الحدث – وكالات
منذ بدء الاحتلال التركي لمنطقة عفرين عام 2018 تواصل تركيا إحداث التغيير في التركيبة السكانية، وبعد عمليات التهجير القسري التي طالت أكثر من 75% من السكان الأصليين، بدأت تركيا بإنشاء المشاريع الاستيطانية لإيواء العرب والتركمان من مختلف المناطق السورية بهدف محو الهوية الكردية في المنطقة وإنهاء وجودها، وذلك باتفاق مع الجهات الداعمة لها مثل الكويت وقطر التي تدعم جمعيات استيطانية مشبوهة باسم الإغاثة والإنسانية في عفرين لإنجاز تلك المشاريع الاحتلالية.
وقد تم توطين أسر المسلحين من الجيش الحروالمتطرفين الدواعش الذين فروا الى عفرين والذين بلغت نسبة تواجدهم خلال عام 2020 حوالي 65.20% وفق ما أكدتها منظمة حقوق الإنسان في عفرين.
ولإيجاد مقومات الاستقرار في المنطقة ولفرض واقع الاحتلال، شرعت الدولة التركية في بناء العديد من المشاريع السكنية في عموم المنطقة، ففي مريمين الواقعة شرق مدينة عفرين شيدت قرية وسميت ” قرية الشامية” – وفي بافلون ذات الغالبية الإيزيدية تم توطين حوالي 70 عائلة من ريف حلب والغوطة مع تقديم الدعم المادي لتلك العوائل.
وكما شيدت ثلاث مجمعات استيطانية في ” أرندة –سهل قرية سنارة – سهل شاديا” أي على طول الخط الحدودي في ناحية شية ” شيخ الحديد ” وصولاً إلى ناحية راجو، وذلك إلى جانب بناء مجمعات سكنية في كل من أفرازة وحج حسنة بعد تجريف أشجار الزيتون، وفي قرية باصلحايا أيضاً الواقعة في جنوب عفرين تم بناء مجمع سكني هناك.
وفي قرى شيراوا وتحديداً في” دير مشمش وخالتا التي حملت اسم” قرية كويت الرحمة ” والتي شيدت بالتعاون مع جماعات الإخوان الكويتية، ومدينة صباح الأحمد الخيرية التي شيدت في شمال غرب سوريا وبتمويل الجمعية الخيرية الإسلامية العالمية وسط تكتم شديد، لذا لم يتم تحديد موقع المدينة إلى حد الآن، كما أنشأت مجمعات سكنية في ميدان اكبس وفي شمال غرب جنديرس وحي الأشرفية في مركز عفرين.
ناهيك عن ذلك، أقامت الدولة التركية عدة مخيمات على تخوم الحدود التركية السورية ” بلبل -قرية سوركة بناحية راجو – قرية المحمدية ودير بلوط” التي استوطن فيها حوالي 600 عائلة من مستوطني جنوب دمشق بينهم 325 عائلة فلسطينية، وعموماً بلغت نسبة المستوطنين الفلسطينيين في شمال سوريا وفق مركز التوثيق المدنيّ للاجئين الفلسطينيين بلغ نحو 7500 مستوطن خلال العام المنصرم، تم جلبهم من درعا وحمص وحلب ومخيم اليرموك في دمشق.
وبهدف إنشاء حزام تركماني على طول الخط الحدودي بين سوريا وتركيا، لجأت تركيا إلى توطين التركمان في المنطقة، كون التركمان وفق ما أكده مركز مالكوم كير كارينغي للشرق الأوسط هم “المستوطنون الأقدر على تعزيز الوجود العثماني في المناطق الحدودية السورية”.
