الحدث – القاهرة
من المؤكد أن من يراقب إجراءات و سلوك الدولة التركية تجاه الشعب الكردي في أرضه التاريخيةكردستان، التي تم تقسيمها بين الدول القومية الأربعة(تركيا، العراق ،إيران، سوريا) التي أنشئت بعيداً عن إرادة الشعوب فيها، لتحقيق مصالح القوى الدولية وهيمنتها على المنطقة وشعوبها، حينها في بدايات القرن العشرين بعد الحرب العالمية الأولى وإنهيار الإمبراطورية العثمانية. يدرك وبلا أدنى شك وخصوصاً بعد مشاهدة حالة الإبادة الفريدة التي تمارسها السلطات التركية بحق الوجود والمجتمع الكردي وثقافته، أن تركيا تكن عداء كبير للشعب الكردي وليس لقسم أو جزء منه.
إن هذه العدوانية للدولة التركية القومية تجاه الشعب الكردي تزايدت بشكل لامثيل لها بعد قدوم الإتحاد والترقي إلى سدة الحكم في نهايات الحقبة العثمانية 1908 وبدايات تشكيل ما تسمى الجمهورية التركية 1923، علماً أن البدء كان مع ما تم تسميته تطوير وتحديث الجيش ونظام الإدارة ومحاولة فرض المركزية الشديدة في العثمانية البائدة منذ عام 1835 وبمساعدة ألمانيا حينها وكانت تسمى بروسيا لتطوير الجيش العثماني، وكانت البداية لإنهاء الإمارات الكردية(الحكم المحلي الكردي) التي تعددت الخمسين مثل صوران وراوندور وبوطان وبهدينان وغيرهم منذ الخلافة العباسية التي تشكلت على يد أبو مسلم الخرساني الكردي ومروراً بالدولة الأيوبية والحمدانية و محمد على باشا وأحفاده العديد من فترات النفوذ الكردي وتفاعلاته مع شعوب المنطقة في التاريخ الإسلامي التي إمتدت من كردستان حتى السودان وليبيا ومصر حتى الحجاز واليمن.
في تركيا المستحدثة وخصوصاً بعد خضوع الكماليين والإتحادييين للهيمنة العالمية، كانت الفترة الممتدة من أعوام من 1925 وحتى 1940 فترة محاولة إبادة وإنهاء وإمحاء الشعب الكردي. رغم التحالفات التاريخية والتقاليد المجتمعية ورغم أن الأتراك وفي إنعطافات التاريخ لم يستطيعوا التواجود في الأناضول لولا مساعدة الكرد لهم، يوم قدموا من أواسط أسيا وخوض الكرد معهم معركة ملازكرد 1071 ويوم تنازعت بريطانيا وفرنسا وروسيا واليونان وأخذت أغلب أراضي العثمانية و حتى تركيا الحالية أيضاً لولا التحالف بين مصطفى كمال والشعب الكردي بعشائره وب 32 بيك من كبار الكرد لما قام للترك قائمة.
من ثورة كوجكري 1919 وحتى إحسان نوري باشا و إنتفاضة آكري والسيد رزا وإنتفاضة ديرسم مروراً بأكثر من 20 ثورة وإنتفاضة أو إبادة تركيا كون الإنتفاضات كانت تحصل نتيجة الهجوم أو العداء السافرللدولة التركية على الكرد في شمالي كرستان(جنوب شرق تركيا). بدأ الشعب الكردي مشوار رفض الإبادة والدفاع المشروع عن وجوده كأمة وشعب على أرضه التاريخية.
كان الهدف المرسوم إبادة الشعب الكردي وتهجير الباقي منهم كما تم إبادة الأرمن والروم واليونان والسريان وغيرهم، وذلك لتحقيق أمة نمطية دولتية متجانسة مطلوبة للدولة القومية التركية المراد إنشائها لتحقيق نموذج دولة في المنطقة وعبرها يتم تحقيق مصالح وهيمنة النظام العالمي حينها. ولذلك كان مايسمى المجتمع الدولي أو بالأصح المجتمع الدولتي صامتاً عن كل المجاز والإبادات الجماعية بحق شعوب ميزوبوتاميا والأناضول.
