خبراء: لا يمكن لكل دولة مواجهة الاحتلال التركي بشكل منفرد.. والتضامن ضد أردوغان ضرورة حتمية
200
4 سنوات مضت
أتفق عدد من الخبراء العرب والكرد على أن مواجهة مشروع رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان لاحتلال المنطقة وإعادة احياء السلطنة العثمانية الزائلة، يستوجب التضامن والوحدة بين شعوب ودول المنطقة لمواجهة الغزو العثماني.
وخلال ندوة بعنوان “أدوات التدخل التركي في ليبيا وسوريا والعراق” نظمتها وكالة فرات للأنباء (ANF) بالتعاون مع مركز القاهرة للدراسات الكردية، مساء يوم السبت، “المشروع التركي في المنطقة ملامح الوسائل والمواجهة”، أكد عدد من الخبراء العرب والكرد على أن مواجهة مشروع رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان لاحتلال المنطقة وإعادة إحياء السلطنة العثمانية الزائلة، يستوجب الوحدة بين شعوب المنطقة لمواجهة الغزو العثماني، وضرورة وجود اجماع وتوافق إقليمي لمواجهة المشروع التوسعي لرئيس النظام التركي الذي يمثل أخطر المشاريع الخارجية التي تستهدف المنطقة، و تستوجب تحرك على المستوى الدولي أيضا في ظل تحركات النظام التركي إلى الاستفادة من التناقضات والصراعات بين القوى الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة وروسيا، لتحقيق مصالحه وضمان التغاضي عن جرائمه.
وقال الدكتور مختار الغباشي نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن مواجهة المشروعات التوسعية التي تستهدف كامل المنطقة لا يمكن أن تتم بأي صورة من الصور على المستوى القطري أي من خلال جهود كل دولة عربية على حدة، بل لابد من تكامل الجهود العربية والاقليمية لتحقيق ذلك.
وتابع المتحدث الرئيس بالندوة: “عندما نتحدث عن جزء من واقع العالم العربي حري بنا أن نتحدث عن تركيا، فهناك ثلاثة قوى اقليمية او اربعة اذا اضفنا لهم اسرائيل، و قوتين دوليتين و قوة صاعدة وهي الصين تمثل تفاعلاتهم نحو المنطقة محركاً للأحداث التي نشهدها حاليا.”
وحول المحطات الرئيسية التي تؤرخ للمشروعات الاقليمية التوسعية في المنطقة وتعد اساس التدخلات الراهنة، لفت الغباشي إلى أن هناك بعض التواريخ المفصلية ومن بينها عام 1958 وهو تاريخ وجود ما يسمى اتفاقية الرمح الثلاثي أو الاتفاق المحيطي ( 1958 The Peripheral Alliance) التي جمعت تركيا وايران واسرائيل وإثيوبيا، وكان ملمح خبيث ومقترح من رئيس الموساد الاسرائيلي في ذلك التوقيت، الذي اقترح على الولايات المتحدة ضرورة تكوين حلف يستطيع أن يلتف حول العالم العربي ويسيطر عليه وعلى مقدرات المنطقة”.
وأشار الغباشي إلى أهمية عام 1987 بدايات حلم تركيا فعليا بالدخول إلى الاتحاد الأوروبي، قبل التحول إلى حلم الهيمنة على العالم العربي، وكذا تاريخ السيطرة على لواء الاسكندرون السوري عام 1939، وهو ملمح مهم جدا لآليات السيطرة التركية على العالم العربي ويدل على أن المشروع التوسعي التركي يتجاوز ايديولوجية أردوغان التي طورت هذه النزعة التوسعية و صبغتها بالصبغة الدينية والقومية المتعصبة، مشيرا أيضا إلى التحكم التركي في مياه نهري دجلة والفرات منذ عام 1998، كما لفت إلى ما شهده العام 2017 حيث دخول قطر في حلف مع تركيا والتعبير عن الحلم التركي للسيطرة على جزيرة سواكن السودانية.
