الإثنين 25 نوفمبر 2024
القاهرة °C

تركيا… المخلب السام، ومحاولات السطو على مصر

يشنُّ الرئيس التركي غارات خطابية شديدة اللهجة ضدَّ دول المنطقة. وفي كل مرة يظهر الرئيس التركي بين أعضاء حزبه مغيراً من صِيغِ مفرداته وصولاً إلى الخروج عن طور الدبلوماسية واللباقة السياسية والاستغراق في أوهامه وأحلامه المريضة بالعثمانية القديمة.

يقول أردوغان في أحد خطاباته أمام أعضاء حزبه في البرلمان التركي:

ـــ تركيا هي أكبر من تركيا الحالية ويجب أن تعلموا ذلك

لذلك لا يمكن أن نكون محاصرين في 780 ألف كيلو متر مربع

لأن حدودنا الجسدية وحدودنا القلبية مختلفة

ـــ قد يكون اخواننا في الموصل وكركوك والحسكة وحلب وحمص ومصراته وسكوبي وشبه جزيرة القرم خارج حدودنا المادية، لكنهم ضمن حدودنا العاطفية وفي قلوبنا

ـــ سنتصدى لأولئك الذين يحاولون تحديد تاريخ دولتنا وأمتنا ب 90 عاماً

ـــ سنتخذ كل أنواع التدابير وسنعيد النظر في الكُتب المدرسية ابتداءً من التعليم الابتدائي

ـــ يجب أن نتخذ كل التدابير لنجمع أمتنا مع ثقافتها وحضارتها وتاريخها العثماني.

هذه الأقوال تحمل في طياتها دلالات خطيرة، وهي مؤشرات واضحة على العقيدة العثمانية المتجذرة في ذهنية رأس النظام التركي رجب طيب أردوغان، وتدل على خطورة مسار عملياته في الشرق الأوسط.

والسيناريوهات السيئة التي تفرضها تركيا على دول الشرق ابتداءً من سوريا والعراق وليبيا وإثيوبيا باتت ملموسة، ومحاولات اصطباغ أنظمة الحكم في هذه الدول باللباس الإخواني هو هدف النظام التركي للسيطرة وتوسيع مناطق النفوذ وهو يتمدد شيئاً فشيئاً، ويحتل الأراضي ويغير الجغرافيا والديمغرافية في ظل صمت رهيب من المجتمع الدولي.

رسائل السلطان العثماني الخبيث تصبح أكثر شدة بالتهديد والوعيد ضد الدول العربية بالتدخل في شؤونها، والضغط والتضييق عليها وخنق كل من يقف حجر عثرة أمام توسع الامبراطورية العثمانية وممارسة أبشع الأساليب بحق شعوب هذه الدول كالتحكم بِنسَبِ المياه المتدفقة في الأنهار التي تعتبر شرايين الحياة لهذه الدول، وتأليب بعضها على بعض كما في مسألة سد النهضة بين مصر وإثيوبيا والمفاوضات الجارية بينهما ومحاولات تركيا إفشالها لتضع النظام المصري اللاإخواني تحت أقصى درجات الضغوط المصيرية التي تتعلق بمياه النيل الأزرق مخالفة بذلك كل القوانين الدولية.

وفي السياق يشير موقع ــ المَرْجِع ــ في مَلفٍّ أعده عن «أردوغان وآبي أحمد يد واحدة.. دور تركي مشبوه لدعم سد النهضة»  إلى أسباب العلاقات بين تركيا وإثيوبيا وأهدافها

ويستعرض الموقع كيفية اختراق تركيا للمجتمع الإثيوبي عبر القوة الناعمة وسلاح المساعدات الإنسانية فضلاً عن التحكم التركي بالاقتصاد الإثيوبي ومن ثم السيطرة على جميع قراراتها

وتناول الدور السياسي والعسكري لتركيا في إثيوبيا ورغبتها في استنساخ (الرمح الثلاثي) لإحكام قبضتها على مياه النيل

وأضاف: يعمل النظام التركي على التقارب والتعاون العسكري مع إثيوبيا؛ لعدة أسباب، أهمها بالنسبة لأردوغان، تقويض دور مصر، والتضييق عليها مائيًّا؛ لفرض أجندات تركية وإثيوبية سياسية واقتصادية، والسيطرة على منطقة القرن الأفريقي؛ لما تتمتع به من أهمية كبيرة، جعلتها محط أنظار القوى الدولية والإقليمية؛ لتحقيق أهداف استراتيجية عدة، من بينها، التحكم في خطوط الملاحة البحرية في البحر الأحمر وخليج عدن.