منذ اليوم الأول لتهرب الساسة الأتراك من إلتزماتهم مع الشعب الكردي وشعوب المنطقة وإقامة دستورشوفيني في 1924 لايتعرف بالتعدد القوموي والأثني والديني والمذهبي في تركيا، كانت هنا المفصل ومن يومها تعد الدولة التركية أن حصول الشعب الكردي على حقوقه خطراً على الدولة التركية كونها قامت على إبادة الشعوب المسحية أولاً وكان المطلوب إتمامه على الشعب الكردي المسلم أيضاً.
نظراً لان تركيا لم تستطيع إنجاز إبادة الكرد في فترة قصيرة بسبب خصائصه وتفاعله وترابطه مع موطنه الجبلي ونموذج مقاومته وشخصيته الصامدة والصبورة ورغم كل الدعم الغربي، ولأهمية الجغرافية السياسية ودور تركيا الوظيفي كان القوى الدولية ومنها حلف الناتو وقبله الدعم الأوربي والبريطاني وأحياناً الروسي وعبر مراكز القوى الخاصة في الدولة التركية وأحياناً أخرى عبر الإنقلابات كانت تؤمن تبعية السلطات التركية وتؤمن الحالة الوظيفية التركية وعدم ترك المجال لعودة التقاليد والتحالفات الديمقراطية بين الشعوب وحتى خلق منظمات وأحزاب تدور في فلك وأفق ومهمات تأمين الدولة التركية وعدم فسح المجال لظهور قوى مجتمعية مقاومة حقيقية.
وشهدت تركيا عدة إنقلابات بمعية ودفع الناتو عبر نفوذه وأدواته في مراكز القرار في السلطات والدولة التركية وكان إنقلاب انقلاب 1960 وانقلاب1971 والإنقلاب الدموي في عام 1980. بقيادة الجنرال العسكري كنعان إفرين والذي فرض على تركيا نمط حياة عسكرية من جديد على غرار الدولة العثمانية وبل أكثر تشدداً، حيث بلغت حصيلة الانقلاب العسكري للجنرال كنعان إفر ين: اعتقال 650.000 شخص،ومحاكمة 230.000 شخص، و517 حكما بالإعدام، و299 حالة وفاة بسبب التعذيب .
وبسبب حالة بحث الشعب الكردي وخصوصاً عبر طلبته المنحدرين من كافة طبقات المجتمع الكردي عن معرفة سبب إستعمار تركيا لكردستان وللشعب الكردي وعن فهم العلاقة والسلوك القاسي والعدائي للدولة التركية تجاه الكرد وأساليب المواجهة والتصدي. كان حزب العمال الكردستاني كمجموعة منذ 1973 كحركة طلابية نضالية تمثل إمتداداً لصمود و لدفاع المجتمع الكردي عن وجوده وهويته وكرامته، وتحول تلك الحالة الطلابية والبحثية لمعرفةوفهم الواقع إلى حزب سياسي وحركة لحرية كردستان توسع حتى أصبح الدولة التركيا تضعها في رأسأولوياتها اثناء الإنقلاب الذي حصل في 1980.
منذ المؤتمر الأول وقيادة الشهيد محمد قرى سنغل للمقاومة الشعبية في وجه الممثليين المحليين و الأدواة للدولة التركية الفاشية من الباكوات ورؤساء العشائر والمخاتير العملاء للدولة. كان القراءة والقول والعمل متلازميين ولذلك ورغم كل ظروف القهر والقمع واليأس تطور الحالة الرافضة للموت البطئ وتدحرج كرة الثلج والنار والمقاومة إلى أن وصل لعام 1984 والقائد الشهيد عكيد الذي كان من أوائل الكوادر التي تدربوا في لبنان مع الأخوة الفلسطينيين. كحلقة من حلقات التكامل النضالي والمقاوم بين شعوب المنطقة الساعية للحرية والإنعتاق من العبودية والذل.
وحتى اليوم ومازال الشعب الكردي ومن مختلف أجزاء كردستان وأماكن تواجد الكرد يرون حزب العمال الكردستاني والقائد عبدالله أوجلان وأفكاره ونضاله هي الممثلة والقادرة على تحقيق حرية الشعب الكردي وفي كل أجزاء كردستان. وبل أن الخبرة النضالية والوعي الفكري ووعي الحقيقة في طرح المفكر والقائد أوجلان العصرانية الديمقراطية والكونفدرالية الديمقراطية والأمة الديمقراطية هي مكسب وإنجاز لك المنطقة وشعوبها كونها تقدم حلول لمشاكل وقضايا المنطقة إعتماداً على ثقافة المنطقة وقيمه المجتمعية متحدة مع العلم المعاصروذلك لحل مشاكل وقضايا الشعوب بعيداً عن الإقتتال والصراعات والعنف بل عبر بناء حياة مشتركة ديمقراطية ترتكز للإرادة والذهنية المشتركة وتضمن كافة ألوان وإختلافات وخصوصيات الشعوب والمجتمعات في إطار توافقي وتكاملي وكلياتية ديمقراطية مجتمعية أخلاقية وسياسية .
