الحدث – القاهرة
كل يوم يتحفنا أردوغان بتصريحات وبيانات مثيرة للجدل وحتى الشفقة بعض الأحيان على جمهوره ومريديه الذين يصدقون كل ما يقوله أو يتفوه به هذا المعتوه بين الفينة والأخرى. ما تم الترويج له عن مشروع أردوغان أو حملته من أجل إعادة كتابة الدستور من جديد وإعادة النظر بقوانين حقوق الانسان في تركيا وأنه سيعمل على تحسينها وفق معايير أردوغان ومنطقه في ذلك، استبشر الكثيرين بالخير أن تركيا أردوغان تعيش مرحلة إعادة البناء بعد الفشل الذي لاقته على كافة الأصعدة.
لطن في نفس الوقت هناك الكثير ممن لا يصدف كلام أردوغان وأوقاله التي ليس لها أية علاقة بالواقع وإنما هي فقط كلام في الهواء يطلقه أردوغان لخداع الآخرين على أنه قد غيَّر جلده كما تفعل الأفعى. وأفضل من ردّ على أردوغان في هذا الشأن هو وزير الخارجية المصري سامح شكري حينما ردَّ على أقوال الغزل التركي لمصر هو أنه “يريد أفعال لا أقوال”.
الك بات يُدرك ويعلم ما قدمه أردوغان لكل الجماعات والفصائل الإرهابية والمرتزقة إن كان في سوريا أو العراق أو ليبيا أو أرمينيا وغيرها من الدول، أن ما قدمه أردوغان من دعم مادي ولوجستي لتلك الفصائل كان أكبر بكثير ما يمكن مواراته أو تخبئته عن أعين العالم الذي كان يتابع تفاصيل تنقل هؤلاء الإرهابيين من كل دول العالم نحو تركيا ومنها إلى سوريا والدول الأخرى. تفاصيل بات الجاهل يعلم بها ما عدا الذين فقدوا حاسة البصر والبصيرة الذين أعمتهم درجة عبوديتهم لأردوغان الذي جعلوا منه صنماً يتعبدونه من غير الله، واتخذوه خليفةً وسلطاناً عليهم وهم في غيّهم يعمهون.
وآخر ابداعات القضاء التي الذي يدَّعي أردوغان أن مستقل ولا سلطة عليه عير سلطة الوجدان والضمير هو قيام هذا القضاء الأردوغاني بالحكم على الفتاة الكردية جيجك كوباني بالسجن والحبس المؤبد، والتهمة هي محاربتها داعش والفصائل الإرهابية المدعومة من أردوغان وهي تحتل مناطق في سوريا. هذه الحادثة كل العالم شاهدها على التلفزة ومواقع التواصل الاجتماعي، كيف أن ذئاب أردوغان الرمادية الإرهابية كيف اسروا هذه الفتاة وكيف كانوا يطلقون عبارات الترهيب والوعيد بقتلها. الآن وبعد أن تم نقلها لتركيا منذ أكثير من عام جرت محاكمتها بشكل صوري وليكون قرار المحكمة هو الحبس المؤبد.
إذاً، في عُرف أردوغان وأخلاقياته السياسية أن كل من يحارب داعش والمرتزقة سيكون مصيره الحبس المؤبد في أحسن الأحوال إن هو انتشر اعلامياً وإن لم يسمع به أحد سيكون مصيره القتل في كما حدث لمئات الأسرى الذين تم اعتقالهم على يد نفس الإرهابيين والمرتزقة.
المقاتلة جيجك كوباني بكل تأكيد لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة من النسوة اللواتي تعرضن لمثل هذه الأحكام الجائرة من قبل القضاء التركي الأردوغاني. فسجل تركيا متخم حتى درجة العفن بمثل هذه القضايا البعيدة كل البعد عن المعايير الإنسانية والدولية التي تولي الانسان حق الحياة.
منذ تشكل الجمهورية التركية 1923 وحتى الآن يمكن سرد مئات أو آلاف الأحكام الجائرة التي تمت بحق الشعوب التي تعيش على أرض تركيا بشكل عام، وما لاقته النساء من جرائم بشكل خاص خلال هذا التاريخ المليء بآلام وحزن وأنين عشرات الآلاف من النسوة اللواتي ما زال صدى صراخهن يسمع من أقبية السجون التركية ووديان وكهوف الجغرافيا في تركيا على العموم.
فمن أعدم هفرين خلف الرئيسة المشاركة لحزب سوريا المستقبل ومن قتل ومثل بجثة بارين كوباني في عفرين ومن قتل غيرهن العشرات ممن تصدين للإرهابيين والمرتزقة، بكل تأكيد لن يكون لديه قضاء عادل ولا حتى مصداقية في أية كلمة وقول يتفوه به.
لذلك فأن أي حديث أو قول عن إعادة كتابة الدستور مجدداً أو إعادة النظر في نصوص ومعايير حقوق الانسان في تركيا من جهة، أو أن تركيا وأردوغان يعيدون النظر بعلاقاتهم مع دول الجوار وخاصة في مصر، كل من يصدق ذلك فإما هو واهم أو جاهل بحقيقة الجغرافيا والتاريخ التركي الذي هو نسخة قذرة عن التاريخ العثماني بكل مراحله الممتدة لأكثر من أربعمائة عام وأكثر.
بكل تأكيد أن شخصية أردوغان المثيرة للجدل للكثير من المتابعين والمعروقة للبعض يدركون بأن أردوغان وتكوينه الشخصي والنفسي لا يختلف البتة عن أي سلطان عثماني حكم المنطقة باسم الخلافة، بل حتى يمكننا القول بأن أردوغان ما هو إلا حالة مكثفة لكل القُبح والظلم العثماني، وما هو إلا تراكم لموروث وعادات وتقاليد العقلية العثمانية في القتل والدمار وجز الرؤوس وقتل أقرب المقربين لهم والتخلص منهم إن كان الحفاظ على السلطة يتطلب ذلك.
بكل تأكيد أن جيجك كوباني وهفرين خلف وبارين كوباني وغيرهن من الفتيات اللواتي حملن سلاح الكرامة للدفاع عن وجود وحقيقة المجتمعات في المنطقة ضد كافة هجمات الفكر الإرهابي الذي لا ينمو إلا في مستنقعات الفكر الأحادي الذكوري الذي تكون فيه المرأة لها حق الحياة فقط على فراش الاغتصاب وعبدة باسم الزواج أو أن تموت وتقتل تحت ألاف المسميات والحجج والفتاوي التي يطلقها مشايخ السلطان، الذين لا يقبلون بتواجد المرأة في أي مكان سوى في الحرملك العثماني.
ربما يتم النظر إلى جيجك كوباني وهفرين خلف وبارين كوباني كحالة فردية، لكن وبكل تأكيد يمثلون مجتمعاً بمقاومتهن لهذا الإرهاب المنتشر في المنطقة إن كان بأوامر مباشرة من أردوغان أو عن طريق أدواته من الإرهابيين والمرتزقة، الأولاد الشرعيين من الفرق الاردوغانية الحميدية لفكر أردوغان ونحن في الربع الأول من القرن الحادي والعشرين. فما حدث في عفرين وسري كانية/رأس العين وكري سبي/تل أبيض بشكل عام وشنكال/سنجار على وجه الخصوص، لا يمكن أن ينساه أي انسان يحمل بين جنباته ولو قليلاً من الأخلاق والضمير كي يعترف بأن أردوغان قد تحول إلى الحمل الوديع.