الأربعاء 27 نوفمبر 2024
القاهرة °C

كلمة نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي في اجتماع وزراء الخارجية العرب

الحدث – القاهرة

القضية الفلسطينية هي قضيتنا المركزية الأولى. هي أساس الصراع وهي مفتاح السلام العادل الشامل الذي تقوض الإجراءات الاسرائيلية اللاشرعية فرص تحقيقه.

من هنا تبرز الحاجة ضاغطة لتحرك عربي مبادر لإسناد الأشقاء، وإيجاد أفق سياسي حقيقي لتحقيق السلام. وثمة أهمية لإطلاق هذا التحرك الآن مع بدء إدارة أميركية جديدة عملها، لننخرط إيجابيا معها، ونبني على ما أعلنته من بوادر إيجابية.

نحتاج أن نبلور تحركًا مشتركًا لإعادة إطلاق مفاوضات جادة وحقيقية، ولتفعيل دور الرباعية الدولية، للتوصل لحل الدولتين، الذي يجسد الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة، وعاصمتها القدس المحتلة، على خطوط الرابع من حزيران ١٩٦٧، لتعيش بأمن وسلام إلى جانب إسرائيل وفق قرارات الشرعية الدولية، ومعادلة الأرض مقابل السلام، ومبادرة السلام العربية. حل الدولتين هذا هو السبيل الوحيد لإنهاء الصراع.

ونحتاج تحركًا مستمرًا لحشد موقف دولي فاعل يواجه الخطوات الإسرائيلية التي تحرم المنطقة حقها في السلام العادل والشامل.

فالمستوطنات خرق فاضح لقرارات الشرعية الدولية يقتل حل الدولتين، ما سيجعل خيار الدولة الواحدة مآلا حتميا. ووقتذاك سيواجه العالم لاإنسانية نظام آبارثيد عنصري ستكون عواقب استمراره أشد كارثية من الوضع الحالي، ولن يكون من الممكن تفاديها إلا بحصول الفلسطينيين على حقهم بالمساواة كاملة في كل مناحي الحياة.

والانتهاكات المستهدفة تغيير الوضع القائم في المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس وتغيير هويتها العربية الإسلامية والمسيحية انتهاك للقانون الدولي، واستفزاز لمشاعر مئات الملايين من المسلمين والمسيحيين.

ويكرس، الملك عبدالله الثاني ابن الحسين حفظه الله، صاحب الوصاية الهاشمية التاريخية على هذه المقدسات، كل إمكانات المملكة لحمايتها وحماية هويتها.

لا بد من عمل عربي ممنهج لحماية المدينة المقدسة، وتثبيت المقدسيين على أرضهم. فالسيادة على القدس المحتلة فلسطينية، والوصاية على مقدساتها الإسلامية والمسيحية هاشمية، ومسؤولية الدفاع عن القدس ومقدساتها فلسطينية، أردنية، عربية، إسلامية، دولية، في ضوء مكانة مدينة السلام، وخطر العبث بها وبمقدساتها على الأمن والسلم.

نريد السلام شاملًا ودائمًا. لكن الاحتلال والسلام نقيضان لا يجتمعان. السلام شرطه زوال الاحتلال.
وفي هذا السياق ندعم جهود تحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية، وثمن الدور الكبير لمصر الشقيقة في جهود ضمان نجاحها.
ونؤكد ضرورة استمرار توفير الدعم المالي والسياسي لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأنروا) حتى تمضي في تقديم خدماتها الحيوية للاجئين وفق تكليفها الأممي.

نلتقي في زمن عربي صعب، يجعل من تفعيل عملنا المشترك شرطًا لخدمة مصالحنا وقضايانا. التحديات تتفاقم، وتبعاتها على شعوبنا ودولنا تتعاظم. ولا بديل عن فعل عربي منسق لتجاوز التحديات، والتصدي لانعكاساتها على أمننا المشترك، ومصالحنا وقضايانا المشتركة.

لا بد من استعادة المبادرة، والقيادة، في مقاربة الأزمات الإقليمية، التي ندفع، نحن العرب، أكثر من أي غيرنا، كلفة استمرارها وتفاقمها. لا يعقل أن يغيب العمل العربي الجماعي في مواجهة أزمات تعصف بدول عربية، وتدمر مقدرات دول عربية، وتدفع أجيالا من الشعوب العربية إلى قيعان اليأس والحرمان والقهر والجهل والتشرد.
غيابنا فراغ يملؤه الآخرون على حساب مصالحنا.
يجب استدراك الوضع والتوافق على منهجيات عمل مشتركة لخدمة مصالحنا وقضايانا وحقوق شعوبنا في راهن ومستقبل سمتهما الأمل والفرص والأمان والإنجاز.

