يشهد إقليم الشرق الأوسط تصاعدًا للتدخلات التركية المزعزعة لاستقرار المنطقة، حيث تحركاتها في سوريا وليبيا وشرق المتوسط، وتصر أنقرة على ممارسة حزمة من الأنشطة التخريبية التي تستهدف بالأساس هدم ثوابت الدول الوطنية، وتمكين سيناريوهات دخيلة على تركيبتها السياسية والاجتماعية، وتلك الاستراتيجية ترمي بالأساس إلى إحياء الإمبراطورية الساقطة، وهو الحلم الذي يسعى الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” -على مدار الاعوام الماضية- خلفه دون جدوى. ومع اقتران استقرار الشرق الأوسط بالاستقرار في دوائر الأمن القومي المصري، تُعدُّ الأزمات في سوريا وليبيا واليمن والصراع على مكامن الطاقة بشرق المتوسط تهديدات بالغة الخطورة على الأمن القومي المصري، وتمثل التحركات التركية في تلك الأزمات سلوكًا مرفوضًا؛ لما تحمله من تداعيات تقود المنطقة إلى حالة صراعية محتدمة، تتيح الفرصة لتصاعد خطر التنظيمات الإرهابية والجماعات المتطرفة، وتعوق مسارات البناء والتنمية والسلام الإقليمي والدولي.
وحيث تبرز الأزمة السورية نموذجًا واضحًا للتدخلات الدولية في أزمات الإقليم، فقد استغلت أنقرة تعقد المشهد وتداخل مصالح وأهداف الفاعلين لترسيخ وجود عسكري ميداني داخل الأراضي السورية. فعمليات “غصن الزيتون” و”درع الفرات” و”نبع السلام” ما هي إلا تدخلات عسكرية تتكامل مع دعمها للفصائل المسلحة وتداخلها وارتباطها بالتنظيمات الإرهابية لا سيما تنظيم داعش الإرهابي؛ كي تحقق وجودًا دائمًا يضمن لها موطئ قدم مؤثر على مستقبل الدولة السورية. بالإضافة إلى الانخراط التركي المباشر في دوارات الصراع الليبي، ونقل المرتزقة من الميدان السوري إلى غرب ليبيا، فضلًا عن الاحتلال التركي لمناطق واسعة شمال سوريا، والتأجيج المتعمد لمعاناة اللجئين والمهاجرين وتوظيفها للضغط على الدول الاقليمية، أصبح من الأهمية تشريح أنماط ومحددات واستراتيجية أنقرة للتدخل في الصراع السوري، لبناء رؤية شاملة للمخططات التركية لزعزعة الأمن الإقليمي، وهو ما يقودنا إلى فهم أكثر دقة لطبيعة واتجاهات الانخراط القادم في الصراعين الليبي والسوري وفي شرق المتوسط.
وفي هذا السياق، أجرى المرصد المصري التابع للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية حوارًا مع السيد “مظلوم عبدي” قائد قوات سوريا الديمقراطية (قسد) للحديث عن الشأن السوري وتطورات الأزمة ميدانيًا وسياسيًا، واستعراض ملامح واتجاهات التدخل الدولي بالأزمة وما أفضى إليه من تعقيدات بالغة الأثر على فرص الاستقرار في دمشق، بالإضافة إلى تناول التحركات التركية في الأزمة السورية، وعلاقات نظام العدالة والتنمية بالتنظيمات الإرهابية وعلى رأسها (داعش)، وكيف تقود محاولات استنساخ النموذج السوري في ليبيا إلى تقويض الدولة الوطنية الموحدة؟ وتهدد بتفشي فوضى الإرهاب والسيولة الامنية في المنطقة؟
وإلى نص الحوار.
الجنرال “مظلوم عبدي”، قائد قوات سوريا الديمقراطية، أهلًا ومرحبًا بك في هذا اللقاء الحواري مع المرصد المصري، نتشرف اليوم بالحديث معك حول تطورات الأزمة الراهنة في سوريا، وتصاعد وتيرة الإرهاب في المناطق الممتدة بين سوريا والعراق من جديد، بالإضافة إلى التحركات التركية لتأجيج الصراعات وحالة عدم الاستقرار في الشرق الأوسط.
