من أتاتورك إلى أردوغان.. مخططات ومؤامرات لتتريك الشرق الأوسط
سوزان علي ـ
سبعة وتسعون عاماً من التخطيط وحبك المؤامرات ضد الشرق الأوسط.. سبعة وتسعون عاماً وتتريك المنطقة من أولويات الدولة التركية المحتلة.. سبعة وتسعون عاماً وسفك الدماء لا زالت ثقافتها.. سبعة وتسعون عاماً على معاهدة لوزان ومساعي الاحتلال التركي في إبادة شعوب الشرق الأوسط ولا سيما الشعب الكردي لم تنته؛ فما يفعله أردوغان اليوم هو نفسه ما مارسه أتاتورك وإمبراطوريته العثمانية البائدة..
تستمر دولة الاحتلال التركي في تنفيذ مخططاتها الاستعمارية في شمال وشرق سوريا خاصة، وسوريا عامة، بل وفي الشرق الأوسط برمته في مسعى منها لتغيير ديمغرافية المنطقة واستبدال سكانها الأصليين، وتتريك المنطقة وبالتالي إبادة شعوبها حتى يتسنى لها الاستيلاء على خيراتها؛ سائرة في ذلك على نهج جدتها الدولة العثمانية البائدة التي احتلت المنطقة أربعة قرون؛ تهجّر، وتقتل، وتسفك الدماء، وتبيد الشعوب عن بكرة أبيها، وتفرض هيمنتها العثمانية، ومن تلك المخططات اتفاقية لوزان التي وقعتها الدولة التركية بقيادة مصطفى كمال أتاتورك في الرابع والعشرين من شهر تموز عام 1923م مع الدول المنتصرة في الحرب العالمية الأولى وهم كل من بريطانيا، فرنسا، إيطاليا، اليابان، اليونان، رومانيا، بلغاريا، البرتغال، بلجيكا، ويوغسلافيا، بل كانت استبدالاً لمعاهدة سيفر التي وقعتها الدولة التركية مرغمة إثر هزيمتها في الحرب العالمية الأولى بالتوقيع في تلك المعاهدة في 10 آب عام 1920م مع الدول المنتصرة، وأقرت فيه بحق الكرد في تقرير مصيرهم.
وضعت معاهدة لوزان الكرد تحت سيطرة تركيا وإيران، علاوة على بريطانيا وفرنسا اللتان كانتا دولتي انتداب على العراق وسوريا. كما قادت هذه المعاهدة إلى اعتراف دولي بجمهورية تركيا وبخارطة جديدة ورثت محل الدولة العثمانية، بعد ضم أراضي إليها كالخط الحدودي الشمالي من سوريا واقتطاع أراضي أخرى كالموصل وأجزاء من أوروبا الشرقية، كما حددت حدود عدة بلدان مثل اليونان وبلغاريا وتركيا وسوريا والعراق تنازلت فيها الدولة التركية المحتلة عن مطالبها بجزر دوديكانيسيا وقبرص وامتيازاتها في مصر والسودان وأجزاء من العراق ، كما تنازلت عن ليبيا التي حددت في الفقرة “10” من معاهدة أوشي بين الدولة العثمانية ومملكة إيطاليا في 1912. في المقابل، أعيد ترسيم الحدود مع سوريا بما يشمل ضم أراض واسعة وتضم من الغرب إلى الشرق مدن ومناطق مرسين وانطاكية ومروراً بالجغرافيا الكردستانية لتضم عنتاب وكلس ومرعش وأورفا وحران وآمد، وماردين ونصيبين وجزيرة بوطان.
ما ترتكبه دولة الاحتلال التركي اليوم من انتهاكات وجرائم في المناطق المحتلة من شمال وشرق سوريا مثل: عفرين، كري سبي (تل أبيض)، وسري كانيه (رأس العين)، وكذلك في المناطق السورية المحتلة منها إدلب، إعزاز ولواء إسكندرون؛ هي امتداد لمعاهدة لوزان وتطبيق لبنودها، وكذلك تنفيذ مخططات الدولة العثمانية في فرض هيمنتها على الشرق الأوسط، وتتريكها وبالتالي استبدال سكانها الأصليين بآخرين والاستيلاء على خيراتها وإخفاق المشروع الديمقراطي في شمال وشرق سوريا وكذلك ضرب منجزات شعوبها.
-روناهي