نستذكر عموم ضحايا الإرهاب والأبرياء الذين طالتم يد الإرهاب والمتطرفين في عموم العالم. كذلك الأبطال الذين لازموا في تقديم أكبر التضحيات ضد الإرهاب والتطرف في عموم العالم.
ونستذكر الضحايا الذين سقطوا في آخر الهجمات المتطرفة في كل من فرنسا والنمسا مع كل التعازي لذوي الضحايا وعائلاتهم. ودولة فرنسا ونمسا حكومة وشعبا
ما يحدث يشير مرة أخرى إلى عودة حوادث الإرهاب المنظم والعمليات المتطرفة في أوربا إلى الواجهة حيث سبق وأن تصاعدت حدة هذه العمليات إبان قوة تنظيم داعش الإرهابي في سوريا والعراق وبالتحديد في الفترة الممتدة بين 2015 و 2017 حيث شهدت معظم العواصم الأوربية عمليات إرهابية على طريق ما كان يتم تسميتهم بالذئاب المنفردة التابعة لتنظيم داعش.
الآن وبعد حوالي العام والنصف من إنهاء تنظيم داعش عسكرياً على يد قوات سوريا الديمقراطية ( 23 آذار 2019) وبالتعاون مع التحالف الدولي يعود الإرهاب ليضرب ذات المواقع من جديد ومؤخراً كانت فيينا عاصمة النمسا ومدينة نيس في فرنسا، هذه العمليات بالشكل المبطن لا ترتبط على الإطلاق بذلك الحرص على الدين الإسلامي الحنيف كما تسوق لها تركيا بالتحديد؛ بل كل هذا عبارة عن تصعيد وتحرك لخلايا إرهابية تابعة للتنظيم المتطرف. حيث تركيا تستثمر حادثة الحرص على الدين الإسلامي عبر الثأر من أوربا بسبب مواقف الأخيرة من تركيا وسياساتها في أوربا والمنطقة وبالتحديد من فرنسا التي عارضت بقوة إنضمام تركيا للإتحاد الأوربي بسبب سياساتها السلبية والغير مقبولة في المنطقةودعمها للإرهابيين ونشاط تركيا الغير مقبول في المنطقة وفي أوربا وتجاوزاتها الغير قانونية وتأجيجها للحرب والفتن والصراع المذهبية والدينية حتى أيضاً بسبب تعديها على المكاسب التي حققتها قسد بالتعاون مع التحالف الدولي الذي تعتبر فرنسا جزءً مهماً منه. حيث تريد من خلال سياساتها اليوم ضد فرنسا كسر الموقف الأوربي ومنع تعالي الأصوات الأوربية المنادية بفضح سياسات تركيا وممارساتها. حيث جاءت التصريحات الأخيرة لأردوغان وتعليقه على التطورات الأخيرة في كل من فرنسا والنمسا بمثابة إعطاء الإذن لبدء العمليات الإرهابية بشكل موسع في أوربا وتهديد أمنها بحيث يتخفف الضغط الأوربي على تركيا ومساعي أوربا الواضحة في الحد من الدور والممارسات التركية الغير مقبولة أوربياً.
هذا التصعيد التركي بمثابة إنذار كذلك لأوربا بإنها تمتلك سبل زعزعة الإستقرار والأمن الأوربي وحتى العالمي عبر الإرتباط القوي لهذه الخلايا النائمة التابعة للمتطرفين وبين تركيا التي تقف وراؤهم وتحركم اليوم تنفيذاً لأجندات تركية ومحاولة من تركيا لتخفيف الضغط الأوربي عنها بعد أن تصاعد نتيجة تدخلات تركيا وإستفزازها لأوربا بورقة اللاجئين والعمل على التوسع في حوض المتوسط وتهديد أمن اليونان وكذلك إيواء أعضاء أوربيين وتسهيل دخولهم لأوربا متى ما أرادت تركيا.
كما أشرت فإن هذه التحديات والتهديدات الكبيرة من تركيا تنذر بعواقب وخيمة وهي بدايات جديدة للمرحلة الأولى التي دعمت تركيا تنظيم داعش وزادت من قوته مع بداية نشوء في عام 2014. حيث العزلة التي تعيشها تركيا مع المحيط الإقليمي والدولي والعالم العربي يدفعها نحو إيجاد بدائل جديدة ليتم إلهاء العالم بها وتدرك تركيا بأن إعادة الإرهاب إلى الواجهة هو الخيار الأفضل حيث تحت هذا الستار قوت تركيا من دورها في سوريا وباتت تحتل مساحات حدودية كبيرة منها.
ما يحدث في أوربا حقيقة هو مشابه بشكل كبير لما تعرضنا له وبالتالي اليوم نتشارك مع أوربا حدة العدوان والإستهداف الإرهابي الممنهج ضدها. هذا يدفعنا لأن نتعاطف مع المجتمع الأوربي وحكوماتها كون ما يحدث هو إمتداد للمخطط الإرهابي الذي يستهدف التجربة العلمانية والديمقراطية في العالم والمنطقة. وقد عاش شعبنا هذا الخطر في أوجه مع بدايات العام 2014 ولا زال يتعرض بسبب مواقفه ودعمه لمشروع ديمقراطي يوحد كافة الإنتماءات لتهديد ومخططات كبيرة تستهدف تجربته ونضاله ومساعيه الديمقراطية حيث تركيا تمثل هذا التهديد بكافة أشكاله بالشكل المباشر والغير مباشر.
اليوم خيارات المواجهة ضد التطرف والإرهاب تجمع منطقتنا مع أوربا بحيث الجهة المهاجمة والداعمة واحدة. أمام هذه التطورات يجب أن يكون العالم أمام إعادة النظر للكثير من الأمور ومنها آليات المواجهة ضد التطرف المذكور. هذه الآليات وأن كانت تتضمن مواجهة وإفشال جهود ومخططات الخلايا النائمة في كل مكان فإنها دون شك لابد من أن تحتوي على عامل مهم وأساسي وهو الحد من دور الأنظمة والدول التي تقدم الدعم للتطرف والإرهاب لا بل تستثمر ورقة الإرهاب وتهدد العالم به وهنا تركيا تأتي في المقدمة الأمر الذي يفرض على أوربا والعالم بأن يعملوا للحد من هذا الجماح التركي وردعه وتطبيق الإجراءات التي تقوض دوره و تخضع تركيا لجملة من المواقف الواضحة والقوية وبالتالي يضمن العالم وقتها الحد من تطور نشاط الخلايا النائمة الإرهابية وكذلك إفشال كافة مساعيها في ضرب الأمن والإستقرار في الشرق الأوسط وأوربا والعالم أجمع. وهذا يتطلب جهوداً موحدة بين عموم العالم لمواجهة هذا الخطر الذي لا يشكل خطر على منطقة فحسب بل على العالم بأسره سواء في أوربا أو سوريا والعراق وعموم المحيط الإقليمي والدولي مع التعاون الضروري من عموم المجتمعات والقوى المدنية والديمقراطية في مساندة خيار مواجهة الإرهاب والتطرف.