* في البداية دعنا ننطلق من الوضع الحالي في سوريا، ففي أعقاب إعلان الولايات المتحدة نيتها الانسحاب من سوريا، تناولت العديد من التقديرات والتحليلات دوافع وتداعيات هذا القرار.
كيف ترى إعلان واشنطن نيتها الانسحاب من سوريا وتأثيراته المحتملة على الدعم المتبادل بينكما؟
– إن وجود قوات التحالف الدولي وأمريكا في مناطق شمال وشرق سوريا مرتبط بمعارك الحرب ضد الارهاب وداعش بشكل أساسي، وهذه المعركة مستمرة حتى الآن، وستستغرق فترة زمنية أخرى، ونعتقد أن خطر إمكانية ظهور داعش وبشكل أقوى مثلما حدث في العراق سابقًا مازال مستمرًا، وإن أنسحاب الجيش الأمريكي حاليًا سيستفيد منه داعش لتهديد السلم العالمي مرة أخرى. إن الأزمة السورية أصبحت أزمة دولية ولا يمكن حلها إلا بالتوافق بين جميع الجهات الدولية ذات العلاقة؛ ولهذا نعتبر أن الوجود الاميركي من أجل الوصول إلى تسوية أمر ضروري.
أثارت وكالات أنباء الحديث حول طلب الولايات المتحدة استقدام عناصر كردية للتعاون معها من جديد، ما مدى صحة هذا الطرح؟
– كل ما يتعلق بطبيعة العلاقة بيننا وبين التحالف الدولي بشكل عام والولايات المتحدة بشكل خاص، سواء الخطط المشتركة والتنسيق أو طبيعة العمليات أو كل ما يتعلق بطبيعة عمل التحالف الدولي وقواتنا، يتم الإعلان عنه عبر المنصات الرسمية، ما عدا ذلك فكل ما ينشر من أخبار عبر وكالات الأنباء، غالبًا ما تكون مُختلقة أو قراءات غير دقيقة.
* أعلن الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” عن إعادة نشر قواته لتأمين حقول النفط في منطقة (قسد)، فهل تشارككم الولايات المتحدة عائدات النفط في مناطقكم شرق الفرات؟
– الولايات المتحدة تعهدت رسميًا بمساعدة (قسد) على حماية الحقول النفطية من هجمات داعش وتأمنيها، دون التدخل بأمورها المالية والإدارية، ويتم استخدام عائدات هذه الحقول من قبل قوات سوريا الديمقراطية لتلبية احتياجات المنطقة عسكريًا وإداريًا. ومن جهتنا نعتبر النفط في شمال وشرق سوريا هو ثروة وطنية سورية، يجب أن يستفيد منه كل السوريين في كل المحافظات، وهذا هو الذي يحدث الآن.
بافتراض تحقق الانسحاب الأمريكي بشكل كامل، هل لديكم خطط تحرك بديلة لتعويض الدعم القائم؟
– في الوقت الحالي ليس هناك خطط أمريكية للانسحاب، ونعتقد أن الساسة في الولايات المتحدة يعون جيدًا مخاطر هذا الانسحاب وتأثيراته السلبية على المدى القريب والبعيد على حد سواء. دعنا نقول، فيما إذا حصل هذا الافتراض فإننا باعتبارنا نعتمد على قوانا الذاتية سنقوم بما هو مفيد لمصلحة شعبنا.
ما هو موقفكم من التعامل مع دمشق؟ وهل هناك اتصالات -حتى الان-؟ وما الدور الروسي بهذا الخصوص؟ وهل هناك ضغوط أمريكية لمنع التعامل مع الحكومة؟
– نحن جزء لا يتجزأ من سوريا، ودمشق عاصمة بلادنا، نعمل على أن نهيئ الأجواء لحوار سوري-سوري يلتقي فيه جميع الفرقاء السوريين للبحث عن مخرج لهذه الحرب والوصول إلى سلام يرضي جميع السوريين. إن الإدارة الذاتية الديمقراطية التي نأتمر بأوامرها لديها اتصالات مع الحكومة السورية من خلال الأصدقاء الروس، لكن حتى الآن -للأسف- ليست اتصالات مبشرة بعملية حوار بناء، وما زالت الحكومة السورية غير جادة في فتح حوار حقيقي يفضي إلى حل. إن الجانب الروسي يعمل بجد لفتح حوار بيننا وبين الحكومة، لكن حتى الآن الجهود الروسية لم تثمر، كما أن الولايات المتحدة لا تتدخل في هذا الأمر.
