سيداي تيريج.. واحد من كبار الشعراء الكرد المعاصرين ممن تركوا بصمة مميزة في الشعر الكردي، وأثروا المكتبة الأدبية الكردية.
رغم سياسات القمع والاضطهاد التي تعرض لها الشعب الكردي على مدى قرون متواصلة، إلا أن الشعب الكردي تمكن من الحفاظ على لغته وتراثه الأدبي، وإثرائه بفضل العديد من الأدباء من الكتاب والشعراء.
ملا نايف حسو المولود عام1923 في قرية نجموك التابعة لقامشلو، الملقب بـ “سيداي تيريج”، شاعر كردي معاصر، أثرى المكتبة الكردية بمئات القصائد وخلّف إرثاً ثقافياً وأدبياً ليكون مرجعاً لأبناء الأجيال اللاحقة.
عندما كان في السادسة من عمره انتقلت عائلته إلى قرية “سي متيكي نواف” التابعة لمدينة عامودا، وهناك تعلم القراءة والكتابة على يد إمام القرية “ملا إبراهيم كولي” وحفظ القرآن الكريم وتلقى أيضاً علوم فقه اللغة العربية والشريعة الإسلامية.
وفي عام 1937م توجه إلى مدينة “عامودا” لإكمال دراسته، حيث درس هناك خمسة أعوام.
وفي تلك الفترة تعرف سيداي تيريج على عدد من الأدباء والمثقفين والشعراء الكرد من معاصريه من أمثال الشاعر جكرخوين، ونور الدين ظاظا وحسن هشيار وقدري جان وغيرهم، وقد تأثر بهم، وبدأ منذ تلك الفترة بكتابة الشعر باللغة الكردية.
وتجول “تيريج” وهو اللقب الذي أطلقه عليه رفاقه، ويعني “الشعاع”، أو خطوط الشمس الأولى، في مدن كردستانية عديدة ليوصل رسالته الشعرية للشعب الكردي.
التزم الشاعر تيريج بنهج صديقه ومعاصره جكرخوين في كتابة الشعر الموزون والمقفى، والذي يتناول مختلف المواضيع الاجتماعية، والقضايا الوطنية والقومية، إضافة إلى الغزل ووصف طبيعة كردستان.
وألف الشاعر تيريج خلال حياته المئات من القصائد طبعت في ثلاثة دواوين شعرية باسم “خلات, زوزان, جودي”, لا تخلو من عشقة لكردستان، فكل مجموعة منها اقتبس اسمها من جبال كردستان. وغنى العديد من الفنانين الكرد قصائد الشاعر تيريج.
وحوّل بعض الملاحم الكردية إلى أبيات شعرية كملحمة سيامند وخجه التي حولها إلى 335 بيتاً، وصاغ رواية سيبان وبروين في ٤٠٠بيت من الشعر.
إضافة إلى مخطوط المولد النبوي بالكردية والعديد من القصائد التي لم تطبع بعد.
حرض في أغلب قصائده الثورية الشباب الكرد على القيام بالثورة والتغلب على الخوف الذي ينتابهمُ، أما قصائده عن المرأة فكانت قصائد عذرية صوفية.
وخلال مسيرته التي امتدت لـ 79 عاماً ترك إرثاً ثقافياً كبيراً وخلّف الآلاف من العشاق لشعره وقصائده المستوحاة من قلب الطبيعة التي تغطي جبال كردستان.
وقصيدته “أيها البلبل الشادي” كان لها الفضل الأكبر في شهرته تلك القصيدة الثورية العاطفية، وفيها يخاطب بلبلاً طالباً أن يطربه بصوته الشجي بعد أن حوصرت بلاده بكل وحوش الأرض، وبعدها يطلب منه النزول ليحدثه عن ثورة الخلاص التي طال انتظارها.
ويرى عزير حاجي مراد الذي يعمل مدرساً للغة الكردية وكاتباً للقصص الكردية بأن سيداي تيريج كان مدرسة بالنسبة له وكان له فضل كبير في الحفاظ على الثقافة الكردية.
وأكد مراد خلال حديثه مع وكالة أنباء هاوار بأنه لولا سيداي تيريج وما سبقه من كبار الشعراء الكرد لما كان اليوم يقرأ ويكتب الأشعار والقصص بلغته الأم, وأن الأشعار التي تركوها خلفهم تعتبر كنزاً وعلى الجميع المحافظة على هذا الكنز.
توفي الشاعر سيداي تيريج في 23 آذار عام 2002 عن عمر يناهز 79 عاماً، بعد أن أثرى المكتبة الكردية بقصائده ونتاجاته الأدبية الأخرى، وليصبح مرجعاً للأجيال القادمة من دارسي الأدب الكردي.