مؤرخ بريطاني: “إردوغان يظن نفسه يوليوس قيصر ويقدّم تركيا بوصفها إمبريالية جديدة”
166
4 سنوات مضت
أثارت أنقرة بتراجعها عن قرارات مؤسس الجمهورية التركية كمال أتاتورك وتحويلها موقع “آيا صوفيا” التاريخي أولاً ثم موقع كنيسة خورا القديمة إلى مسجدين، استياء كثيرين حول العالم من روسيا إلى الولايات المتحدة، مروراً باليونان وفرنسا وألمانيا وغيرها.
عبّر المؤرخ البريطاني والأستاذ بجامعة أوكسفورد بيتر فرانكوبان Peter Frankopan، مؤلف كتاب بعنوان “طرق الحرير: تاريخ جديد للعالم” (2017) لا يزال من بين الأكثر مبيعاً حول العالم، عن يأسه من الإجراءات التركية الأخيرة وقلقه مما وصفه بـ”القرارات العقيمة” لرجب طيب أردوغان. واعتبر في مقابلة مع مجلة “لوبوان” الفرنسية أن ما تفعله الحكومة التركية يتعارض مع تاريخ تركيا والدولة العثمانية نفسه.
كيف كان رد فعلك عندما علمت أنه بعد آيا صوفيا، تحولت كنيسة خورا، وهي متحف منذ عام 1948، بأمر من أردوغان، إلى مسجد؟
أنا كمؤرخ أشعر باليأس. يبدو لي هذا القرار، الذي يهدف رمزياً إلى إثبات أن الأتراك قد غزوا الغرب عقيماً وخطيراً. لدينا انطباع بأن أردوغان يعتبر نفسه يوليوس قيصر ويعيد إطلاق قولته الشهيرة “أتيت، رأيت، غزوت”. ولكن غزو ماذا؟ لا نبني أي شيء بقولنا ذلك بل نفاقم الانقسامات. بالطبع، للدولة التركية والشعب التركي الحق في إدارة وحفظ آثارهم كما يحلو لهم، واقتراح خلاف ذلك يمكن أن ينطلق من شكل من أشكال الاستعمار الثقافي. لكن في هذه الحالات المحددة، ليس السؤال هو ما إذا كان لأردوغان الحق في تغيير وضع آيا صوفيا أو خورا، ولكن لماذا يرغب في ذلك ولماذا الآن.
يبدو لي من المؤسف حقاً أن الأماكن ذات الأهمية العميقة للناس من جميع الأديان، وكذلك لأولئك الذين لا يؤمنون، تُستخدم للإدلاء ببيانات سياسية وتقديم صورة جديدة لتركيا باعتبارها إمبريالية جديدة أمام العالم، تتدخل في كل مكان، من الشرق الأوسط إلى شمال إفريقيا، في المياه الأوروبية ولكن أيضاً في تاريخها نفسه… بمحو الآثار اليونانية والمسيحية مثل آيا صوفيا وخورا، يخترع أردوغان، الذي لديه مشاكل في بلده أيضاً، معاركاً يمكنه الفوز بها.
ما الذي تمثله كنيسة خورا؟
إنها ليست الأكبر، مثل آيا صوفيا التي كانت كذلك منذ ألف عام، بل المكان الذي تم فيه الحفاظ على أفضل اللوحات الفسيفسائية والجداريات المسيحية التي نفذت في وقت قريب من عهد الرسام والمهندس الإيطالي جوتو دي بوندوني، وهي أفضل ما تم الحفاظ عليه في العالم… خورا هي واحدة من أشهر الجواهر من أوروبا العصور الوسطى، وهي بمثابة نافذة لا تضاهى على زمن الإمبراطورية البيزنطية قبل أن يغزوها العثمانيون. استهدف إردوغان كلا المكانين بشكل كامل، رغم أنه يرتكب بذلك خطأ تاريخياً. في كثير من الأحيان، كان الحكام العثمانيون مثل سليمان القانوني وحتى محمد الثاني، الذي أسقط القسطنطينية، يحافظون على الأقليات المسيحية أو اليهودية، وأحياناً عن طريق بناء الكنائس والمعابد. كان الأمر يتعلق بعظمتهم كسلاطين وازدهارهم. دعونا لا ننسى بايزيد الثاني: في نهاية القرن الخامس عشر، رحب الأخير باليهود المطرودين من إسبانيا، مشيراً إلى أن الحكام الإسبان “جعلوا ممالكهم أفقر بينما جعلوه هو أكثر ثراءً…”. تاريخياً أردوغان يسجل أهدافاً ضد معسكره هو بالذات!
ماذا سيحدث للوحات الفسيفسائية والجداريات الرائعة التي تصور ميلاد المسيح أو الرحلة إلى بيت لحم؟ وكذلك تلك الموجودة في آيا صوفيا؟
أنا قلق للغاية. قيل لنا حتى الآن أن الفسيفساء سيتم إخفاؤها بواسطة تأثيرات الإضاءة وأنواع من الليزر أثناء صلاة المسلمين ولن تتلف أو تغطى. لا أعرف ما إذا كان هذا النظام يعمل أو إذا كان مثل هذا النظام ممكنًاً. قيل لنا أنه ستكون هناك ستة أشهر من الأعمال لتركيب هذا النوع من “الحماية”. ولكن ماذا سيحدث إذا كانت الأشغال التي ستتم غير مناسبة؟ ماذا لو أتلفت هذه الأضواء اللوحات؟ أو إذا طالب المتطرفون بفرض حظر شامل على الصور. هل سيكون من الواجب إرضاؤهم والقيام بذلك؟
كيف حال زملائك المؤرخين في تركيا؟
لقد تمت “إقالة” أبرز الأساتذة هناك أو سجنهم. هذه الأيام باتت وقتاً عصيباً للغاية بالنسبة لهم.