الحدث – العراق
بعد اعتماد الموازنة العامة للعراق لعام 2023 ، قامت الحكومة العراقية ومختلف الأطراف المعنية بتقييم وتحليل الوضع العام للاقتصاد العراقي وتحديد التبعات المحتملة لتنفيذ هذه الموازنة. يعدّ ذلك أمرًا مهماً، حيث تأثر الاقتصاد العراقي بمجموعة من العوامل الخارجية والداخلية التي تشمل انخفاض أسعار النفط وتزايد حجم الديون العامة والمشكلات الأمنية و الاجتماعية في البلاد. وعليه، من المهم أن نحلل تلك الظروف وصولًا إلى فهم أفضل لسبل الحل لتحسين أداء الاقتصاد العراقي وإنجازات الميزانية الجديدة في الوقت المحدد.
من الناحية السياسية، العراق يواجه تحدّيات كبيرة بسبب الوضع الأمني والانقسامات السياسية والصراعات الداخلية، التي انعكست على ثقة المجتمع الدولي وعلى استقرار الاقتصاد العراقي، وزادت من التحدّيات التي تواجه النظام السياسي في البلاد.
ومن الناحية الاقتصادية، فإن العراق يواجه أيضًا صعوبات كثيرة تتلخص في اعتماد اقتصاده على النفط، وانخفاض الأسعار العالمية للنفط، وكذلك عدم الاستثمار الكافي في البنية التحتية وقطاعات أخرى غير النفطية، مما يضر بتنوع الاقتصاد العراقي وتأثيره على الفئات الفقيرة والمحرومة من المجتمع. ومن الناحية الاجتماعية، فإن العراق يواجه كذلك تحديات عدة ومشكلات اجتماعية تتمثل في عدم توفير الخدمات الأساسية للمواطنين وارتفاع معدلات البطالة والفقر والفساد وتدهور المناخ الأمني والإجرام المنظم.
وفيما يتعلق بوضع الكرد في العراق، فإنهم يواجهون تحديات كبيرة في ظل عدم تمكن الحكومة العراقية من تلبية مطالبهم وتوفير الحماية لهم وخاصة في مخيم مخمور وبعض المناطق المحيطة به الذي يتعرض لهجمات تركية بالمسييرات بين الحين و الاخر وحل القضايا الخلافية بين الحكومة والأكراد في اقليم كردستان . الذي يتمتع بشيء من التطور الاقتصادي والتحسين في تقديم الخدمات والبنية التحتية.
ومن المهم أن يتعاون جميع الأطراف في العراق للتغلب على هذه التحديات والبحث عن حلول جذرية للمشاكل الحالية ومستقبل البلاد، من خلال تحسين التعاون السياسي والاقتصادي والاجتماعي بين المكونات العراقية المختلفة.
تم إقرار موازنة العراق لعام 2023 بتاريخ 31 ديسمبر 2022، وهي تتضمن خطوات اقتصادية هامة لتخفيض العجز المالي وتحسين الإيرادات من خلال زيادة الإنفاق على الصحة والتعليم، كما اتجهت الحكومة إلى تنفيذ برامج تشغيلية للبطالة وصغار المزارعين و المصروفات الحكومية الأساسية ، مما يعزز دور الحكومة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية في العراق . و قد أثارت هذه الموازنة جدلا واسعا في البرلمان العراقي، إذ شهدت تحفظات من بعض الأحزاب والكتل السياسية المعارضة للحكومة، وذلك بسبب عدم تلبية بعض المطالب الموجودة في البنود المالية. وكانت هناك مخاوف من تأثير انخفاض أسعار النفط والميزانية العامة على الاقتصاد وتوفير الخدمات الأساسية في العراق.ومن جانب آخر، يتوقع البعض أن يتم إعادة دراسة بعض بنود الميزانية بما يتلاءم مع المتغيرات المالية الحالية والمستجدة في العراق. وتبدو هذه التحفظات من شأنها أن تأجل التطبيق الكامل للميزانية، مما يمكن أن يؤثر على مسار الاقتصاد العراقي في المدى القريب.