وأشار إلى أن تركيا حرصت في السنوات العشر الأخيرة على  التقارب مع دول الرباعي «إثيوبيا وإريتريا والصومال وجيبوتي»، وارتكز أردوغان في تحركاته نحوها على أسانيد كاذبة؛ حيث يدعي أن الأتراك أحق بحكم التاريخ والجغرافيا بهذه المنطقة.

كما أخذت السياسة الخارجية التركية في الاهتمام بأفريقيا منذ عام 2009، ويعد أحد الشواهد على ذلك، وصول عدد السفارات التركية في أفريقيا إلى 41 سفارة، بعد أن كانت 13 سفارة قبل هذا التاريخ، إضافةً إلى محاولات إنشاء القواعد العسكرية على الساحل الأفريقي؛ حتى يصبح لها مخلب قط في المنطقة؛ لتنفيذ مخططاتها.

ويرى باحثون أن تركيا نجحت في السيطرة على إثيوبيا آملاً منها في أن تتحكم بمنابع النيل الأزرق الذي يشكل ما بين 80% و 85% من إجمالي مياه نهر النيل ما يجعل جميع دول حوض النيل البالغة إحدى عشْرَةَ دولةً مرهونة بموقف إثيوبيا من بناء السدود المائية وهو ما ظهر جلياً في أزمة سد النهضة

واعتبر محللون عسكريون أن الجيش الإثيوبي لا يغيب أبدًا عن نظر أردوغان، الذي عقد معه العديد من اتفاقيات التعاون المشترك، ووقَّعت أنقرة اتفاقية دفاع مشترك مع أديس أبابا في مايو 2013، وأقرها البرلمان الإثيوبي في مارس 2015

وجاء في إعلان البيان الختامي لاتفاقية الدفاع المشترك: «تركيا تنقل خبرتها في بناء السدود وتساعد في الدفاع عن السد ضدّ أي تهديد»؛ ما يؤكد أن مصر هي المقصودة من هذه الاتفاقية؛ لإضعاف دورها والانتقام منها بعد إسقاطها لحكم الإخوان المسلمين في ثورة يونيو

 ويقول سياسيون بأن ممارسة هذه الضغوطات القصوى على مصر ومحاربتها في قطع شريان الحياة عنها بالتوازي مع التدخل التركي في ليبيا بناءً على أطماعها وسياساتها المتهورة قد تشعل شرارة حرب إقليمية بل دولية

ويتساءل مراقبون عن مدى قدرة مصر لكبح جماح العربدة التركية في المنطقة والتحكم بمصائر شعوبها وتدخلها في ليبيا وإثيوبيا وتحديداً بقضية سد النهضة.

وفي ذلك يقول الدكتور جواد البيضاني:

بالنسبة لتحرك تركيا نحو ليبيا، فلم يعد مخفياً على أحد، وهناك تواجد لها في تونس والمغرب، فالغنوشي زعيم حركة النهضة ورئيس البرلمان التونسي هما إخواني الهوى، أما الحزب الحاكم بالمغرب فهو حزب العدالة والتنمية، وعليه فإن النفوذ التركي يتمدد بشكل خطير إلا في مصر التي تعتبر اليوم تحدياً أمام السياسة التركية ويتجلى ذلك بالضغوطات الخطيرة التي تمارسها تركيا على مصر بالتدخل في الدول المحيطة بها.

وفيما يتعلق بقدرة مصر على لجم الهجمة التركية على المنطقة يقول الدكتور جواد البيضاني: إن مصر لديها أزماتها المالية والاقتصادية مع تفاقم أزمة سد النهضة، غير أن المعادلة قد تتبدل إذا ألزمت دول الخليج نفسها بدعم مصر اقتصادياً وتلزم روسيا نفسها بدعم مصر فيمكن أن يُهزم الجيش التركي لما يمتلكه الجيش المصري من خبرات قتالية؛ أما اذا امتنعت الدول الخليجية عن هذا الدعم لمصر فقضية لجم الأطماع التركية بالطرق العسكرية التي ــ لا نتمنى أن تقع ــ تكون أكثر تعقيداً.

وبحسب تقرير لصحيفة الشرق الأوسط بتاريخ 13/ يونيو 2020 أشارت فيه إلى أن خلافات القاهرة مع أديس أبابا لا تتعلق فقط بمسألة حصة مصر المائية، إنما بمسائل أخرى تشمل أمان السد والأضرار المترتبة عليه، وخشية مصر من المساس بحصتها السنوية من مياه نهر النيل البالغة 55.5 مليار متر مكعب، وتحديد قواعد ملئه في أوقات الجفاف والجفاف الممتد.

to top