تقوية الجامعة العربية قوة لنا جميعا. وفيه خدمة لمصالحنا المشتركة. جامعتنا العربية هي مظلة العمل العربي المشترك ليس هناك سواها بيتًا عربيًا جامعًا. يمكن أن تكون أفضل؟ بالتأكيد. فلنطور أداءها، ولنقو مؤسساتها الاقتصادية والصحية والعلمية والاجتماعية، ولنعد لعملنا المشترك عبرها زخمه الضرورة.

نبني على ما يجمع. ونحترم خصوصيات كل منا. وما يجمع كثير، ويوفر أرضية صلبة للانطلاق منه نحو بلورة مواقف عربية مشتركة إزاء قضايانا، وسبل معالجة الأزمات العربية.

ما تزال سوريا جرحا يمزف دمارا وتقويضا لدولة عربية رئيسة. فشلت كل المقاربات السابقة في حل الأزمة، وفي حماية سوريا الدولة والشعب. وأدعو هنا إلى بلورة آلية عمل فاعلة، تولد دورًا عربيًا قياديًا ينهي الغياب العربي عن جهود إنهاء الكارثة، وعلى أسس تقدم سوريا وشعبها العربي الكريم الأصيل على أي اعتبار آخر، ليتوقف القتال، ويدمر الإرهاب، وتستعيد سوريا أمنها وعافيتها ودورها، وتتوفر ظروف العودة الطوعية للاجئين، وتنتهي التدخلات الخارجية في شؤونها.

نقف مع العراق الشقيق في حماية أمنه واستقراره، وندعم جهود الحكومة العراقية الكبيرة لتثبيت الاستقرار بعد النصر التاريخي الذي حققه العراق على العصابات الإرهابية. دعم العراق في جهوده إعادة البناء وتكريس الاستقرار، وحماية سيادته من أي تدخلات خارجية، شرط للأمن والاستقرار الإقليميين، ومصلحة عربية عليا تستوجب جهدًا عربيًا متكاملًا.

وأمن الخليج ركيزة للأمن القومي العربي. نقف في المملكة مع أشقائنا في دول الخليج العربي في أي خطوات يتخذونها لحماية أمنهم ومصالحهم.
كلنا نريد إنهاء التوتر في العلاقات العربية مع إيران. وهذا سبيله معالجة كل أسباب هذا التوتر، وفي مقدمها التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية، ليعاد بناء علاقات إقليمية صحية، قائمة على التعاون، وعلى مبدأ حسن الجوار.

وسط كل هذه التحديات برزت بوادر انفراج إيجابي في جهود حل الأزمة الليبية، تمثلت في انتخاب السلطة التنفيذية خلال مؤتمر الحوار في جنيف. دعم هذه الجهود، وضمان استكمال الطريق نحو استعادة ليبيا الشقيقة استقرارها، وتخليصها من التدخلات الخارجية، وخروج جميع القوات الأجنبية منها، أيضا ضرورة تتطلب تحركًا عربيًا فاعلًا.

وثمة أرضية لحل الأزمة في اليمن يجب تدعيمها. اتفاق الرياض خطوة فارقة نحو الحل يجب أن نعمل معا لضمان تنفيذه، لنتقدم بشكل عاجل نحو إنهاء الأزمة وما سببته من مآس ومعاناة.

والمصالحة التي أنجزتها قمة العلا إنجاز نثمنه، سيسهم بشكل كبير في تعزيز التضامن العربي وعملنا الجماعي خدمة لمصالحنا.

نحسن راهننا، ونحمي مصالحنا بالتوافق على معالجات موحدة لتحدياتنا، وإطلاق تحركات جماعية لتنفيذها، واستعادة دورنا كاملًا في عالمنا العربي.
نحتاج مشروعًا عربيًا في هذا الزمن الصعب. مقومات هذا المشروع موجودة. ضروراته واضحة. وأدوات إنتاجه بأيدينا. فلنبلوره، ولنطلقه فعلًا مؤثرًا يكسر العتمة، ويفتح الآفاق واسعة أمام مستقبل عالم عربي، نستطيع، معا، أن نجعله أفضل

to top