الحدث – القاهرة
لفت الرئيس المشترك للمجلس التنفيذي لمنظومة المجتمع الكردستاني جميل بايك، الانتباه إلى حالة التوازي بين القضيتين الكردية والفلسطينية، وقال بأنه إذا تم حل كلتا القضيتين، فسوف تُزال أرضية المؤامرة والعمليات العسكرية في الشرق الأوسط.
أوضح جميل بايك أن القضيتين الكردية والفلسطينية، هما أكبر قضيتين في الشرق الأوسط، وهما أيضاً أكبر ديناميكيات التحول الديمقراطي، وقال “إن حل هاتين القضيتين ممكنة من خلال منطق العقل والنهج الديمقراطي، ولذلك ستزال التعصب القومي والديني والتعصب القومي للدولة وجميع أنواع التعصب الذي هو مصدر المشاكل في الشرق الأوسط، والحل الدائم لهاتين القضيتين سيحقق في إيران والعراق وسوريا وتركيا وإسرائيل تحولاً ديمقراطياً، وإيجاد الحل لهاتين القضيتين مهمتان و كبيرتان للغاية، ومن ناحية أخرى، فإنها ستُزال أرضية المؤامرة والعمليات العسكرية في الشرق الأوسط، وحل إيجاد الحل للقضيتين الكردية والفلسطينية سيكون له تأثير إيجابي على العالم أجمع”.
وذكر جميل بايك أن الإبادة الجماعية تُرتكب في غزة، ودعا إسرائيل إلى وقف هذه الهجمات على الفور، وفي الوقت نفسه، دعا بايك الشعبين الكردي والفلسطيني إلى عدم مغادرة بلادهما مهما حدث.
وقيّم الرئيس المشترك للمجلس التنفيذي لمنظومة المجتمع الكردستاني (KCK) جميل بايك، هجوم الإسرائيلي على غزة، الذي بدأ بعد هجوم حماس على إسرائيل في 7 تشرين الأول، لوكالة فرات للأنباء (ANF).
أعلن الجيش الإسرائيلي الحرب رسمياً بعد 50 عاماً، وتتعرض مدينة غزة التي يبلغ عدد سكانها مليوني نسمة لقصف جوي كثيف، وهناك هجرة كبيرة ودخلت إسرائيل إلى وسط قطاع غزة، وخطة الإبادة الجماعية الإسرائيلية سارية في غزة، ويقال إن إخلاء غزة من سكانها وترحيل الفلسطينيين إلى صحراء سيناء أو بعض الدول الأخرى هو على جدول أعمال إسرائيل، كيف تقيمون سير الحرب؟
الحرب ضد الفلسطينيين ليست جديدة، لقد استمرت سياسات الحرب والإبادة الجماعية منذ عقود، وما يجري الآن هو جزء من هذه الإبادة أو استمرار لها، وقد يكون إعلان الحرب بغرض تنفيذ الخطة المعدة لها وتبرير التصرفات والحصول على دعم من الداخل والخارج، وبخلاف هذا، لا يوجد معنى آخر ومختلف لإعلان الحرب، قد يكون هذا منطقياً فقط بالنسبة للقوى المهيمنة مثل الولايات المتحدة الأمريكية، وحلف الناتو (NATO)، وكذلك بالنسبة لبعض الدول الإقليمية التي تسعى إلى القوى والسلطة، ولأن هذه القوى لديها صراعات، فإن لها مصالح في المنطقة ودولة إسرائيل هي أيضاً من بين هذه القوى المهيمنة، ولذلك فإن ما يتم القيام به وما يُراد القيام به لا يختلف عن هذا الوضع أبداً، ولا يمكن تقييم التغطية الحربية إلا في هذا السياق، وإلا فلا معنى له بالنسبة لفلسطين وللفلسطينيين، لقد ظل الشعب الفلسطيني يقاوم الاحتلال والقمع منذ عقود ويناضل من أجل الحرية والتحرر وهنا نستطيع أن نشبه نضال الشعب الفلسطيني بالنضال الشعب الكردي، إن نضال الشعب الفلسطيني مستمر منذ مائة عام ولم تنته هذه الحرب أبداً، وبالطبع هناك أحداث جديدة تحدث الآن وهذا وضع جديد وفي رأينا وبشكل عام ظهرت نتيجة من هذا النوع، ولا يمكن أن يستمر الأزمة لفترة طويلة وحل القضية مفروض من جميع الجهات ولا ينبغي تجاهل هذه الحقيقة، وهذه الحقيقة لا يمكن إزالتها بإعلان الحرب والتأكيد على المجازر، وحاليا لا تتصرف القوى الإقليمية والعالمية وخاصة دولة إسرائيل وفق هذه الحقيقة، ولذلك لم يتم حل القضية، إن قوى الحداثة الرأسمالية تزيد من تفاقم المشاكل وتجعل الحل صعباً والقضيتين الكردية والفلسطينية أصبحتا من المشاكل المتجذرة في الشرق الأوسط، إن الأهداف التقليدية لدولة إسرائيل واضحة، إسرائيل تريد القضاء على الفلسطينيين على أرض فلسطين التاريخية، وتأتي الهجمات الحالية على غزة في هذا السياق، ولم تتصرف دولة إسرائيل خارج نطاق هذه السياسة حتى الآن، لأن الذهنية الحالية لا تسمح بذلك، إن ذهنية الدولة التقليدية والألاعيب وتدخلات القوى المحلية والدولية يشكلون عقبات أمام التوجه الجديد وأمام حل المعضلة، وما يحدث في غزة هو نتيجة هذه الذهنية وهذا التدخل وهذه الألاعيب، ولو لم يكن الأمر كذلك لكان قد تم اتخاذ الخطوات اللازمة لحل المعضلة والنتائج الحالية لم تكن لتحدث، أن الشعب الفلسطيني لم يكن معادياً لليهود أبداً، لقد ناضل ضد ذهنية الدولة التي تقوم بالاحتلال والإبادة، ووجد خلاصه في هزيمة هذه الذهنية، وهناك بين شعب إسرائيل نهج ديمقراطي يرى الحقيقة، ويمكن القول أن هذا النهج أصبح قوياً جداً، وتجري منذ أشهر مظاهرات ضد إدارة نتنياهو وسياساتها، وإن الأنشطة التي يقوم بها الشعب الفلسطيني مهمة للغاية لحل القضية الفلسطينية، ومن المعروف أن موقف الشعب هذا لم يتغير، حيث تحاول دولة إسرائيل أو إدارة نتنياهو استخدام واستغلال ما قامت به حماس ضد المدنيين، والتي تسببت في الاحتجاجات ضد إدارته، لتغيير موقف شعبه، لكن رغم ذلك فإن الشعب لا يغير موقفه في خضم الحرب، الشعب يريد الحل الديمقراطي، وهذا الموقف مهم جداً، ومن ناحية أخرى، فإن هذه القضية العادلة للشعب الفلسطيني تحظى بدعم كافة الشعوب المضطهدة والاشتراكيين والقوى الديمقراطية والمحبة للحرية، وكل هذه العناصر تعزز النضال الديمقراطي للشعب الفلسطيني والحل الديمقراطي للقضية، لكن نهج الدول والقوى الخاضعة لنفوذها هو العكس، إنهم يفاقمون المشكلة ويجعلون الحل صعباً، لأنهم لا يتعاملون مع المشكلة بالمنهج الديمقراطي، بل على أساس المصالح السياسية والاقتصادية والمختلفة ويتدخلون فيها وهذا ينطبق تماماً مع النهج الأمريكي، والنهج الذي تتبعه الدول الأوروبية مماثل له، وفي المقام الأول تنتهج تركيا وإيران نفس الطريقة، وعلى وجه الخصوص، فإن النهج الذي تتبعها تركيا برغماتية للغاية، وهي تنتهج سياستها على أساس استمرار إبادة الشعب الكردي، والدول العربية تتخذ من حماية مصالحها نهجاً لها لأن الإدارات الحالية تسير سياساتها وفق مصالح الدولة، لذلك نجد بأن الدول بعيدة كل البعد عن المجتمع في الشرق الأوسط، إن مصالح الدول تعتمد بالكامل على معاداة المجتمعات، وهنا قام القائد آبو بتحليل الوضع في الشرق الأوسط بالتفصيل، لذلك لا تتمتع الدول العربية وغيرها من دول المنطقة بعقل ديمقراطي، وفي هذه الحالة، هل يمكنهم إظهار النهج الصحيح للقضية الفلسطينية، وإظهار العلاقة الصحيحة والإرادة لحل القضية الفلسطينية؟ بالطبع لا يستطيعون ذلك، وهذا لا ينطبق على الدول العربية فحسب، بل على جميع القوى والدول، من لا يملك عقلاً ديمقراطياً لا يمكنه أن يمثل قوة الحل.