واستكمل الغباشي: “هذه التواريخ تحمل في طياتها معاني كثيرة جدا، حلم السيطرة على منطقتنا، بعدما أدركت تركيا أن دخول الاتحاد الأوروبي حلم بعيد المنال، وإدراك أنقرة أن دول الاتحاد الأوروبي تقبل فقط وجود تركيا على البوابة دون دخولها او الابتعاد عنها كثيرا، ولذلك يأتي دور تركيا في حلف الناتو ويعطينا تفسير مهم لآليات السكون داخل الساحات التي تتدخل فيها تركيا سواء في سوريا او ليبيا او الوجود التركي في الخليج منذ اتفاقيات عام 2008”.
واعتبر الغباشي أن تركيا تقوم بتشجيع من القوى الاخرى بالتحرك في بعض الملفات والمناطق في إطار تحالفاتها و عضويتها في حلف الناتو، مضيفا “تركيا وجدت داخل الساحة الليبية من أجل تأمين اتفاقية شرق المتوسط لمواجهة قبرص ومصر واليونان والدول الأوروبية الداعمة لمشروعات الغاز في شرق المتوسط، ولذلك مصر حددت خط سرت الجفرة من أجل منع تركيا من تحقيق مطامعها وعلى رأسها الهيمنة على منابع النفط في ليبيا حيث الهلال النفطي الذي تسعى تركيا للسيطرة عليه بكل الوسائل الممكنة، كما فشلت مساعي تركيا للهيمنة على الجزيرة السودانية سواكن لايجاد موطئ قدم على البحر الأحمر إضافي بعد التواجد في الصومال”.
وتابع “خروج تركيا من الساحات التي تدخلت فيها يتطلب اجماعا عربيا إن لم يكن إقليميا ودوليا بالإضافة إلى تغيير أنظمة وحكومات بالمنطقة التي استغلتها تركيا كوكلاء محليين لتدخلاتها كما هو الحال مع حكومة الوفاق الليبية على سبيل المثال، وقد تجاوزتها الأحداث رغم ما يزعم بأنه شرعية دولية ممنوحة لها”. وتسائل نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية قائلا: “هي تكون مواجهة هذا الوجود قطرية أم عربية أم اقليمية أم دولية؟”، مضيفا: “العديد من الخبراء يرون انه لولا الضوء الأخضر الأمريكي لما سمح بالتدخلات التركية، الدليل أن هناك مناورة تلعبها تركيا بذكاء بين الولايات المتحدة والروس، عندما طالبت بالبترويت ورفضت واشنطن ثم سارعت موسكو إلى منحها الـ إس-400، ثم مدتها بالسوخوي 35 بعد إيقاف دورها في اف35.”
وقال الغباشي “المواجهة ارتبطت على الشكل القطري او العربي واختزل منه التأييد الإقليمي والدولي من خلال لعبة المصلحة. هل يمكن للقوى الكبرى والاقليمية مواجهة تركيا في ملف معين وخسارتها في إطار صراع على المستوى الدولي تلعب فيه تركيا دور موازن بين القوتين العظمتين؟ هذا سؤال يعكس معضلة مواجهة الدور التركي على المستوى الدولي، دون موقف محدد للقوى الدولية، فلعبة التحالفات الكبيرة جعلت اطراف كبيرة نحن في أمس الحاجة إلى دعمها في معزل عن مواجهتنا مع تركيا على المستويين القطري والعربي”.
واختتم الغباشي حديثه عن مواجهة المشروع التركي بالقول: “لا يمكن تحميل مصر آليات مواجهة التدخلات التركية داخل سوريا او ليبيا او حل القضية الفلسطينية.”
وأعتبر الغباشي خلال حديثه الكرد ظلوا ضحية تحالفات اقليمية ودولية خلال الأزمة السورية، على الرغم من دورهم الرئيسي في استعادة الاستقرار في مساحة شاسعة من الأراضي السورية وتحريرها من سيطرة تنظيم داعش الذي اعلن دولته فيها بدعم تركي، وتابع: “القومية الكردية عنصر مهم جدا في الأمن القومي العربي لأن الأمة الكردية كقومية كبيرة لديها حلم الدولة، وهو ما يؤرق النظام التركي الذي اغتصب حقوقهم ويواصل اغتصابها داخل تركيا وخارجها ويريد منع نجاح أي تجربة كردية للحكم الذاتي”.
