إدمان الأطفال للشاشات الإلكترونية.. مشكلة تربوية بحاجة إلى مواجهة حقيقية
177
4 سنوات مضت
رشا علي –
روناهي/ قامشلو- إدمان الأطفال للشاشات الإلكترونية واقع أم مبالغة في التوصيف؟ هل تبعد الشاشات أطفالنا عن محيطهم بالفعل؟ كيف تنظم الوقت الذي يقضيه طفلك أمام الشاشة؟ أسئلة كثيرة تراودنا وتبقى الأجوبة لدى المختصين، فلنعرفها خلال تقريرنا التالي:
على الرغم من أن بعض الوقت الذي يقضيه الطفل أمام الشاشة يمكن أن يكون تعليمياً ومفيداً أحياناً, إلا أنه من السهل أن يذهب أدراج الرياح ببعض الأخطاء, فهذه الشاشات تجذب الأطفال بحيث يجلسون أمامها لساعات طويلة، فهذا هو الخطأ الأكبر الذي يرتكبه الآباء والأمهات فيوثر سلباً على الأطفال، فبحسب الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال لا ينبغي الجلوس أمام الشاشات من قبل الأطفال الذين تقل أعمارهم عن عامين, وتوصي بالحد من الوقت الذي يقضيه الأطفال الأكبر سناً أمام الشاشات، بحيث لا تزيد عن ساعتين, فاقترنت الكثير من المشكلات بالإفراط في الوقت الذي يقضيه الطفل أمامها.
عندما تصبح المشاهدة إدماناً!
وبهذا الصدد التقينا مع بعض الآباء والأمهات الذين حدثونا عن معاناتهم مع إدمان أطفالهم على الشاشات، حيث أشارت في البداية الأم لثلاثة أطفال دارين إسماعيل من مدينة قامشلو، بأن ابنها الصغير “لوند حسين”، الذي يبلغ من العمر خمس سنوات, كان في البداية طبيعياً كسائر الأطفال، ولكن ببلوغه عام ونصف وإدمانه على الهاتف الذكي تراجع في مستواه الذهني وتأخر بالنطق وأصبح يعاني من العصبية الزائدة.
وتابعت بالقول: “لاحظنا بأنه لم يكن مثل الأطفال الذين هم بعمره من حيث النطق والتركيز، ومن أجل هذه المشكلة راجعنا طبيبة نفسية، والتي علمتنا بأن سبب مشكلته مع النطق وعدم التركيز يعود لإدمانه على شاشة التلفاز والهاتف الجوال، وطلبت منا منعه من مشاهدتهما لفترة معينة ومراقبته، وبعدها بفترة وجيزة من ابتاعنا لإرشادات الطبيبة، لاحظنا تحسناً في النطق لديه، وبدأ يتواصل ويتفاعل معنا ومع محيطه بشكلٍ جيد”.
وفي ختام حديثها طالبت الأم دارين اسماعيل الأمهات والآباء بعدم السماح لأطفالهم الذين هم ما دون سن السادسة باستخدام الأجهزة الإلكترونية, ومشاهدة التلفاز لساعات طويلة، والانتباه من الأضرار التي تلحقه هذه الأجهزة بالأطفال.
تنظيم وقتهم واجب الأهالي
وفي سياق الموضوع ذاته، حدثنا المدرس للمرحلة الإعدادية “أحمد عيسى” من مدينة قامشلو بالقول: “كوني آب ومدرس أرى بأن قضاء ساعات طويلة أمام الشاشات لها تأثير سلبي وخطير على الأطفال, ومع وجود بعض الفوائد التي تعود على الطفل في مجال التعلم إلا إنها خطيرة أيضاً عندما يصبح الطفل مدمناً على الشاشات, ومن بعض هذه الآثار السلبية ابتعاد الطفل عن المجتمع وعن أصدقائه، والأطفال الذين هم بسنه، فيصبح ميالاً إلى الوحدة وعدم التواصل مع محيطه، مما يسبب تدني في مستواه الفكري والتعليمي”.
