الحدث – القاهرة
أسبوع ساخن شهدته تطورات الساحة الإيرانية بدءا من إدانة وكالة الطاقة الذرية لـ”تقاعس” طهران، مرورا بتذمر الجمهورية الإسلامية وتفكيكها لـ27 كاميرا من منشآت نووية، وصولا إلى حراك إسرائيلي يزيد من خطورة الموقف.
التصعيد الإيراني واحتدام التوتر مع المجتمع الدولي هو نتيجة مباشرة اليوم للتعقيدات التي تشوب المفاوضات حول العودة للاتفاق النووي. فلا إيران مستعدة اليوم للعودة من دون تنازل في ملف الحرس الثوري الإيراني ونزعه عن لائحة الإرهاب الأميركية، ولا واشنطن مستعدة لتقديم تنازل من هذا النوع من دون تعهد أمني إيراني في هذا الملف. يضاف إلى ذلك، تردد إدارة جو بايدن اليوم في الدخول في اتفاق مع إيران قد يلقى معارضة الكونغرس ويؤذي الديمقراطيين في الانتخابات النصفية. بالمقابل هناك أسئلة من إيران حول جدوى العودة إلى اتفاق قد تمزقه الإدارة الأميركية المقبلة في حال فوز الجمهوريين في 2024. من هنا، نرى أن المفاوضات والحراك الذي يحيط الملف النووي يقترب اليوم من نقطة حاسمة، إما اتفاق ولو موقت خلال فترة أسابيع أو الانتقال إلى مرحلة احتواء وتشنج وتصعيد لمنع طهران من تطوير القدرة على التسلح النووي. في هذه المعادلة، تبرز إسرائيل كالورقة الأكثر محورية إقليميا وفي استراتيجية احتواء إيران.
رئيس الوزراء الإسرائيلي، نفتالي بينيت، قال لمجلة “إيكونوميست” هذا الأسبوع إن إسرائيل عدلت في مقاربتها وتتبنى اليوم “استراتيجية الأخطبوط” فيما يخص إيران. هذه الاستراتيجية، قال بينيت إنها ستذهب اليوم لاستهداف رأس الأخطبوط أي إيران وليس مخالبه أي الميليشيات وأذرع إيران الإقليمية. على أرض الواقع، هذا يفترض شد الأحزمة وتوقع المزيد من الحروب الاستخبارية بين إيران وإسرائيل، داخل إيران في العراق، وبتصعيد إقليمي في ظل غياب أي انفراج في المفاوضات النووية. هذا قد يعني أيضا تعاون إسرائيلي-خليجي أكبر في الملفات الأمنية، سواء بالاستفادة من التعاون الاستخباراتي أو الرادارات الإسرائيلية.
في الوقت نفسه، لدى الخليج حسابات مختلفة عن إسرائيل في التعاطي مع إيران، وكون هذه الدول أكثر عرضة للرد في حال قيام إسرائيل بأي ضربة تستهدف الجمهورية الإسلامية. فإيران، وكما أثبتت من اعتداءاتها في السنوات الأخيرة، مستعدة لضرب مصافي نفط في السعودية أو ناقلات بحرية قرب الإمارات وفي خليج عمان قبل استهداف إسرائيل، وهذا يضع هذه الدول أمام معطيات مغايرة لتل أبيب في درس الخيارات للتعاطي مع إيران. هناك أيضا أسئلة حول ما إذا كانت إسرائيل تمتلك القدرة العسكرية الكافية لضرب منشآت نووية إيرانية في عمق الأرض من دون دعم أميركي جوي. هذا دفع بمسؤولين إسرائيليين حاليين وسابقين إلى الإقرار بأن الانسحاب من الاتفاق النووي كان خطأ فادحا، وكون الاتفاق اشترى الوقت لكبح البرنامج ومستوى التخصيب. هذا كله، يرجح نظرية الدخول في مرحلة احتواء وتشنج بين إيران والغرب ومعه إسرائيل، عنوانها العقوبات والحروب الاستخباراتية، إلا في حال حدوث مفاجأة بالعودة للاتفاق من دون شروط من إيران ومقابل مكاسب اقتصادية تفتح الأبواب الأوروبية أمام النفط الايراني على وقع استمرار الحرب الاستخباراتية بين طهران وإسرائيل.