الحدث – القاهرة
جاءت استضافة الباحثة المصرية في التلفزيون الإماراتي للحديث عن تقرير روسي يوثق انتهاكات روسيا في سوريا. وتعد هذه أول مرة يصدر تقرير حقوقي من داخل موسكو ذاتها لانتقاد التدخل الروسي في سوريا. وبعد تبادل الاتهامات السابقة بين روسيا والولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من القوى الإقليمية والعالمية حول جدوى التدخل وحدوث انتهاكات روسية في سوريا، لذلك، جاءت دعوة مبعوث الرئيس الروسي إلى سوريا (ألكسندر لافرينتيف)، للتأكيد على استعداد الجانب الروسي لإجراء حوار مع الولايات المتحدة حول سوريا، كما جاء تأكيد (لافرينتيف) في الوقت ذاته، بأنهم في روسيا: “مستعدون للحوار ومناقشة مختلف الموضوعات، واتخاذ القرارات والتوافق، ولكن بناء على المعطيات التي تملكها روسيا، يبدو لهم أن الأمريكيين ليسوا مستعدين لذلك”. وبعد الدعوة لإجراء مناقشات حول الشأن السوري تسمى (مناقشات نور سلطان) دعا المبعوث الروسي في سوريا الجانب الأمريكي للمشاركة فيها، وبعد الإحجام الأمريكي على الحضور في تلك المناقشات التي تتبناها روسيا كمراقب، أعلنت روسيا بأن “موسكو ترى أن مشاركة الولايات المتحدة في مناقشات نور سلطان كمراقب مفيدة، إلا أن واشنطن مازالت تقاطع هذه الصيغة”.
ومن هنا جاء انتقاد مبعوث الرئيس “بوتين” في سوريا، السيد/ لافرينتيف، بقوله: “أعتقد أن هذا قرار خاطئ، لأنه سيكون من الجيد أن يشاركنا الجانب الأمريكي في هذه المسألة”، مؤكداً على أنه من غير الممكن الحديث عن وقف لإطلاق النار في سوريا بسبب تصرفات الجماعات الإرهابية.
ونلاحظ هنا الإصرار الروسي على وصف حربها في سوريا بجانب “بشار الأسد” باعتبارها للدفاع عن الاراضى السورية ضد تغلغل الجماعات الإرهابية، وهو ما جاء في تأكيد المبعوث الروسي، قائلاً: “لا يمكننا الآن الحديث عن وقف إطلاق النار، لأننا نضع في الإعتبار ضرورة ة مكافحة التنظيمات الإرهابية داخل العمق السوري”، وجاءت التأكيدات الروسية بأن إستقرار الوضع في سوريا من حيث الإلتزام بوقف إطلاق النار على الرغم من وجود استفزازات.
ورغم إستئناف جلسات اللجنة الدستورية السورية في جنيف، فإن ذلك لم يسفر عن تغييرات عديدة في الشأن السوري، سوى إجراءات بسيطة وبعض التعديلات في عمل اللجنة الدستورية.
لذلك جاءت الرسالة الروسية إلى المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا (جير بيدرسون)، بأنه: “لابد من إستكمال المشاورات حول الشأن السوري بمشاركة روسيا”.
ونجد هنا التنافس والصراع الأمريكي- الروسي مشتعلاً داخل العمق السوري، خاصةً بعد إتهام الجانب الأمريكي باختراق إحدى دوريات الشرطة العسكرية الروسية حاجزاً للجيش الأمريكي (شمال شرقي الحسكة)، وإتهمت واشنطن الجانب الروسي باختراق إحدى دوريات الشرطة العسكرية الروسية حاجزاً للجيش الأمريكي، وذلك بعد محاولة مستميتة من الأخيرة لمنعها من المرور ضمن منطقة قريبة جداً من آبار وحقول النفط (شمال شرق الحسكة شرقي سوريا)، لتنتهي تلك المناوشة الأمريكية الروسية بعد مناورة روسية فريدة على علو أمتار فوق الحاجز الأمريكي.