واختتم المدرس “أحمد عيسى” حديثه بالقول: “يجب على الأهل تنظيم أوقات أطفالهم بين مشاهدة الشاشات والدراسة واللعب والنوم”.
وفي السياق ذاته ولنتعرف أكثر على آثار الشاشات الإلكترونية وتأثيرها من جميع النواحي على شخصية الأطفال, والتغيرات السلوكية التي تطرأ عليهم أثناء مشاهدتها لوقتٍ طويل، وما هي السبل والحلول للحد من هذه الظاهرة المتفاقمة في الآونة الأخيرة؟ التقينا مع المرشدة النفسية في مركز الشهيدة أمارة للاستشارات النفسية التابع لهيئة المرأة بإقليم الجزيرة “خلات إسماعيل”، والتي أوضحت لنا آثار الشاشات الإلكترونية الإيجابية والسلبية على صحة الأطفال.
أشارت خلات في بداية حديثها بأن الشاشات الإلكترونية تؤثر كثيراً على صحة ونفسية الأطفال بشكل سلبي على الأغلب، وتابعت: “فمن الناحية الجسدية تؤثر على صحة العين والأذن فتسبب نقصاً في حاسة السمع والبصر, وكما أن لها تأثيراً سلبياً على أعصاب اليد وصحة العمود الفقري, وأما من الناحية النفسية فيغدوا عقل الطفل وتفكيره محصوراً بالألعاب, فتؤثر على علاقاته الاجتماعية والتواصل بين الطفل والأهل والأطفال الآخرين، فيصبح منعزلاً انطوائياً وعدوانياً في بعض الحالات”.
ونوهت خلات إلى أن كثرة الإعلانات التي تحوي مشاهد غير أخلاقية تؤثر سلباً على الأطفال، كما بينت بأن كثرة استخدام الهواتف وساعات المشاهدة الطويلة تسبب الإدمان لديهم.
أما عن الأثر الإيجابي، ذكرت بأن الأثر الإيجابي الوحيد له هو الاستخدام والمشاهدة لغايات تعليمية، مشددةً على أنها في هذه الحالة يجب أن تكون على شكل فترات قصيرة ومحددة.
الآثار والفرق بين الشاشات
تابعت خلات حديثها عن الآثار والفرق بين الشاشات، بأن هناك فرق بين الشاشات المستخدمة، وأكدت بأن مشاهدة شاشة التلفاز لساعات طويلة سبب من أسباب الإصابة بالتوحد، أما بالنسبة لأضرار شاشة الحاسوب والأجهزة الإلكترونية الأخرى والتي تحتوي على الكثير من الألعاب بينت بأنها تحرض غالباً في محتوياتها على العنف, وتؤدي إلى توتر العلاقة بين الطفل ومن حوله، بحسب خلات.
أما عن التغيرات السلوكية التي تطرأ على شخصية الأطفال المدمنين على الشاشات فقالت: “تظهر عليهم العدوانية والعصبية الزائدة، وتمثيل مشاهد العنف على الأخوة أو الأصدقاء مما قد يعرضهم للخطر”.
وحول العمر وعدد الساعات المناسبين لاستخدام الأطفال للشاشات الإلكترونية ومشاهدتها، أردفت خلات قائلةً: “يجب أن يكون فوق سن الخامسة، وعدد الساعات لا تزيد عن ساعتين غير متواصلتين”.
وفي النهاية اختتمت المرشدة النفسية في مركز الشهيدة أمارة للاستشارات النفسية التابع لهيئة المرأة بإقليم الجزيرة “خلات إسماعيل” حديثها حول بعض السبل التي يجب اتباعها, ومساعدة الأطفال بالتخلص من إدمان الشاشات قائلةً: “الأهل لهم الدور الأكبر من خلال تنظيم الوقت لأطفالهم, وتعليميهم كيفية ملئ أوقات الفراغ من خلال ممارسة الأنشطة الترفيهية أو التعليمية كممارسة هواية معينة مثل الرسم أو قراءة القصص أو مزاولة إحدى الرياضات”.