وبطبيعة الحال، الوضع الحالي مؤلم ومحزن، تجري في غزة إبادة قاسية ومؤلمة للغاية. ونحن ننتقد وندين هذه بشدة. هم يقولون بوضوح: من المؤكد أن الشعب سيحاسب هذه الذهنية وهذه الدول التي ترتكب هذه الإبادة الجماعية، إننا ننتقد وندين بشدة تلك القوى التي تدعم سياسات الإبادة الجماعية التي تتبعُها دولة إسرائيل، ونعرب عن نفس الموقف للقوى التي تظهر موقفاً على أنها تساند الشعب الفلسطيني، إن نهج جميع القوى الإقليمية والعالمية المذكورة متشابه في جوهره، إنهم ليسوا أصدقاء لشعب إسرائيل ولا هم أصدقاء لشعب فلسطين، كل واحد منهم يتعامل مع القضية لتنفيذ سياساته وهذا النهج غير مقبول إطلاقاً، ويتوجب على الجميع أن يتبع النهج الصحيح حيال هذه القضية، ولا ينبغي لأحد أن يقف ضد القضية المشروعة للشعب الفلسطيني وللشعب الكردي وضد نضالهم المشروع، كما ولا ينبغي أن يدعموا سياسات الإبادة الجماعية، ويجب على دولة إسرائيل وإدارتها أن تغير على الفور نهجها الحالي وأن توقف الهجمات، والتخلي عن سياسات الحرب والإبادة الجماعية، السيناريوهات التي نتحدث عنها الآن خطيرة ولن يتم قبولها أبداً ولا يجوز تهجير أي شعب أو مجتمع من مكانه، هذه إبادة جماعية ولا يوجد سبب آخر لتبرير ذلك وهذا ما فُرض على الشعب الفلسطيني حتى الآن، لقد تم تهجير الشعب الفلسطيني وتم احتلال أراضيه ومصادرته، ولا يزال ملايين الفلسطينيين في المنفى والآن يفرض نفس الشيء على أهل غزة والأمر نفسه يُفرض على الشعب الكردي، وهذا ما تحاول دولة الاحتلال التركي فعله في روج آفا وهذا الوضع غير مقبول أبداً، ما نريده للشعب الكردي، نريده أيضاً للشعب الفلسطيني ومهما حدث فالشعب يجب أن يبقى على أراضيه.
تقوم التنظيمات الفلسطينية على اتخاذ مواقف مختلفة لكي تتواصل الحرب، فالصراع ما بين حركتي فتح وحماس وإدارة مزدوجة هي موضوع للنقاش حتى الآن، كيف يؤثر هذا الوضع على الصراعات القائمة ما بين التنظيمات الفلسطينية ونضال الشعب الفلسطيني؟ وهناك خصوصية هامة أيضاً للحرب القائمة ما بين حزب الله اللبناني وإسرائيل التي توصف على أنها “حرب مضبوطة”، وقد أدلى زعيم حزب الله نصر الله بشأن هجمات 7 تشرين الأول بهذا البيان: “لقد قررت حركة حماس هذا القرار بالكامل”، ولكن بعد شن إسرائيل الهجمات على قطاع غزة، فُتحت جبهة جديدة، ماذا يعني مشاركة حزب الله؟ وأي تأثير سيشكله على الحرب القائمة؟ هل هناك خطر من تحول حرب إسرائيل وحركة حماس إلى حرب إقليمية؟
هناك حرب إقليمية منذ فترة طويلة في الشرق الأوسط، فمنذ قرن من الزمن والمنطقة تعيش في حالة من الحرب، لأن المشاكل كثيرة، وكذلك متعلقة ببعضها البعض، ولا توجد مشكلة لا تخلق العواقب الإقليمية، وكل الأمور متشابكة مع بعضها البعض وتشكل التأثير على بعضها، فمنذ بداية القرن العشرين وحتى حلول منتصفه، وقعت حربين عالميتين كبيرتين، الحرب العالمية الأولى والثانية، وبعد هذين الحربين، قلّت الحرب في أوروبا، ولكن لم يكن الأمر كذلك في جميع أنحاء العالم، وعلى وجه الخصوص لم تنتهي الحروب أبداً في الشرق الأوسط، حيث استمرت حروب الدول فيما بينها وكذلك ضد الشعوب، حيث هناك حرب إبادة جماعية منذ قرن من الزمن في كل من كردستان وفلسطين، حيث يتم فرضها من قِبل الدول، كما أنه هناك مقاومة ونضال للشعب في مواجهة هذا الأمر، ولذلك، الأمر المهم ليس تقييم الحرب الإقليمية في الشرق الأوسط، ولكن الأمر المهم هو أن نقوم بالتقييم عن كيفية خروج الشرق الأوسط من هذا الأمر، ومن الناحية الأخرى، طالما استمرت القضايا الحالية، وطالما تم التعامل مع القضايا بالذهنية الحالية وطالما لم يتم التوصل لحل القضايا، فلن تنتهي الحرب، ولن ينجو الشرق الأوسط من الحرب الإقليمية، حيث أنه سيجر الأجزاء الأخرى المتبقية من العالم إليه.
ولم تزال التنظيمات الفلسطينية بنفسها لم تخلق بعد وحدة قوية فيما بينها، وهذا الأمر بالطبع يشكل تأثيراً من الناحية السلبية على نضال الشعب الفلسطيني، ولكن يجب على المرء أن يعلم ويفهم أنه لماذا وصلت الأمور إلى هذا الحال وكيف برزت على السطح، فالقضية ليست فقط جراء الصراعات ما بين حركتي حماس وفتح، بل إن الحركة الفلسطينية هي بشكل عام أصبحت ضعيفة ومنقسمة، وهناك انقسام ما بين حركة فتح والجماعات الأخرى، وهم في حالة من الضعف، ولم يحصل هذا الوضع فقط نتيجة ضغط الدول، بل حصل لأسباب إيديولوجية وسياسية وتاريخية، فالحركة الفلسطينية لا يمكنها أن تتغلب على الوضع الراهن إلا من خلال إدراك وحل هذه الأسباب، ولكي نفهم نحن أيضاً وضع الشعب الفلسطيني وحركته، ينبغي علينا أن نكون على دراية بهذا الأمر.
كما هو معروف، أنه مع تأسيس الدولة الإسرائيلية، وقعت العديد من الحروب ما بين الدول العربية وإسرائيل، حيث أن الدولة الإسرائيلية وبدعم من قوى الحداثة الرأسمالية لم تخسر في هذه الحروب وحافظت على وجودها، وانطلاقاً من أساس الذهنية والإيديولوجية التي تتخذها كأساس، نفذت سياسات الاحتلال والإبادة الجماعية في فلسطين، وكان القلق من انهيار الدولة الإسرائيلية حاضراً في مقاربات الدول العربية، حيث كان يُشاهد تحرير فلسطين في انهيار إسرائيل، وعندما لم يحصل هذا الأمر أيضاً، قطعوا علاقاتهم مع القضية الفلسطينية، فالضرر الأكبر على القضية الفلسطينية كان من خلال هذه المقاربة وسياسات الدول العربية، وكما هو معروف كيف تتعامل بعض الدول العربية مع النازحين الفلسطينيين، والآن أيضاً، ليس هناك مقاربة صحيحة وذو موقف للدول العربية، فعندما يتعاملون مع القضية بذهنية الدولة، لا يصبحون قوة للحل، وبعد أن فهم أن الدول العربية لن تكون قادرة على حل القضية الفلسطينية، حيث تعززت قوة الحركة الفلسطينية وأحرزت قضية الشعب الفلسطيني تقدماً، وبعد حرب الستة أيام، تطورت الحركة الفلسطينية وتعززت بناءً على الخط المستقل، حيث حصلت على دعم مهم من الشعوب في كل من الشرق الأوسط وجميع أرجاء العالم وأصبحت تتمتع بالنفوذ، وتمكنت من جعل الحل والاعتراف بالقضية الفلسطينية على جدول الأعمال، ولم تتمكن الدول من الاهتمام بقضية الشعب الفلسطيني، حيث أن الشعب الفلسطيني حظي باهتمام ودعم مهمين من شعوب العالم.
