السبت 30 نوفمبر 2024
القاهرة °C

أربعينية رجائي فايد…النافذة التي أطل منها المصريون على القضية الكردية

الحدث – وكالات

رجائي فايد لم يكن مجرد باحث في الشأن الكردي، بل كان المنهل العذب الذي يرتشف منه كل مصري وعربي ظمآن في القضية الكردية، وكان النافذة التي أبصر من خلالها الكثير من الباحثين كردستان وقضية شعبها العادل.

كان رحيل رجائي فايد حادثاً أليماً في قلوب كل من علمهم القضية والملايين الذي نقل قضيتهم بكل أمانة للشعوب العربية عامة والمصريين خاصة، ولذلك اجتمع العديد من الباحثين المصريين والشخصيات الكردية بالقاهرة من مختلف التوجهات في أربعينيته بمدينة القاهرة في مصر.

بوابة القضية الكردية

استهل الملا ياسين رؤوف، حديثه في الأربعينية بالقول: “إن رجائي فايد كان له دور مؤثر في تعريف القضية الكردية في الصحافة المصرية، كما أنه أسس مركز البحوث والدراسات الكردية بالقاهرة، والذي تميز بندواته الثرية التي كان يعقدها عن القضية.

وأكد ياسين، أن رجائي فايد خدم الكرد كثيراً، وله كلمة شهيرة “القضية الكردية خدمتني أكثر مما أعطيت لها”، ولكن أصحاب القضية الكردية في أجزاء كردستان الأربعة مدينون لهذا الرجل، لأنه أحد أسباب تعريف قضيتهم للشعب المصري ومثقفي مصر.

“معرفتي بالقضية الكردية كان من خلال الأستاذ رجائي فايد” بتلك الكلمات استهل محمد حسن البنا، الكاتب الصحفي المصري، كلماته عن رحيل فايد، مبينًا أن فايد كان مرشد جيد للقضية، ليس في مصر فقط، بل في العالم العربي كله، وأصدر عدة إصدارات عنها تنم عن فهم عميق، ولم يعلم المصريون ما يحدث في كردستان العراق أو لكرد سوريا إلا بعد كتابات رجائي فايد الذي كان مصدر المعلومات الأساسية.

واكد البنا، أن فايد كان يتميز بالتجرد الشديد عند عرض المعلومة، وكان أفضل من كثير من الكرد عند عرض قضيتهم، مشيرًا إلى أن فايد كان السبب في سفره إلى أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق واقترابه من الشأن الكردي، ولمس ما وصل إليه الكرد من استقلالية عبر وجود اللغة والعلم والهوية، وهي العناصر التي تنشئ أي كيان أو دولة حتى وإن كانوا مرتبطين باتحاد فيدرالي مع الدولة العراقية.

وأضاف، أن رجائي فايد لم يكن مجرد متعاطف مع الشعب الكردي، ولكنه كان فاهم وبعمق ويناقش رسالات ماجستير ودكتوراه في الجامعات عن الشأن الكردي، رغم أنه لم يحصل على درجة الدكتوراه، ولكنه كان يفهم أكثر من أي شخص دارس لهذه القضية.

رجائي فايد وأوجلان

“المصريون القدماء كانوا يكتبون على أبواب معابدهم ذكرى الرجل الطيب تبقى إلى الأبد” هكذا وصف أحمد بهاء الدين شعبان، رئيس الحزب الاشتراكية المصري رجائي فايد، مبينًا أنه مدين بكل معرفته عن المسألة الكردية لفايد، فهو من أول لقاء له مع فايد اكتشف مدى فهمه بالقضية وتعقيداتها، وكان قبل ذلك منشغلاً بالقضية الفلسطينية وقضايا مصر ومشاكلها وهي كثيرة.

وأكد شعبان، أنه لم يكن لديه اهتمام كبير بالشأن الكردي إلى أن تم اختطاف القائد عبد الله اوجلان من كينيا، وشعر بوجود مخاطر كبيرة وشيء ما يدعو كل مخابرات العالم لأن تجتمع على هذا المناضل، وفي هذه اللحظة التقى بالأستاذ رجائي ففتح مداركه على القضية الكردية، والحقوق العادلة لملايين من البشر.

وأضاف، أنه اتفق مع فايد على عمل كتاب عن أوجلان، وهو أسرع كتاب قام بإعداده على مدار تاريخه، حيث أنجز في ثلاثة أسابيع فقط، وكسب عبره معرفة دقيقة عن الكرد خاصة في تركيا لأن الكتاب كان مركزاً على أوضاع السلطة في تركيا والقضية الكردية في الساحة التركية.

سر تميز فايد

وحدد شعبان سر تميز رجائي فايد بعدد من السمات التي اتصف بها خلال عمله، والتي تبدأ بالكفاءة والثقافة الواسعة، حيث جاءت معارف فايد من مستويين، الأول هو مستوى الممارسة حيث أقام لمدة 9 سنوات في كردستان العراق، وكان على تماس مباشر مع القضية، والمستوى الثاني هو القراءة من مكتبته  العامرة وكتاباته المتتالية، وعلاقاته الشخصية بقيادات الحركة الكردية بمن فيهم رؤساء الجمهورية والأحزاب والقيادات الثقافية والفكرية الكردية.

