الحدث – القاهرةً – بقلم / ليلى موسى
ممثلة مجلس سوريا الديمقراطية في مصر
بلدة تقع في شمال شرق سوريا، تتبع إدارياً لمدينة الرقة –منطقة كري سبي، وتبعد عن الدولة التركية بحدودها السياسية الحالية بـ 37كم، وتمر فيها طريق m4 ، وتشكل عقد مواصلات ما بين إقليمي الفرات والجزيرة كما أنها تربط الجزيرة السورية بحلب، وبالإضافة إلى ربط شرق الفرات بغربه، تحولت مؤخراً إلى عاصمة إدارية للإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا.
كانت من المناطق التي تعرضت للغزو إبان العملية التي أطلقتها دولة الاحتلال التركي ومرتزقتها من الفصائل السورية المسلحة الراديكالية المتطرفة تحت مسمى نبع السلام بتاريخ 9\تشرين الأول، أكتوبر\2019م، والتي استمرت لتسعة أيام وتم الإعلان عن أنهاءها بموجب اتفاق أمريكي-تركي في 17\أكتوبر، ليعقبه اتفاق أخر روسي-تركي بتاريخ 22\أكتوبر.
أهم بنود الاتفاقيتين كانت بانسحاب قوات سوريا الديمقراطية نحو الجنوب بـ 32كم، والعملية التي انتهت باحتلال الدولة التركية للمنطقة الممتدة بين سري كانيه وكري سبي.
العملية التي أطلقتها تركية بذريعة حماية أمنها القومي من خلال إبعاد قسد عن حدودها الجنوبية بمسافة 32كم، وذلك عبر إنشاء منطقة آمنة بعمق 30كم، وإعادة توطين 3مليون و600ألف مهجر سوري في تركيا فيها.
وبالرغم من التزام قسد ببنود الاتفاق، إلا أن دولة الاحتلال التركية ومرتزقتها من السوريين عاودت مرة أخرى بقصف بلدة عين عيسى بتاريخ 20\12\2020م ومازالت مستمرة، السؤال الذي يطرح نفسه لماذا هذه الاصرار والاستهداف لعين عيسى بهذا التوقيت.
أهمية عين عيسى الاستراتيجية بالنسبة إلى دولة الاحتلال التركي:
بالرغم من التزام قسد بسحب قواتها نحو الجنوب، إلا أن تركي استأنفت غزوها عبر أدواتها من المرتزقة ودعمهم مادياً ولوجستياً وعسكرياً، واختارت هذا التوقيت بداية لاستغلال الفترة الأخيرة من إدارة ترامب وعلاقاته الشخصية معه بتحقيق المزيد من أطماعه في سوريا، وخاصة احتلال سري كانيه وكري سبي لم يكن يحصل لولا قرار الرئيس الأمريكي ترامب بسحب قواته من المناطق الحدودية، وانشغال الحكومة والشارع الأمريكي بفترة الحكم الانتقالية، والتحريض وضوء الأخضر الروسي والنظام السوري والإيراني.
ومؤخراً بعد استلام إدارة بايدن للحكم والمعروف بمواقفه الرافضة لسياسات أردوغان، إلا أن عدم إحلال حل الأزمة السورية ضمن أولويات أجندات الحكومة الجديدة كانت بمثابة فرصة لأردوغان للاصطياد في مياه العكرة والمضي قدماً في مشاريعه العدوانية على المنطقة.
وبنفس الوقت سعت روسيا قبل البدء بمرحلة الانتقال السياسي في سوريا إعطاء الضوء الأخضر لتركية ومرتزقتها بغزو المنطقة (عين عيسى وتل تمر والشهباء) واستخدامهم كورقة ضغط على قسد وتهديدها في حال عدم تسليم عين عيسى لنظام السوري سيكون مصيرها مثل عفرين وسري كانيه وكري سبي.
