الخميس 26 ديسمبر 2024
القاهرة °C

دوران كالكان: استخدموا الدولة التركية لإسقاط نظام الأسد

 

كتب دوران كالكان، عضو اللجنة المركزية لحزب العمال الكردستاني :

“أريد أن أقول شيئاً: كان لانتخاب ترامب تأثير واضح على هذه التطورات في سوريا،و على سبيل المثال، فتحت الطريق أمام التجارة والمساومة مع روسيا و لقد قال ترامب ذلك علناً في حملته الانتخابية، لقد ساوموا مع روسيا بشأن أوكرانيا وسوريا، الشيء الأكثر أهمية في سوريا هو الوضع في روسيا و لقد شاركوا أيضًا في الحرب في أوكرانيا،و لو كانت روسيا في وضع يسمح لها بفرض الحرب، لما هاجمت سوريا بهذه الطريقة، لقد تفاوضوا على شيئين،و لقد سهّل انتخاب ترامب هذه المفاوضات واتفقوا وهذا يعني أنَّهم اتفقوا على أوكرانيا، الآن سوف يعملون على صياغة نموذج جديد.

واتفقوا على مسألة سوريا ومن غير المعروف ما الذي سيبقى لروسيا، لقد اتفقوا إلى حد ما على أوكرانيا وربما اتفقوا على ميناء في شرق البحر الأبيض المتوسط، و ربما تكون روسيا هي التي فرضت ذلك وإذا لم يفرض فهذا يدل على أن روسيا في وضع ضعيف جداً ومنذ وجودها حتى الآن كان هدفها الوصول إلى شرق البحر الأبيض المتوسط، و كان هذا هو هدف روسيا الرابع وهدف الاتحاد السوفيتي وهذا هو أساس الاستراتيجية الروسية ومع ضعف حكم بشار الأسد، بعد حرب 2010، أصبح أكثر تعلقاً هنالك وأنشأ قاعدة لهم هناك، و قد لا يستسلم و لأن هناك معاهدة بكل تأكيد .

ويبدو أنَّ هناك اتفاقاً بين الطرفين، و كانوا يساومون في كل من شرق البحر الأبيض المتوسط وأوكرانيا، كما أصبح اتفاق أوكرانيا اتفاقا بشأن شرق البحر الأبيض المتوسط ،كما تم وضع روسيا على طريق الطاقة، و هذه هي أهمية الصراع في سوريا، ولأن روسيا تصرفت بهذه المعنى، اضطرت إدارة الأسد أن تنسحب، والمعنى المهم الذي جعلته إدارة الأسد هو مسألة السوق والمساومة، لقد حلوا ليس فقط مشكلة سوريا، ولكن أيضًا مشكلة روسيا على الطريق إلى البحر الشرقي وهذا يعني أن روسيا ستشارك أيضًا في هذا المشروع وأصبح تأثير الطريق المؤدي إلى شمال البحر الأسود ضئيلاً بالفعل والآن قد تتضاءل صراعاتها مع روسيا مع الزمن وقد تنضم روسيا أيضًا إلى هذا المساومة في شرق البحر الأبيض المتوسط بسبب سوريا وبهذا يصبح مشروع الطريق أقوى وهذا الجانب مهم أيضا.

عندما عقد النظام اتفاقاً مع روسيا، أصبحت الجبهة الأخرى قوية جداً، كان الخطر أمامهم هو روسيا، بعد عقد ذلك الاتفاق، أصبحوا أقوى، واكتسبوا القوة للجلوس في تحالف مع الدولة التركية مرة أخرى بثقة، في الواقع، على مت يبدو أنهم أشركوا تركيا في مشروع التدخل في سوريا بعد التوصل إلى اتفاق مع روسيا، ولو لم يتفقوا مع روسيا لما كان بإمكانهم إشراك تركيا في هذا المشروع لأنه كان متناقضاً للغاية ولم يكن بإمكانهم الخروج منه، عندما توصلوا إلى اتفاق مع روسيا، كان الطريق ممهداً لهم بسهولة، فكما استخدموا طيب أردوغان كعميل محرض في غزة، استخدموا الآن الدولة التركية كعميل محرض مماثل لإسقاط نظام الأسد، وإدارة البعث، ولقد أقاموا العلاقات من خلال بريطانيا، وجاء آخر أمين لحلف الناتو إلى تركيا، وجعلوا طيب أردوغان يشدّ على وتر حماس، كما جعلوا طيب أردوغان يشد حبل بشار، وفي الواقع، كان لتركيا أيضاً تأثير كبير في شد حبل صدام.

وكان هناك بعض يقولون: ”كيف يمكن لحكومة الأسد أن تسقط في غضون اثني عشر يوماً“، لكن بالطبع هذا ممكن بعد هذا التحالف، لأن سلطة البعث لم يبقَ لديها أي قوة، كان هناك حزب الله وإيران وروسيا، وضربت إسرائيل، وضُرب حزب الله وإيران، وانتقلت روسيا أيضاً إلى الجانب الآخر، ولم يبقَ لبشار الأسد سوى الانسحاب، لم يكن لديه فرصة وقوة للمقاومة والصمود، ربما كان بإمكانه أن يقاوم ليوم أو يومين آخرين، لكنه كان سيُسحق، وبدلاً من ذلك، وجد أن من مصلحته أن يسلم السلطة بهذه الطريقة، هكذا تطورت المرحلة بشكل متسارع.