وهناك الكثير من الأسباب التي جعلت من الحركة الفلسطينية في اليوم الحالي ضعيفة ومنقسمة، ويجب عليها أن توضح السبب الأهم من هذه الأسباب، وإن الأساس في تعزيز الحركة الفلسطينية هو التأثير والمساهمة الإيديولوجية الاشتراكية بمثابة أمر حاسم، كما أن التقدم الذي حققته الحركة الفلسطينية في أعوام الستينات والسبعينيات متعلق بهذا الأمر، وبدون شك، لم تكن جميع الجماعات المقاومة لديها الإيديولوجية الاشتراكية، ولكن حتى الذين لم يكن لديهم إيديولوجية اشتراكية، كانوا تحت تأثير هذا الأمر وحتى أنهم كانوا يستندون على الأساس السياسي والاجتماعي، وكانت تجري انطلاقات وتطورات مماثلة في الدول الأخرى أيضاً من الشرق الأوسط، وكانت إحداها كردستان، وبالطبع، إن هذه التطورات التي ظهرت في العالم وعلى وجه الخصوص في الشرق الأوسط، كانت تشكل خطراً على مصالح الحداثة الرأسمالية، وبدورها، لجأت الولايات المتحدة الأمريكية من أجل منع التطور الاشتراكي، إلى دعم المجموعات التي تتبنى الأيديولوجية الدينية وإنشاء مثل هذه المجموعات، ونتيجة لذلك الأمر، ظهرت الجماعات الإسلامية المتطرفة في الشرق الأوسط، وقامت من خلال هؤلاء سد الطريق على التطور الاشتراكي، وبعد تفكك الاتحاد السوفيتي وفقدانها لنفوذها الإيديولوجي الاشتراكي التقليدي، فقد اكتملت المهمة الموكلة لهذه الجماعات الدينية المتطرفة، وكانت هذه السياسة التي طوّرتها الولايات المتحدة الأمريكية، يتم تنفيذها من قِبل حلف الناتو، وكان يُقال لهذا الأمر “مشروع الحزام الأخضر”، وعلى سبيل المثال، عملوا على انضمام تركيا إلى حلف الناتو ومن ثم شكلوا جماعات الطرق الصوفية والدينية ضد الحركة الشعبية الديمقراطية النامية وجعلوا من كل جماعة ككونترا، وكان هذا الأمر يرتبط بهذا الهدف وهذه السياسة، فاليوم، إن الكوادر الذين يديرون تركيا، قد تلقوا التدريبات في جمعيات الولايات المتحدة وحلف الناتو، ولذلك، فإن الخطابات المناهضة للولايات المتحدة وإسرائيل والناتو ليس أكثر من مجرد خطابات فحسب، والغرض من ذلك هو جعل مطالب الولايات المتحدة وإسرائيل وحلف الناتو محل قبول بشكل أكبر والحصول على المزيد من الدعم منهم.
ومثل العديد من التنظيمات الدينية، ظهرت حماس كنتيجة لهذه السياسة، حيث أُفسح المجال أمام حركة حماس لتقسيم وإضعاف الحركة الفلسطينية، بتشجيع ودعم من الولايات المتحدة وإسرائيل نفسيهما بشكل مباشر، وكان الهدف من هذا الأمر هو إضعاف الحركة الفلسطينية وكذلك تغيير مسار القضية الفلسطينية، حيث تم تطوير الإيديولوجية الدينية، وإخراج نضال الشعب الفلسطيني المناهض للاحتلال والإبادة الجماعية عن مساره، حيث تحول نضال التحرر والحرية إلى حرب دينية، كما أن الدولة الإسرائيلية هي بالأصل لديها ذهنية دينية، وفي مواجهة ذلك الأمر، تم إيجاد حركة حماس التي لديها ذهنية دينية، وبهذه الطريقة تم إخراج القضية المحقة للشعب الفلسطيني عن مسارها، والآن هي حرب الأديان وحرب أرمجدون (معركة اليوم الأعظم للرب) وما شابه، حيث يجري إيضاح الأمور، فهذه أكاذيب ومغالطات وأمور خارجة عن مسارها، فقد ضرب رئيس الوزراء الإسرائيلي أمثلة على الأحداث التي وردت في التوراة، وقبل ذلك بوقت قصير، صرح الرئيس الإيراني في اجتماع الأمم المتحدة بأن المهدي الآن يعيش على وجه على الأرض، وهذا الأمر يعبر عن مستوى التحريف.
ويكمن خلف هذه الخطابات والمقاربات حرب المصالح للدول المعنية، وللأسف، بعد صعود حماس إلى الواجهة وإضعاف القضية الفلسطينية، فقدت الحركة الفلسطينية استقلاليتها، ففي الوضع الحالي، الديناميكيات الخارجية هي التي لها الثقل والاتجاه، وليست الحركة الفلسطينية.
والوضع الآخر الذي يضعف الحركة الفلسطينية، هو الاعتقاد بأن القضية لا يمكن حلها إلا من خلال الدبلوماسية، فالحركة بدلاً من أن تعتمد على النضال المشترك والوحدة الديمقراطية للشعبين الفلسطيني والإسرائيلي، تعمل على اتخاذ الدبلوماسية مع الدولة كأساس لها، وهذا الأمر خطأ تاريخي، حيث أن هذه المقاربة الخاطئة كانت السبب في حدوث تضحيات قاسية، فلو كان قد تم اتخاذ النضال والتحالف الديمقراطي للشعبين الإسرائيلي والفلسطيني كأساس، لكان قد تم التوصل للحل في القضية الفلسطينية، ولكان قد تحقق ترسيخ الديمقراطية في إسرائيل، ولكن لم يتم القيام بذلك، فمع محادثات أوسلو جرى تهدئة الحركة الفلسطينية، وتسبب هذا الأمر في تعميق الاحتلال والإبادة الجماعية بشكل أكبر، فمثلما تم فرض الأشياء على الحركة الفلسطينية، فُرضت أيضاً على الشعب الكردي والحركة التحررية الكردية، حيث أن الدولة التركية عملت على تطوير الطرق الصوفية وتنظيمات الكونترا تحت مسمى الجهاز السري لمخابرات الجندرمة (JÎTEM) ومرتزقة حراس القرى لسد الطريق على النضال التحرري، وكان حزب الله واحداً من بين هذه التنظيمات، فاليوم أيضاً، تقوم الدولة على دعم هذا التنظيم وتحاول من خلالهم تعزيز سطوتها في كردستان، حيث أن خطابات وزير الداخلية السابق بشأن هذا الموضوع تكشف جوهر هذا الأمر.
ومن ناحية أخرى، كما حدث مع الحركة الفلسطينية، كان المطلوب أن يتم استسلام الحركة التحررية الكردية تحت مسمى اللقاءات والحوار، إلا أن القائد أوجلان حال دون ذلك من خلال تطوير حل الأمة الديمقراطية وتطوير النضال في العصر الجديد على أساس التحالف الديمقراطي والنضال المشترك للشعوب، وبهذه الطريقة، استمر تطوير نضال الحرية والديمقراطية، وبهذا الأمر تم الحفاظ على أمل الحرية في كردستان والشرق الأوسط، ونتيجة لذلك، تم اتخاذ خطوات مهمة في كل من تركيا وسوريا، فقد تحول التحالف الديمقراطي في تركيا الذي أوجده الشعب الكردي والقوى الديمقراطية إلى خندق مهم، وحصلت ثورة روج آفا، حيث قام الكرد والعرب ببناء علاقة جديدة على الأساس الديمقراطي، كما كانت هناك خطوات مهمة للغاية على المستوى الأخير في شرق كردستان وإيران.
لنأتي إلى سؤالكم المطروح، باعتبار أن القضايا متشابكة في الشرق الأوسط والعديد من القوى الإقليمية والدولية منخرطة في هذه الحرب، فإن الحرب التي تُوصف على أنها حرب بين إسرائيل وحركة حماس قد تحولت إلى حرب إقليمية، كما أن وضع حزب الله اللبناني ومشاركته في القضية يندرج أيضاً في هذا الإطار، فالنفوذ الإيراني معروف على حزب الله اللبناني وعلى العديد من القوى الأخرى، وهذه ليست بأمور سرية، كما أن نفوذها معروفة على حركة حماس، ولذلك، فإذا ما تصرف حزب الله و القوى الأخرى بالطريقة التي ذكرتموها، فلن تنقطع عن إيران، كما أن هناك علاقات للدولة التركية مع حركة حماس، حيث أن السلطة الحاكمة لحزب العدالة والتنمية والحركة القومية تحاول منذ فترة طويلة استغلال حركة حماس والقضية الفلسطينية، فالدولة الأكثر استغلالاً واستثماراً للقضية الفلسطينية هي تركيا، كما أن هناك نفوذ للولايات المتحدة والقوى الأخرى للحداثة الرأسمالية على إسرائيل، حيث أن جميع هذه القوى تستغل قضية إسرائيل وفلسطين على أساس مصالحها الخاصة، ومن هذا الجانب، هناك احتمال وخطر من أن تصبح هذه الحرب حرب إقليمية، كما أن الأمور التي تحصل بالأصل، هي في إطار الحرب العالمية الثالثة، كما أنه هناك صراع على القوة بين قوى الحداثة الرأسمالية، حيث هناك صراع على امتلاك موارد الطاقة وخطوط الطاقة وطرق التجارة والمياه والأرض وما شابه، ولا يترددون في استخدام جميع أنواع القضايا والمشاكل لإضعاف بعضهم البعض.