لكن تركيا ومعها الأدواة الإقليمية من الدول القومية والسلطات والتيارات الإسلاموية والقوموية واليسارية والليبرالية والمشكلون تحت تاثير الهيمنة الغربية والفكر الإستشراقي ومعهم القوى الرأسمالية العالمية، لم يحبذوا من يقدم نموذج بديل عن تقسيماتهم وسيطرتهم على مقدرات الشعوب في المنطقة، لم يقبلوا ان يتم تغيير حالة العزلة والإبتعاد والجمود بين الشعوب ولم يروق لهم سعي القائد أوجلان إلى تحقيق حالة التفاعل والتكامل بين شعوب المنطقة وإلى حل القضية الكردية كمدخل وبداية صحيحة لحل مجمل القضايا في المنطقة وتحقيق الديمقراطية والعدل والتنمية، ولذلك تم إعتقاله بمؤامرة دولية إستهدفت المنطقة وإراتها الذاتية والمجتمعية بالمجمل في شخص المفكر والقائد عبدالله أوجلان وشخصية الشعب الكردي. ومازال الإعتقال منذ 22 سنة رغم حالة القرصنة والإعتقال والسجن غير القانوني والمخالف لكل القوانيين والأعراف الدولية. ومنذ نيسان 2015 هناك حالة تجريد وعزلة ومنعه من حقوقه الأساسية، في ظل صمت من المؤسسات المعنية الدولية رغم إصدارمنظمة مناهضة التعذيب تقارير تؤكد حالة العزلة والتجريد الغير مقبولة.
وعطفاً وترابطاً مع الأحداث تم الإتيان بحزب العدالة والتنمية إلى الحكم في تركيا منذ 2002 كنموذج مطلوب لضرورات الهيمنة العالمية والتحكم بالمنطقة عبر تقديم نموذج إسلاموي يحقق شكلياً وليس حقيقة تفاعلاً وترابطاً بيم القيم الأوربية الغربية والقيم الإسلامية.
وكان الشخص هو أردوغان بعد عدم قبول أربكان لكل الإملاءات والأدوار ومحاولته التقرب بجدية من القضية الكردية.
كان أردوغان وحزب العدالة والتنمية وكانت معهم التحسن الاقتصادي كباب وملمح جيد يتم عبره إختراق المجتمع التركي وكذلك تقديم نموذج للعالم المسلم حول كيف يجب أن يكون المسلميين وقادتهم.
وبما أن الحالة هذه وأردوغان وحزبه كانت مصطنعة ولذلك وبعد مرور 18 سنة على حكمه أدرك شعوب المنطقة وخاصة الإسلامية أن أردوغان وحزبه هم حصان طروادة يراد به القضاء على ماتبقى من مفاهيم وقيم الدين الإسلامي وماتبقى من محبة وتفاعل وعلاقات الشعوب مع بعضها ولذلك نرى أردوغان اليوم من أكبروأكثر من يوقظ الفتن ويوقد نار الإقتتال بين الأخوة والأهل وبين الشعوب والأثنيات والدول ويحرض على الفوضى ويدعم الإرهاب وعدم الاستقرار.
وداخلياً وبعد 18 سنة من حكم أردوغان تحول الدولة التركية إلى نظام الرجل الواحد ولم يبقى شيئ من المؤسسات والبرلمان والمحاكم وأصبح بصلحياته وخاصة بعد الإنقلاب المزعوم في 2016 وكأنه نمرود بابل أو هرقل الروم في مواجهة سيدنا إبراهيم أو سيدنا محمد والخلفاء الراشدين.
حيث أن في عهد أردوغان ومنذ تصدر حزبه المشهد تم قتل أكثر من 14 ألف ا و960 امرأة قتلن بسبب العنف الممارس بحقهن،و بشكل يومي يتم إعتقال 96 شخصاً لدى سلطة أردوغان .
و تم انتهاك “حق الحياة” لنحو 47 ألفا و910 من المواطنيين في تركيا في نفس الفترة.
