الحدث – القاهرة
تفخر الشعوب بنسائها مثلما تفخر بالرجال، وقد تضاهي أفعال النساء مثيلاتها عند الرجل، وتترك أثرا لاينمحي، ويبقى في الذاكرة الجمعية لعقود وقرون من الزمن، ويكون مثلا محترما وقدوة، ومثلما خلد التاريخ في منطقتنا نساء كالخنساء التي تصف أخيها ببيت من الشعر، وقد ضحت لاحقا بأولادها الأربعة في واحدة من معارك الإسلام، حيث قالت:
وإن صخرا لتأتم الهداة به
كانه علم في رأسه نار
وكانت زنوبيا ملكة تدمر علامة فارقة في التاريخ لجهة الشجاعة والتحدي والإقدام، مثلما كانت كليوباترا في التاريخ المصري، ومثلما كانت نسيبة بنت كعب، وخولة بنت الأزور، وسواهن من نساء خالدات قد تخني الذاكرة في تلاوة أسمائهن لكنهن يمثلن صورا مشرقة في تاريخنا القديم، وفتحن الطريق لنساء أمثالهن في تاريخنا المعاصر في الأدب والهندسة والطب والعلوم الدينية والإنسانية، وبقيت لهن بصمات جالت العالم وإنطبعت في الأذهان، ومثالهن في الهندسة المعمارية الراحلة زها حديد التي خلدتها أعمال هندسية رائعة حول العالم.
وفي وقتنا الراهن ومنذ 2003 وبرغم المصاعب الجمة، وقيام دولة ناشئة عانت من عدم الإستقرار الأمني والسياسي، وإرهاصات التحول الكبرى، فقد ظهر جيل من النساء الرائدات في ميادين مختلفة منها ماهو إنساني يتعلق بحياة الناس وعيشهم، ومنها ماهو علمي وتربوي، ومنها مايتعلق بالمعرفة والإبتكار، ومنهن سيدة رائدة ورائعة ومتحدية مزجت بين عملها المستمر والمثابر في وزارة العمل والشؤون الإجتماعية، وبين نشاطها الإنساني، وتفقدها للعامة من المواطنين، وسهرها على راحتهم، وبين متطلبات أسرتها الكريمة حيث ربت أولادها وبناتها على المسؤولية والإنضباط المهني والأخلاقي، ورفضت وبشدة أن تعطي جهدها وخبرتها لغير وزارتها الأثيرة برغم العروض المقدمة من منظمات دولية وأممية محترمة، وآثرت متابعة أعمال وزارتها، ومتطلبات مجتمعها برغم الزخم الهائل، وحاجة فئات إجتماعية الى الرعاية، وتذليل المصاعب، وإنجاز المعاملات، وقد رشحت لأعلى المناصب لخبرتها ومهنيتها وأخلاقها العالية، وحرصها، ورفضها للمجاملات على حساب العمل، وصارت مثلا للنساء من أبناء بلدها، إنها الدكتورة عبير الجلبي وكيل وزارة العمل والشؤون الإجتماعية التي جعلتنا كنساء نفخر بها وبأنفسنا، فتحية لها من القلب.