الحدث – القاهرة – بقلم / نادية حلمي
شهدنا خلال الأيام الماضية تصاعد للتوتر فيما بين أمريكا والصين خاصة مع انطلاق أول محادثات رفيعة المستوى بين البلدين في عهد بايدن.. وتم توجيه اتهامات حادة لبكين من الجانب الأمريكي والادعاء بأنها تهدد الاستقرار العالمي؟
فما هي انعكاسات ذلك التوتر على مستقبل العلاقات بين البلدين خاصة وأن هناك نشاط للتدريبات العسكرية الصينية في بحر الصين بعد إجراء مناورات عسكرية أمريكية قرب بحر الصين الجنوبي؟ وهل سنشهد خلال الفترة المقبلة تصاعد حربا باردةً بين البلدين؟ أم كيف يكون شكل التصعيد من وجهة نظر حضرتك؟
وهل لذلك التصعيد علاقة بالأسلحة الكورية الشمالية الحديثة التي سبق وتم الإعلان عنها؟ وهل يمكننا أن نقول بأن الطريق للحوار بين بيونج يانج وواشنطن أصبح مسدودا خاصة بعد تصريحات مسئوليها بأنها ترفض الحوار حتى تغير الأخيرة من سياساتها؟
تعتقد الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة (جو بايدن) بأن “التعامل مع قوة الصين الصاعدة، يعد أحد الأهداف العسكرية الرئيسية للولايات المتحدة في العقود المقبلة“.
وقد شعرت الإدارة الأمريكية الجديدة بالقلق من السرعة التي بنت الصين فيها العديد من (الجزر الصناعية في بحر الصين الجنوبي، فضلاً عن تجهيزها بالأسلحة المتقدمة لضمان السيطرة عليها مما يضر بالمصالح الأمريكية ومصالح حلفاء واشنطن الإقليميين كاليابان وكوريا الجنوبية)، وهذا يعد تحد واضح للقوانين الدولية، وفقاً للائحة إتهام واشنطن لبكين في هذا الصدد.
وتكمن خطورة سيطرة الصين على معظم المساحة والجزر الإصطناعية في بحر الصين الجنوبي، بالنظر إلى حجم التجارة الذي يمر في هذه المنطقة، والذي يصل إلى 5.3 تريليون دولار سنوياً.
وهذه التحركات الصينية تثير غضب وقلق كبير في واشنطن، حيث أن الإدارة الأمريكية الجديدة، تعتبر بأن تلك “الممارسات الصينية في بحر الصين الجنوبي ترقى إلى محاولة صينية لإمتلاك القدرة على قطع شريان التجارة العالمية الرئيسي الذي يمر عبر تلك المنطقة في بحر الصين الجنوبي“.
وبناءاً عليه، تقرأ الولايات المتحدة الأمريكية التحركات الصينية الإقتصادية بتوجس شديد، خصوصاً أن حراك بكين الإقتصاديقد نما وتطور بإطراد، رغم كل تلك الأزمات الإقتصادية العالمية، مما يشكل خطراً حقيقياً يهدد المصالح والنفوذ الأمريكي في العالم.
ومن هنا، تنبهت إدارات واشنطن المتعاقبة على نمو الإقتصادالصيني منذ وقت مبكر، لكن إتخاذ خطوات عملية لتأخير عملية نموه وإبطائها لم تكن إلا خلال ولاية الرئيس (دونالد ترامب)، إذ فُرضت رسوم جمركية تبلغ 50 مليار دولار أمريكي على السلع الصينية، بموجب (المادة 301 من قانون التجارة الأمريكية) لعام 1974 المتعلق بـ (الممارسات التجارية غير العادلة) وسرقات الملكية الفكرية.
وزادت التخوفات الأمريكية من الصين، خاصةً بعد نقل العديد من الشركات الأمريكية إنتاجها إلى الصين للتمتع بميزة إنخفاض تكلفة العمالة، ولكن كان على هذه الشركات دفع ثمن باهظ نظير الإنتقالللصين، “فإن إنتقال الشركات الأمريكية إلى الصين، أدت إلى نقل التكنولوجيا الأمريكية معهم أيضاً، ونقل حقوق ملكيتهم الفكرية أيضاً للسوق الصيني“. وفقاً لإتهام واشنطن لبكين.
وحتى تلك الشركات الأمريكية التي لم تنتقل للصين، إتهمتهاواشنطن بأنها وجدت أن الصينيين قد حاولوا التسلل لأسرارها التجارية. لذا وضعت وكالات إنفاذ القانون في الولايات المتحدة قائمة طويلة من الإتهامات ضد أفراد صينيين وشركات للتجسس والقرصنة الإلكترونية. حيث نجد الآن أمام (الكونغرس الأمريكي) أكثر من 1000 تحقيق على الأقل من التحقيقات التي أجريت مؤخراً سرقات فكرية من مؤسسات أمريكية تشير بإصبع الإتهامإلى الصين.