بالإضافة إلى إحراق المدن والقرى وقتل وتشريد مئات الآلاف على مدار السنين، وتدمير مدن بأكملها مثل ماحصل في كل من سور آمد و جزيرة بوطان ونصيبين عام 2016م أثر الانتفاضة الجماهيرية التي قتلت بكافة أنواع المدافع والدبابات والطائرات. وحتى أن جثث الإمهات الكرديات بقيت أسابيع في الشوارع و لم تسمح الدولة التركية حتى بدفنهم بعكس كل أخلاق وقيم الدين الإسلامي. مع إرتكاب تركيا المئات من المجازر والإبادات من روبوسكي إلى مجزرة الشبيبة في سروج إلى مجزرة أنقرة وآمد وغيرهم الكثير.
ولا يقتصر النشاط التركي على قميع المدنيين والسياسيين فحسب، فعمليات الإبادة الجماعية التي تقوم بها الدولة التركية لا تزال مستمرة، فتقوم الدولة بشكل يومي بقصف مناطق الدفاع المشروع في متينا وزاب وآفاشين وكاري وحفتانيين بالطائرات المسيرة والحربية واستخدام كافة أنواع الأسلحة الكيمياوية والمحرمة دوليا بهدف النيل من الإرادة والمقاومة الكردية. وقد أكدت قوات الدفاع الشعبي HPG إستعمال تركيا الأسلحة الكيميائية لأكثر من 13 مرة مع فشل الجيش التركي أمام مقاومة شباب وبنات الشعب الكردي .
وبحسب إحصائيات رسمية منشورة من قبل منظمة هيومن رايتس ووتش فأنه تم تدمير أكثر من 3000 قرية كردية بين عامي 1984-2000 من قبل الجيش التركي في شمال كردستان وحدها، حيث يؤكد التقرير على أنه” تم إخلاء معظم المناطق الريفية في جنوب شرق تركيا من قبل الحكومة التركية، حيث انتقل المدنيون الأكراد إلى المراكز المحلية مثل آمد (ديار بكر)ووان وشرناخ، وكذلك إلى مدن غرب تركيا وحتى غرب أوروبا. وقد شملت أهم أسباب التهجير السكاني العمليات العسكرية للدولة التركية والإجراءات الممارسة للسلطات التركية. وقد وثقت هيومن رايتس ووتش العديد من الحالات التي قام فيها الجيش التركي بإخلاء القرى بالقوة، وتدمير المنازل والمعدات لمنع عودة السكان. وتم إعدام 18000 كردي من قبل الحكومة التركية.
تحت إسم فاعل مجهول، علماً أن الأرقام والتقديرات تقدر عدد القرى الكردية المدمرة بأكثر من 4000 قرية. ولقد بلغ عدد النازحين والمرحلين والمهجريين قسرياً أكثر من 6 مليون شخص مرحلياً في تلك الأحداث.
أما في باشور كردستان، فقد قدرت الإحصائيات أنه وبسبب قصف طائرات الجيش التركي للجبال القريبة من المدن والقرى الكردية فقد تم إفراغ أكثر من 350 قرية في محيط زاخو وحدها و 275 قرية في محيط دهوك والمئات من القرى في محيط هولير والسيلمانية، إضافة إلى مقتل المئات من المدنيين الأبرياء ونفوق ألاف المواشي. مع تواجد أكثر من 40 قاعدة وموقع للجيش والإستخبارات التركية بالتواطؤ مع القوى المحلية مثل حزب الديمقراطي الكردستاني في جنوب كرستانظ(إقليم كردستان العراق) وربما وصل العدد
للمواقع والقواعد الحالية التركية حوالي 70 كما قال أحد برلماني العراقيين.
ومازال موقف حكومة العراق وإقليم كردستان العراق ضمن إطار إعطاء الشرعية للإعتداء التركي، بل أن سعي بعض النواب في برلمان الإقليم والعراق يتم عرقلته و منعه من قبل نواب حزب الديمقراطي الكردستاني وكأنهم نواب للدولة التركية الفاشية وليس للشعب الكردي وللشعب العراقي.
وحتى أن الديمقراطي وتركيا يسعون إلى إتمام إبادة داعش بحق الإيزيديين في شنكال عبر منع إرادة المجتمع الإيزيدي من التعبير والتنظيم والحياة الحرة ومحاولة ضمان التواجد التركي تحت مسميات وحجج واهية.
وهناك سعي تركي لزيادة مشاركة الديمقراطي الكردستاني في الحرب ضد مقاتلي حرية كردستان بشكل مباشر رغم مشاركتهم الإستخباراتية واللوجستية وغيرها لجيش الإحتلال التركي.