وبموازاة ذلك، وفي تسجيل صوتي لرئيس ” جمعية العيش بكرامة في غزة ” فقد أوضح عن وجود تنسيق صريح فيما بينهم وبين جماعات الإخوان المسلمين في كل من مصر والكويت وقطر وتركيا، لدعم وتمويل الجمعيات المتواجدة في عفرين لإنشاء المشاريع الاستيطانية بما يتماشى مع المصالح التركية القومية والإخوانية، وقد استولت جمعية العيش بكرامة على الأراضي الزراعية في قرية تل طويل بعفرين خلال هذا العام الجاري بغية إنشاء المشاريع السكنية.
ومن تلك الجمعيات “جمعية الأيادي البيضاء” التي تتخذ من أنقرة مقراً لها، ولديها 45 شريكاً تدعم مشاريعها في أماكن النزوح والمخيمات، وتهتم بنفيذ المشاريع العاجلة والطارئة، وقامت بافتتاح مقر لها في عفرين تحت مسمى ” المجلس الأعلى لتركمان سوريا”، لدعم وتمويل المشاريع التي تنجز في مختلف قرى وأحياء عفرين المحتلة، وعلى إثر ذلك ساهمت في بناء مجمع سكني بالقرب من كالي نواله في قرية شادير” ذو الغالبية الإيزيدية” التابعة لناحية شيراوا وأطلق عليها تسمية قرية” بسمة”، لإيواء التركمان وذلك بالتعاون ومشاركة جمعية” إحسان للإغاثة والتنمية” التركية والتي تتخذ من أنقرة مقراً رئيسياً لها وتقدم ” الدعم للنازحين من عائلات مسلحي التمرد الطائفي في سوريا، او ما يطلق عليهم اسم ” الجيش الحر او الجيش الوطني، وقد شاركت في إنشاء مشاريع استيطانية في عفرين تأوي التركمان من حمص واللاذقية، وعلاوة على ذلك استولت على الأراضي الزراعية في قرية تل طويل بهدف إقامة مشاريع سكنية هناك، وقامت ببناء 247 وحدة سكنية في شمال غرب جنديرس، وذلك بعد مصادرة الأراضي الواقعة بين قريتي كفرصفرة وتاتارا.
ولجمعية “عطاء بلا حدود القطرية ” التي تنفذ المشاريع السكنية في عفرين ” كونها تعمل ” لنصرة الأمة العربية والإسلامية” وإغاثة نازحيها ولاجئيها، وتستند في تمويلها على القيادة القطرية مباشرة ، وانفردت هذه الجمعية في تقديم الدعم المادي لمستوطني أهالي الغوطة وحمص ودير الزور في عفرين من خلال بناء مجمعات سكنية خاصة بهم.
وعدا عن ذلك شاركت “الجمعية الخيرية العالمية للتنمية والتطوير” والتي تتخذ من دولة الكويت مقراً رئيسياً لها في تمويل مشروع بناء المستوطنات الجديدة في عفرين، كونها كما تدعي : “تعمل على تحقيق تنمية مجتمعية مستدامة بمختلف المشاريع الإنسانية في الكويت وخارجها ولاسيما في سوريا “.
وأغلب تلك الجمعيات شاركت وقدمت الدعم المادي من خلال المعابر الحدودية ولا سيما في ناحية جنديرس لكونها قريبة من المعابر الحدودية ” معبر قرية حمام – معبر آطمة” فتعرضت لأكثر الحملات الاستيطانية، ومن خلال هذه الممارسات الاستيطانية والتهجير وارغام السكان على ترك أراضيهم ومنازلهم، واستقدام المستوطنين تراجع نسبة السكان الكرد في قرى جنديرس إلى 30% و25% في مركز الناحية ذاتها.
فسياسة التتريك والتعريب المطبقة من قبل تركيا والجماعات الإخوانية تكشف الاستراتيجية التركية حيال الكرد عموما وفي عفرين بشكل خاص، ولتركيا العنصرية تجارب وتاريخ حافل بالابادات والتغيرات الديموغرافية، كردستان، ارومينيا، لواء اسكندرون الخ.. وما تقوم به في عفرين ما هي الا سلسلة تستكمل النوايا العثمانية الخبيثة، امام صمت مريب من العالم.