يُقال إن الولايات المتحدة تحاول “كبح جماح” إسرائيل، ماذا تريد الولايات المتحدة أن تفعل، وما الذي تسعى إليه القوى المهيمنة في هذه الحرب؟ تُرى، هل يتم تحديث مشروع الشرق الأوسط الكبير؟
في هذا الصدد، نريد أن نقول هذا الأمر على الوجه الخصوص، بدايةً، لا ينبغي أن يكون النهج الذي تتبعه جميع القوى، وخاصة الولايات المتحدة هو تأجيج الحرب، وأي توجه يؤدي إلى الحرب سيؤدي إلى تفاقم المشكلة وعرقلة الحل، وإذا أرادوا بذل جهد ما، فيجب أن يكون لإنهاء الحرب وجلب حلٍّ للمشكلة، وهذا يتحقق من خلال إظهار الإرادة السياسية والديمقراطية، وبأساليب ديمقراطية. أولئك الذين يتحركون ضد بعضهم البعض أو يتخذون المواقف من أجل حماية المصالح العالمية والإقليمية، لا يخدمون هذا الأمر، وترتكب إبادة جماعية بحق الشعب الفلسطيني، وهذا ما يجري في غزة. يجب أن تنتهي هذه الممارسات، ويجب أن يتوقف احتلال أراضي فلسطين، يمكن إيجاد الحل من خلال هذا الأمر، وينبغي بذل الجهود لضمان ذلك، وعلى هذا الأساس يمكن تطوير الحل، ولا يمكن تحقيق أمن إسرائيل الذي يتم التحدث عنه كثيراً إلا من خلال هذا الأمر، وبالطبع نحن نعلم ونرى أن قوى الحداثة الرأسمالية، وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية، لا يتعاملون بهذه الطريقة، ليس لديهم نهج ديمقراطي لحل المشكلة، بل يتصرفون وفقاً للمصالح السياسية والاقتصادية، وهذا يعمق الأزمة والمشكلة، والولايات المتحدة هي القوة المهيمنة للحداثة الرأسمالية.
وهذا هو الجانب الأهم من الحرب العالمية الثالثة، وبسبب هذه الخاصية، لا يمكن للولايات المتحدة أن تكون جزءاً من الحل الديمقراطي للمشاكل وأن تسعى إلى ذلك، هناك حديث عن كبح جماح إسرائيل، لكن سياسة الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي (الناتو) والقوى الرأسمالية العالمية الأخرى هي التي أوصلت إسرائيل إلى هذا المستوى ومهدت الطريق لتنفيذ سياسات الاحتلال والإبادة الجماعية لسنوات عديدة، ولذلك يجب أن يُغلق المجال أمام الولايات المتحدة الأمريكية التي تُعد القوة الرئيسية لهذه المشكلة، إذا تم وضع حدود لنظام الحداثة الرأسمالية الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية وتم منع السياسات المتعلقة بالمصالح العالمية للحداثة الرأسمالية، فإن دولة إسرائيل سيتم وضع حدود لها أيضاً، وآنذاك، هل ستتمكن الولايات المتحدة أو الإدارات الأمريكية أن يفعلوا شيئاً من هذا القبيل؟ لا داعي للتعليق على هذا، لأنهم لم يفعلوا ذلك، وهذا واضح، فجميع دول وقوى الحداثة الرأسمالية لا يمتلكون عقلية ومفهوم حل المشاكل، وإذا كان المطلوب اتخاذ خطوات ضد الدول أو نظام الحداثة الرأسمالية، فيمكن أن يتم ذلك من خلال تطوير النضال الاجتماعي، وإذا أظهر المجتمع اعتراضاً صارماً، فقد تضطر الولايات المتحدة وغيرها من قوى الحداثة الرأسمالية إلى اتخاذ بعض الخطوات.
ولذلك فإن الحل هو النضال الاجتماعي، ومن الواضح أن الولايات المتحدة وجميع القوى الأخرى، بما في ذلك دول الشرق الأوسط، تحركت ضمن سياق الحرب العالمية الثالثة، الحرب العالمية الثالثة هي حرب مستمرة بين قوى الحداثة الرأسمالية، وهي حرب من أجل أن تصبح القوة المهيمنة على المستوى الإقليمي والعالمي لتمتلك حقول وخطوط الطاقة وطرق التجارة والجغرافيا السياسية الاستراتيجية، وفي الوقت نفسه، تكشف هذه الحرب الأزمة المتفاقمة لنظام الحداثة الرأسمالية، وتحاول قوى الحداثة الرأسمالية الحفاظ على وجودها في الحرب العالمية، ولهذا، وعلى الرغم من أن هذه الحرب هي حرب على السُلطة بين الدول وهي من أجل امتلاك الموارد المادية، إلا أنها في الأساس حرب تشن ضد المجتمعات والشعوب، وإذا ما لاحظتم، فإن ضحايا هذه الحرب هم المجتمعات والشعوب، والحرب الدائرة في غزة هي خير مثال على ذلك، وتستخدم الولايات المتحدة وتركيا وإيران وقوى حلف الناتو والعديد من الدول الأخرى قضية الشعب الفلسطيني لتحقيق مصالحهم الخاصة، وهذا يشمل دولة إسرائيل وقادتها كذلك، ودولة إسرائيل هي جزء من الحداثة الرأسمالية أيضاً، وهي تحاول تأمين مصالح النظام من خلال الضغط والتخويف والمؤامرات التي تروجها على شعب إسرائيل، ومن الواضح أنه لا يمكن ضمان الحياة الحرة والآمنة للشعب اليهودي بهذه الأساليب والسياسات. كيف يمكن للشعب اليهودي أن يكون حراً ويعيش في أمان بينما يُباد الفلسطينيون ويتم احتلال فلسطين وضمها؟ فهل ستقوم الدولة اليهودية على هذا الأساس؟ من الواضح أن هذا غير ممكن. وهذا يعني أن دولة إسرائيل وإداراتها لا تتصرف إزاء المخاوف التي كثيراً ما تتحدث عنها، واليوم، نؤمن أن هذه الحقيقة يفهمها شعب إسرائيل أيضاً ونرى إن هذا أمرٌ مهم.
الشرق الأوسط مركز مهم، فلا يمكن لنظام أو سُلطة لا تعتمد على الشرق الأوسط أن تبقى أو أن يكون لها موقع مهيمن، وهذه الحقيقة لم تتغير لا في التاريخ ولا في يومنا الحالي أيضاً، كما يقول البعض، فإن أهمية الشرق الأوسط لا تقل أبداً، بل على العكس من ذلك، تزايدت أهمية المناطق المركزية في مجال نظام الحداثة الرأسمالية، التي وصلت إلى مرحلة المجتمع الاستهلاكي. لن يكون من الخطأ القول إنه لم تبقى أي منطقة جغرافية غير مهمة اليوم، والشرق الأوسط منطقة جيوسياسية مهمة ولديها موارد طاقة ضخمة وتتقطع عندها خطوط الطاقة وطرق التجارة، كما أنها تتمتع بثقافة اجتماعية قوية، ومكان بهذه الخصائص مهم بكل تأكيد، والآن أيضاً، وبصرف النظر عن الولايات المتحدة، تزايدت مصالح وعلاقات بعض القوى مثل روسيا والصين وحتى الهند في المنطقة، وتحاول إيران وتركيا أن تصبحا قوتين مؤثرتين في المنطقة من خلال علاقاتهما مع القوى العالمية، والمملكة السعودية والدول المشابهة لها أيضاً لديهم مثل هذا الادعاء وهذا النهج، كما إن إيران أسست مجموعات تابعة لها في منطقة واسعة، وتحاول زيادة تأثيرها على المنطقة، كما إنها تمنع مشاكلها مع الولايات المتحدة من أن تؤثر وتنعكس على الداخل.