وفي مدينة عفرين المحتلة لوحدها في شمال غرب سوريا، نزح أكثر من نصف مليون مدني إلى الشهباء والمدن والبلدات القريبة، ويجري أوضح مثال عن التطهير العرقي والتغيير الديموغرافي في عهد أردوغان وحزبه في مدينة وقرى عفرين حيث تم تهجير اهلها الكرد السوريين وإسكان المرتزقة والإرهابيين وعوائلهم ويتم منع العملة السورية وإستعمال الليرة التركية وإصدار هويات وأوراق ثبوتية تركية وتغيير كل الملامح الكردية للمنطقة ومنع لغة أهلها في التدريس وتخريب الأماكن والمزارات والأوباد الأثرية وقطع مئات الألافمن أشجار الزيتون. كل هذا ومع الأداة المرتزقة السورية او ما يعرف بالجيش الوطني السوري أو الإنكشاريين الجدد الذين يجوبون الدنيا ومناطق الصراع حسب طلب سلطان الإرهابيين والمرتزق وكذلك الأداة الأخرى الإئتلاف الواجهة السياسية للإرهاب والمرتزقة السياسيين امثال نصر الحريري وغيره من جوقة الخونة والمرتزقة.
وفي سري كانية وكري سبي بلغ عدد النازحين أكثر من 300 الف شخص، بعد أن سلبُت منازلهم واستوطن فيها من قدموا من المناطق الأخرى ومن خارج سوريا وغيرها.
ومن يرى جريمة قتل هفرين خلف وبارين كوباني ودنيز بويراز وقتل باريش جاكان وحرق 150 شاب في جزيرة بوطان عام 2016 ومجزرة قتل الأطفال في تل رفعت يدرك العقلية الطورانية التركية القوموية والعداء الفاشي تجاه الشعب الكردي وثقافته في عهد أردوغان وحزب العدالة والتنمية.
ورغم كل هذه الممارسات والجرائم التركية بحق الشعب والأمة الكردية مازال الصمت الإقليمي والدولي سيد الموقف رغم العمل الجاد من قبل حركة حرية كردستان في إيصال صوت الحق وعدالة القضية الكردية إلى ىشعوب المنطقة ودولها وكذلك العالم.
وتبقى علاقة تركيا مع ألمانيا والناتو وكذلك العلاقة التركية_الإسرائيلية دورها الاساسي في صمت القوي الفاعلة حول حالة الإبادة الفريدة التي تطبقها الدولة التركية بحق الشعب الكردي في كل أماكن تواجده. ولقد بدأت العلاقات التركية – الإسرائيلية بصورة رسمية في شهر آذار/مارس من العام 1949 عندما اعترفت تركيا، كأول دولة ذات أكثرية سكانية إسلامية، بدولة إسرائيل، فسبقت إيران التي تأخََرت باعترافها إلى العام1950. وتطوَّرت هذه العلاقات بين أنقرة وتل أبيب في مختلف الحقول العسكرية والإستراتيجية والدبلوماسية لتصبح إسرائيل أكبر شريك للصناعات العسكريةّّ الاسرائيليّّة، بل هي ثاني أكبر زبون للسلاح والتقنيات العسكرية إسرائيلية الصنع بعد الهند، على حدّ وصف دودون سوسليك، المتحدث باسم شركة(AIA)، إحدى كبرى شركات الصناعات العسكرية في “إسرائيل”. وينص الاتفاقات على تبادل الطيارين ثماني مرات في السنة ويسمح للطيارين الإسرائيليين ممارسة “طويلة المدى وتحليق فوق الأراضي الجبلية” في نطاق تركيا في ماتسمى “إطلاق قونية” أو في منطقة قونيا.
وعلى مدار 37 عاما مازال يخوض الشعب الكردي دفاعه عن وجوده ضد ثاني أقوى جيش في حلف الناتورغم كل المعانات والتضحيات والشهداء التي تجاوزت اعدادهم أكثر من 50 ألف على يد دولة الإحتلال التركية وتوابعه وأدواتها.
