزيدي؟.
كما هو معلوم الدولة التركية ومنذ احتلالها للمنطقة عبر الكثير من الغزوات التي تعمل من خلالها لبسط هيمنتها واستمراريتها وبقاءها في المنطقة، من خلال إبادات تقوم بها بحق الشعوب الأصيلة في المنطقة، حيث تعاملت وتتعامل حتى الآن بهذه العقلية سواء بالشكل المباشر أو عبر أدواتها، وما قام به داعش أحد أدوات الدولة التركية هو استمرارية لتلك الاستراتيجية المبنية على استهداف الهوية والعرق–الإبادة العرقية والثقافية- واختيارهم لشنكال لما تحمله من رمزية وهوية كردية أصيلة، رفضت وترفض أي شكل من أشكال الإبادات والانصهار؛ واختارت دوماً وأبداً خيار المقاومة، وحافظت على الثقافة والهوية الكرداتية الأصيلة ،وهو ما يثير مخاوف وقلق الدول الاستعمارية المحتلة وفي مقدمتها الدولة التركية.
وبعد تحرير شنكال في نهايات 2015 بفضل أبناءها ومساندة ودعم الكرد من بقية أجزاء كردستان؛ الذين تركوا فريسة سائغة لداعش وداعميه، وتشكيل إدارتهم الذاتية بعد تعرضهم للإهمال والتهميش الممنهج على يد الحكومات العراقية، والسير بخطوات على درب تطوير وتنمية شنكال.
شنكال المحررة والمدارة من قبل أبناءها، لا تتناسب وأهداف إعداء الإنسانية، لذا سعت العديد من الدول والقوى المحلية والإقليمية إلى ضرب هذه التجربة الديمقراطية الوليدة المعاشة عبر الالتفاف عليها من خلال عقد اتفاقية بين الحكومة المركزية والإقليم؛ وإعادتها على ما كانت عليها، أو من خلال فتح معبر أوفاكوي، وذلك من خلال ربط التبادل التجاري والاقتصادي بين أنقرة وبغداد مباشرة في محاولة منها لقطع شنكال عن عمقه الكردستاني؛ وفرض الحصار، وقطع التواصل بين جنوب وغرب كردستان، وهي ما لم يتحقق حتى الآن بفضل مقاومة الشنكالين.
مازالت شنكال والإيزيدين يعيشون تحديات وتهديدات لأمنهم الإنساني والوطني؛ في الوقت الذي يتجاهل المجتمع الدولي قضية مخيمات إيواء عوائل عناصر التنظيم وبشكل خاص مخيم الهول، والسعي لإقامة محاكم ذات طابع دولي لعناصر التنظيم المحتجزين في سجون مناطق شمال وشرق سوريا، والسجون العراقية التي غالبيتهم العظمى أياديهم ملطخة بدماء الشنكالين واغتصاب وسبي نساءهم، ولا ننسى المدن السورين المحتلة من قبل الاحتلال التركي، التي تحولت إلى ملاذ أمن لغالبية عناصر التنظيم الفارين بعد تحرير أخر معاقل دولة الخلافة المزعومة في الباغوز من قبل قوات سوريا الديمقراطية؛ وبدعم ومساندة التحالف الدولي، ويعيثون فساداً وخراباً ودماراً بممارسة جميع الجرائم المصنفة ضد الإنسانية وجرائم عدوان بحق سكانها العزل.
فأمن شنكال سيتحقق بتقديم الجناة وداعميهم للعدالة عبر إقامة محاكمة ذات طابع دولي؛ وتبني الدول لمواطنيها، وتعويض المتضررين واعتراف المجتمع الدولي بالإبادة العرقية بشنكال، وتجفيف منابع الإرهاب عبر ملاحقة خلاياه النائمة، وتحرير الأراضي السورية المحتلة من قبل دولة الاحتلال التركي، ومكافحة ثقافة الكراهية والتعصب؛ ووضع حد لتدخلات الدول الإقليمية الاحتلالية التوسعية وفي مقدمتها الدولة التركية؛ والاعتراف بالإرادة الشنكالية الحرة بإدارة وحماية مناطقهم بأنفسهم؛ وإعادة إعمارها بما يضمن عودة آمنة، وبناء مشاريع واستثمارات اقتصادية تؤمن حياة كريمة لمواطنيها، الذين طالما حرموا منها عبر عقود من الزمن.

to top