وزاد اشتعال الموقف منذ فترة بين موسكو وواشنطن في سوريا، بعد محاولة عدداً من المدرعات التابعة للقوات الأمريكية منع عدد من مدرعات الشرطة العسكرية الروسية التي كانت تجري دورية اعتيادية عند المثلث الحدودي “السوري – العراقي- التركي”، إلا أنها لم تفلح بذلك بعد تدخل المروحيات الروسية.
مع تأكيد روسيا في الوقت ذاته بأن الجانب الأمريكي هو من استغل الأمر في المقام الأول، بإعلان روسيا بأن الجيش الأمريكي قد اعترض مدرعات تابعة للجيش الروسي كانت تقوم بدورية هي الأولى من نوعها بمحيط مدينة المالكية أقصى شمال شرقي سوريا، وتحديداً بالقرب من قريتي “عرعور فوقاني” و “تل زيارات” على الطريق الواصل إلى محطة ضخ “تل عدس” النفطية والتي ينتشر فيها عدد كبير من آبار النفط التابعة لمديرية حقول نفط الرميلان الحكومية.
وأظهرت عدد من الفيديوهات، قيام إحدى المروحيات الروسية باقتحام حاجز مشترك للجيش الأمريكي وقوات سوريا الديمقراطية “قسد” الخاضعة له، بعد منع الدورية الروسية من إكمال طريقها، حيث تمكنت المروحية من إثارة عاصفة غبارية كبيرة بعد تحليقها على علو أمتار قليلة فوق الحاجز الأمريكي ولمدة دقيقة كاملة، في مشهد فريد أسفر في نهايته عن انكفاء جنود الجيش الأمريكي والمسلحين الموالين لهم، وفتح الطريق أمام الدورية الروسية التي عادت عبر طريق “المالكية – القامشلي” إلى قاعدتها في مطار القامشلي الدولي.
وكانت سوريا محطة حقيقية للتنافس والصراع والمناوشات بين الجيشين الروسي والأمريكي، بعد أن كانت دورية مؤلفة من عدة عربات عسكرية برفقة القوات الروسية في منطقة (بريف المالكية) عند الحدود السورية – التركية في أقصى شمال شرق الحسكة، تزامناً مع قيام دورية أمريكية بالتمركز على الطريق الواصل بين (بلدة المالكية ورميلان)، وذلك بهدف اعتراض الدوريات الروسية في حال توجهها إلى معبر “سيمالكا” الحدودي مع إقليم شمالي العراق.
ويتمسك الطرفان الأمريكي والروسي بالحل في سوريا من وجهة نظر مختلفة، وهو ما أعلنه وزير الخارجية الروسي (سيرغى لافروف)، بأن “الملفات المتعلقة بالأزمة السورية يجب حلها على أساس وحقائق ملموسة، فيما أن ما يسمى باللجنة المستقلة المعنية بسوريا لا تستجيب لهذا المعيار”.
وجاء تصريح “لافروف” خلال مؤتمر صحفي افتراضي في معرض تعليقه على ما وصفها بأنها مزاعم صدرت عن (لجنة الأمم المتحدة للتحقيق المعنية بسوريا)، حيث اتهمت لجنة الأمم المتحدة كلاً من (القوات الحكومية السورية، القوات الروسية) بارتكاب جرائم “قد ترقى إلى جرائم حرب” في شمال سوريا.
وهو ما دعا وزير الخارجية الروسي بذاته للرد عليها، وأكد “لافروف” إلى “أن اللجنة ” التي تطلق على نفسها لجنة التحقيق المستقلة”، لم يتم إنشاؤها بقرار إجماعي، وأن تفويضها فضلاً عن أساليب عملها، يثير العديد من الأسئلة”.