وقيل إنه ستحدث تطورات في سوريا من شأنها أن تهز الشرق الأوسط والعالم، لأن إسرائيل هيأت تلك الأجواء، حيث كان يجري الحديث عن أنها ستضرب حماس ثم حزب الله وإيران ودمشق، وكان يجري الحديث عن أنها ستسحق دمشق بقوة، اتضح أنهم كانوا ماكرين وأعطوا الدور لحزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية، وأطاحوا به على يد الإدارة التركية التي تعتبر نفسها مسلمة، وقطعوا العلاقات التركية العربية وزادوا من توترها، وزادوا من التناقضات بين إيران وتركيا، أدى هذا المشروع إلى كل هذا، فلو أنهم حاولوا تنفيذ نفس الشيء من خلال إسرائيل، ربما لم يكونوا قد نجحوا في ذلك، وربما كانت هناك مقاومة أكثر، لو كانت الولايات المتحدة الأمريكية قد فعلت ذلك، لكانت هناك تناقضات مختلفة، على العكس من ذلك، إذا انتبهنا إلى التناقضات في الشرق الأوسط، فإنهم يفعلون كل ما يلزم لتطوير التناقضات وجعلها تتصادم أكثر، ولهذا السبب يقولون سياسة فرّق تسد التي تتبعها الإمبريالية، وهذا ما يتحقق عملياً على الأرض، ما نعرفه نظرياً يتحقق عملياً، ولا بد من فهم ذلك، إنهم يقسمون ويجزئون بالفعل، وقد نجحوا في تحويلهم إلى متنافرين.

والآن، إذا تم الاستيلاء على سوريا ثم العراق، فإن قبرص ستكون التالية، فقد وقعت الولايات المتحدة الأمريكية اتفاقية عسكرية استراتيجية مع قبرص العام الماضي، ووقعت إسرائيل اتفاقاً مؤخراً، وقد أجرتا مناورات عسكرية مع الإدارة القبرصية في شرق البحر الأبيض المتوسط لعدة مرات، ومؤخراً، وافقت إسرائيل على إنشاء نظام مماثل للنظام الإسرائيلي للدفاع الجوي القبرصي، وفعلت ألمانيا وأمريكا الشيء نفسه في اليونان، حيث جعلوا اليونان جاهزة تماماً لذلك، لقد أنشأوا موانئهم وأنظمتهم الأمنية بطائرات F-35، والآن هم يجهزون أيضاً قبرص الجنوبية معاً، فعندما يحين دور قبرص، حينها ستكون مسألة تركيا مطروحة على جدول الأعمال هناك، ما يريدون القيام به مباشرة من خلال سوريا، من خلال الكرد في سوريا، قد يكون له تأثير جزئي، قد لا يعمّقون التناقضات مع تركيا من خلال سوريا، لكنهم قد يلاحقون تركيا من خلال قبرص، وهناك، سيتناقض النظام وتركيا ويتعارضان، لأن تركيا لن تكون قادرة على الاحتفاظ بشمال قبرص بعد الآن، سيرغب شمال قبرص الشمالية في الاتحاد مع قبرص الجنوبية، ومرة أخرى، سيتطور الصراع على منطقة البحر، وسيتصارعان ويتناقضان مع بعضهما البعض، وقد لا يدخل النظام في صراع مع تركيا حول الكرد، لأنه يعلم أن تركيا حساسة للغاية بشأن هذه القضية، إذا دخلت في صراع من هناك، فلن يحدث شيء في السياسة التركية ولن تتمكن من التأثير على أحد، وستدخل من اتجاهات مختلفة، ولكن ستدخل سياسات أخرى على جدول الأعمال من هناك، على سبيل المثال، ستدخل من خلال قبرص، على سبيل المثال من خلال طريق الطاقة، ستأتي بعوامل مختلفة إلى الواجهة، وحينها ستأتي القضية الكردية إلى جدول الأعمال.

في الواقع، الدولة التركية على علم بذلك، وهذا ينعكس في نهج دولت بهجلي، ولكننا لا نعرف بالضبط، ولكن يبدو الأمر كما لو أن طيب أردوغان تدخل في دولت بهجلي، لأن طيب أردوغان لا يريد ذلك، لا يريد طيب أردوغان سوى شيء واحد وهو استمرار السياسة التي ستبقيه في السلطة حتى وفاته، ولا يحتاج طيب أردوغان أي شيء آخر، فهو ليس لديه دين ولا قومية، ليس لديه أي شيء، فهو ليس تركياً على أي حال.