وقامت بتأسيس مثل هذا النظام الذي أدى إلى خوض حربها في الخارج، وتحاول تركيا أيضاً أن تصبح قوة في المنطقة من خلال إبادة الشعب الكردي، ويمكنها أن تٌجري أي نوع من العلاقات بشرط أن تتلقى الدعم فيما يتعلق بالإبادة الجماعية للشعب الكردي، وبطبيعة الحال، تتمتع الولايات المتحدة بنفوذ مهم في الشرق الأوسط والعالم أجمع، لقد أرادت الولايات المتحدة منذ فترة طويلة تصميم الشرق الأوسط في إطار مصالحها، وهي الآن تتصرف بهذه النية، ومن ناحية أخرى، هناك صراع وتنافس بين الولايات المتحدة والصين، يُنظر إلى الصراع والمنافسة المستمرة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ على أنها امتدت إلى مناطق أخرى من العالم، ويمكن القول إن هذا يحدث في الشرق الأوسط أيضاً، وفي الآونة الأخيرة، ازدادت علاقات الصين مع المنطقة، واتخذت بعض الخطوات الاستراتيجية، وكان أهمها جهودهم للجمع بين إيران والسعودية اللتين بينهما صراعات تاريخية، وتحسين العلاقات بين الدولتين، وذكرت الصين أنها أيضاً تريد التعامل مع القضية الفلسطينية.
وفي الوقت الذي أصبح فيه كل شيء في الشرق الأوسط مترابطاً ويؤثر على بعضه البعض، ما هي الأحداث التي بدأت مع هجمات حماس في 7 تشرين الأول 2023 وهجمات الدولة الإسرائيلية التي تعمقت أكثر على غزة، ويقال إنها ستتسبب في حرب إقليمية، فهل يمكن أن يكون الوضع مختلفاً عن هذا؟ بالتأكيد لا. والقول بأن ذلك ممكن يعني عدم فهم أي شيء عن واقع الشرق الأوسط، وفي قمة مجموعة العشرين التي انعقدت مؤخراً في الهند، تم اتخاذ قرارات تقضي بعدم تنفيذ نظام الطاقة والتجارة والطرق التي ترغب الصين في تطويرها، وبصرف النظر عن الصين، إيران وتركيا وروسيا وقوى أخرى، ومن المعروف أنهم مستاؤون من هذه القرارات ومن مشروع الطاقة والتجارة الجديد الذي تم تنفيذه، وكل قوى الحداثة الرأسمالية هذه، التي تنظر إلى العالم والحياة من هذا المنظور وتتصرف وفقاً للرغبات المادية والسلطة، سوف تفعل كل شيء وتستخدمه لمصالحها الخاصة، وهذه القوى تضحي بقضية الشعب الفلسطيني وعلاقة القوة والتنافس فيما بينهم، هذا أمر واضح جداً، ويتعاملون مع الكرد في هذا السياق أيضاً، والأمر المهم هو أن ندرك ذلك ونواصل نضالنا من أجل الحرية والديمقراطية على أساس قوة الشعوب ووحدتها.
مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والعراق ودول الخليج… هناك حركة دبلوماسية تشارك فيها جميع دول المنطقة، وهناك مطالبات بـ “وقف إطلاق النار” في الدول العربية، إذن، ما هو نهج الدول العربية تجاه القضية الفلسطينية؟ وما هو تأثير هذا النهج على الشعب والنضال الفلسطيني؟
تحاول دولة إسرائيل منذ فترة طويلة تحقيق هدف الأيديولوجية الصهيونية، وبناء على هذا، يجب إخلاء المنطقة الجغرافية التي تم تحديدها على أنها الأراضي اليهودية من الشعوب والمجتمعات الأخرى، وأن تكون مكاناً لليهود، وهذا يعني أيضاً احتلال فلسطين، والإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني، وهو مصدر كل المشاكل، وأصبحت هذه الفكرة السياسة الرسمية للدولة والحكومات الإسرائيلية، وبشكل عام، أجبر اعتراض الشعب العربي وضغوطه، وكذلك نضال بعض الدول العربية، وخاصة المقاومة والنضال المنظم للشعب الفلسطيني، دولة إسرائيل على طرح بعض الحلول على جدول أعمالها بين الحين والآخر، لكن رغم ذلك لم تتغير هذه السياسة والفكرة، وهذه هي سياسة إسرائيل وهدفها الآن، ومن ناحية أخرى، حظيت هذه الأيديولوجية وهذه السياسة بدعم الحداثة الرأسمالية، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية، ولذلك، فإن سياسة دولة إسرائيل وعقليتها ليستا فقط نتيجة للديناميكيات الداخلية، لقد منحت الحداثة الرأسمالية إسرائيل دوراً في الشرق الأوسط، وتريد من إسرائيل أن تقوم بهذا الدور، ونحن نعلم أن البعض لا يفكرون بهذه الطريقة، بل على العكس يقولون إن إسرائيل أعطت دوراً للآخرين، لكن الحقيقة ليست هكذا، فقد أُجبرت دولة إسرائيل على اتباع السياسة والأيديولوجية الصهيونية، ويمكن تغيير ذلك من خلال نضال وتغيير اجتماعي داخلي، وليس من الخطأ القول إن مثل هذا الوعي وهذه الحركة تتطوران في المجتمع الإسرائيلي، وينبغي النظر إلى هذا الأمر كتطور حقيقي وإيجابي، لأنه يمكن لمثل هذه التطورات أن تغير إسرائيل وتحل المشكلة الفلسطينية وتنهي الصراع العربي – اليهودي، ولذلك ينبغي اعتبار ذلك أمراً مهماً وينبغي بذل الجهود من أجل تحقيقها، وبدون ذلك، لا يمكن إبعاد إسرائيل، التي تتلقى الدعم من الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي (الناتو) وقوى الحداثة الرأسمالية الأخرى، عن سياسة الإبادة الجماعية والاحتلال، ومن ناحية أخرى فإن هذا الوضع يجعل نقيضه مشابهاً له، والذين يعارضون إسرائيل وسياساتها يرون أن هناك حاجة بالولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي من أجل النضال ضد مثل هذه الدولة الإسرائيلية، وهذا يؤدي أيضاً إلى إقامة علاقات مع القوى التي لديها بعض الصراعات مع الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي، لكنهم من الناحية الجوهرية يشبهون الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي ويسعون إلى تحقيق مصالح إقليمية وعالمية، وحسب قراءتنا، فإن هذه هي إحدى النقاط العمياء، وللأسف هذا هو الوضع الذي وصلت إليه التنظيمات الفلسطينية، إما إنهم يمتلكون علاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية وحلف شمال الأطلسي (الناتو) أو علاقات مع القوى التي لديهم صراعات مع الولايات المتحدة والناتو.
فلنتحدث عن الدول العربية، يقول المرء أن بعض الدول العربية سيكون أكثر صحة، لأن نهج الشعوب والدول مختلف عن بعضها. أثناء قيام دولة إسرائيل، كانت هناك بعض الدول العربية التي كانت تحكمها الممالك، والجميع يعلم كيف تأسست هذه الدول، أنشأت إنكلترا هذه الممالك وكانت ترتبط بها، كما تم تأسيس إسرائيل بإذن من إنكلترا أيضاً، ولم تتمكن هذه الممالك التي انقطعت عن الشعب من إيقاف دولة إسرائيل التي منحتها الحداثة الرأسمالية دوراً استراتيجياً، وبعد العملية التي تعززت فيها القومية العربية وتغيرت الأنظمة وفق هذه الأيديولوجية، لم يتغير هذا الوضع. وانخفض اهتمام الدول العربية بالقضية الفلسطينية منذ سبعينيات القرن الماضي، وكانت هناك أزمات عميقة فيما بينها، واستغلت إسرائيل والقوى الخارجية هذه الأزمات، وأقامت العديد من الدول العربية علاقات مع إسرائيل بعد هذا الوقت حتى وإن لم تكن على المستوى الرسمي، وكان الدعم للحركة الفلسطينية محدوداً أيضاً. وكانت مصالح وتوازنات الدول في المقدمة، والآن تلوح نفس المخاوف ذاتها في الأفق، وبالمقارنة بالماضي، فإن مصالح الدول وتوازناتها أصبحت في المقدمة أكثر، وقبل بدء الأحداث المذكورة، كانت هناك حوارات رسمية بين العديد من الدول العربية وإسرائيل، وتم عقد اتفاق بينهم يسمى اتفاق “إبراهام – إبراهيمي”، ويقال إن هذه العملية توقفت بسبب هذا الوضع، لكن حتى الآن لم تبد أي دولة عربية من جانب هذه العملية موقفاً يؤكد ذلك، وبلا شك، ينظر إلى هذا أيضاً؛ إن الاتفاق بين الدول العربية وإسرائيل بعيد كل البعد عن حل المشكلة الفلسطينية، ليس من السهل أن تنتصر اتفاقية بعيدة عن حل المشكلة الفلسطينية، والآن، قسم مهم جداً من الدول العربية لديها علاقات مع الولايات المتحدة، فمن ناحية، هم مرتبطون بالولايات المتحدة وإسرائيل، وهم موجودون بحسب التوازن الذي أقامته الولايات المتحدة في الشرق الأوسط ويمارسون السياسة وفقاً لذلك، وفي الوضع الحالي، أنظار الجميع تتجه نحو الولايات المتحدة، فلا الجامعة العربية ولا منظمة الوحدة الإسلامية ولا أي منظمة تستطيع أن تفعل أي شيء دون الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي (الناتو)، والدعوات لـ “وقف إطلاق النار” والاعتراضات الشفهية المزعومة بعيدة كل البعد عن الحقيقة، إنهم يفعلون ذلك لتهدئة استياء الشعب العربي، والقوة التي تقود العملية هي الولايات المتحدة، وللولايات المتحدة أيضاً حسابات وخطط عالمية وإقليمية، وهي تتصرف وفقاً لذلك، بلا شك، يمكن لمعارضة وضغط اجتماعي جاد أن يتخذ بعض الخطوات مع الولايات المتحدة وإسرائيل والدول العربية، ويمكنها إحداث تغييرات في الخطة. ودون هذا الأمر، فإن الذي سيتم تنفيذه ستكون خطة الولايات المتحدة الأمريكية.
