الحدث – القاهرة
جلست الى نفسي، وكنت بعيدا بعض الشيء عن الناس الذين يشاركونني المكان، لاأدري لم فكرت في إن الإنسان قد يتحول الى منافق كبير، وهو حر في قبول ذلك لنفسه، أو أن يتجنب أن يوصم بذلك حفطا لكرامته ومبادئه التي تمنعه من أن يكون على رؤية وفكر يتقلبان به حسب الهوى والمصلحة، وسألت الرجل الطيب الذي بجانبي، وقلت: حين نقدم دعمنا لقضية ما، ونعدها إنسانية، وتستحق المساندة، وهناك إخرون على مرتبة ورفعة منزلة لهم رأي آخر، بل ويظنون إن القضية عبء عليهم، ويريدون التخلص منه، وحصل أن قدم لنا هولاء دعوة على العشاء، وتحدثوا سلبا عن القضية وأكرمونا، وطلبوا مساندتنا في نقدها مع إننا كنا بالأمس من مناصريها، ترى كيف كنا سنتصرف، وماهو الرأي الذي نبديه، هل نتحلى بالشجاعة ونقول: نعتذر عن مساندتك أيها الكبير لأننا أعلنا بالأمس مساندتنا لتلك القضية التي تستهجنها أنت، ولن نتراجع عن موقفنا، ولن ينفعك عشاؤك، ولا هداياك، أم إننا سنؤيد على الفور، ونعلن رضانا بمايقول، وبموقفه؟
كثر سيؤيدون لأنهم مع القوي، ولايعنيهم الضعيف في شيء، وقد يبدون تعاطفا معه لكنهم في أفعالهم يكونون مع الأقوى، ويلحقون به أين يذهب، ويفعلون مايريد، وحتى قبل أن يريد، وقد نقل أحدهم حكاية عن رجل له كلمة تسمع وقبول عند حاكم، وقد كان وجيها ويشفع عنده لمن له حاجة، وقد دخل أحدهم في يوم الى مجلس ذلك الحاكم، ورأى الرجل الوجيه وهو يرقص، فتعجب من حاله، وحين عاد ولقيه في اليوم التالي طلب الوجيه من الرجل أن لايتحدث الى العامة بمارآه لكي لايقدح بمنزلته، وإنه كان مكرها، وقد أجبره الحاكم المغرور على الرقص، ووعده أن لايفعل، لكنه أردف، ولكنك كنت ترقص بطريقة رائعة، وكنت مبدعا في الرقص! والمعنى إن الرجل قبل عذره، ولكنه تساءل: إذا كنت مجبرا، فيجدر بك أن ترقص ببرود، وليس بإبداع، وكأنك سعيد بهذا الإجبار.
يعتذر معظم الذين يقدمون تنازلات كبرى، ويؤذون الآخرين أنهم كانوا مكرهين على ذلك، حتى في تحالفاتهم، وقد تتسبب التنازلات الناتجة عن الضغوط بتدمير شعوب وإنهاكها، والتسبب بمعاناة صادمة يدفع الضعفاء ثمنها، ويكسب الأقوياء منها كما يشاءون، فليس من المقبول أن نتحول الى مساندين للذين يمارسون الظلم، ونروج لهم، وندعو للتعاطف معهم برغم كل مايمارسونه من أدوار سيئة، وبرغم إننا نعيش الى جانب الذين يتعرضون للأذى، لكن لايوجد مطلقا مايبرر ذلك السلوك، وعلينا أن نكون مخلصين لإنسانيتنا، فلايمكن أن نقول للشيطان: إنك ملاك.