الحدث – وكالات
رغم أن التاريخ كثيرًا ما يسلط الضوء على شقيقها الشهير الملك هنري الثامن، فإن حياة مارغريت تيودور – التي تحل اليوم ذكرى وفاتها في 18 أكتوبر 1541-، وهى الابنة الكبرى للملك هنري السابع ملك إنجلترا، لا تقل درامية وإثارة عن أي من قصص البلاط الملكي الإنجليزي. فقد كانت مارجريت، التي وُلدت عام 1489، حلقة الوصل بين تاجي إنجلترا واسكتلندا، وامرأة جمعت بين الأنوثة والدهاء السياسي في زمن مضطرب.
في الرابعة عشرة من عمرها، تزوجت مارجريت من الملك جيمس الرابع ملك اسكتلندا، في زواج أُبرم عام 1503 بهدف تحقيق السلام بين المملكتين الجارتين. لكن هذا السلام لم يدم طويلًا؛ ففي معركة فلودن عام 1513، قُتل جيمس الرابع أثناء قيادته الجيش الاسكتلندي ضد القوات الإنجليزية التي كانت تقودها كاثرين الأراغونية – زوجة هنري الثامن – لتجد مارجريت نفسها أرملة في الرابعة والعشرين من عمرها، ووصية على ابنها الرضيع الملك جيمس الخامس.
بوصية من زوجها الراحل، تولّت مارجريت وصاية المملكة حتى يبلغ ابنها سن الرشد، لكن الشرط كان واضحًا: ألا تتزوج مجددًا. إلا أن قلبها سبق حكمها؛ إذ تزوجت سرًا من أرشيبالد دوغلاس، إيرل أنجوس السادس عام 1514، وهو ما اعتُبر خيانة للوصية الملكية، فتقرر عزلها من منصب الوصاية.
وجدت مارجريت نفسها مطاردة من خصومها السياسيين، لتفرّ إلى إنجلترا وهي حامل، مضطرة لترك طفليها في أيدي دوق ألباني، الوصي الجديد على العرش. هناك وُلدت ابنتها مارغريت دوغلاس، التي سيصبح نسلها لاحقًا نواة الأسرة الملكية البريطانية الحديثة.
عادت مارجريت إلى اسكتلندا عام 1517 لتجد نفسها في دوامة من الخلافات السياسية والعائلية. فقد اختطف زوجها أنجوس ابنتها واحتجزها، ثم انقلب ضدها واستولى على الوصاية على الملك الصغير جيمس الخامس. ردّت مارجريت بمحاولات متكررة لاستعادة نفوذها، وتمكنت عام 1524 من تنفيذ انقلاب سياسي أعاد السلطة إلى ابنها، مع توليها منصب المستشارة الملكية.
لكن الخلافات لم تنتهِ، فأنجوس واصل السيطرة على جيمس حتى عام 1528، حين تمكّن الملك الشاب، بعد ثلاث سنوات من الأسر، من الهرب إلى والدته في قلعة ستيرلنغ، منهياً بذلك مرحلة مضطربة من تاريخ البلاد.
بعد إبطال زواجها من أنجوس، تزوجت مارجريت للمرة الثالثة من هنري ستيوارت، لورد ميثفين، غير أن حياتها الزوجية ظلت عاصفة كما كانت حياتها السياسية. ومع تقدمها في العمر، ضعفت صحتها، وتوفيت عام 1541 عن عمر ناهز 52 عامًا، بعد حياة حافلة بالصراع بين الواجب والحب، والسياسة والعائلة.
رغم أن محاولاتها للتوفيق بين إنجلترا واسكتلندا باءت بالفشل في حياتها، فإن حلمها بوحدة التاجين تحقق بعد نحو قرن، على يد حفيدها الملك جيمس السادس من اسكتلندا، الذي أصبح أول ملك لبريطانيا العظمى عام 1603.
لقد كانت مارجريت تيودور أكثر من مجرد أخت لملك عظيم؛ كانت امرأة صنعت من ضعفها قوة، ومن منفاها إرثًا، ومن صراعاتها حجر الأساس لوحدة مملكة لطالما فرقتها الحروب.