مهرجان برلين من السينما إلى الصراعات السياسية.. الحرية لفئة معينة
الحدث – وكالات
شهدت الدورة الـ74 لمهرجان برلين السينمائي الكثير من الأحداث السياسية والتظاهرات التي أحجبت رؤية ماهية المهرجان الفني الذي يقدم أعمالا فنية يوصِل من خلالها رسائل مقدميها، واستقبلت السجادة الحمراء للافتتاح الخميس الماضي حشوداً سياسية من مختلف الأطياف، ومشاركة واسعة من الفنانين الحاضرين الذين حرصوا على رفع لافتات سياسية وسط المهرجان.
واستبدل المشاركون في الحدث السينمائي الذي يعد من أكثر المهرجانات شهرة في أوروبا، الندوات السينمائية إلى ساحة معركة للأيديولوجيات السياسية وحرية التعبير، بعد أن سلط الضوء على قوة السينما في تحدي المجتمع، واستقبال الكثير من منتقدي حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف، الذي تم منع أعضائه من حضور المهرجان.
وعلى عكس الكثير من المهرجانات السينمائية العالمية التي تبرز عملاً فنياً مميزاً في الافتتاحية وتتم إقامة ندوات نقاشية عقب مشاهدته، تم استبدال تلك الندوات بمنتديات للبيانات السياسية، والتي جاء أغلبها ضد حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف، وسرعان ما تحول المهرجان إلى مرمى نيران الكثير من الانتقادات، بعد أن ذاع صيت المهرجان سابقاً بأنه الحدث السينمائي الأكثر شحنًا سياسيًا في أوروبا.
جاء منع حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف من حضور المهرجان، على أثر مواقفه المثيرة للجدل بشأن الهجرة والقومية وانتقادهم لنهج السياسية الألمانية الحالية وتذكر ماضيها النازي في السيطرة على القارة العجوز، وهو ما كان سببا رئيسيا في منعهم ولفرض الصمت على آراءهم السياسية التي تنتقد الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة منذ أكتوبر الماضي.
وعلى غرار كل ما سبق انتقد العاملون في المهرجان بشكل علني القائمين على الحدث بسبب موقفهم من الصراع الدائر في غزة، وهو ما أدى إلى الكثير من الخلافات بين أعضاء المهرجان والعاملين فيه، وعلى أثره انشق عضوان من لجنة تحكيم المهرجان لانتقاد استبعاد أعضاء حزب البديل من أجل ألمانيا، وفي خضم هذه الاضطرابات، انشق عضوان نجمان في لجنة تحكيم المهرجان لانتقاد قرار استبعاد أعضاء حزب البديل.
وما بين نار حرمان الحزب اليمني من المشاركة ونار إظهار الحيادية للمهرجان السينمائي والقائمين عليه، تقرر مشاركة فيلم فلسطيني بعنوان No Other Land وهو عن معاناة شاب فلسطيني من التهجير القسري ومعاملة المستوطنين الإسرائيليين معه، وبمشاركة هذا الفيلم ضمن برنامج المهرجان لهذه الدورة كان غسيل الأيدي للقائمين على المهرجان من تحيزهم للاحتلال الإسرائيلي وحرمان حزب ألمانيا البديل من المشاركة، والتي لم تكفي بغسل الايدي وكان الحرمان والندوات السياسية الداعمة للكيان الصهيوني أكثر مشاركة.
كل النقاشات والاحتدام السياسي التي تخلل الدورة الـ 74 من مهرجان برلين، سلطت الضوء على منظور أوسع وأكثر اتساعاً عن علاقة المؤسسات الثقافية بالمسائل والمواقف السياسية وضرورة مشاركة تلك المؤسسات في تلك المواقف من عدمه، وأشعلت الدورة الحالية من المهرجان نقاشات هامشية عن الحرية والتسامح وهو ما يعكس قرار المهرجان في منع أعضاء لمجرد أفكارهم السياسية.
ووفقاً للكثير من التقارير فإن المهرجان في دورته الـ 74 سيكون محل نقاش لسنوات طويلة بسبب تسليطه للضوء على القضايا السياسية وتقليص المساحة الخاصة بالفن والسينما.