تظل القضية الكردية إشكالية تثير العديد من التساؤلات، لاسيما مع وجود أحزاب وإدارات كردية في بعض دول الجوار، ما هي علاقتكم بالحزب الديمقراطي الكردستاني العراقي (برزاني)؟ وهل هناك أي توترات بينكما؟
– نحن قوة عسكرية قتالية، لا نوالي أي حزب سياسي أو أي قومية بعينها، إنما نمثل شرائع وطوائف وإثنيات متنوعة هم سكان شمال وشرق سوريا، بينما الحزب الديمقراطي الكردستاني حزب كردي في أقليم جنوب كردستان والذي هو جزء من المشهد السياسي للعراق الفيدرالي وبالمثل هو جزء مهم من المشهد السياسي الكردستاني.
– إذاً والحال هذه فطبيعة التعريف مختلفة بين كلينا، هم حزب سياسي ونحن قوة عسكرية، وعليه فعلاقتنا أو تعاطينا هو على مسافة واحدة مع مختلف الأحزاب السياسية، سواء الكردية أو السورية، ولسنا جزءًا من تجاذبات السياسة أو الأيديولوجية، وليس هناك أي توتر بيننا وبين أي حزب سياسي، سواء كان حزبًا سوريًا أو كان حزباً كرديًا خارج الحدود السورية.
تظل قضية عودة اللاجئين السوريين ومعاناتهم بالخارج، بالإضافة إلى إشكالية أوضاع النازحين بالداخل أمرًا ملحًا، فما هي رؤيتك لسبل حل تلك الأزمة؟
– لا يمكن حل قضية المهجرين أو المهاجرين، أو النازحين، إلا بإزالة الأسباب التي هُجّروا أو هاجروا أو نزحوا بسببها والتي يمكن اختصارها باعتماد الدولة الحل الأمني للتعامل مع الحراك المطلبي السوري أولًا، ولجوء المعارضة إلى العسكرة ولغة السلاح ثانيًا، ونتيجة لهذا الصدام فتحت أبواب سوريا من جهاتها الأربعة أمام جحافل الإرهابيين الجهاديين، ومن ثم التدخل التركي واحتلاله لمساحات شاسعة من سوريا.
– ولكي يعود الناس إلى قراهم ومدنهم وتعود الأمور إلى نصابها، فعلى الحكومة أولًا الأعتراف بوجود أزمة حقيقة في البلاد، وأن هذه الأزمة تحتاج إلى حل سياسي توافقي، وفيما بعد على المعارضة أن تتخلى عن لغة السلاح والاحتكام إلى لغة الحوار ومن ثم يعمل السوريون على طرد الاحتلال التركي الذي يعمل على تهجير السكان الأصليين، وجلب التركمان الأويغور وغيرهم من العناصر التركمانية وإسكانهم في الشريط الحدودي الشمالي للتلاعب بالهندسة الديموغرافية في سوريا.
هذا طرح يشمل تشريحًا لتفاصيل الصراع السوري الدائر من 2011، وقد برز في خضم هذا الصراع خطر داهم على أمن سوريا بل والعالم أجمع هو خطر التنظيمات الإرهابية، ونعي أن هناك الكثير من الجهود المكثفة المبذولة لمكافحة هذا التنظيم، ولكن بالآونة الاخيرة بدأ هذا الخطر في العودة من جديد بعد دحره واستعادة السيطرة على معاقله في سوريا والعراق خصوصًا.