أعربت حكومة إقليم كردستان العراق عن اعتراضها على الموازنة العامة للعراق لعام 2023 لعدة أسباب، من بينها أن توزيع الموارد المالية المحدودة بموجب الموازنة لم يتم توزيعها بالشكل العادل بين المناطق والمحافظات العراقية، وعدم تلبية بعض مطالبها بخصوص حصتها في الموازنة. وقد أثرت موازنة 2023 للعراق على الحكم الذاتي للأكراد في شمال العراق، حيث أدت اعتراض حكومة إقليم كردستان على الموازنة العامة للعراق إلى التوتر في العلاقات بين إقليم كردستان وحكومة بغداد، وتزايد المخاوف من احتمالات استخدام العراق للضغوط على إقليم كردستان في ما يتعلق بحصته من الموازنة وغيرها من المصالح الاقتصادية والسياسية. وبالتالي فإن هذا التوتر في العلاقات سيؤثر على حكم الذاتي للأكراد في شمال العراق، حيث قد تزيد الضغوط السياسية والمالية على الإقليم، وربما تؤثر على قدرته على تلبية احتياجات الشعب الكردي في المنطقة.
ومن جانبها، تعتبر حكومة العراق أن الموازنة توزع الموارد بطريقة عادلة وفقًا للاحتياجات الحقيقية لكل المحافظات في البلاد، وتروج لجهودها في تعزيز التنمية الإقتصاديةوالاجتماعية في كامل العراق. وبالتالي، يوجد حاليًا حاجة إلى المزيد من المحادثات والمفاوضات بين حكومة العراق وحكومة إقليم كردستان لحل هذه الأزمة والتوصل إلى حل يتكيف مع حقوق ومتطلبات الطرفين. يجب أن يكون الحل في هذه الأزمة ناتجًا عن حوار وتفاهم يلبي احتياجات جميع الأطراف المعنية. ويمكن أن تؤدي هذه الأزمة إلى تداعيات سلبية، مثل تأخير المشاريع التنموية في إقليم كردستان وتأثيرها السلبي على الاقتصاد والمجتمع في المنطقة، إلى جانب زيادة التوترات بين الطرفين، إذا لم يتم التوصل إلى حل سريع وفعال.
تترتب على نتائج الموازنة تداعيات داخلية وخارجية على العراق. من الناحية الداخلية، فإن تضييق الخناق على الإنفاق الحكومي وتقليل العجز المالي في الموازنة قد يؤدي إلى تخفيض الإنفاق الحكومي بما في ذلك الخدمات العامة والمشاريع التنموية في المدى القريب. وقد يؤثر هذا بدوره على حياة المواطنين العراقيين ويزيد من معاناتهم في بلد يعاني من تحديات عدة ومنها البطالة العالية وسوء الأحوال المعيشية.
من الناحية الخارجية، فإن الميزانية العراقية تمثل عاملا مهما في الاقتصاد العالمي نظرا لأن العراق مصدر رئيسي للنفط والغاز. وبهذا الصدد، قد يؤدي انخفاض أسعار النفط والغاز في الأسواق العالمية إلى زيادة الضغوط على الميزانية العراقية وزيادة صعوبة تلبية الاحتياجات الداخلية والخارجية. و قد ينعكس تأثير هذه الضغوط على السياسة الداخلية والخارجية للعراق. ومن المهم أن يعمل القادة العراقيون على تنفيذ إصلاحات اقتصادية وتعزيز الشفافية في إدارة الموارد المالية وتحسين الأداء المالي للحكومة لتحسين الرفاهية الاقتصادية للمواطنين العراقيين ودعم الاستقرار السياسي والأمني في البلاد وتعزيز مكانة العراق في المنطقة والعالم.