إن لم يكن بشكل رسمي، يُقال إن إيران وتركيا منخرطان عملياً في هذه الحرب، ما هو النهج المتبع لكلتا الدولتين تجاه القضية الفلسطينية؟ وكيف تؤثر القضية الفلسطينية على العلاقات بين هذين البلدين؟ وهل سيؤثر هذا الوضع على مواقعهما أيضاً في كل من سوريا والعراق؟ وكيف ستؤثر الحرب القائمة على القضية الكردية؟
إن إيران وتركيا دولتان تحاولان تكثيف نفوذهما في المنطقة، وحتى لو كانت مصالحهما مختلفة، إلا أن هاتين الدولتين تتقاطعان في هذا الهدف، وهذا ما يؤدي إلى أن يصبحان متنافسين لبعضهما البعض، وكذلك يجعلهما أيضاً في حالة من الترقب لبعضهما البعض، وبدون شك، في نهاية المطاف، يحاول كل طرف تقليل نفوذ الآخر قدر الإمكان، وإذا أمكن، وضعها تحت سيادته، أو يطمح إلى تحقيق ذلك، وهذا الأمر بحد ذاته سمة من السمات الأساسية للدول، ولكن لا يحدث هذا الأمر دائماً، حيث يحاولان تحقيق التوازن أو التفوق على بعضهما البعض من خلال العلاقات القائمة مع القوى الأخرى، ونادراً ما يحدث ابتلاع وتدمير الواحد للآخر، وحتى لو حدث ذلك، فقد يكون نتيجة لخطة وسياسة على المدى الطويل، وبالإضافة إلى ذلك، لديهما تناقضات وصراعات وعلاقات مع بعضهما البعض، ولا يمكن لأحد أن يتجاهل الآخر ما لم يحقق أحدهما التفوق المطلق على الآخر، حيث هناك علاقة جدلية من هذا النوع ما بين إيران وتركيا، وهناك صراع بينهما لكي يصبحا قوة إقليمية، كما أنهما على علاقات مع بعضهما البعض، وبما أن أحدهما لا يستطيع تحقيق التفوق الكامل على الآخر، فإنهما يتبعان سياسة متوازنة.
وإن إيران ليست بقوة خارج النظام، فهي أيضاً جزء لا يتجزأ من نظام الحداثة الرأسمالية وجانب من الصراع على القوة داخل النظام، ولذلك، هي قوة فاعلة في الحرب العالمية الثالثة، وإذا ما تم تصنيفها، فهي تحتل مكانتها في الجبهة الروسية-الصينية وتنفذ السياسة في الحرب والصراع القائمين ما بين الولايات المتحدة الأمريكية-أوروبا وروسيا-الصين، وتحاول من خلال احتلال مكانتها في هذه الجبهة تقييد تأثير الضغوط السياسية والاقتصادية للولايات المتحدة الأمريكية عليها، ومن ناحية أخرى، شكلت إيران جبهة في المنطقة، حيث تُوصف على أنها مثل الهلال الشيعي، وقد انضمت بعض القوى إلى هذه الجبهة في كل من العراق وسوريا ولبنان واليمن وبعض الأماكن الأخرى، وهذه القوى هي في الوقت نفسه هم المتحكمون بالدول المذكورة، ولكن يمكن الحديث أيضاً عن حالة من التخبط لهذه الدول، وهم إما في حالة حرب أهلية أو مشتتين أو منقسمين، وباعتبار أنهم في حالة من القبيل، فقد قامت إيران بجذبهم نحوها، أو جعلت المقربين منها مؤثرين على الدولة، ومع ذلك، فهذه القوى هي قوى مهمة، وكما هو معروف أن إيران تعتمد على هذه القوى، وتمارس السياسة على هذا النحو في المنطقة وتستمد القوة منهم، وتحاول من خلال هذه القوى في المنطقة الوقوف ضد سياسة الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل المناهضة لها، كما أنها تحصل من هذا الأمر على بعض النتائج المرجوة، ولكن على الرغم ذلك، لم تخلق إيران البيئة التي يمكنها التغلب على الخطر وفرض سياستها في المنطقة، وكما هو الحال مع الدولة الإسرائيلية، فإن الدولة الإيرانية ترى أن وجودها في خطر.
وكما هو الحال في كل الأمور، فإن تعاملها مع القضية الفلسطينية يقع ضمن هذا الإطار، حيث أن إيران معنية بالدرجة الأولى بالحفاظ على وجودها كدولة، وعندما تشعر بهذا القلق كثيراً، فإنها تولي اهتماماً كبيراً للخطوات التي من شأنها أن تزيد من الخطر، وفي الأساس، تطمح الدولة الإيرانية لأن تكون مقبولة في المنطقة بوضعها وسياستها، وتستخدم العلاقات والتحالفات في المنطقة من أجل هذا الأمر، حيث أن علاقاتها مع حركة حماس تندرج في هذا الإطار، وبما أن حماس ليس لها جوهر وخط ديمقراطي، فهي بحاجة إلى قوى مثل إيران وتركيا لخوض النضال ضد إسرائيل، لتكون فعالة أو للحفاظ على وجودها، وحتى لو كانت لديها علاقات مع قوى مختلفة، إلا أنها تحاول أن تكون فعالة بشكل رئيسي من خلال العلاقات التي طورتها مع تركيا وإيران، وهذا يجعل حماس جزءاً من الصراع على القوة والمنافسة والمصالح الإقليمية، وبدون شك، إن هذا الأمر يلحق الضرر بالقضية الفلسطينية، ومع تحول القضية الفلسطينية إلى جزء من التناقضات الإقليمية، يضعف خط النضال الديمقراطي ويبتعد عن الحل، في حين أن التطور يتم من خلال خط النضال الديمقراطي وتعزيزه، وقد تطورت الحركة الفلسطينية وازدادت قوة بعد حرب الأيام الستة، عندما تيقنت أن الدول العربية لم تعد قوة للحل، وقد ازداد نضال الشعب الفلسطيني قوة من خلال هذا الأمر، ولكنها فقدت الآن هذا الموقف الديمقراطي والمستقل، فقد تراجعت أكثر من الأوقات الماضية، وبدون شك، هذا لا يعني أنه لا ينبغي للحركة الفلسطينية أن تقيم علاقات مع الدول، وألا تستمد الدعم من الدول، والشيء المهم هو أن نضالها ومقاومتها يعتمد على الشعب ويتخذها كأساس، وما لم تتخذ من هذا الأمر كأساس، فإن أي دعم لن يصب في خدمة النضال، كما أن الدعم الذي تقدمه الدول تكون وفقاً لسياستها، فإن كل من إيران وتركيا أيضاً وجميع الدول العربية تنفذ السياسة وفقاً لمصالحها الخاصة، ولا تقيم أي دولة من بين هذه الدول علاقات استراتيجية مع الشعوب المضطهدة، وكما يلاحظ، لم تخطو أي دولة، بما في ذلك إيران، أي خطوة ملموسة، وتستخدم إيران الحلقات التي شكلتها في الخارج وفق سياستها الخاصة، وبعد أن توضحت خطة إسرائيل على قطاع غزة، قامت إيران بتحريك حزب الله والآخرين، وكانت العديد من القوى تتوقع أن تتحرك بنفسها، ولكن لم يحصل ذلك، لأنه لا إيران ولا غيرها في وضع يسمح لها بالمخاطرة باتخاذ موقف من شأنه أن يخل بالتوازن، ومما لا شك فيه، أن القضايا القائمة في الشرق الأوسط هي قضايا عميقة ولديها تلك القدرة على زعزعة التوازنات وتغييرها، وأن أحد العوامل التي بإمكانها أن تؤدي إلى ذلك هو بدون شك القضية الإسرائيلية-الفلسطينية وحربهما.