ولأهمية العلاقات التركية مع المنظومة الدولية ودورها في تجنيب تركيا للإجراءات المحقة بسبب سلوكياتها المتجاوزة لكل القوانين والأعراف. وهروبها أو حمايتها من العقاب بسبب إبادتها للشعب الكردي وشعوب المنطقة.ولفهم الموقف الدولي من أقصى اليمين إلى أقصى الغرب بما فيها أمريكا والصين وروسيا والدول العربية والأروربية، يمكننا عرض نموذج الموقف الأوربي الذي يشكل أهم عامل مساعد ومشرعن لسلوك الدولة التركية بحق الكرد وحالة الإبادة الفريدة وكذلك لتدخلات تركيا في محيطها.
.
حيث كان الاتحاد الأوربي في إجتماعه الأخير مرتبكاً أكثر من أي وقت مضى تجاه تركيا رغم كل سلوكيات تركيا المهددة للإستقرار والأمن والسلم، بينما كانت تركيا حازمة ومتعجرفة كما كانت دائما تجاهه.
لطالما صنف الاتحاد الأوروبي تركيا على أنها “دولة ثالثة” يعتمد معها المعاملات كطريقة عمل. وبالمثل، صُنفت تركيا كدولة يجب أن تظل ضمن مجال نفوذ الناتو بأي ثمن. ومن الواضح أن هذا النموذج الجديد الذي يوجه العلاقات في حقبة ما بعد الترشح يخلو من التفاعل القائم على القيم والقواعد.
وعلى الرغم من هذا الواقع، يواصل الاتحاد الأوروبي الإقتصار على الخطابات حول القواعد، ليس فقط مع تعامل تركيا مع الكرد بل كما في حالة نزاعات أنقرة مع الدول الأعضاء المجاورة قبرص واليونان. كما يعتمد نفس النهج تجاه القيم المتهرّئة، وبعبارة أخرى الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وتفكك سيادة القانون فيتركيا.
لكن هذا يعُوّض بالشعور “بالخدمة الذاتية”، بدءا من ضرورة عضوية الناتو، و”صفقة اللاجئين” لسنة 2016،والمخاطر الاقتصادية لشركات الاتحاد الأوروبي في تركيا، بسبب الخوف من الانهيار الداخلي الذي قد يؤدي إلى إلى الاضطرابات الهائلة في المنطقة ككل.
وتكمن الوصفة السحرية، التي تجمع بين الخطب والخدمة الذاتية، في التهدئة والصفقات الرديئة المليئة بالصيغ، والتي تكررت مرة أخرى في المجلس في 25 يونيو وفي الاستنتاجات المفصلة في 79 نقطة لقمة الناتو الأخيرة، التي انعقدت في 14 يونيو.
وكان من المروع ملاحظة نقاط لا حصر لها من الاستنتاجات تتعارض مع سلوك أنقرة، سواء كان ذلك احترام سيادة القانون أو العلاقات مع أعضاء الناتو الآخرين أو الإجراءات ضد النزاهة العسكرية والسياسية للحلف،كما يتضح من مغازلاتها المستمرة مع موسكو وتعاونها مع إيران والصين.
و للفهم لنذكر بعض الأخبار من تركيا التي سبقت اجتماع المجلس الأوروبي:
قبلت المحكمة الدستورية التركية لائحة اتهام لإغلاق حزب المعارضة الرئيسي الثاني في تركيا، حزب الشعوب الديمقراطي، والذي حظي بدعم حوالي ستة ملايين مواطن تركي في الانتخابات البرلمانية الأخيرة في2018. وتطالب لائحة الاتهام بفرض حظر سياسي لمدة خمس سنوات على 451 سياسيا نشطا من حزب الشعوب الديمقراطي ومازال رئيسيه والعديد من النواب في السجن بتهم وحجج واهية وتلفيقات وأكاذيب.
كما أعلنت أنقرة أن بحر إيجة “منطقة للتدريب العسكري، بعد فشل الجهود الدبلوماسية لإقناع اليونان بعكس مسارها”.
ويصرح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الآن بما يسمى حل الدولتين في جزيرة قبرص المقسمة عرقياً،ويستعد لحفل افتتاح قاعدة جوية عسكرية في شمال الجزيرة الذي تحتله تركيا في 20 يوليو، في ذكرى العملية العسكرية التركية سنة 1974. كما تتواصل أعمال إعادة بناء المنطقة المحرمة في فاروشا المحتلة على الجزيرة بلا هوادة.
ورفضت أنقرة مؤخرا أحد النتائج الرئيسية لمؤتمر برلين الثاني حول ليبيا في 23 يونيو، والذي دعا إلى الانسحاب الفوري “لجميع القوات الأجنبية”.