وقادت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) خطة الحرب لكسر نفوذ الصين، عبر تشكيل فريق لصياغة إستراتيجية جديدة للتعامل مع صعود الصين ونفوذها.
وحتى جنرالات الجيش الأمريكي نفسهم أكدوا خطورة صعود الصين على مصالح الولايات المتحدة الأمريكية، ويعد واحداً من أبرز الكتب التي ظهرت في واشنطن خلال الفترة الأخيرة هو كتاب الجنرال الأمريكي المتقاعد (روبرت سبالدينغ)، فمنذ تركه الجيش قام بتأليف كتاب عنوانه “حرب السرية: كيف سيطرت الصين، بينما النخبة الأمريكية نائمة“.
ولدى سؤاله عن التهديد الذي تمثله الصين للمصالح الأمريكية قال الجنرال (سبالدينغ)، بأنه: “أكبر تهديد وجودي منذ الحزب النازيفي الحرب العالمية الثانية“.
كما وجهت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) في واشنطن إتهامات لبكين، فبوصفها القوة الإقتصادية الثانية في العالم، إتهمتها الولايات المتحدة الأمريكية، صراحةً بأن “الصين لها القدرة على الوصول للحكومات والمؤسسات في الغرب بدرجة تتجاوز ما كان عليه السوفييت بكثير، خاصةً مع تشييد الصين وبناءها جزراً صناعية في (بحر الصين الجنوبي) تهدد مصالح واشنطن وحلفائها الإقليميين في منطقة شرق آسيا والمحيط الهادئ كاليابان، وكوريا الجنوبية“.
وتبلور عمل وزارة الدفاع الأمريكية(البنتاغون) في صياغة (إستراتيجية الأمن القومي الأمريكي الجديدة)، والتي نشرت فيديسمبر عام 2017. وإعتبرت بأنها (الوثيقة الرئيسية في الحكومة الأمريكية التي يجب أن تسترشد بها كل الوزارات)، فكانت تلك الوثيقة بمثابة تحولاً عميقاً تجاه الصين.
على الجانب الصيني، فقد شهدت السنوات الأخيرة تحولاً سلبياً واضحاً في المواقف الصينية نحو الولايات المتحدة، ومن المهم إدراك أن هذا التحول تواكب مع وصول الرئيس (ترامب) للبيت الأبيض.
وهنا نجد أن (الحوار السياسي الدائر) حالياً بين واشنطن وبكين في ولاية ألاسكا الأمريكية بين وزير خارجية الصين (وانغ يي) والمسئول الصيني البارز (يانغ جيتشي) مع نظرائهم فيواشنطن، ليس هدفه التغلب على الصين، بل للبحث عن أفضل السبل لتحقيق ذلك. ويفضل أغلب الديمقراطيين في إدارة الرئيس الأمريكي الجديد (جو بايدن) التعاون مع الحلفاء كاليابان وكوريا الجنوبية لتطويق وإحتواء النفوذ والتغلغل الصيني. ومن هنا، كانت بداية التحركات الأمريكية الجديدة خلال فترة ولاية الرئيس (بايدن)، هو تلك الزيارة الهامة لوزيري الدفاع والخارجية الأمريكية (لويدأوستن) و (أنتونى بلينكين) إلى كلاً من اليابان وكوريا الجنوبية من أجل البحث عن أفضل الطرق والوسائل لتطويق واحتواء الصين.
وتم خلال تلك الزيارة التشديد والتأكيد الأمريكي الحازم أمام حلفائها في اليابان وكوريا الجنوبية على أهمية (التحالف الثلاثي، وبلورة وتشكيل الموقف المشترك القوى لحلفاء واشنطن لمجابهة “التحديات غير المسبوقة” التي تمثلها كلاً من كوريا الشمالية والصين“.
كما أوضح وزير الدفاع الأمريكي الجديد (لويد أوستن) خلال زيارته لطوكيو صراحةً بأن (تحالف واشنطن مع طوكيو يعد هو “ركيزة للأمن في بحر الصين الجنوبي” ضد تحركات الصين). مع تأكيد (لويد أوستن) بأن الدفاع والدبلوماسية بين واشنطن وحلفائها “يقويان بعضهما البعض” ضد نفوذ الصين.
وتعد أبرز المسائل والتنسيقات الأمريكية مع حلفائها هي بحث ومناقشة (الوضع الأمني في شبه الجزيرة الكورية، ونقل حق السيطرة على العمليات في زمن الحرب، والتعاون الأمني الثلاثيبين واشنطن واليابان وكوريا الجنوبية ضد نفوذ وتحركات الصين والأسلحة النووية لكوريا الشمالية).
أسبوعين مضت
4 أسابيع مضت