إن التقاربات التركية نحو الأحداث في المنطقة على الأساس الاستفادة، لا يتصرف نظام الدولة التركية ببراغماتية إضافية بسبب طبيعتها البعيدة عن الديمقراطية، أي أن المجتمع لا يؤثر على الدولة، وتقول عما يحصل اليوم خطأ، يمكن أن تقول في الغد أنه صحيح، يمكن ان تحتضن من تقول عنها أعداء في الغد، بالطبع، تستخدم الدولة التركية وضعها الجيوسياسي وتتبع سياسة بهذه الطريقة، إذا لم يكن هذا لا يمكن الاستمرار في هذه الطريقة للمتابعة، تفعل الدولة التركية كل هذا في سبيل سياسة الإبادة الجماعية للكرد، السياسة الرئيسية للدولة التركية هي سياسة إبادة الكرد، تتبع كل علاقاتها وسياساتها من أجل هذا، إن التقاربات مع القضية الفلسطينية أيضاً على هذا النحو، هكذا يظهرون أنفسهم كأنهم يدافعون عن القضية الفلسطينية، ولكن الحقيقة تريد الاستفادة من هذا، وبالفعل تركيا تحاول خلق فرص لاستمرار سياسات إبادة الكرد وعلى هذا الأساس تكثف من قواتها في المنطقة، لذلك تلقي بكلمات قاسية، ولكنها لا تخطو على أرض الواقع، لأنها تعلم جيداً أنه دون دعم ومساندة الولايات المتحدة الأمريكية DYE، إسرائيل، أوروبا والناتو NATO اتباع سياسات الإبادة ضد الكرد، والآن تمكنت بدعم هذه القوى من اتباع سياسات الإبادة بحق الكرد، لذلك الدعم مهم بالنسبة للدولة التركية، الرفض الذي يظهره طيب أردوغان هو من أجل هذا الدعم، لم تكن سلطة حزب العدالة والتنمية والحركة القومية AKP-MHP مهتمة بعد بقضية فلسطينية لأن حتى الآن تلقى هذا الدعم، قبل وقوع هذه الحادثة أجرى طيب اردوغان لقاء مع نتنياهو في الولايات المتحدة الأمريكية، وقال طيب اردوغان عندما بدأت الهجمات على غزة: “سأذهب إلى إسرائيل ولكنني اتخلى عنها الآن”، عندما قُتل شعب غزة هذا ما تلفظ به طيب أردوغان، ومع ذلك توجد بين تركيا وإسرائيل عقود تجارية بمليارات الدولارات من الاتفاقيات الاقتصادية، التجارية والعسكرية وما زالت بعض هذه الاتفاقات مستمرة كما كان من قبل، يُعرف أن رصاصات جيش الإسرائيلي تُصنع من الفولاذ التركي، وتجري تدريبات للجيش الإسرائيلي، طائرات ودبابات في مقره الرئيسي في قونية، ويتم إنتاج بعضها في تركيا، وتركيا تتصرف على هذا المستوى في هذه الحرب، هي جزء من هذه الحرب، ويُخفى هذا عن الرأي العام وهناك محاولات تُقدم للتغطية على هذا النفاق، ولكنها تدعي في البرلمان دون أن تخجل من نفسها بأنها لن تستخدم وتشتري منتجات ومواد إسرائيلية وتبدي عدم الرضا عن الدولة الإسرائيلية، ومع ذلك فإن العلاقات العسكرية والطاقة والتجارة تعمل بكافة الطرق ويمر ملايين الدولارات بشكل يومي، في الواقع لا تنطبق الحرب الخاصة على هذا المستوى! للأسف، هذا الموقف الذي يتم فيه تضمين المعارضة أيضاً تصبح أساس لألاعيب السلطة.
إن العامل الإيراني من أحد أسباب بعض تصريحات الدولة التركية لإسرائيل، لن ينتهي الرفض في البلدان العربية والإسلامية لإسرائيل ما لم يتم حل القضية الفلسطينية، تريد إيران الاستفادة من هذا الجو، إن تركيا ذو خلافات مع إيران والنضال الذي تتبعه القوى المحلية لن يبقى خارج الساحة، ولأن تخلي الساحة لإيران، تحاول تركيا من خلال إظهار الرفض لمستوى ما لفت انتباه الجميع لإيران، لذلك التقارب التركي حتى النهاية “سياسة”، وهذا الشيء لا يصبح دون إذن من الولايات المتحدة الأمريكية، وسبب آخر هو الرأي العام في تركيا، تدير سلطة حزب العدالة والتنمية والحركة القومية AKP-MHP الدولة والبلاد بسيطرتها العنيفة، لذلك تحاول خلق جو واتباعه، سيتم إجراء انتخابات محلية خلال فترة ليست ببعيدة حيث تريد سلطة حزب العدالة والتنمية والحركة القومية AKP-MHP أن تجعل هذا الوضع فرصة لاستغلالها، تم الحديث خلال الفعالية التي تم تنظيمها في إسطنبول من أجل فلسطين وغزة للحشد عن معاداة الكرد وروج آفا، وأُعلنت أنها ستحتل مناطق جديدة، يتم تحريض الشعب في تركيا من خلال العنصرية، التطرف ومعاداة الكرد، يبررون معاداة الكرد بكلمات إسلامية – دينية، في الواقع هناك سياسة في تركيا، وهي سياسة إبادة الكرد، تريد الدولة التركية من خلال معاداة الكرد وإبادتهم أن تصبح قوة في المنطقة، وتستخدم الدين، الإسلام والعنصرية من أجل هذا، وتجعل حماس أيضاً القضية الفلسطينية أداة لذلك، لا توجد أية مصلحة للدولة التركية للقضية الفلسطينية أكثر من هذا.
كانت الدولة التركية قلقة حيال أن الوضع سيكون ضدها، والتوازنات التي ستتغير ضدها وتؤثر على سياساتها لإبادة الكرد، لذلك طيب أردوغان قلق، كل المحاولات التي بذلها طيب أردوغان كانت من أجل إغلاق المجال أمام هذا، يحاول نجاح سياسات الإبادة الجماعية، ويتضح أن تركيا تستفيد دائماً من الصراعات والحرب في العالم والمنطقة، واستفادت من المعادلات التي تم تحديدها في سياسات الإبادة الجماعية، وبدون هذه العوامل لم كانت تمكنت الدولة التركية من اتباع سياسات الإبادة الجماعية بحق الكرد، لذلك لا تنزعج الدولة التركية من الحرب في الشرق الأوسط، على العكس تخطط لتجعل هذا الوضع فرصة لتستغلها، هذا هو السبب في أنها تخطط لتلقي المزيد من الدعم في الحرب ضد الكرد واحتلال ساحات جديدة في روج آفا وسوريا.