وتراوغ أنقره في المصالحة مع الدول العربية وكلامها لا يطابق أفعالها .وفي نفس الوقت، غردت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فان دير لاين: “محادثة جيدة مع الرئيس، قبل اجتماع المجلس الأوروبي .
ناقشنا حالة العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وتركيا، ووباء كوفيد 19، والتجارة والاتحاد الجمركي، والوضعفي شرق البحر المتوسط ، والهجرة والتطورات في أفغانستان”.
وبذلك، تحدثت رئيسة المفوضية الأوروبية مع “ديكتاتور” تركيا، حسب وصف رئيس الوزراء الإيطالي ماريودراجي، في إشارة إلى تحدي أردوغان لأي شيء وكل ما له علاقة بالقيم والمبادئ والأعراف والمعاييرالأوروبية.
وتماشيا مع مسار المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، فإن الألمانية أورسولا فون دير لاين وممثلها في أنقرة نيكولاس ماير لاندروت يبديان موقف ألمانيا، وهو الموقف الذي أصبح علامة تجارية للعلاقات بين الاتحاد الأوروبي وتركيا.
ويعمل هذا الموقف على استرضاء الديكتاتور وتجنب إغضابه ودعمه، والتظاهر بأن تحركاته التكتيكية في بحر إيجة وشرق البحر المتوسط كافية للتعامل مع نظامه، وتجاهل انتهاكاته الخارجية الأخرى في العراق وليبيا وسوريا وحروبه المستمره تجاه شعوب المنطقة، وعلاقته مع القاعدة وداعش والنصرة والاكتفاء بالإنتقادات الشفوية لانتهاكات النظام، والحفاظ على البلد داخل الناتو بأي ثمن، والتجارة قدر الإمكان، وإعطاء انطباع خاطئ بأن تركيا لا تزال شريكا للاتحاد الأوروبي وتستحق المشاركة في قضايا مثل مراجعة الاتحاد الجمركي، بل وتستحق التحضير للعضوية.
كتب وزير الدولة في وزارة الخارجية الفيدرالية الألمانية، ميغيل بيرغر، مؤخرا في نفس السياق لوصف هذه السياسة، حيث وصف معايير الاتحاد الأوروبي للتعامل مع نظام أنقرة بوضوح: التهدئة العسكرية في بحر إيجه وشرق البحر المتوسط واستمرار مراقبة حدود تركيا لإبقاء اللاجئين في البلاد.
أما البقية، أي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وحل سيادة القانون، فقد أهملت. وأسف صاحب البلاغ صراحة لأنه اضطر، بصفته رئيسا للجنة وزراء مجلس أوروبا، إلى “دعوة أنقرة إلى احترام أحكام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان”.
للأسف، وبالنسبة لميغيل بيرغر، بينما ترضي برلين أنقرة لتصرفها في البحار، فإنها تشجع موقفها “الأفضل”للحفاظ على أعمالها العدائية بشكل غير مباشر من خلال توفير تسليح متطور لأنقرة. وفي الواقع، عندما طلب وزير الدفاع اليوناني نيكوس باناجيوتوبولوس من نظيرته الألمانية أنيغريت كرامب كارينباور تعليق الاتفاقية الخاصة بست غواصات من طراز تياب 214، رُفض طلبه رفضا قاطعا.
ومن الأمثلة الملموسة لكلمات الاتحاد الأوروبي البائسة والأفعال الشاذة فيما يتعلق بتركيا، في أنقرة، كرر وفدالاتحاد الأوروبي، برئاسة ماير لاندروت، الذي كان سابقا مساعدا كبيرا لميركل، أن “أنقرة لا تزال دولة مرشحة”. وأكّد بهذا مرة أخرى خطة العمل الحكومية للاتحاد الديمقراطي المسيحي/الاتحاد المسيحي الاجتماعي في برلين لانتخابات سبتمبر:
“لا يمكن أن تتحقق عضوية تركيا الكاملة في الاتحاد الأوروبي معنا. بدلا من ذلك ، نرغب في اتفاقية شراكة وثيقة للغاية”.
يشارك مكتب ماير لاندروت في أنقرة بالفعل في سلسلة من المشاريع مع البيروقراطية التركية، مثل الترويج لحل بديل للنزاع في تركيا الذي أطلق في 10 يونيو. ويهدف المشروع إلى دعم التنفيذ الفعال “لحل النزاعات” البديل لتقليل التراكم الكبير في القضاء التركي، في حين أن النظام القضائي بأكمله يخضع للرجل الواحد أردوغان.
