النمطية التي تطال المرأة في الإعلام
لينا بركات –
تشير بعض التقارير الدولية إلى أن منطقة الشرق الأوسط تعتبر ضمن أسوء المناطق التي يمكن أن يعيش فيها في العالم من حيث توفر الحقوق والمشاركة والمساواة بين الجنسين، على الرغم من أن النساء يشكلن 49.7% من إجمالي عدد سكان منطقة الشرق الأوسط، إلا أن المنطقة حلت في المركز الأخير من حيث الفجوة بين الجنسين.
إن السبب الرئيسي في حدوث تلك الفجوة هو أن معظم وسائل الإعلام تكرس النظرة التقليدية للمرأة، وتعمل على مناقشة نفس القضايا المتعلقة بشؤون الأسرة وفنون الطبخ وأدوات التجميل، دون أن تتطرق إلى المشاكل الحقيقية التي تعاني منها المرأة كغياب الحقوق والحريات في مجال العمل والمشاركة السياسية، إضافةً إلى أن معظم تلك الوسائل لا تناقش القضايا المعاصرة التي تعاني منها المرأة كقضايا التحرش الجنسي، كون هذه القضايا تدخل في الكلام الممنوع من النشر أو العرض، وتؤكد على أن وسائل التعليم الاجتماعية تلعب دوراً إيجابياً في الوقت الراهن، بشكل يقلص سطوة وتأثير الإعلام التقليدي الذي يخضع لسياسات معينة لا تتفق مع ما يتطلبه واقع المرأة من نقاش جريء وواضح وموضوعي لكثير من القضايا المجتمعية.
كما أن معظم الصور التي تقدمها الفضائيات لبلدان الشرق الأوسط للمرأة تفتقر إلى معالجة الواقع الحقيقي للمرأة في المجتمع، الواقع الحي الذي تواجهه يومياً، فمعظم هذه الصور تقدم المرأة بلا طموحات ولا وجهة نظر في القضايا العامة، ولا حتى مشاكل طبيعية مع محيطها الطبيعي، بل تقدمها كشخص لا يحمل طموحات خارج جدران المنزل، وبالنسبة للمرأة العاملة التي لديها مشاكل خارج جدران المنزل يتم تصويرها في كثير من وسائل الإعلام على أنها خاطئة ومعتدية على العادات والتقاليد، وهي تخوض الصراع مع المجتمع الذي لا بد من أن ينتهي بإقرارها بالخطأ الذي ارتكبته، وبالتالي عودتها إلى المنزل من جديد، ولذا لا نجد في وسائل الإعلام على تنوعها صورة للمرأة المتوازنة القادرة على أن تكون أماً حقيقية وصاحبة طموح، لأن ذلك لا يتناقض مع دورها كأم، فدور المرأة كفاعل اجتماعي لا يقل أهمية عن دورها كأم، ولا يمكن وضعهما في مواجهة بعضهما، لكن وسائل الإعلام إما تكون مقلدة بمعنى أنها تتبنى قضايا لا تتعلق بواقع المرأة، أو وسائل تقليدية لم ترقَ بعد للموازنة بين التغيرات التي طرأت في واقع المرأة وبين حقيقة أدوارها، وذلك بسبب تأثير العادات والتقاليد على كثير من السياسات الإعلامية والاجتماعية التي تتبناها مختلف وسائل الإعلام.
وعلى الرغم من أن معظم وسائل الإعلام التقليدية والحديثة تعتمد على خطط برامجية إعلامية، إلا أن تلك الخطط تفتقر إلى التخصص، الذي يناقش ويستعرض مختلف المواضيع والقضايا التي تهم الجمهور المستهدف، حيث أن معظم وسائل الإعلام على مختلف أنواعها لا تتضمن أهداف تنموية، من جانب آخر معظم تلك القنوات لا تضمن قضايا المرأة واهتماماتها الواقعية في البرامج المُعدّة، فمنذ عقود لا زالت مشكلة الخطاب الإعلامي المتحدث عن هموم النساء يتكرر، والسبب في ذلك هو عدم اتخاذ خطوة جدية من مختلف الأطراف الفاعلة في المجتمع، سواءً كانت دولة أو وسائل إعلامية، أو جماعات نسائية أو فئات مجتمعية، ولذا ينبغي أن تتكاتف تلك الجهود بهدف التأثير الإيجابي على أسباب المشكلة، لأن التأثيرات السلبية التي تطال المرأة نتيجة الخطاب النمطي لا يقتصر تأثيره على المرأة وحسب، بل على المجتمع ككل.