أيّها الفراغ لا عليك كنتَ ممتلئاً بي
أيّها الفراغ لا عليك كنتَ ممتلئاً بي
حينما تضجُّ شفاهي بالصمت يصيرُ فمي لفافةَ أسئلةْ
وهذا لساني الذي يدورُ في فمي
كما تدور ألسنتهم أودّ لو أُباغتهُ بالكلام
لأحملني قريباً منــــــــــــي أروّض ما بيني وبينـــي،ُ
كي أسترَ العزلة التي تعرّينــــــــــي
كيفَ… ؟ وأنا العالقُ بين مرايا صدئة
أدسُّنــــي للأمام أُمسّدُ الظلمة بالضوء كي لا يترنح بي ظلـــــي
فأنا، من وجع الرجولة دسستُ الخسارات كلّها في معطف بالٍ ،
أسرجتُ قامتي ، هَززتُني بوجه الريح وآثرتُ المسافةْ!
بحزمة صبــــــرٍ تلو الأخرى أَسندتُ انكساري،
نسجتُ الخطى فوق الكبوات ، تلك الكبوات التي عادة ما يفرزها الطريق
مددتُ قامتـــــي ،رميتُ برأسي ،فوق متن الغيم وتركتُ حذائي تلهو فوق رأس السقوط!
يالَهذه الجدران ! لقد صدقت بوعدها
يوم اعتَدَتْ لي متكأً بينها ،وقالت هيتَ لك !!
يا لتلك الجدرانُ التي تناسلت وراحت تملأُ الجهات
لا أدري ، أي جدار منها يناصبني الصـد،
آه !لو تختفــي لو يختفون… لربَّما سأنسج لي عزلةً فارهـةْ
علَّقتُ اسمكِ على حبل النسيان، جفَّ كلّ ما حولي جفَّ
بين حينٍ وحينْ أطلقُ القلبَ باتجاه النافذة
لكيلا أقترف الحب أَحطتُ قلبي بالأشواك، كسيتُ الأحاسيس بالسذاجةْ
وهمستُ في السر، ألا هبي لنجدتـي!
سأستعير خاصرةً لا تطالها الحراب وأناملَ محشوة بالورود، وعينينِ ممدودتينِ وراء الجدار، سأستعير ظلاً لا يقرضهُ الضوء وخطىً مؤطـــرة بالحـــــذر،
ولحظة ما تكفّ المرايا عادة الوخز والزوايا تقذفُ مرغمةً ما خبأتْ،
حينها سيكون باستطاعتي المرور إليكِ أنتِ لا غيرك
دون أن يعبأ بمروري أحـــــد !
قلتُ لي: قبل الغياب ترَّفقْ بخطوة البدء والجمْ خطاك قبل السراب
فأنـّـــــــى لكَ بشفاهٍ – كما أوهَموكَ- تطلق الابتسامات،
وعينينِ برّاقتينِ تخلوان من أسى
وملامح رقراقة لا تشي بالوجع،
أنّــــــــــــى لكَ بوجهٍ إذا طلَّ (يخدع) الناظرين
وكفينِ ممدودتينِ لا وقتَ ما تريدهُ أنتَ
بل وقتَ ما يريدون هم للسلام!
ففي حانة الحياة تحتّـم عليك
الكؤوس الممتلئة أنْ تُبـقي كأسكَ فارغةً …
لكنّكَ إنْ أبقَيتَ ، حذار.. من أن تُسكرك َالغفلةُ
فيفيض فراغ الكأس على فراغك !
لم أدسني في الفراغ اكتشفتُ انهُ امتدَّ بي حد العزلة،
أيها الفراغ لا عليك… كنتَ ممتلئاً بي وستبقى !
النص / من مجموعة غواية الصلصال الصادرة عن دار رند في دمشق عام 2011م