ومن بين المساعي الأخرى المثيرة للدهشة ،”مشروع المساعدة الفنية لزيادة الوعي الأخلاقي بين المسؤولين الحكوميين المحليين المنتخبين وغير المنتخبين”، في حين أن النظام هو المعين الوحيد لجميع موظفي الخدمة المدنية كما عزل كل رؤساء البلديات المنتخبين، لا على أساس الجدارة ولكن الولاء المطلق لأردوغان وحزبه بينما تهتز البلاد كل يوم بموجات من الاكتشافات ومزاعم بالفساد والاختلاس والتمويل غير المشروع أواختلاس المسؤولين الحكوميين.
وفي الحفل الختامي لهذا المشروع، قال ماير لاندروت بسخرية ما يلي:
“نعلق أهمية كبيرة على هذا المشروع، لأننا نؤمن بالدور الحاسم الذي يلعبه مجلس الأخلاقيات في ترسيخ الأخلاق ومكافحة الفساد داخل الإدارات المحلية”.
لكن إحدى النتائج المحددة لمشروع الاتحاد الأوروبي تكمن في الافتقار التام للأخلاق، مما يزيد الطين بلة!
و فيما يلي ثلاث نقاط إشكالية من الاستنتاجات التي أعقبت اجتماع المجلس الأوروبي في 25 يونيو.
“يدين المجلس الأوروبي ويرفض أي محاولة من دولة ثالثة لاستخدام المهاجرين لأغراض سياسية”، كما جاءفي الفقرة 13.
وهذه إشارة مباشرة إلى استخدام أنقرة للاجئين وإساءة معاملتهم دون ذكر ذلك. ومع ذلك، لم تمنع هذه الفقرةالاتحاد الأوروبي من المضي قدما في تقديم أموال إضافية لأنقرة حوالي 3.5 مليار يورو.
في الفقرة 24: “يدعو المجلس الأوروبي إلى إحراز تقدم في الحوار السياسي الشامل بين الأطراف لليبية وإلى انسحاب جميع القوات الأجنبية والمرتزقة دون تأخير”.
ومن المعروف الآن أن العقبة الرئيسية أمام انسحاب القوات الأجنبية والمرتزقة هي رفض أنقرة سحب قواتها.
في الفقرة 16: “…يحيط علما ببدء العمل على المستوى الفني نحو تفويض لتحديث الاتحاد الجمركي بين الاتحاد الأوروبي وتركيا ويذكر بالحاجة إلى معالجة الصعوبات الحالية في تنفيذ الاتحاد الجمركي، وضمان تطبيقه الفعال لجميع الدول الأعضاء”.
وهذا هو القرار الأكثر إثارة للسخرية. فحتى لو اكتمل التحديث بمعجزة في النهاية، يظل تطبيق أنقرة للاتحادالجمركي على جمهورية قبرص وهو ما لا تعترف به تركيا غير وارد.
وعندما يتعلق الأمر بتركيا، مثل الأنظمة الاستبدادية الأخرى، يتأرجح الاتحاد الأوروبي “من حيث الأهمية الذاتية” بين التهدئة الجبانة والصفقات القذرة والأكاذيب المطلقة والسخرية المطلقة.
هذه نتيجة لا يمكن استساغتها بالنظر إلى ما اعتاد جوزيب بوريل، قوله الرجل المسؤول عمّا يسمى “بالسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي”،
وهكذا مازال الدعم الخارجي والتعامل السلبي والمرتبك مع سلوك أردوغان وحزبه. وكذلك يمكننا القول ان منظومة العلاقة القائمة بين الدولة التركية والنظام العالمي والإقليمي هو الذي مازال يدعم أردوغان والدولة التركية في الاستمرار بعدوانيته وتدخلاته في المنطقة وتهديده للاستقرار. مع الإشارة إلى أهمية أحد الأسباب المباشرة المتعلقة بالمنطقة وشعوبها ودولها وهوعدم تحقيق الشعوب والمتضررين من سلوك تركيا لحالة التفاعل المقاوم المتعدد والعلاقات المطلوبة لتحجيم التهور والتغطرس والإعتداء التركي رغم وجود سعي لدى البعض لذلك.
مع محاولة الكثيرين لعدم التصادم مع أردوغان وتركيا ودفعه للتصادم مغ الغير رغم تعدي أردوغان وتجاوزه لحده معهم كدول وتيارات وشعوب واشخاص.