من جعلهم مرتزقة تحت الطلب ليبيا حرب الآخرين يخوضها سوريون؟؟!
132
4 سنوات مضت
ياسر خلف
الساحة الليبية تشهد منذ فترة ليست بقصيرة أتون حرب مفتوحة بين الأطراف المتصارعة (حكومة السراج والجيش الوطني الليبي بقيادة خليفة حفتر) حيث لم يعد الحرب هناك يقتصر على أطراف الصراع الداخلية على الأرض الليبية لكنها تعدتها لتتحول الى صراع إقليمي ودولي فالتقارير الواردة من ليبيا تفيد بوجود آلاف المرتزقة هناك الذين يقاتلون تحت الطلب وبدعم وتسهيلات من دول أخرى
ويلات وفجائع “سفر برلك”، يريد أردوغان اليوم إحياءها تحت نفس الراية، ويجند لها المغفلين والمغرَّر بهم من بلاد العرب التي عاشت أهلها الويلات من ظلم العثمانيين.
يبدو أن دولة الاحتلال التركي وعبر رئيسها اردوغان يسعى الى استعادة أمجاد السلطنة العثمانية البائدة فهي تتدخل في معظم الشؤون الدول العربية وتقوم بالتهديد والوعيد لأغلب دول المنطقة مستندة على مجاميع مرتزقة إرهابية تكفيرية متشددة تستند في أيديولوجيتها على الفكر القاعدي الذي تسيره وتديره جماعات الاخوان المسلمين برئاسة مرشدها الفعلي اردوغان.
فما الذي جعل من هذه المجاميع السورية يخوضون حرباً ليست حربهم جاعلين مصطلح الارتزاق مرادفاً لهم أينما تحركوا أو توجهوا.؟
من المعروف أن العثمانية البائدة كانت تصدر الفرمانات لرعاياها أو المناطق التي هي تحت حكم الخلافة العثمانية تدعو إلى سوق الذكور الذين تراوحت أعمارهم بين 15 و45 عاماً من رعايا الدولة العثمانية إلى الحرب. وهو ما تعنيه الكلمة التركية “سفر برلك” وهنا لا يختلف اردوغان عن هؤلاء السلاطين العثمانيين بل يَعتبر نفسه الوريث الحقيقي لهم ويصرح جهاراً بسعيه لإحياء الميثاق الملي العثماني ويحاول تقمص دور جميع السفاحين وقطاع الطرق العثمانيين من أمثال “محمد الفاتحون” بربروسا وفخري باشا الذي ارتكب مجزرة وجريمة “سفر برلك” في المدينة المنورة عام 1335هـ/1915مـ، والتي تعتبر من أبشع الجرائم العثمانية بعد مجزرة الدرعية في شبه الجزيرة العربية. حيث دخل عدد مهول من الجنود الأتراك المدججين بالسلاح، إلى المدينة المنورة بقيادة فخري باشا، والمعروف بكونه أكثر الحكام الأتراك تسلطًاً ودموية، وقد تفاخر به أردوغان من قبل. حيث نصَّ الفرمان بتهجير قسري لكل رجل أو امرأة أو طفل من سكان المدينة، وتجفيف المدينة من سكانها وترحيلهم قسرياً إلى مناطق بعيدة في الشام وتركيا والعراق والأردن وفلسطين, تماماً كما يفعل القاتل اردوغان في هذه الأيام في كل من عفرين وكري سبي وسري كانيه؛
كما أن العثمانية الجديدة برئاسة اردوغان لم تكتفِ بإرسال المتشددين والتكفيريين إلى ليبيا لكنها تجند الأطفال القصَّر أيضا؛ فحسب التقارير الواردة من منظمات حقوقية يُقدَّر عددهم استناداً إلى “بعض المصادر” بما يقارب 17000ألف مرتزق سوري في ليبيا، من الذين جنّدتهم تركيا لدعم حكومة الوفاق الوطني”. واعترفت تركيا على لسان رئيسها رجب طيب أردوغان، الذي يدعم علانية حكومة الوفاق، في وقت سابق بإرسال مقاتلين إلى ليبيا،
بينهم ما يربو عن 1500 قاصر تتراوح أعمارهم بين 16 و18 عاماً. كما تفيد التقارير أن أكثر من 5000 مرتزق يتلقون حالياً التدريب في معسكرات تركية” قبل إرسالهم إلى جبهات القتال في ليبيا، وينتمي المقاتلون وفق ما تشير التقارير من داخل سورية وتركيا، إلى ما يسمى “الجيش الوطني” وهو ائتلاف فصائل إسلامية متطرفة تتلقى دعماً من أنقرة وتنتشر قواته في شمال وشمال غرب سوريا، وتمّ تجنيدهم مقابل إغراءات مالية وهمية ووعود بالحصول على الجنسية التركية. كما أن هذه التقارير وثَّقَتْ مقتل ما يقارب 2000 منهم في ليبيا بينهم ما يزيد عن 30 طفلاً.
