الحدث – القاهرة – وليد الرمالي
في التاسع عشر من أغسطس/آب من كل عام في اليومالعالمي للعمل الانساني، نحتفي بالعاملين في المجال الانسانيوالإغاثة حول العالم، فهناك دائما أبطال يسجلون ملاحم فيالعطاء والتضحية ، ويستحقون أن نسلط الضوء على أعمالهمالميدانية ، وعلى الأثر الذي يتركونه في المجتمعات التي يعملونبها ، وعلى تضحياتهم الكبيرة بجهدهم ووقتهم وأحيانا كثيرةبحياتهم من أجل أن يحظى الآخرون بحياة أفضل .
على مدى السنوات الماضية، وعلى غرار ما يحدث في العالمكان التركيز في العالم العربي ، على العاملين في مجال الإغاثةالانسانية الذين بذلوا جهدهم واهتمامهم لمساعدة المتضررينإنسانيا جراء الكوارث الطبيعية و الأزمات الإنسانية وبخاصةاللاجئين الذين تتزايد أعدادهم بشكل مهول ، فهناك مئات الآلافمن اللاجئين السوريين الذين فروا إلى الدول المجاورة أو نزحواداخليا، ونلاحظ الوضع المأساوي نفسه في اليمن وليبيا ، ناهيكعن النازحين العراقيين في بلادهم ، ونازحي دارفور في السودان، واللاجئين من الصومال في شتى بقاع الارض، وبجوار عالمناالعربي هناك الباحثين عن ملجا في الدول الافريقية والفارين منالنزاعات الاهلية والكوارث الاقتصادية والبيئية . وكما نلاحظ فإنالعاملين في مجال العمل الانساني يقدمون على الأرض و فيالميدان ، الخدمات دون كلل أو ملل ، متنقلين بين الدول من أجلدعم اللاجئين والنازحين إنسانيًا .
في هذه السنة يحل اليوم العالمي للعمل الإنساني ، والعالميواصل جهوده لمكافحة جائحة كورونا التي غيرت ملامح الحياةبرمتها . وضرب العاملون في مجال الصحة أروع الأمثلة فيالتفاني والعطاء والتضحية بالنفس من أجل التصدي لهذا الوباءالقاتل وإنقاذ ملايين الأرواح البشرية .
كما يأتي هذا اليوم ، والعالم كله يشارك لبنان جراحه وأحزانه، بعد أن هز مساء يوم الرابع من أغسطس/آب الجاري، انفجاركبير مدينة بيروت وضواحيها، مخلفا دمارا وخرابا قطره 10 كيلومترات على الأقل. ووصل عدد ضحاياه إلى أكثر من 200 قتيل، وأكثر من 5000 جريح، وما يفوق عن 300,000 مشردفقدوا منازلهم، إلى جانب الأضرار المادية والإقتصادية الجسيمةالتي تقدر بمليارات الدولارات. وطالت تلك الأضرار حتى فرقالإطفاء ومتطوعي الدفاع المدني والصليب الأحمر اللبناني، وممرضات في المستشفى كن يقمن بواجبهن و فقدن أرواحهن وهن يحاولن حماية الاطفال حديثي الولادة .
وعلى إثر هذا الانفجار ، تدفقت أفواج من شابات وشبان مدنوبلدات وقرى الجنوب، والشمال، والجبل، وغيرها من المناطقاللبنانية لتوفير المزيد من الخدمات الانسانية والإغاثية، والمساعدةفي البحث عن ناجين ومصابين ومفقودين وعالقين تحت الأنقاض. ولمساعدة أفراد الصليب الأحمر والدفاع المدني في تقديمالإسعافات الأولية . وكان بعضهم ينقل المصابين بسيارته الخاصةبسبب الضغط على سيارات الإسعاف و بعضهم يقدم المأوىالمؤقت للذين فقدوا بيوتهم. وقامت مجموعة من المهندسين والطلاببتشكيل قاعدة بيانات لاجراء مسوحات للبيوت المتضررة وتنظيمالتنظيف والتصليح والترميم وايصال المساعدات للذين ما زالوا فيبيوتهم، وحتى الرابع عشر من الشهر الجاري تفقدوا 1200 منزلووضعوا 600 باب خشبي جديد.
وفي خلال أيام من حدوث الانفجار في بيروت ، قام الشباباللبناني في الخارج في دول مثل فرنسا والولايات المتحدة وكندابجمع وإرسال المساعدات والتبرعات العينية بالتنسيق مع الشبابفي لبنان.
و من جانبها ، ودعما للتضامن العربي والجهد الإنساني فيلبنان، استجابة لمناشدة معالي أحمد أبو الغيط ، الأمين العاملجامعة الدول العربية، التي وجهها للدول العربية الأعضاءوالمجتمع الدولي والمنظمات الإغاثية العربية والعالمية لمساندةالجمهورية اللبنانية من خلال تقديم المساعدات الإنسانية العاجلة ، قامت حصة آل ثاني ، مبعوث الأمين العام لجامعة الدول العربيةلشؤون الإغاثة الإنسانية، بالتعاون والشراكة مع السيد ماضيالخميس ،الأمين العام للملتقى الإعلامي العربي بإطلاق مبادرة“بادر من أجل لبنان ” و التي نجحت بدعوة و لقاء أكثر من 250 شاب وشابة من الدول العربية كافة، تجمعوا عبر منصة إلكترونيةفي جو من الحماس والتنظيم والإستعداد والجاهزية.
و تواصلوا مع الشباب اللبنانيين العاملين على الأرض في بيروت، وأبدوا استعدادهم للنزول جنبا إلى جنب معهم في ميدان العملالانساني.
و طرح الشباب من الطرفين العديد من المقترحات و المبادراتالفعالة والهادفة من أجل إغاثة المتضررين في لبنان، وبشر هذاالتواصل ببداية عمل إنساني عربي مشترك تكون أهم ملامحهالالتزام بروح المسؤولية والدافعية و الايجابية.
ولقد أثبتت كارثة بيروت بكل مرارتها وقساوتها معاناة ومخاطرومشقة العمل الانساني، وصعوبة أداء هذه المهمات الإنسانيةوالعراقيل التي تعترضها ، ولكنها معاناة أظهرت مدى إستعدادوقدرة الجيل الشاب غير المدرب وغير المختص بالعمل الانساني ، على التنظيم والتكافل والتعاون وسد الثغرات لتلبية الاحتياجاتالانسانية العاجلة.
فتحية نوجهها هذا العام ، لأبطال ميدان العمل الإنساني، جيلالشباب في لبنان ، الشباب الواعي بخدمة وطنه و قضاياه . جيلالشباب العربي الذي يواجه كوفيد -19 .