الحدث – القاهرةً – بقلم دكتور محمد سعيد
المرض.. ألا قوتل المرض من عدو لدود للإنسان، ولاسيما في هذا الظرف الذي يمر به العالم، حيث الداء الذي أحوجنا إلى من كنا نحسب أننا لن نراه يوماً، بعد أن طاردتنا مشاهد الموتى والمصابين في الليل والنهار. وصرنا نسمع من الخبراء كمن يشتري الحياة بمقدار. وننصت للوصايا المتناقضات، ونقوم بالتجارب والتخمينات، ونفرغ العقاقير في الأجواف حتى بتنا مختبراً متنقلاً للأدوية والعلاجات.
وأذكر في هذا السياق ما أشار إليه العقاد في كتابه “خلاصة اليومية“، حيث يتنازع النفس الإنسانية حب للحياة وخوف من الموت، والتعلق بعاملين هما الجميل والجليل؛ فالجميل كل ما حبب الحياة إلى النفس وأظهرها لها في المظهر الذي يبسط لها الرجاء فيها ويبعث على الاغتباط بها. والجليل كل ما حرك فيها الوحشة وحجب عنها رونق الحياة، فالربيع والصباح والنور والصحة والشباب كلها جميلة لأنها تنعش الحواس وتذكرها بالحياة، والشتاء والليل والظلمة والمرض والهرم والسكون والقوى الطبيعة الهائلة، كلها جليلة لأنها تقبض الحواس وتميل بالنفس إلى التضاؤل والضعة أمام رهبة الفناء؛ فالجميل مظهر القدرة والجليل مظهر القوة، والنفس تقابل القدرة بالإعجاب والقوة بالخشوع.
إن الموت أعم المصائب وقوعاً ولا يزال أشدها إيلاماً، ولم يزل الإنسان غير جازع لمصاب غيره كما يجزع لمصاب نفسه. وقد دخل العالم في صراع مع وباء ديدنه الاتحاد والتكاثر، يأتينا من بين أيدينا عابراً حجب المكان والبلدان،وصار العالم في أتم استعداد لأن يعلق وساماً على صدر من يصارع الوباء فيصرعه وينتصر عليه.
لا واجب على الإنسان أقدس من واجب صيانة الحياة ودفع الموت عنه، ولا جناح عليه أن يحب البقاء أبد الدهر لو كان إلى ذلك البقاء سبيل.
أسبوعين مضت
4 أسابيع مضت