إلى أمــي
عباس السلامي
في طفولتي لطالما سمعتهم يرددون
“الجنةُ تحتَ أقدام الأمهات”
يومها كنتُ أسرعُ إلى أمي ،
أسألها عن تلك الجنة التي يتحدثون عنها ،
فيما كانت عيناي تحملقُ بعمق
إلى قدمي أمي تفتّش عما تحتهما !
الابتسامةُ العريضة كانت هي الرد الذي تغمرني به
في كلّ مرّة أسألها عن الجنة ،
تلك الجنة التي رأيتها تتهدم
يومَ دسّوا أمي في التراب .
نتحلَّقُ حولَها بسعادة وأمااااااان
أمام صورة أخي المعلقة فوق الجدار
تقف والدتي بابتسامة غائرة
وهي تودعهُ على أمل اللقاء به في المقبرة
الجيران والأقارب كانوا يرونه صغيراً وضيّقاً
فيما كنا نراه – أنا وإخوتي – بوجود أمي قلعة غنّاء
تجمعني وإخوتي في بقعة محدودة من بيتنا الصغير،
وتحثّنا على أنْ نكون قريبين من بعضنا
لم أعرف يومها ، لِمَ كانت أمي تفعل بنا ذلك ؟
بأنها أرادتنا يومها أنْ نبدأ مِرانَنا على ضيق المكان،في بيتنا
ذلك البيت الكبير المكوّن من غرفة واحدة !
تهرم الروح ، ويشيخُ القلب ،
وتمضي الذاكرة غريبة تتسكع
-في طرقات الماضي القصية –
مادمتُ على مقربةٍ من حضن أمي
وتركتني وحيداً حزيناً تائهاً
أفتّش عنها بين كلّ النساء