وستستغرق هذه العملية بعض الوقت، لأن النظام يحتاج إلى وقت، فهم بحاجة إلى هضم ما قاموا به، قد يتساءل المرء متى سيحدث هذا الأمر؟ لذلك، يمكن قول أمرين؛ الأول، هو أنه هنا حاجة إلى الوقت لفهمهم، لكن لا يمكن إقامة نظام دائم لا في لبنان ولا في سوريا ولا حتى في العراق، يقومون باتخاذ خطوات من أجل ذلك، فإن لم يتم حل مشكلة الوضع الراهن في تركيا وإيران، فلن يتشكل نظام الشرق الأوسط الجديد، ولا يمكن للنظام الرأسمالي أن يؤسس نظامه الخاص، ولا يمكنه إقامة النظام إلا بعد أن يتم حلهما، خاصة إذا كانت هاتان القوتان في الوضع الراهن مرتبطتين ببعضهما البعض، فإنهما ستفشلان أكثر بكثير، فهم لديهم مساعي من هذا النوع في شكله الحالي.

أما الأمر الثاني، هو عامل حزب العمال الكردستاني، دعونا نعود إلى بداية ما يسمى بالحرب العالمية الثالثة، وثم طرحوا على الفور السياسة التي نفذوها ضد حزب العمال الكردستاني، فكما أن العنصرية التركية تخشى الكرد، وتخشى حزب العمال الكردستاني أيضاً، لأن نظام الحداثة الرأسمالي سيأخذ منهم كل شيء ويجعلهم خالي الوفاض، فهم لديهم مثل هذه المعارضة تجاه القائد، إنهم غاضبون جداً من النموذج الحالي للقائد.

لم يكن هناك شيء من هذا القبيل في الحرب العالمية الأولى، فقد ألقى البلاشفة القبض على الحكومة بين عشية وضحاها، وقاموا بثورة وواصلوا ثورتهم، لأنه لم تكن هناك عقبات في طريقهم، أما الآن فالأمر ليس كذلك، فقد جعلت تجربة المائة عام الماضية النظام حساساً للغاية في هذا الصدد، فالتناقضات والصراعات داخل النظام شيء، والتناقضات والصراعات بين النظام البديل والمجتمع شيء آخر، والتناقضات والصراعات بين النظام البديل والمجتمع شيء آخر. عندما يظهر التناقض والصراع مع المجتمع، فإنهم يوفقون بين التناقضات والصراعات فيما بينهم، ولذلك، من الصعب عليهم التدخل في تركيا دون إضعاف حزب العمال الكردستاني، دون سحقه، دون جره إلى فلكهم أو دون جعله غير قادر على تطوير بديل، ومن الضروري رؤية ذلك.

في الواقع، يبدو أن الدولة التركية الحالية أدركت ذلك قليلاً، فهم يذهبون في كل مكان ويقولون ”الإرهاب ليس خطراً علينا فقط بل عليكم أيضاً“، وما يسمونه ”الإرهاب“ هو أفكار القائد آبو، يناقشون هذا فيما بينهم وبالتالي يحصلون على الدعم بهذه الطريقة، وسيطول هذا الأمر لفترة من الوقت، لكن ليس من الواضح إلى متى سيستمر هذا الوضع.

إنهم يريدون الحصول على النتائج من خلال الهجمات، ولكن قد تكون هناك تطورات أخرى من شأنها أن تحبط ذلك، هذا صراع، ويجب أن نرى استراتيجيتنا وأسلوبنا وتكتيكاتنا، فكلما أحبطنا مشاريعهم وهجماتهم على هذا الأساس، كلما تقدمنا أكثر، ومن الضروري تطوير نضال لنتمكن من إفشالهم، فلا ينبغي أن نبحث عن وضع يطيح بهم فجأة أو يخلق مصالحة كاملة، فمثل هذه التوقعات خاطئة، لا النهج التدميري صحيح ولا نهج المصالحة الفورية صحيح، يجب علينا أن نتوقع النضال، يجب أن نجد في أنفسنا القوة والإرادة والمثابرة على النضال، وهذا سيتم خطوة بخطوة من خلال النضال، فهم سيضربوننا ويحاولون تدميرنا، ولكن كلما أحبطنا مشاريعهم سنزداد قوة وسيضعفون تدريجياً.

فنحن نريد تطبيق نموذج القائد آبو، وهذا يعني معرفة واقع خوض النضال وبيئة التناقض والصراع بشكل صحيح، فقد كان في أوروبا أيضاً ديكتاتوريون، وقد أطيح بهم، وهناك في الشرق الأوسط أيضاً ديكتاتوريون، فلا ينبغي الاستهانة بسقوط صدام حسين، فأولئك الذين كانوا في السلطة في الشرق الأوسط لمدة 35 عاماً تمت الإطاحة بهم في فترة قصيرة، لقد كانوا عصريين للدولة القومية، ومن العنصريين المستعمرين العرب، إنهم يحافظون على ما هو أضعف منهم، على سبيل المثال، إنهم يحافظون على الملوك، وهم الآن في صراع مع عنصرية الوضع الراهن للدولة القومية هذه، ورائدة عنصرية الدولة القومية هي الدولة التركية، وسيكون من الصعب على النظام إنهاء هذه المرحلة، فمن الصعب أن يتصالحوا فيما بينهم، وستستمر مرحلة الصراع”.

 

to top