إن القائد عبد الله أوجلان، أثناء تقييمه للحروب والصراعات في الشرق الأوسط، يقول إن التعصب الديني والقومي لا يمكن أن يخلقا حلاً، بل على العكس من ذلك؛ “طالما استمرت عقلية الدولة القومية، سواء على شكل تعصب ديني أو قومي، فلا مفر من أن تكثر الصراعات في هذه المجتمعات”، ويذكر أن هذه العقلية هي السبب الرئيسي للحروب والمشاكل، ويطرح حل الأمة الديمقراطية كحل، ترى كيف يمكن تكييف هذا الحل مع المشكلة الفلسطينية الإسرائيلية؟
على مدى التاريخ؛ مع تطور النظام الدولتية؛ زادت المشاكل الاجتماعية، ومع تطور الدولة، افتقرت الإنسانية من المساواة، الحرية، الأخوة والعيش معاً في سلام، وساد فيها الغزو والحرب، هذه حقيقة تاريخية، إن نظام الدولة القومية هو نظام الدولة الذي يحدث فيه الصراع والحرب والاستغلال أكثر من غيره، فالحربان العالميتان الأولى والثانية ومئات الحروب المحلية والإقليمية التي حدثت قبل وبعد هاتين الحربين العظيمتين، كانت حروباً بدأتها وشنّتها الدول القومية، وكانت الصراعات والحروب والغزو في القرنين الماضيين أكبر بمئات المرات من السلبيات التي عاشتها البشرية على مدى عشرات الآلاف من السنين من تاريخ البشرية، و لا يتعلق الأمر بتطور المعدات الحربية، بل بالعقلية، والشرق الأوسط هو أحد الأماكن الرئيسية التي تسببت فيها الدولة القومية أكبر قدر من الضرر وليس لديها القوة للحل، لقد أدت الدولة القومية إلى تفاقم المشاكل القائمة في الشرق الأوسط بشكل كبير، وحتى الآن، فإن كل المشاكل في الشرق الأوسط مصدرها من الدولة القومية، إن العائق الأساسي أمام التنمية هو الدولة القومية، وقد قيّم القائد آبو نتائج التي تسببت بها عقلية وشخصية الدولة القومية بشكل خاص ضمن الواقع الاجتماعي التاريخي، إن العواقب التي تسببها الدولة القومية، سواء كانت علمانية أو دينية، هي نفسها، وفي الحالتين تتفاقم المشاكل ويتعمق الأزمات، وتعتبر تركيا واحدة من أفضل الأمثلة على الشكل العلماني والديني للدولة القومية، فقد كان لتركيا شكل قومي علماني منذ تأسيسها، و الآن يتم اتخاذ القومية الدينية كأساس، وفي كلتا الحالتين، لم يتم التوصل إلى حل حقيقي لمشاكل تركيا، لأنه ليس من الممكن حل المشاكل مع الدولة القومية، إن الدولة القومية هي في الأساس عقيدة الحرب والإبادة الجماعية، وبالإضافة إلى الحرب على المجتمع، فإن ما يحدث داخل الدولة القومية مليء بالمكائد والمؤامرات وأكثر وحشية مما حدث في عهد الممالك والسلالات الحاكمة، ومن الخطأ الاعتقاد أن المجتمع سوف يستنير ويتطور مع مثل هذا النظام، وخاصة أولئك في تركيا الذين اتخذوا من فكرة العلمانية أساساً لهم لديهم مثل هذه الفكرة، ويُعتقد أنه عندما تصل القومية الدينية إلى السلطة وتستقر في الدولة، ستعاش الحياة الصحيحة مع القومية العلمانية وستحل المشاكل، لكن الدولة القومية هي عائق أمام التنوير والتحول الديمقراطي والحياة الصحيحة والحرة، ولذلك يمكن حل المشاكل وتحقيق التقدم من خلال التغلب على جميع أشكال القومية، وفي الشرق الأوسط، يعتبر عقل الدولة القومية الحل الحقيقي للمشاكل، والأمة الديمقراطية هي أسلوب حياة ديمقراطية وطنية حيث تُعاش الحقيقة الوطنية بطريقة حقيقية، ومع إزالة الجوانب الخاطئة من القومية، فعلى سبيل المثال؛ قد لا يتم الحديث عن الأمر كثيراً، ولكن بالإضافة إلى الشعوب، المجتمعات والمعتقدات الدينية، فإن المرأة وبشكل أكبر يمكنها التعبير عن نفسها في دولة ديمقراطية، والعيش بطريقة صحيحة وحرة، وفي الوقت ذاته، فإن الدولة القومية هي تجسيد لواجب السلطة والقوة من نتاج عقلية الهيمنة الذكورية، إن التعصب القومي والديني مجرد أشكال مختلفة للدولة القومية، ففي مثل هذا النظام، لا يمكن للمجتمع والناس والنساء أن يتواجدوا، ولا يمكنهم العيش بحرية والتعبير عن أنفسهم، وهذا واضح من الممارسة العملية.
إن أساس المشاكل والصراعات العربية اليهودية هو القومية، ولذلك، فإن التغلب على هذه المشكلة والعيش معاً في سلام لا يمكن تحقيقه إلا من خلال التغلب على القومية، بنسختيها الدولة القومية؛ والتعصب القومي والديني، وهذا هو أسلوب الحل الذي ندعو إليه، ولا نعتقد أن المشاكل سيتم حلها من خلال بناء الدولة القومية، ويُقدم هذا حالياً على أنه الحل الأكثر تقدماً لحل المشكلة الفلسطينية، ومما لا شك فيه أن دولة إسرائيل لا تقبل بذلك أيضاً، إلا أن الحل الجذري للمشكلة لا يمكن تحقيقه من خلال إقامة دولة للفلسطينيين، ففي البداية، لا بد من التغلب على عقلية الدولة القومية، وما لم يحدث هذا فلن ينتهي الصراع، ولا يمكن التوصل إلى حل بفصل الجغرافيا والجبال والأنهار والمدن عن بعضها البعض بمنطق الدولة القومية، إن الحل الذي تم التوصل إليه بالنسبة للقدس هو تقسيم المدينة إلى قسمين، هل هذا ممكن؟ حيث تعيش العديد من الشعوب والمجتمعات والمعتقدات معاً في هذه الأراضي القديمة، وفي جغرافية تتسم بمثل هذا التنوع، ليس من الممكن حل المشاكل المتعلقة بالقوموية والدولة القومية، وهذا لا يؤدي إلا إلى إبادة بعضنا البعض، وفي واقع الأمر، هذا ما يحدث منذ قرن، ولا يمكن التغلب على ذلك إلا من خلال عقلية الأمة الديمقراطية والحل الذي تعيش فيه جميع الاختلافات معاً وتعبر جميع المجتمعات الوطنية والثقافية والدينية عن نفسها، إن أكثر مكان ممكن أن يتم فيه تطبيق حل الأمة الديمقراطية هو جغرافية الشعبين الإسرائيلي والفلسطيني.
ما هي أهمية حل القضية الكردية والقضية الفلسطينية من حيث حل المشاكل في الشرق الأوسط وتطوير الديمقراطية وضمان عيش الناس في حرية وأمن وسلام؟
في الواقع، حاولنا طوال المقابلة شرح أهمية هاتين القضيتين وإدارة الحلول الصحيحة التي تصورناها، إن النظام الذي خلقته قوى الحداثة الرأسمالية في الشرق الأوسط كان ضد الشعب، إن إنكار الشعبين الكردي والفلسطيني وممارسة الإبادة الجماعية بحقهما هما نتيجة لهذا الأمر، ومن خلال ترك هاتين القضيتين دون حل وتركهما يتعرضا للإبادة؛ يستمر الوضع الإشكالي في الشرق الأوسط، وبذلك دخلت الدول القومية في الشرق الأوسط في صراع داخلها ومع بعضها البعض، وسيطرت عليها قوى مهيمنة، مما جعل الشرق الأوسط تابعاً بشكل كامل، لقد عانت شعوب الشرق الأوسط ولحقت بها أضرار كبيرة من ذلك، وكان الشعب الكردي والشعب الفلسطيني هما الأكثر تضرراً، فعدم حل هاتين القضيتين لم يؤثر على هذه الشعوب فحسب؛ بل إلى تطور هيمنة القوى الاستعمارية والإمبريالية على المنطقة كما ذكرنا، وإلى تضرر كافة الشعوب من ذلك، ويمكن القول إنه إذا تم حل هاتين القضيتين، فستحدث تطورات مهمة في الشرق الأوسط، وسينتهي الصراع والحرب، وسيتحقق السلام الحقيقي، إن القضيتين الكردية والفلسطينية هما أكبر قضيتين في الشرق الأوسط، ولكنهما تشكلان أيضاً أكبر ديناميكيتين لعملية التحول الديمقراطي في الشرق الأوسط، وبما أن حل هاتين القضيتين يتطلب عقلية ونهجاً ديمقراطيين، فإنه سيتم التغلب على التعصب القومي والديني والدولة القومية وجميع أنواع التعصب، التي هي مصادر المشاكل في الشرق الأوسط، وبالنظر إلى أن إيران والعراق وسوريا وتركيا وإسرائيل قد شهدت تحولاً ديمقراطياً نتيجة الحل الدائم لهاتين القضيتين، يمكن فهم أهمية وحجم التطورات، ومن ناحية أخرى، سيتم القضاء على أساس كل المخططات والعمليات والمؤامرات المعدة في الشرق الأوسط، إن حل القضية الكردية والفلسطينية سيكون له تأثير إيجابي على العالم أجمع.