وفي حال نجح الروس بالضغط على قسد وتسليم عين عيسى للنظام سيكون بمثابة انتصار دبلوماسي للروس، بالإضافة إلى توسيع سيطرة النظام على المزيد من الأراضي يعني بنفس الوقت تقوية وحاكمية الروس وخاصة في مناطق شرق الفرات لسيطرة على ثرواتها الباطنية، أو ربما تكون هناك عمليات مقايضة بين الروس وتركيا ستتوضح مستقبلاً كما فعلت أثناء مقايضة الغوطة بعفرين، كما سعت روسيا إلى ملء الفراغ الذي خلفه الانسحاب الأمريكي، وتعزيز وجودها في شرق الفرات والتي سرعان ما عادت القوات الأمريكية وتمركزت وعززت من تواجدها وخاصة بعد تسلم إدارة جوبايدن الحكموأكدت استمرار تواجدها لمكافحة الإرهاب.
و التواجد الروسي والنظام في المنطقة لن يزعج الدول الضامنة لأستانا، وخاصة دولة احتلال التركي في سبيل منع تأسيس أي كيان ديمقراطي في المنطقة.
بالإضافة إلى السعي الروسي إلى جر تركيا إلى حضنها وإحداث المزيد من الشرخ بينها وبين الناتو بقيادة أمريكا والتي ساءت العلاقات بينهما على خلفية شراء تركية لمنظومة إس 400 الروسية، واطلاقها عملية نبع السلام مواضيع أخرى عديدة.
تركيا التي استجابت لرغبات روسيا، لأنها لا يمكن أن تقوم بهكذاخطوة وخاصة في ظل عدم وجود ضوء أخضر أوروبي –أمريكي.
واختيار قسد خيار المقاومة وعدم الرضوخ للضغوط الروسية وضعت تركيا في موقف صعب، وأفرغت جميع رهاناتها حيث أكدت مراراً بأن المعركة محدودة وستتمكن من السيطرة على عين عيسى.
وإذا خيرت روسيا بين بقاء عين عيسى بيد قسد أو دولة الاحتلال التركي ستختار قسد لأنها قوات علمانية وتمثل جميع مكونات مناطق شمال وشرق سوريا، وتحظى هذه القوات بقبول شعبي ودولي وإقليمي وخاصة بتمكنها بمساندة التحالف من القضاء على أعتى تنظيم إرهابي المتمثل بداعش، بينما تركيا وبدعمها للفصائل الراديكالية المتطرفة ليست من مصلحة روسيا تواجدهم في عينعيسى وخاصة روسيا حتى الآن لم تتمكن التخلص من الفصائل المتواجدة في إدلب وحتى تركيا لم تتمكن من تحييدهم.
وبسبب تعرض تركيا لإدانات واسعة من الأوساط الشعبية والدولية والإقليمية أثناء غزوها تحت مسمى نبع السلام وهي في الحقيقة نبع الإرهاب، بهجماتها الأخيرة على عين عيسى وتل تمر والشهباء اكتفت باستخدام المرتزقة وتقديم جميع وسائل الدعم المادي والعسكري واللوجستي لهم، واستخدمتهم كأدوات، ولم تكن لهم أية أهداف من المعركة سوى استخدامهم كأدوات لتحقيق الأطماع الأردوغانية –العثمانية.
معركة ستثبت مرة أخرى فشل استراتيجية أردوغان في المنطقة كونها عولت منذ البداية على الجماعات الراديكالية المتطرفة ودعمت الإرهاب وحولت الفصائل المسلحة إلى مرتزقة، هذه الفصائل لن تستطيع الصمود أمام قسد كونها قوات تمتلك خبرات قتالية عالية والتي أثبت ذلك من خلال المعارك التي قادتها ضد داعش، والدليل حتى الآن مرتزقة أردوغان لم تحقق أي تقدم، وبذلك تكون تركيا بخروقاتهالجميع الاتفاقيات والمواثيق والعهود الدولية جلبت لنفسها المزيد من العزلة دولياً وسجل حافل بارتكاب انتهاكات وجرائم عدوان وجرائم ضد الإنسانية.
أسبوعين مضت
4 أسابيع مضت