المرأة في روج آفا.. وقائع وآفاق جديدة
هيفا حيدر حسن
تمكنت ثورة روج آفا (شمال وشرق سوريا) من إحداث تغيير نوعي في نسبة مشاركة المرأة، في مختلف نواحي الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، وساهمت الثورة في طرح مبادرات نسوية، وتفعيل هذه المساهمات التي من شأنها رفع مستوى المرأة وفق أفكار حديثة تناسب الواقع المعاش.
ومع تصاعد وتيرة الأحداث والمجريات في المنطقة، ظهرت الحاجة لتأسيس منظمات نسوية؛ تحفيزاً للمرأة وتنشيطاً لدورها في المساهمة في كل مجالات الحياة، وخلق مجال آمن للنساء، والقضاء على كافة أشكال التمييز والعنف ضدها.
ومع ظهور عدد من هكذا مبادرات خلّاقة، اقتضت الضرورة إلى نشر مواد علمية سهلة؛ لتوضيح كل الإشكاليات التي تعترضهن في تشكيل هذه المبادرات والتمويل والاستمرارية، وآليات العمل على الأرض، وكذلك التخطيط الاستراتيجي، وتقييم ما تم إنجازه من خطوات، خاصة في مجال حقوق المرأة؛ بحيث يكون بمقدورها مواجهة التحديات شديدة الخصوصية كالعنف الأسري، وزواج القاصرات، ومشاكل الطلاق ورعاية الأطفال، وغيرها من العقبات، إضافة إلى تمكين المرأة في سوق العمل؛ بهدف تحسين أوضاعها المادية.
وقد أصدرت الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا العديد من القوانين والإجراءات الخاصة بحقوق المرأة، وعقدت الندوات والجلسات الحوارية، في مسعى منها لدفع المجتمع والسلطات إلى توفير الحماية للنساء، وتنشيط دورهن الاجتماعي، وعلى الرغم من حداثة نشأة الإدارة الذاتية، وافتقارها للخبرات العلمية والفنية، وغياب الدعم المادي، إلا أنها نجحت في ترسيخ نظام المرأة في المجتمع من خلال دعم عدة منظمات حديثة التكوين؛ كمنظمة سارا لمناهضة العنف ضد المرأة، والتي أمّنت المسكن للنساء المعنّفات اللواتي اضطررن لترك أسرهن، رغبة منهن في البحث عن حياة أفضل وتحقيق الذات، إلى جانب إتاحة الأمان للمستقلات عن أهاليهن نفسياً واجتماعياً واقتصادياً، على الرغم من بعض المضايقات التي ظهرت، واعتبرت هكذا مبادرة على أنها تشجيع للنساء على ترك عوائلهن.
ربما ظهور هذه الرؤية هي بسبب غياب النظرة المنفتحة، والتعامل بإيجابية فيما بين الذكور والإناث، وكذلك دعت الإدارة إلى تنظيم المرأة في اللجان والكومينات والمجالس، ودعمهنّ بأكثر من طريقة، إيماناً منها بأن ثورة روج آفا ستبقى ناقصة ما لم تحصل المرأة على حقوقها وتتمتع بمكانة متقدمة في المجتمع.
إذن.. فالمبادرات النسوية ليست فقط أفكاراً نظرية، وتصوراتٍ فكرية مؤسسة في الفراغ، بل تقوم على حقائق ووقائع حول أوضاع النساء، وترصد التمييز المفروض عليهن، بمختلف أشكاله، باعتبارها خطوة هامة لتغيير مسار حياة المرأة نحو الأفضل، ومدى تأثير هذه الاستراتيجية على نهوض وتقدّم المرأة بصورة واعية؛ فالحضور المحدود للمرأة، والتغيير الذي لا ينهض بأوضاع النساء وحقوقهن ليس تغييراً حقيقياً على الإطلاق؛ لذا ينبغي تغيير النظرة التقليدية عن المرأة، ومن الضروري التماس الفرص، وتفعيل قدراتها وحكمتها وخبراتها، بوصفها عناصر لها أدوار فعالة في إحراز التنمية والتطوير في المجتمع.