ومن جانبه، قال الإعلامي المصري عاصم بكري إن هذا التصاعد للدورين التركي والإيراني، هو خصم من الأدوار العربية والدور المصري بوجه خاص، ولولا تراجع هذا الدور لما صعدت تركيا وإيران من دورهما في المنطقة، بالاضافة إلى الادوار الغائبة او المنتقصة لسوريا والعراق وبقية الدول العربية وخاصة بعض دول الخليج ودول المغرب العربية.
وتساءل الإعلامي خلال ادارة الندوة قائلا: “التدخلات التركية.. هل هي أوهام عثمانية ام انها مجرد أدوار وظيفية لدى القوى العظمى، وهل كان من الممكن ان يكون الدور التركي بهذا الانطلاق والسماح المطلق الا والقوى العظمى تراقب هذا الدور إلى أن ينتهي بفناء محتم بعد ان يمارس دوره في تقسيم المقسم وتفتيت المفتت.. وداخليا، هل استطاع أردوغان ان يروج للحلم و كأنه يمكن الإمساك به باليد أم أنه مجرد وهم يدركه الشارع التركي ويعلم أنه خصم من أولوياته الاقتصادية والمعيشية. هل يستطيع العالم العربي مواجهة هذا المشروع؟ إن موقف مصر في ليبيا يؤكد أن بعض الدول العربية حاضرة وتستطيع أن تنفذ إرادتها في الوقت المناسب.”
وشدد بكري على أنه “ينبغي لأي أمة بهذا الحجم الانتباه إلى ما يحيط بحاضرها ويؤثر على مستقبلها، ومن شروط هذا الانتباه أن تعكف النخبة على دراسة ملامح التحولات والتواريخ والمراحل التي نمر بها.” وخلال تعقيبه، على حديث المحاضر قال إن مشروع الاحتلال التركي القائم حاليا لم يعد يستوجب فقط التحذير من خطره، بل البدء فورا في مواجهته، فقد بات واقعا يهدد استقرار المنطقة برمتها، ويعرض المنطقة لهزائم تلو الأخرى، وليس فقط تهديدات او تدخلات كما كان في السابق.
وخلال مداخلة له، أكد الكاتب اللبناني فادي عاكوم، من خطورة التدخلات التركية في لبنان وتحديدا في تشكيل الحكومة اللبنانية، محذرا من عدم الانتباه إلى ما يقوم به النظام التركي في لبنان حاليا ودوره في المشهد الراهن المعقد بالبلاد، وتابع “بالاضافة إلى سعي تركيا لتنصيب حكومة موالية لها، هناك تجنيس آلاف اللبنانيين بالجنسية التركية واختراقات وتدخلات لا يمكن السكوت عنها تقوم بها السفارة التركية في بيروت”، معتبرا أن لبنان مستهدف بالتدخلات التركية سواء من زاوية الوجود العسكري التركي في سوريا وتأثيره على الوضع اللبناني وكذا التدخلات في الشأن الداخلي اللبناني وغيرها من السياسات التركية المتعلقة بشرق المتوسط.
وأكد الكاتب اللبناني على أهمية دور النخب الفكرية والثقافية والاعلامية وقادة الرأي في مواجهة المشاريع التوسعية في المنطقة وجذب انتباه وتفعيل دور المجتمعات العربية في مواجهة خطورة ما تشهده المنطقة من تحديات، و تبصير الرأي العام بحقيقة ما تمارسه الأطراف المحلية المتحالفة مع القوى المتدخلة في المنطقة وغيرها من الأدوار الحيوية للمثقف في المجتمع.
وشارك بالندوة كل من الكاتب الصحفي السوري احمد شيخو، السيد عبد الفتاح علي رئيس مركز القاهرة للدراسات الكردية، ورئيس الاتحاد العالمي لكُرد المهجر مجدي الكردي، والكاتب الصحفي المصري إلهامي المليجي والكاتب الصحفي والباحث في الشأن الإيراني علي رجب، والكاتب اللبناني فادي عاكوم، والباحث في العلاقات الدولية بهاء الدين عياد.