في رأيك لماذا تصاعد نشاط “داعش” في المنطقة الكردية ومحيطها مرة أخرى؟
– اعتقد أنك تقصد لماذا استهدفت داعش المنطقة الكردية بهجماتها، لأنه في الحقيقة لم يكن هناك أي نشاط لداعش في المنطقة الكردية. فداعش بعد أن أعلنت خلافته المزعومة وسيطر على مساحات واسعة من سوريا والعراق، أراد مباغتة الكرد والهجوم عليهم لسببين أساسيين، الأول: أنه من بين كل شعوب المنطقة فإن الشعب الكردي لم يكن لديه أحزاب الإسلام السياسي، والمسلمون الكرد هم عادة من الإسلام الوسطي المعتدل الرافض للفكر الجهادي والسلفية الجهادية، فأراد داعش أن ينتقم من هذا الشعب الشجاع الذي يجيد القتال جيدًا ويشكل خطرًا حقيقيًا على الإسلام الجهادي والسلفي. أما السبب الثاني، -الذي لا يقل أهمية عن الأول- فهو أن مناطق انتشار الكرد وإداراتهم سواء في جنوب كردستان(العراق) أو روج آفا (شمال سوريا) تشكل سدًا يفصل بين دولة داعش المزعومة وبين حليفتها تركيا، وهم بشن الهجوم على مناطق الكرد إنما يرغبون بالوصول إلى الحدود التركية ليكون على تماس مباشر مع حليفهم.
* يقودنا هذا إلى الحديث حول علاقة النظام التركي والتنظيمات الإرهابية، وعلى رأسها تنظيم داعش.
من واقع انخراطكم في محاربة داعش، هل من مؤشرات على روابط بين النظام التركي والتنظيمات الإرهابية في سوريا؟
-تؤكد كل المؤشرات والمعطيات التي بين يدينا وما عايشناه في هذه الحرب أن تركيا كانت تدعم وتساند داعش، وقدمت له كل إمكاناتها. فالمعابر الحدودية المشتركة بين تركيا وداعش كانت تعمل بشكل طبيعي، وكأنها معابر حدود رسمية بين دولتين، وجرحى داعش كانوا يتلقون العلاج في المشافي الحكومية التركية. كما اعتاد إرهابيو داعش على استخدام المطارات التركية ذهابًا وإيابًا، وكان لدى داعش المضافات (المقرات) في معظم المدن التركية، ووظيفة هذه المضافات هي استقبال الإرهابيين الأجانب والتنسيق لعبورهم إلى سوريا، وكذلك تجنيد الإرهابيين المحليين، بالمختصر هذه المضافات كانت بمثابة سفارات رسمية لداعش لدى تركيا وبشكل علني جهارًا نهارًا.
* بالحديث عن دعم الإرهاب وتورط العديد من الدول الاقليمية والنظم السياسية في الشرق الأوسط برعاية تلك التنظيمات، هل تعتقد أن قطر مازالت ترعى الإرهاب حتى الان؟
– أي دولة تدعم تنظيم الأخوان المسلمين أو تتماهي مع مخططات التنظيم العالمي هي حتمًا تدعم الإرهاب.
* إذا تدعم تركيا وقطر التنظيمات الإرهابية وعلى رأسها تنظيم الإخوان المسلمين، وتسعى كل منها في ضوء هذا الدعم إلى ممارسة أنشطة تهدد سلامة التركيبة الوطنية للعديد من الدول، وقد أشرت فيما سبق إلى أن “عمل تركيا على تهجير السكان الأصليين وجلب عناصر إرهابية؛ لإسكانهم في الشريط الحدودي الشمالي للتلاعب بالهندسة الديموغرافية في سوريا”.
ما هو تقييمك لعمليات التوطين التركية لعائلات التنظيمات الإرهابية في مناطق الشمال السوري؟
– تركيا بتلاعبها بالهندسة الديمغرافية لسوريا ترغب في تحقيق هدفين أساسيين، الأول: إحداث تغيير بالموازين السكانية، أي إحداث واقع تركماني في شمال سوريا؛ تستخدمه تركيا كذريعة لضم شمال سوريا إليها في إطار مشروعها المعروف بالميثاق الملي. والثاني: تسويق إسكان الغرباء في شمال سوريا بأنهم عوائل المهجرين أو المهاجرين والنازحين من مناطق الغوطة أو حماة أو حمص؛ لخلق ردة فعل سلبية بين المكون الكردي، وبالتالي إحداث شرخ سكاني، والعمل على فتنة عرقية بين الكرد والعرب في سوريا.