كما جاء دفاع المندوب الروسي الدائم لدى الأمم المتحدة “فاسيلى نيبينزيا” ضد تلك الاتهامات الموجهة ضد بلاده في سوريا، وحظيت التقارير الإعلامية الروسية باتهامات لأطراف عديدة، مؤكدة بأن “إتهام موسكو بارتكاب جرائم حرب في سوريا هي جزء من حرب إعلامية ضد روسيا”، وجاء دفاع “فاسيلى نيبينزيا”، بأن: “قرار إنشاء هذه اللجنة لتوثيق الاتهامات ضد روسيا تم تمريره من قبل الدول الغربية بالدرجة الأولى، وهى لا تخفي ذلك، حيث جرى من خلال التصويت في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة على تشكيل آلية لها هدف محدد مسبقاً وهو البحث عن مستمسكات ضد دمشق ومن يصفونهم بحلفاء دمشق”.
ولكن وفقاَ للدفاع الروسي فأن “تلك اللجنة الأممية لم تذهب ولو مرة واحدة إلى محافظة إدلب، وأنها تستند عند جمع المعلومات إلى التقارير الواردة في شبكات التواصل الاجتماعي وبعض المصادر التي تطلب عدم الإفصاح عن هويتها “لاعتبارات أمنية وللحفاظ على سلامتها”.
وخرج وزير الخارجية الروسي “لافروف” معلناً: “تنطلق روسيا من الحاجة الاستثنائية إلى حل وبحث أي قضايا تتعلق بالنزاع السوري وأي نزاع آخر، على أساس حقائق محددة وملموسة فقط، على أساس تقديم المعلومات التي يمكن للجهة المعنية تحمل المسؤولية عن صحتها. وهذه اللجنة المستقلة لا تتحمل المسؤولية عن تصريحاتها، وهذا أمر تم إثباته أكثر من مرة”.
وهذه ليست المرة الأولى التي توجه فيها (لجنة التحقيق الدولية بشأن سوريا) اتهامات لروسيا “بارتكاب جرائم حرب” في عدد من المحافظات السورية، وأكدت موسكو مراراً أن مثل هذه الاتهامات التي تعتمد على إفادات واهية، ليست إلا جزءاً من أساليب الحرب الإعلامية التي تخاض ضد روسيا.
ومن هنا نجد، أن الدولة السورية قد أصبحت محل تنافس لقوى دولية وإقليمية عديدة تسعى جميعها للبحث عن مصالحها، خاصةً في تلك المناطق التي تزدحم بها آبار وحقول النفط شمال شرق الحسكة وغيرها من ثروات في عمق الدولة السورية، ومازالت القرارات الأممية غير مفعلة .
، خاصةً مع إعلان الرئيس السوري “بشار الأسد” إجراءات الانتخابات الرئاسية السورية في موعدها يوم ٢٦ مايو ٢٠٢١، بعد إجراء الانتخابات للمغتربين السوريين في الخارج يوم ٢٠ مايو ٢٠٢١، ولكن كانت المفاجأة برفض عدد كبير من الدول الغربية تصويت المواطنين السوريين وحاملي الجنسية السورية على أراضيها في تلك الانتخابات السورية لعدم شرعيتها بتاتاً، ولأن ترسخ من شرعية نظام “بشار الأسد”، وهو ما رد عليه “بشار الأسد” وحليفته روسيا، بأن الدول الغربية يعارضون تلك الاستحقاقات الدستورية، ويتدخلون في الشأن الداخلي السوري… لذلك نخلص، بأن الموقف السوري مازال مشتعلاً مع وجود ملايين النازحين واللاجئين السوريين في الخارج وعالقين في عدد من المخيمات الحدودية، وعدم تحرك المجتمع الدولي بجدية لحل كل تلك الأزمات والإشكاليات المترتبة على الحرب الدائرة في سوريا منذ عشر أعوام، وبحث كل طرف عن مصالحه كما فهمنا من تحليل الصراع الأمريكي الروسي وغيرها.
https://www.facebook.com/
akhbaralaan/videos/484036822864241/