الحدث – القاهرة
كتب الباحث السياسي أحمد شيخو، مقالاً عن الانتخابات التركية وتفاعلاتها وعن المؤشرات الداخلية والخارجية و مشيراً لأهمية تحالف الكدح والحرية وكل القوى المضادة للفاشية؛ لهزيمة أردوغان وتحالف الجمهور، لبدء مسار ونضال ديمقراطي لبناء جمهورية ديمقراطية، مؤكداً أن هزيمة أردوغان هو هزيمة للعقلية الدولتية المركزية والثقافة السلطوية الأحادية وانتصار للتعايش وتحالف الشعوب.
يقترب موعد الانتخابات التركية الرئاسية والبرلمانية المزمع إجراؤها في 14 أيار/مايو. والتي يتم وصفها من قبل من الكثير من المراقبين للشأن التركي بالمفصلية والتاريخيةوأنها بمثابة استفتاء على التركية اللوزانية وفق الحدود الدولية وتركيا الميثاق الملي وفق الحدود المرادة من قبل العثمانيين الجدد، نتيجة للمؤشرات والحيثيات والمعطيات الموجودة والتداعيات التي من الوارد أنها ستخلفها على داخل تركيا وخارجها. ولعل الشعبين العربي والكردي،إضافة للتركي سيكون من أكثر المستفيدين والمرتاحين من حصول التغيير في تركيا، لما شكله أردوغان و سلطته الحالية كعوامل أساسية للفوضى و القلق وعدم الاستقرارودعم الإرهاب والتدخل في شؤون شعوب المنطقة ودولها.
إن الانتخابات التركية تأتي بعد حوالي قرن من تأسيس تركيا عام ١٩٢٣ وفي يوم خاص تم اختياره بعناية من قبل أردوغان، وهو يوم ١٤ مايو/ أيار المصادف ليوم ذكرى هزيمة حزب الشعب الجمهوري في عام ١٩٥٠ وهو اليوم الذي يعده الإسلام السياسي في تركيا أنه يوم الانتصار الأوللهم بعد تشكيل تركيا وانهيار العثمانية.
تركيا والانتخابات بعد قرن من الزمن، فيها جملة من التفاعلات والحقائق التي توضح حقيقة هذه الدولة و السلطة الوظيفية الأداتية الحالية لنظام الهيمنة العالمي والتي جمعت الأحادية القومية الطورانية التركية الفاشية والإسلاموية الإخوانية العثمانية الداعشية فيها، ومنها:
المؤشرات الداخلية على هزيمة أردوغان.
ولعل المؤشرات الداخلية والخارجية التي يمكن أن تدلنا على أن الأردوغانية الفاشية إلى الأفول عديدة ومنها الموشرات الداخلية التالية:
المؤشرات الخارجية على هزيمة أردوغان.
والمؤشرات الخارجية من الإقليمية والدولية لها من التأثير السلبي على سلطة أردوغان الكثير، رغم محاولته استدراك بعض العلاقات ولو بشكل جزئي ونسبي وتكتيكي خدمةً للانتخابات، ولكن غالبية دول المنطقة والعالم لم تعد تريد رؤية الإسلام السياسي الحاضن للإرهاب حاكماً في دول المنطقة والعالم، ولم تعد تثق بأردوغان رغم براغماتيته الشديدة الأقرب للدعارة وقلة الشرف والكرامة الذي يتجاوز كل الممكنات في فن السياسية.
هزيمة أردوغان هزيمة لثقافة سلطوية.