ما هي رؤيتكم لحل أزمة الدواعش المحتجزين وعائلاتهم بالمخيمات التي تديرها (قسد)؟ وما مدى صحة التقارير التي تشير الى هروب العديد منهم.
– مشكلة إرهابيي داعش المعتقلين لدى الإدارة الذاتية هي مشكلة ذات طابع دولي وسياسي، وبالتالي تحتاج إلى إلتزام كل الدول المعنية لوضع تصور حل قانوني لهذه المعضلة، فهم عدا عن كونهم ينحدرون من أكثر من 50 دولة حول العالم، فإنهم إرهابيون يهددون الأمن والسلم العالمي وبالتالي هي مسؤولية دولية. أما فيما يتعلق بالتقارير التي تتحدث عن تهريبهم فهي تتعلق بعوائل داعش المنتشرين في مخيمات شمال وشرق سوريا، وهذه المخيمات هي عبارة عن تكتلات بشرية ضخمة في أماكن يصعب السيطرة عليها، ولا يخلو الأمر من تشكل عصابات التهريب في هكذا ظروف، والتي تعمل على تهريب عوائل داعش إلى تركيا.
*إن تشكل هكذا عصابات وعملها على ما وصفته بـ “تهريب عوائل داعش إلى تركيا”، يدفعنا للحديث حول إشكالية التمركز العسكري التركي في المناطق الكردية.
ما هي وجهة نظرك في هذا التمركز العسكري التركي في المناطق الكردية في سوريا والعراق كـ (بعشيقه وجبال قنديل)؟
– كما أسلفت في إجابة سابقة، تركيا لديها مخطط معلن، وهو تطبيق أوتنفيذ ما تسميه هي بـ “الميثاق المللي التركي”، والذي يتخذ من العرق التركي أساسا لبناء وتنفيذ هذا الميثاق، والذي بموجبه تدعي تركيا أنها خسرت ولايتي الموصل وحلب بعد توقيعها هدنة مودرس عام 1918م، وبالتالي تطالب بعودة هاتين الولايتين للسيادة التركية. وهاتين الولايتين حسب التقسيمات الإدارية لتلك المرحلة تتضمن مدن (اللاذقية وإلب وحلب والرقة ودير الزور والحسكة وكركوك ودهوك أربيل)، وللعلم فإن تركيا تضع هاتين الولايتين ضمن الولايات التي تخصص لها ميزانية سنوية في مناقشات الموازنة التركية وبشكل ترمزي تخصص لكل ولاية ليرة تركية واحدة كميزانية سنوية.
* بالفعل هي استراتيجية نرى في جنباتها العديد من البرامج الهادفة لتطبيق رؤية تركية خالصة تهدد أمن وسلامة الإقليم، وأحد أبرز أدواتها التنظيمات الإرهابية، وقد كشفت العديد من التقارير مؤخرًا حول نشوب معارك وأعمال قتالية فيما بين تلك التنظيمات، لاسيما تلك الموجودة داخل المناطق الكردية
ما هو تقييمك للمعارك الجارية بين التنظيمات الإرهابية الموالية لتركيا في المناطق الكردية؟
– الأمر بسيط جدًا، وتركيا تلعب بخبث وذكاء، وهي محظوظة بهؤلاء المرتزقة الذين ارتهنوا للإرادة التركية لا يدركون مخاطر وأبعاد ما يقومون به. وفي كل مناطق الاحتلال التركي، تعمل أنقرة على تقديم كل أنواع الخدمات وتأمين سلامة المدنيين في القليل من القرى التي يتمركز فيها الجنود الأتراك، بينما تطلق يد مرتزقتها وإرهابييها من فصائل المعارضة السورية؛ لبناء قناعة إجتماعية لدى السكان المحليين بأن الأتراك أفضل من مرتزقتهم، وبالتالي يضطر السكان للاستنجاد بالأتراك والطلب منهم بإرسال جنودهم وجيشهم إلى تلك القرى بدل فصائل المعارضة المرتزقة.
* تأسيسًا على ماسبق، ووفقًا لما أوضحته من استراتيجية تركيا لتوظيف المرتزقة في مجريات الحالة السورية، وفيما يتوارد عن مصادر سورية، قُدرت أعداد المرتزقة السوريين بليبيا نحو 7500 شخصًا.
