حروب تركيا القذرة، عفرين نموذجاً
أمين عليكو
الحرب يجب أن تخاض دوما من أجل السلام” (هوغو دي غروت)
قد يكون هذا القول مثالياً لدى البعض، وهذا لا ينفي ضرورة أن يكون هناك هدف مشروع من أي سياسة ومن أي حرب لتنتهي عند تحقيقها، ولا بد من أن نعيد للذاكرة بأن كل الحروب التي تم خوضها بأهداف توسعية على خلفيات دينية وبأيديولوجيا دينية كانت الأشرس والأكثر وحشية واراقة للدماء، وعلى هذه الأسس أصبحت كل حروب حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، لأجل إبادة الشعوب والثقافات وصهر المجتمعات في بوتقة مستنقعات أفكارها الآثنة المؤسسة على الأيديولوجيا الاخوانية، هي نموذج الحروب القذرة.
عبر تاريخها العثماني إلى اليوم الراهن، وبشتى أنواع الإرهاب المؤدلج داخل كل البلاد العربية وصولاً للخلايا الارهابية في كامل أوروبا والعالم، مروراً بالمجازر التي ارتكباها العثمانيون بحق( الأرمن، العرب، السريان، الكرد ، الأشوريين ، اليونانيين ) أثبتت تركيا لا أخلاقية وقذارة حروبها ، وما يفعله جيش الاحتلال التركي اليوم ومعه مرتزقته المأجورين تحت مسمى الجيش الوطني السوري التابع للائتلاف السوري، والذين تحولوا إلى مرتزقة في ليبيا و اليمن و العراق والجغرافيا السورية تشهد بالدليل القاطع بأن أردوغان ودولة الاحتلال التركي يستخدمون هؤلاء المرتزقة لمآربهم التوسعية والارهابية المستمدة من ارث العثمانية المقيتة.
وتعد حرب دولة الاحتلال التركي وكيانه الارهابي ومرتزقته السوريين الجهاديين على عفرين واحتلالها من أوضح الأمثلة على هذا النوع من الحروب التي تبتغي الابادة العرقية للكرد أصحاب الأرض تاريخياً، فالمجازر والفظائع بحق المدنيين والأبرياء تتكرر بشكل يومي و بعيد كل البعد عن أدبيات وأخلاقيات الحروب، و برغم أننا حتى لا نستطيع تسميتها حروب منصفة بين قوتين متعادلتين، و كذلك لن نكون منصفين بقبول هذه الحرب التي استباحت كافة الأعراف والقيم الإنسانية والاجتماعية والدينية والتي تمت تحت أنظار العالم وفي ظل صمت دولي واقليمي يندى لها جبين الانسانية، وما يحدث من اجرام و قتل تشهدها جميع المناطق السورية المحتلة تركياً، ناهيك عن اجرام النظام، وهي انتهاكات ممنهجة بل متعمدة بحق الشعب السوري، حيث يستهدف المدنيين، و يتم اجراء التغيير الديمغرافي، وتمسح الهوية الكردية، ويسرق تاريخها وآثارها، وتهدم دور العبادة، ناهيك عن إتلاف الشجر والحجر و النصب التذكارية. إنها إبادة عرقية يقوم بها الاحتلال التركي الذي يدعم المرتزقة الذين يخدمون أجنداتها ومصالحها التوسعية بغية نشر الارهاب والأحقاد بين المكونات السورية، وكل ما سبق ليست حوادث فردية كما تدعي الماكينة الاعلامية لتركيا ومرتزقتها ومموليها الدولة المجهرية قطر.
إن التجاوزات الأخلاقية للحرب ليست فقط مقتصرة على الاشتباكات العسكرية، كل أساليب الحروب القذرة باتت اليوم وسيلة للمتاجرة والكسب والنهب من قبل الاحتلال التركي ومرتزقته، وما توارد من أنباء هذه الأيام من عفرين المحتلة من خطف واعتقال النساء على يد المرتزقة المدعومين من دولة الاحتلال ليست سوى الزبد الذي يخفي تحته الفظائع التي ترتكب كل يوم، وقد يطول السرد في هذا السياق من قتل المدنيين والسيارات المفخخة التي تقتل العزل في وسط الأسواق الشعبية، وكذلك الإشتباكات اليومية بين الفصائل على المسرقات في شوارع وأزقة المدينة ووسط الناس، ناهيكم عن سرقة المحاصيل الزراعية والابتزازات والقتل و الذبح والخطف والاغتصابات ، في ظل صمت المجتمع الدولي وعدم تمكنه حتى من حماية المدنيين في مناطق وجود الاحتلال التركي .
وبالعودة إلى بيان المرتزقة الذي أكد على وجود نساء عاريات في سجون الفصائل الإرهابية التركية، وبمعزل عن الجهة التي أصدرته، هذا غيض من فيض ما يحدث حقيقة في عفرين، و هي بصمة عار على جبين المجتمع الدولي و مجلس الأمن وحلفاء الاحتلال التركي. اليوم تهتز القيم وتنهزم أمام وحشية المحتلين العثمانيين بحق أهالي عفرين و باقي المناطق السورية وصولاً إلى ليبيا والعراق، فالقتل والابادة أصبحتا سبيلاً لبقاء حزب العدالة والتنمية بقيادة المجرم وراعي الإرهاب اردوغان.
وهذا الأردوغان يمارس كافة أنواع القمع والأساليب اللامشروعة بحق البرلمانين ورؤساء البلديات داخل تركيا أيضاً بالاضافة للقمع الممارس على السياسيين والاعتقالات التعسفية الى ما هنالك من سحق للحريات والصحافة، وهو يخوض حرب إبادة بحق الشعوب وخصوصاً الشعب الكردي أمام شلل وعجز المحكمة الجنائية الدولية التي أو شكت على الانتهاء برغم تخصصها بجرائم الحروب ضد الإنسانية والدفاع عن الحقوق المدنية ومراعاتها. إن المنطقة تنحدر نحو الأسوء في ظل غياب رادع دولي للفاشية التركية التي تمارس البلطجة والقرصنة والجرائم بحق الشعوب ودول المنطقة مستبيحة كل القوانين الدولية والانسانية.