من المهم أن يعرف الجميع أن أردوغان وحزبه العدالة والتنمية أو السلطة التركية الحالية لا تمثل فقط شخص أو حزب أو سلطة وحكم دولة كتركيا فحسب، بل أن أردوغان وسلطته يمثلون ثقافة سلطوية-دولتية واستبدادية مركزية متراكمة، وهم يجسدون سياق تاريخي منحرف وضال ومتواطئ وعميل للخارجولمصالحه في الهيمنة والنهب، وبعيد عن شعوب المنطقة وثقافتها التكاملية، وهو يعبر عن طاقة سلبية للحياة وهي طاقة الاستغلال والقمع والقهر والاحتلال والسلب والإبادة الجماعية والتبعية؛ ولذلك فإن هزيمة أردوغان وسلطته هي هزيمة للعقلية الدولتية الأحادية المركزيةولثقافة السلطة والتبعية للخارج وهي انتصار للتعايش السلمي وللتشارك والتعاون والتكامل والأخوة بين الشعوب في تركيا أولاً وفي الشرق الأوسط وخارجها ثانياً، وهزيمته سيكون بتحالف الشعوب الذي نرى ملامحه في التحالفات المضادة لأردوغان كتحالف الكدح والحرية وتنسيقهم مع باقي القوى التي تريد إنهاء الفاشية في تركيا والبدء بمسار التحول الديمقراطي في تركيا.
وهنا يمكننا أن نفهم لماذا تحاول بعض الدول أو بعض الرؤساء وكذلك عدد من القوى الشرق أوسطية أو العالمية بما فيها بعض القوى والسلطات العربية والإسرائيلية والإيرانية والروسية مساعدة أردوغان في الفوز في الانتخابات، رغم أن أردوغان تدخل في شؤونهم وهدد أمنهم ومصالحهم ومازال. ولكنهم كما يقال “ كلهم في الهوى سوا “ في الأحادية والمركزية الشديدة والتسلط والفساد والنهب، وهزيمة أردوغان بداية لإمكانية بدء مسار ديمقراطي وتعددي وسلميولامركزي في تركيا لحل قضايا الشعوب والمجتمعات،مما سيوثر على المنطقة برمتها، وهو بالتالي هزيمة لثقافة الإنكار والإقصاء وعقلية الاستبداد والتخلف أي هزيمة لمجمل الطبقات السلطوية في دول الشرق الأوسط أولاً وخارجها ثانية والذين يخافون من هزيمة أردوغان فهزيمة أردوغان هزيمة للنموذج القومي العنصري والإسلاموي بشقيه الإخواني والشيعة القومية وحتى الإسلامي الليبرالي أو الفوضوي البعيدين عن جوهر الإسلام وقيمه الثقافية والإنسانية النبيلة.
الحرب الداخلية من السيناريوهات المحتملة.
وطالما لا يوجد نظام انتخابي ديمقراطي وسلطة قضائية مستقلة في تركيا وكمعظم دول الشرق الأوسط، وطالما العوامل والفواعل الخارجية هي التي تحدد غالبية ونوعية السلطات في تركيا والشرق الأوسط، ولذلك ورغم كل المؤشرات التي تؤكد هزيمة أردوغان، لا بد من أن نضع بعض الاحتمالات الممكنةوالسيناريوهات الأكثر توقعاً وفق ماهية أردوغان وسلطته وإمكانية لعبه أي دور إقليمي جديد للقوى والنظام العالمي، لكون تركيا إحدى الجغرافياتالسياسية والاقتصادية والأمنية المهمة للمشهد الإقليمي الشرق أوسطي وللمشهد السياسي والاقتصادي والعسكري العالمي كما كانت في الحربالعالمية الأولى والثانية والثالثة المستمرة الآن. وعليه نعتقد أننا أمام مشهدين:
من المهم أن نشير أن عقلية وسلوكية غالبية الأحزاب الإسلامية لا تقبل بترك السلطة كخيار ديمقراطي شعبي، بل يرون أن السلطة حقهم الأبدي والإلهي وأن بيعتهم تمت بسنة نبوية مقدسة، وهزيمتهم مؤامرة وهجوم على الدين والحركة؛ولذلك يصارعون ويقاتلون للاحتفاظ به. وهناك من المؤشرات والتصريحات القادمة من تركيا بأن أردوغان وسلطته لن يتركوا الحكم ومن المحتمل أنه لن يسلم السلطة سلماً إذا خسروا الانتخابات، وهنا ستكون المقتلة لتركيا الدولةوالجغرافية وخاصة بعد هذا التواجد الإسلامي وقيادات الإخوان حول العالم في تركيا مدة ٢٠ سنة ومعسكرات التدريب التي دربت وتدرب المئات والآلاف من عناصر الجماعات الإسلامية حول العالم على مجمل الأعمال الأمنية والعسكرية والاقتصادية والسياسية، فهل سنشهد حرباًداخلية بين تحالف الجمهور وتحالف الشعب بأدوات داخلية وخارجية ضمن تركيا؟
ماذا سيكون موقف الجيش التركي وخاصة أنه من مكونات حلف الناتو وقد كان له من الإهانة ما كان عام ٢٠١٦ عندما قام بعضهم بانقلاب كان أردوغان على علم به وتركه يمضي للاستفادة منه والتخلص من كل المعارضين وحتى المشاركون له الحكم للاستفراد بحكم تركيا كما فعل مع جماعة فتح الله غولين؟ وكيف سيكون موقف روسيا وإيران من الحرب الداخلية وخاصة خسارة أردوغان يعني خسارتهم؟ وكذلك موقف أمريكا وأوربا والكل يهمه أن تكون تركيا الدولة والجيش والاقتصاد والشعب لجانبه كعمق استراتيجي وكورقة ضغط كبيرة ومربحة في الحرب والأزمة الأوكرانية وفي تشكيل المشهد الشرق الأوسطي والعالمي مع وبعد الحرب العالمية الثالثة المستمرة.
المستقبل للحرية والديمقراطية في تركيا والشرق الأوسط.
وعليه فنحن أمام مرحلة مفصلية ومهمة من تاريخ تركيا سواء فاز أردوغان أو خسر ففي كلتا الحالتين هناك احتمال أنه ستبدأ التناقضات والصراعات بالتزايد داخل تركيا وهنا لابد للقوى الوطنية والديمقراطية ضمن تركيا من أخذ تدابيرها. ولكن هناك أيضاً فسحة أمل مع كل هذه التغيرات قادمة إذا تضافرت جهود القوى الديمقراطية والمجتمعية في مزيد من التعاون والوحدة والتكامل بين الشعوب في تركيا لبناء جمهورية ديمقراطية تحفظ وتصون حقوق الشعوب والمجتمعات داخل تركيا واحدة عبر ضمان حقهم في إدارة وحماية أنفسهم كحق طبيعي لأي شعب أو مجتمع، وتكونذلك بداية للاستقرار والسلام وعدم تدخل تركيا في شؤون المنطقة وقتل الشعوب وبداية لشرق أوسط ديمقراطي على أساس اتحاد الشعوب والأمم الديمقراطية في كونفدرالية الأمم الديمقراطية الشرق أوسطية بدل الدول القومية الأحادية التي تجسد كأدوات للهيمنة والرأسمالية العالمية على مجتمعات وشعوب المنطقة، فالانتخابات التركية مصيرية لشعوب تركيا وخارجها ولدول المنطقة وهو انتخاب واختيار بين الفاشية والديمقراطية، بين الفوضى والاستقرار، بين السلام والحرب، بين الإرهاب والواقفين ضده، وهنا تتحمل الشعوب في تركيا مهمة ومسؤولية تاريخية على عاتقهم في هذه الانتخابات تجاه أنفسهم أولاً وتجاه المنطقة برمتها في التخلص من هذه الفاشية والداعشية الأردوغانية. والاحتمال الأقرب حسب اعتقادنا ومشاهداتنا أن المستقبل في تركيا والشرق الأوسط هو للتعايش والسلم والحرية والديمقراطية والاستقرار والأمان والسلام وليس للفاشية القوميةأوالأحادية الدينية التي اقتربت نهايتها وفي هذه مصلحة لجميع شعوب ودول المنطقة والعالم إلا لمن يرى أردوغان سلطانه أو حليفه أو ذاته.