ما الدور التركي في عمليات نقل المرتزقة السوريين وغيرهم من الفصائل الموالية لتركيا لتطبيق النموذج السابق في مدن غرب ليبيا؟
– تركيا ومنذ بدء الأزمة في سوريا، استخدمت أراضيها ومطاراتها ووسائل نقلها كمنطقة عبور آمن من وإلى سوريا، وكذلك منطقة عبور آمن لكل الإرهابييين من العالم إلى سوريا وبالعكس. وصارت مدينتا “عنتاب” و “إسطنبول” من أهم المحطات التي ينتقل عبرها الإرهابيون، سواء من العالم إلى سوريا أو من سوريا إلى العالم، وبالطبع ليبيا حاليًا هي الوجهة الأساسية للإرهابيين، وتركيا عرابة هذا الانتقال وتقدم كل المساعدات والتسهيلات اللازمة.
* إن تصريحك سيادة الجنرال “عبدي” بأن المدن التركية هي مناطق عبور للإرهابيين، وكما قلت “سواء من العالم إلى سوريا أو من سوريا إلى العالم”، يثير لدينا تساؤل.
هل جرى تسجيل عودة أي من المرتزقة الذين قاتلوا لصالح تركيا في ليبيا؟ وكيف تعاملت تنظيماتهم معهم؟
– علينا هنا أن نميز بين قادة الفصائل المقاتلة وبين المقاتلين، فقادة الفصائل هم بيادق بيد الدولة التركية ويتناوبون على السفر إلى ليبيا، ويتبادلون الأدوار والأمثلة على ذلك كثيرة. أما المقاتلون، فهم إما مرتزقة أو مغرر بهم أو مجندون تحت إلحاح حاجاتهم المادية وفقر حالهم، هؤلاء لا خيارات لهم بالعودة، ينقلون إلى تركيا لتلقي التدريبات اللازمة ثم يتم شحنهم بطائرات الشحن التركية من إسطنبول إلى طرابلس وهناك لا خيارات لديهم، إما القتال أو الموت أو الوقوع في الأسر.
* إن التحركات التركية فيما يتعلق بسوريا وليبيا وشرق المتوسط هي بالاساس أنشطة مزعزعة لاستقرار دوائر الأمن القومي المصري، ومصر تدعم بكل أدواتها الموقف السوري والليبي القاضي بوحدة الدولة الوطنية والقضاء على خطر التنظيمات الارهابيية. ومع مثل هذه الأنشطة تركية في دمشق أوطرابلس، أعلنت مصر أنها لن تتهاون مع المساس بتلك الثوابت. وفي ضوء التحركات المصرية الهادفة للاستقرار في الإقليم، وعلى وجهة الخصوص للدولة السورية.
ما هي طبيعة علاقتكم بمصر؟ وما تقديرك لدورها بالأزمة السورية؟
– إن مصر بما لها من وزن ومكانة في المنطقة والعالم يمكننا القول إن السلام والاستقرار في المنطقة مرهون بالدور المصري، وتوجد نسبة كبيرة من السوريين بمختلف مشاربهم وانتماءاتهم يعتقدون أن مصر قادرة على ممارسة دورها الفاعل والمأمول منها في سوريا. وحينما سيطر الأخوان على مقاليد الحكم في مصر، كنا على يقين بأن الحضارة المصرية الضاربة بجذورها في عمق التاريخ لا يمكن أن تتقبل الانقياد للمشروع التركي الغريب عن ثقافة أهلها وناسها، وأكدنا على يقيننا هذا في كل نقاشاتنا بأن الشعب المصري سيسقط هذه التجربة، وسيتجاوزها بقوة وإصرار، وهو ما حدث.
– نحترم مصر الشعب والحكومة والرئاسة ونأمل منها أن تقوم بدور يتناسب مع حجمها في حل الأزمة السورية، ومن جانب نرحب مرة أخرى بمثل هذا الدور.
– المرصد المصري
https://marsad.ecsstudies.com/31350/?fbclid=IwAR3WpZHySuvRNGgfh9YvDfz4VyMkk8G4N3HfHJ17HqldKXGD-hBZzIb2KTk
أسبوعين مضت
4 أسابيع مضت