الأحد 24 نوفمبر 2024
القاهرة °C

د/ فاطمة حسين تكتب : القدس في القانون الدولي

الحدث – القاهرة

إنّ البحث في وضع القدس لا ينفصل عن وضع فلسطين، ووفق قواعد القانون الدولي العام ومبادئه فلسطين هي دولة شرعية، والكيان الصهيوني دولة غير مشروعة وغير شرعية، وإنّ ما يطبّق على فلسطين كدولة ينطبق تمامًا على مدينة القدس لأسباب كثيرة يمكن إيجازها بعدد من النقاط:
– إنّ صك الانتداب الذي خضعت البلاد العربية لسلطته بعد الحرب العالمية الأولى تحت رعاية عصبة الأمم، صنّف فلسطين من بلدان الفئة «أ» مثل لبنان وسوريا والأردن والعراق، وهذا يعني أنّ فلسطين كانت تتمتع بمقومات الدولة التي تؤهلها للاستقلال، ولها هويتها الخاصة.
وقد جاء في المادة السابعة من صك الانتداب: تتولّى إدارة فلسطين سنّ قانون للجنسية الفلسطينية، وتسهل الانتساب إليها لمن يرغب من اليهود باتخاذ فلسطين مقامًا له. وأهم من هذا كلّه أنّ لفلسطين عاصمة وهي القدس.
من جهة ثانية، إنّ وجود دولة أخرى على الإقليم ذاته يخالف مبدأ حق تقرير المصير، وهو من القواعد الأمرة التي لا يجوز مخالفتها، وأهمها ميثاق الأمم المتحدة (المادة الأولى، الفقرة الثانية، والمادة الخامسة).
– إنّ وجود الحركة الصهيونية على أرض فلسطين يخالف مبدأ عدم جواز الاستيلاء على أرض الغير بالقوّة، وهو أيضًا ما حرّمته المواثيق الدولية (المادة الثانية، الفقرة الرابعة من الميثاق).
– انعدام الأثر القانوني للتوصية رقم 181 تاريخ 29/11/1947 (قرار التقسيم) لمخالفتها المادة 55 من الميثاق، والمادة 34 من قانون المعاهدات للعام 1969، فالأمم المتحدة لا تملك حق التصرّف في الأراضي الفلسطينية ولا بأراضٍ غيرها، والجمعية العامة تصدر التوصيات وليس القرارات.
لقد عرّفت المادة 42 من اتفاقية لاهاي الرابعة الاحتلال : «تعتبر أرض الدولة محتلة حين تكون تحت السلطة الفعلية لجيش العدو، ولا يشمل الاحتلال سوى الأراضي التي يمكن أن تُمارس فيها هذه السلطة بعد احتلالها».
كما تنص المادة 2 المشتركة في اتفاقيات جنيف الأربعة للعام 1949 على أنّ «هذه الاتفاقات تسري على أي أرض يتمّ احتلالها في أثناء عمليات عدائية دولية… ولو لم يواجه احتلال أرض دولة ما مقاومة مسلحة».
ينطبق القانون الدولي الإنساني على وضع فلسطين المحتلة وعلى القدس أيضًا، وخصوصًا قانون لاهاي المتعلق بعادات الحرب وأعرافها، وبند مارتينيز، وقانون جنيف، لاسيما الاتفاقية الرابعة المتعلقة بحماية السكان المدنيّين تحت الاحتلال.
إنّ القدس مدينة عربية وهي عاصمة فلسطين التاريخية، كما أنّ إعلان الدولة الفلسطينية في العام 1988 حظي باعتراف مئة وأربع وثلاثين دولة من دول العالم.
إنّ ما ورد في قرار التقسيم بشأن القدس، أعيد النصّ عنه في قرار إعادة اللاجئين الفلسطينيين، وهو القرار 194 تاريخ 11/12/1948. وهذان القراران (181 و194) وُضِعا كشرط لقبول عضوية «إسرائيل» في الأمم المتحدة، وبعد أن قُبِلت عضويتها، أعلنت نيتها عدم تنفيذ مضمونهما.
لقد اتخذت الأمم المتحدة (مجلس الأمن والجمعية العامة) عشرات القرارات في القضية الفلسطينية خصوصًا فيما يتعلّق بمدينة القدس، ومنها على سبيل المثال وليس الحصر قرارات مجلس الأمن الآتية:
– القرار 242 تاريخ 22/11/1967، يطلب إلى العدو الانسحاب إلى حدود الرابع من يونيو 1967.
– القرار 252 تاريخ 2/5/1968، يستنكر قيام العدو بعرض عسكري في القدس.
– القرار 253 تاريخ 21/5/1968، يطلب إلغاء الإجراءات التعسّفية في مدينة القدس.
– القرار 271 تاريخ 3/7/1969، يندد بمحاولة العدو إحراق المسجد الأقصى في القدس.
– القرار 476 تاريخ 30/6/1980، يعلن بطلان الإجراءات الصهيونية لتغيير طابع القدس.
– القرار 487 تاريخ 29/8/1980، عدم الاعتراف بالقانون الصهيوني بشأن القدس، أو إنشاء بعثات دبلوماسية في القدس.
– القرار 672 تاريخ 9/10/1990، يستنكر المجزرة التي وقعت في المسجد الأقصى.
– القرار 1072 تاريخ 30/9/1996، يطلب من العدو التوقّف عن فتح نفق بجوار المسجد الأقصى في القدس.
– القرار 646 تاريخ 10/11/1975، اعتبر الصهيونية شكلًا من أشكال العنصرية، لكن هذا القرار ألغي في 16/12/1991 تلبية لشرط وضعه العدو للقبول بمؤتمر مدريد.
– القرار 123/37 تاريخ 16/12/1982، وهو قرار طرد إسرائيل من الأمم المتحدة، والذي لم ينفّذ، وفيه تدعو الأمم المتحدة الدول إلى إقامة حصار سياسي ودبلوماسي وعسكري واقتصادي على كيان العدو باعتباره «دولة غير محبة للسلام»، وهو من القرارات الملزمة للجمعية العامة بسبب تكراره عشر سنوات من دون تغيير في النص. يضاف إلى ما سبق عشرات القرارات المتعلقة بحق تقرير المصير، واعتبار استمرار الاحتلال جريمة حرب، وحماية المقاتلين من أجل تحرير بلادهم، وإعلان سنة عالمية لمعالجة شؤون اللاجئين وغيرها.
و اعتبرت محكمة العدل الدولية جدار الفصل العنصري الذي أقامه كيان العدو على الأراضي الفلسطينية المحتلة في الضفة الغربية عملًا غير شرعي. وقد رفضته المحكمة بغالبية أربعة عشر صوتًا مقابل صوت واحد (القاضي الأميركي). وقد جاء في إحدى فقرات القرار «أنّ الإجراءات المتخذة من إسرائيل وهي القوة المحتلة، لتغيير الوضعية والتركيب الديموغرافي في شرقي القدس، هي باطلة ولاغية، وإسرائيل لا تملك الصلاحية القانونية لاتّخاذها، وذلك ضمن القدس وداخلها وحولها، بعيدًا من الخط الأخضر» .
وخلاصة القول إن القدس وبموجب المواثيق والقرارات والقواعد والمبادئ الدولية تبقى مدينة عربية محتلة يجب العمل على تحريرها قبل فوات الأوان .

to top