صبرة القاسمي يكتب: إرهاب الكيان الصهيوني و دولة الإرهاب.
التصعيد الاجرامي الذي يضطلع به الكيان الصهيوني هذه الأيام يهدد ليس فقط أبناء الشعب الفلسطيني المحتل بل أنه في الحقيقة يهدد أمن و استقرار الوطن العربي.
وعلي الرغم من هشاشة فصائل المعارضة الفلسطينية و انشغالها بخلافتها الداخلية و أجنداتها وحسابات المكسب والخسارة.. ، إلا أن الأمل في مقاومة وإنهاء الاحتلال الاسرائيلي منعقد علي رجل الشارع الفلسطيني الذي يأبي الا أن يقاوم المغتصب المحتل، وفي الحقيقة فإن العمليات الفدائية المقاومة للكيان الصهيوني في الآونة الاخيرة تعبر عن قطاعات مختلفة من الشعب الفلسطيني العظيم الذي يرفض الهزيمة و يرفض الذل و يسعي جاهداً لتحرير التراب الفلسطيني من دنس عصابات الصهيونية العالمية التي اغتصبت أرضه وداره وقطعت بأبنائه كل السبل بحائط الفصل العنصري، شباب و شابات فلسطينيون في عمر الزهور، آباء و أمهات يبذلون الغالي و النفيس فداء لقضيتهم إنهم يدفعون ضريبة مقاومة المحتل نيابة عن الامة العربية، لا يحملون أي أيدلوجيا من الأيدولوجيات التي عفا عليها الزمن ، فلا حماس ولا أخواتها قادرة على صد المحتل لأنها سقطت في مستنقع الاجندات الخاصة، فلقد اصبحت المقاومة نهج وطني تتربي عليه الاجيال، ومن ثم هناك مقاومة شعبية غير ايديولوجية تولد من رحم مقاومة اليوم.
وفي المقابل مازال الاحتلال الاسرائيلي لأراض فلسطينية وعربية هو الاولوية لشعوب الدول العربية و شعوب الدول الإسلامية علي اختلاف ألوانها و اعراقها، و لن تستطيع موجات الخذلان أو ما يطلق عليه إعلاميا ب «الابراهيمية» من وقف هذه الحالة التي ستظل موجاتها مشتعلة حتى زوال الاحتلال وعودة كل شبر مغتصب من الأراضي العربية .
إن عودة الحقوق لأصحابها هي الضمانة الحقيقية لأمن واستقرار المنطقة بالكامل وهذا الأمن والاستقرار يتعدى المنطقة العربية إلى العالمية.
و لكن لماذا موجات التصعيد المتتالية في الآونة الخيرة ؟
بالرغم من تعودنا علي هذه الحالة من التصعيد الإجرامي الاسرائيلي ضد الفلسطينيين لكن هذه المرة تختلف ، فصعود ما يطلق عليه اليمين «اليمين الاسرائيلي المتطرف» وكلهم متطرفون بأشكال مختلفة..، منح هذا التصعيد الكيان الصهيوني الفرصة الذهبية للتوحد خلف حكومته المتنازع عليها داخليا والمرفوضة عالميا و بعد أن الكيان في طريقه لعدد من الانكسارات الداخلية، تحولت هزائم و نكبات الحكومة الي سبل توحد شراذم المتنازعين حول أشد الحكومات تطرفا في العالم. وقد استغل رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو ذلك التصعيد أشد استغلال للخروج بحكومته من النفق المظلم إلى نار التصعيد والحرب، ليستكمل مسيرة هذه الحكومة المتطرفة بعد أن كادت تسقط .
يقول الله عز و جل “كلما أوقدوا نارا للحرب اطفئها الله”.
لقد عملت الدولة المصرية على إطفاء لهيب و نيران الحرب امتثالا لأمر الله تعالى واختيارا للسلام العادل القائم على حل الدولتين.. وأيقنت القاهرة أن هذا هو الطريق لحل الصراع العربي الاسرائيلي، وعلي الرغم من المزايدات التي اثيرت الا ان الواقع العملي اثبت صحة موقف الدولة المصرية، وعلى الرغم من عدم ايمان حكومات الكيان الصهيوني المتوالية بالسلام العادل والشامل ومحاولاتها الاستفزازية ضد جهود ومساعي الدولة المصرية والعرب في هذا الصدد.. إلا أن الدبلوماسية المصرية تمكنت من الانتصار على التخرصات الاسرائيلية في كافة المحافل الدولية لإلزامها بواجباتها.
فعندما ذهب الرئيس الشهيد انور السادات عليه رحمة الله، الي الكيان الصهيوني في عقر داره في «الكنيست الإسرائيلي» ذهب إلى عقر دارهم وهو يحمل قلب مقاتل، و عقل حاسم ، شديد الباس.. فائق الدهاء ، يملأه الفخر و الكرامة واليقين من النصر الذي حققه على ضفاف القنال في السادس من أكتوبر من عام 1973 إلى نصر سياسي دبلوماسي أكبر..
النصر الذي تحقق في السادس من اكتوبر أريقت في سبيله الدماء الذكية الطاهرة، أما نصر مباغتة العدو في عقر داره و استرداد بقية اراضي الوطن الغالية ، فقد كان نصرا يوازى النصر العسكري في أكتوبر، فهو نصر العقول المصرية المفاوضة ونصر براعة الأجهزة المصرية المختلفة التي عملت معا ببراعة وحققت النصر السياسي والدبلوماسي والقانوني على طاولة التفاوض..
لقد كان نصر اكتوبر نصراً مستحقاً بكل قوة وإمكانات وبسالة الجيش المصري العظيم و كان نصر «معركة الكنيست» نصراً دبلوماسياً تفاوضياً قانونياً لعقول مصر، وعندما يتحدث أحد وزراء الكيان الصهيوني بعنصرية و يدعو لإبادة قرية فلسطينية فإنه لا يعبر بذلك عن نفسه فقط وإنما يعبر عن عقيدة اجرامية و فكر ارهابي لا يختلف عن فكر وعقيد «داعش» الاجرامية الارهابية ..و لا يختلف فيها عن عقيدة وفكر الهولوكوست المدعي من جانب اليهود..
إن ما جرائم ما يطلق عليه «اليمين المتطرف» داخل الكيان الصهيوني بحق الأراضي الفلسطينية المحتلة، سيؤدي إلى ايقاظ الغضب الشعبي للانتفاض ضد أنظمة المنطقة العربية، و وسيحي كل الجماعات المتطرفة لتزايد علي دور الانظمة العربية و من ثم إيجاد المبرر لعملياتها العدائية ضد أنظمة في دول تنعم بالاستقرار . كما أن الكيان الصهيوني يعلم علم اليقين ان استقراره لن يتهدد بأفعال تلك المجموعات الإرهابية وعملياتها.
و لكن من يمكنه تهديد استقرار الكيان الصهيوني الغاصب ؟
في الحقيقة إن استقرار وتقدم دول المنطقة، هو القادر على تهديد استقرار الكيان الصهيوني الغاصب إن الحرب مع الكيان الصهيوني ، تجاوزت الحروب التقليدية و أصبحت حرب معلوماتية من الدرجة الاولي ، صراع بين العقول ، بدأه الراحل انور السادات عليه رحمة الله ، و يقودها رجال مخلصون في الظل رجال أوفياء أتقياء يعملون في صمت إلى النصر القريب بإذن الله .