يبدو أن اردوغان يسعى جاهداً إلى إحياء أمجاد أجداده البائدين فما يصرح به هو وقادة حكومته والخرائط الجغرافية التي يُظْهِر فيها حدود تركيا (السلطنة العثمانية حسب الميثاق الملي) يعكس بشكل جلي نواياه الاحتلالية كما أن الخطاب الشعبوي الذي يوجهه بين الفترة والأخرى للداخل التركي وأعوانه من الجماعات التكفيرية والإخوانية يبين مدى إصراره على مخططاته التوسعية وهو ما تبين بوضوح في سلوكه الأخير عبر تحويل المَعْلَم والكنيسة المسيحية آيا صوفيا إلى جامع، وهو بهذا يرسل تهديد صريح الى كافة الشعوب التي عانت من الإبادة الجماعية إبان الحكم العثماني وخاصة إبان حكم السلطان “محمد الفاتح ” وأتاتورك الذين ارتكبوا المجازر بحق اليونان والأرمن والآشوريين مما أدى إلى إبادة ممنهجة لحوالي 3.5 مليون انسان , كما إن التدخلات التركية في كل من سوريا والعراق وليبيا وتهديها المتكرر لمصر يأخذ نفس المنحى الذي يجد في هذه الدول ميراث وتَرِكَة للسلطنة العثمانية التي كانت سبب لتخلف وجهل الوطن العربي ل400عام من حكمه حيث عاثت العثمانية فيها دماراً وقتلاً وسفكاً لدماء الأبرياء من شعوب الوطن العربي.
يبدو أن الذاكرة العربية قصيرة المدى ولم تستوعب بعد حجم التهديد الذي تتربص بها فالمواقف العربية لا تزل غير حازمة ومترددة بين رافض ومحايد وغافل رغم تبني الجامعة العربية لقرار رفض التدخل التركي باستثناء قطر إلا أنه لم يرتقِ إلى مستوى الحزم كما أن الاجتماع الأخير التي استضافته مصر كان له هدف بخصوص التحالفات الدولية الخاصة بالملف الليبي حيث كان الوجود الدولي بالمؤتمر يتضمن كلاً من إيطاليا، وفرنسا، وقبرص، واليونان، إضافة إلى مصر صاحبة المبادرة وموافقة ضمنية من روسيا إلا أن الاجتماع لم يتضمن وجود كل من الجزائر وتونس، وهما أحد الفاعلين الرئيسيين في آلية دول الجوار رغم اعلانهما عدم الرضى من التدخلات الإقليمية في ليبية وهو ما يضعف الموقف المصري الذي يبدو أكثر حزماً من باقي الدول العربية، وهو ما يعني أن مصر تسعى لصناعة منصة إقليمية جديدة للتعامل مع المشهد الليبي على المستوى الإقليمي. وما حدث في ليبيا في الآونة الأخيرة من تدمير للقاعدة الجوية العسكرية التركية في الوطية الليبية ومقتل أعداد كبيرة من الجيش التركي والمرتزقة السوريين كانت رسالة غير مباشرة من هذه المنصة الإقليمية المُشكَّلة حديثاً.
يبدو أن القاهرة لن يكون موقفها كما كان عبر الدور الدبلوماسي فقط حيث إنه باتت هناك محددات خاصة بالأمن القومي المصري من جراء الوجود التركي في المياه الإقليمية الليبية، والسماح له بالتدخل العسكري في الغرب الليبي. ومن المحتمل التدخل بشكل مباشر في الحرب الدائرة في ليبيا وخاصة بعد دعوة البرلمان الليبي مصر للتدخل لحماية السيادة الليبية كما أن الأجواء الدولية وخاصة الغربية منها هي الأخرى باتت مستاءة من التدخل التركي السافر قي الشئون الليبية وتتلمس المخاطر التي ستنجم من هذا التوجه الأروغاني وخاصة في قضايا اللاجئين الذين يستخدمهم كورقة ابتزاز مستمرة بوجه الغرب وخاصة إن مضى أردوغان في مخططاته العثمانية في وسوريا والعراق وليبيا التي ستشكل تهديد مباشر للأمن الاوربي.
يمكن القول في نهاية المطاف إن الدولة التركية عبر سلطانها العثماني الجديدي يستغل الإسلام والعصبية القومية لإعادة إحياء الإنكشارية العثمانية أو “يني تشيري” باللغة التركية وهو جيش من المرتزقة واللقطاء والعبيد وأسرى الحروب لخدمة السلطان وتحقيق مصالحه الشخصية بعيداً عن سلطة الدولة و موازية لها، وفي نهاية المطاف سيتم التخلص منهم جميعاً بمجرد تحقيق مرامي السلطان؛ تماماً كما حدث في مذبحة الإنكشارية عام 1826 حيث أُبِيدتْ الانكشارية عن بكرة أبيها بأوامر السلطان العثماني نفسه الذي شكلها.
فهل يتعظ المرتزقة السوريون ومن معهم من المغفلين ويعودون إلى رشدهم قبل فوات الأوان!!؟؟