الحدث – القاهرة
بين تحديات الداخل وتحولات الخارج، تقف مصر اليوم على أعتاب مرحلة جديدة من تاريخها السياسي والاقتصادي، عنوانها الأبرز هو الاستمرار في البناء رغم العواصف.
وفي قلب هذه المرحلة يأتي مجلس النواب القادم كأحد أهم المؤسسات الوطنية التي يُعوّل عليها الشعب والدولة في آنٍ واحد، ليكون برلمانًا وطنيًا واعيًا، يُعزّز إنجازات الدولة، ويدافع عن مصالح الوطن، ويُراقب من أجل الإصلاح لا من أجل المعارضة الشكلية.
لقد تغيّرت ملامح مصر خلال السنوات الأخيرة بفضل رؤية سياسية واقتصادية طموحة بدأت بإعادة بناء مؤسسات الدولة، وتوسّعت لتشمل بنية تحتية غير مسبوقة، وتنمية عمرانية متكاملة، ومشروعات قومية كبرى غيّرت وجه الحياة في الريف والحضر.
ولأن الإنجاز لا يكتمل إلا بتشريع رشيد، فإن البرلمان القادم سيكون الذراع التشريعية لعصر الجمهورية الجديدة، وشريك الدولة في الحفاظ على ما تحقق من إنجازات.
أولًا: ما ينتظره الشعب من مجلس النواب القادم
ينتظر المصريون برلمانًا جديدًا يجمع بين الولاء للوطن والوعي بمصالحه، ويكون صوتًا للعقل والبناء لا للضجيج والشعارات. فالتحديات الراهنة تتطلب من المجلس القادم أن يواكب إيقاع الدولة السريع في الإنجاز، وأن يعمل كجسر بين المواطن ومؤسسات الحكم.
أولًا – تشريعات تدعم التنمية والاستقرار:
لقد وضعت الدولة المصرية خلال السنوات الماضية أسس اقتصاد قوي يعتمد على تنويع مصادر الدخل، وتوسيع قاعدة الإنتاج، وتحسين بيئة الاستثمار. ومن هنا، يأتي دور البرلمان في إصدار قوانين حديثة تدعم المشروعات القومية، وتُسهّل عمل المستثمرين، وتضمن العدالة في توزيع عوائد التنمية.
ثانيًا – تعزيز العدالة الاجتماعية وحماية الفئات الأكثر احتياجًا:
أطلقت الدولة مشروعات عملاقة في مجال الحماية الاجتماعية، مثل مبادرة “حياة كريمة” التي غيّرت وجه الريف المصري ووفرت خدمات أساسية لأكثر من ستين مليون مواطن، وبرنامج “تكافل وكرامة” الذي دعم الأسر الأكثر احتياجًا، إلى جانب التوسع في المبادرات الصحية مثل القضاء على قوائم الانتظار ومبادرة “مئة مليون صحة”.
البرلمان القادم مطالب بتشريعات تضمن استدامة هذه المبادرات وتوسيع أثرها في كل ربوع الوطن.
ثالثًا – رقابة من أجل الإصلاح لا العرقلة:
الرقابة البرلمانية ليست نقيضًا للتعاون مع الحكومة، بل مكملة له. فالشعب يريد مجلسًا قويًا يراقب بضمير، ويحاسب بموضوعية، ويطرح الحلول البناءة. الهدف ليس الصدام، وإنما تصويب المسار وتحقيق الكفاءة في الأداء الحكومي.
رابعًا – تمكين الشباب والمرأة:
أثبتت التجربة المصرية أن الشباب والمرأة ركيزتان أساسيتان في التنمية. لذلك ينتظر المواطنون أن يواصل البرلمان دعمه لسياسات التمكين السياسي والاجتماعي والاقتصادي، تأكيدًا لمبدأ العدالة والمساواة في الفرص.
ثانيًا: أهمية البرلمان القادم في ظل المتغيرات الدولية
يأتي مجلس النواب الجديد في مرحلة عالمية غير مستقرة تتشابك فيها المصالح والصراعات، ما يجعل مصر مطالبة بالثبات والحكمة في إدارة ملفاتها الداخلية والخارجية. وفي هذا الإطار، تبرز أهمية البرلمان في دعم مواقف الدولة المصرية على المستويين الداخلي والدولي.
أولًا – دعم الموقف الوطني في القضايا الإقليمية:
من القضية الفلسطينية إلى أمن البحر الأحمر وسد النهضة، أثبتت مصر قدرتها على التحرك بمسؤولية واتزان دفاعًا عن مصالحها القومية والعربية. وسيكون المجلس القادم شريكًا في ترسيخ هذا الدور القيادي من خلال دعم السياسة الخارجية المصرية التي تضع السلام والاستقرار في مقدمة أولوياتها.
ثانيًا – تعزيز الاقتصاد الوطني في ظل التحديات العالمية:
إن التغيرات الاقتصادية العالمية، وما يصاحبها من تقلبات في أسعار الغذاء والطاقة، تتطلب برلمانًا يُصدر قوانين عصرية تدعم التصنيع المحلي، وتحفّز التصدير، وتقلل من فاتورة الاستيراد. الهدف هو بناء اقتصاد قوي مقاوم للأزمات يقف على أسس إنتاجية حقيقية.
ثالثًا – دعم التحول الرقمي والاقتصاد الأخضر:
لقد أصبحت التكنولوجيا والابتكار ركيزتين أساسيتين في بناء المستقبل، وقد قطعت مصر شوطًا كبيرًا في هذا الاتجاه من خلال العاصمة الإدارية الذكية، ومحطات الطاقة الشمسية في بنبان، وخطة التحول الرقمي في الخدمات الحكومية.
البرلمان القادم مدعو إلى سن تشريعات تدعم هذا التحول وتواكب رؤية مصر 2030.
ثالثًا: مجلس النواب كحارس للجمهورية الجديدة
إن الجمهورية الجديدة التي أسسها الرئيس عبد الفتاح السيسي ليست شعارًا سياسيًا، بل واقع ملموس في كل قطاعات الدولة.
ومجلس النواب القادم سيكون الضامن لتثبيت هذا الواقع عبر تعزيز دولة القانون والمؤسسات، وتفعيل المشاركة المجتمعية، وترسيخ مفهوم الوطنية الإيجابية القائمة على العمل والإنتاج لا الشعارات.
ختاما فان مجلس النواب القادم ليس مجرد استحقاق انتخابي، بل هو ضرورة وطنية لحماية مكتسبات الدولة ومواصلة مسيرة البناء.
لقد أنجزت مصر خلال سنوات قليلة ما كان يحتاج إلى عقود طويلة: شبكات طرق غير مسبوقة، ومدن جديدة، ومشروعات إسكان متطورة، وإصلاح اقتصادي شامل، وعودة قوية إلى مكانتها الإقليمية والدولية.
واليوم، يحتاج هذا البناء إلى برلمان وطني واعٍ يواكب الدولة بخطى ثابتة، يُشرّع من أجل التنمية، ويراقب من أجل الإصلاح، ويدافع عن مصلحة مصر وشعبها في زمن لا مكان فيه للضعفاء.
إنها مسؤولية وطنية وتاريخية… ليبقى البرلمان القادم شاهدًا على استمرار نهضة مصر الحديثة تحت راية قيادتها الحكيمة ورؤيتها الواضحة لمستقبل أكثر استقرارًا وازدهارًا