وكانت السمة الأخرى هي إخلاصه للقضية، ويوجد أشخاص مكتسبين من القضية الكردية، ولكن فايد كان نزيهاً ويمتلك الغنى الداخلي، فهو آمن بالقضية، كرّس لها وقته وجهده، ولذلك أصبح أكبر خبراء القضية.

وأشار رئيس الحزب الاشتراكي المصري، إلى أن فايد ظل مستمراً في مواكبة المعرفة بالقضية حتى آخر لحظة من حياته، حيث لم ينقطع عن الكتابة حولها، وكان أكبر داعية للقضية الكردية في كل مكان سواء، بمجلس العلاقات الخارجية أو الجامعة العربية أو الأحزاب السياسية المختلفة، وكان بمثابة معلم حقيقي عن القضية.

كما تطرق شعبان لاهتمامات فايد الأخرى وشخصيته، مبينًا أنه كان يحب الدعابة أو باللهجة المصرية الدارجة “ابن نكتة”، كما أنه كان قاصٍ جيّد ولولا القضية الكردية لكان له شأن آخر كأديب.

بينما أوضح شريف شاهين سفير مصر الأسبق في العراق، أنه التقى فايد أثناء حلقة نقاش عن نتائج الانتخابات العراقية، وفوجئ بكمية معلومات هائلة عن القضية الكردية، مبينًا أنه إذا التقى بالراحل رجائي فايد أثناء وجوده على رأس عمله كسفير لمصر في العراق كانت للعلاقات بين الجانبين شأناً آخر.

وعرض التأبين فيلم تسجيلي عن رجائي فايد، الذي قضى حياته في دراسة القضية الكردية، والحديث عنه في مصر والعالم، وشارك في إعداد أول حوار عربي كردي تستضيفه القاهرة في تسعينات القرن الفائت، وتضمن الفيلم بعض الكلمات المؤثرة عنه وعن دوره الهام في خدمة القضية الكردية عبر بعض الشخصيات الكردية المؤثرة.

 تأثير على الشرق الأوسط

وبث الفيلم كلمة لإلهام أحمد، رئيسة الهيئة التنفيذية لمجلس سوريا الديمقراطية، أوضحت بها، أن فايد ساهم في توضيح القضية الكردية وحقوقه في ضوء القوانين الدولية، ومؤلفاته ودراساته ساهمت بشكل مباشر في تسليط الضوء على القضية، لذلك كان له تأثير على شعوب الشرق الأوسط ومن يقرأون باللغة العربية.

وأكدت أحمد، أن فايد كان له دور هام في إبداء المواقف العادلة تجاه قضايا المظلومين في المنطقة بالكامل وفي سوريا، حيث كان له زيارة خاصة للمنطقة ومؤلفات بهذا الخصوص، ومحاربة الإرهاب وبناء نظام ديمقراطي في سوريا.

كما أشارت ليلى موسى، ممثلة مجلس سوريا الديمقراطية في مصر، أن الصدفة لعبت دوراً في تحوّل حياة رجائي فايد نتيجة ظروف العمل للإقامة أولاً في بغداد ثم أربيل، مما جعله يحتك بالشعب الكردي.

وأكدت موسى، أنه عند عودة فايد إلى مصر قام بمهمة ليست بالسهلة بالتعريف بقضية مغيبة بشكل تام عن الشعب المصري، كأنه يبحث عن إبرة في كومة قش، وبهذه الصعوبة أمضى عمله، وكانت الخطوة الأولى وكان الحافز والمؤثر في الكثير من الباحثين لكي يخطو خطواتهم في سبيل خدمة القضية الكردية.

كما علقت فرناز عطية نائبة رئيس مركز آتون للدراسات داخل مشاهد الفيلم التسجيلي، أن رجائي فايد من أكثر الذين تركوا موروث كبير وإنجازات في إطار القضية الكردية، وأشرف على الكثير من رسائل الماجستير والدكتوراة للمهتمين بالقضية الكردية في العراق وسوريا، وفقدانه كان فقدان لأهم داعمي فكرة التعاون بين العرب والكرد، وأن الكرد إضافة للدول العربية التي يتواجدون بها وليسوا أعداء لها.

وأوضحت، أن فايد كان له دور كبير في تسليط الضوء على القضية الكردية، وهو أول من كتب عن القائد عبد الله أوجلان وعن فكره وعن إيمانه بالقضية الكردية، والتعايش الذي دعا إليه بين مختلف القوميات في مشروعه “الأمة الديمقراطية”، وأكد على أن السيد عبد الله أوجلان أحد رموز القضية الكردية، وكان يشيد بنضاله.

صديق الشعب الكردي

“حزنّا لخبر وفاة رجائي فايد، لقد كان صديقًا للشعب الكردي والشعوب المضطهدة” بتلك الكلمات وصف آدم اوزون قيادي في المؤتمر الوطني الكردستاني علاقته برجائي فايد، مبيناً أن فايد كان دائماً موجود للمساعدة والحضور والعمل، وعندما دُعِيَ لحضور مؤتمر أمام البرلمان الأوروبي في بروكسل، وافق على الفور وابهرهم بأفكاره الخلاقة.

وأكد أوزون، أنه التقاه في القاهرة وتعلم منه الكثير ومن أفكاره، وتعلم من سيرته وكفاحه، مبينًا أنه سيعمل من أجل حقوق الشعب الكردي ونيل جميع حقوقه لأنهم عندما ينجحون في هذا الموضوع سيكون رجائي راضياً عن ذلك.

 

to top