الإثنين 25 نوفمبر 2024
القاهرة °C

ذكري 14 اكتوبر نضال لوثه الانتهازيين

الحدث – القاهرة – بقلم المفكر اليمني الكبير جمال محسن محمد حسين باراس

تحل ذكري 14 اكتوبر كل عام ويصطحبها صياح ونواح المتباكيين علي الذكري يذرفون الدمع هنا وهناك ،ويكيلوا السب واللعن علي من شاركوا في الحركة النضالية المكافحة لاخراج المستعمر البريطاني ،ووصل الامر الي اننا نجد من يتطاول ليخون المناضلين ويتحدث عن اتفاق بريطاني معهم بل ان البعض يصل به الي المطالبة بتقديم إعتذار لبريطانيا عن الاعمال التي فرضت الاستقلال ،وياليت الامر هذا يصدر من عامة الناس بل اننا نجد ان بعض ابناء المناضلين ينجرفون مع التيار بعد ان شعروا بالظلم الذي مسهم من جراء ما حدث من بعد الثورة ،ويقوموا بدورهم ايضا في كيل السب واللعن علي هذه اللحظة التاريخية التي توجت كفاح شعب باعلان الكفاح المسلح ،وذلك يجعلني اوجه السؤال لهولاء المتباكين لماذا لم تضحوا بحياتكم مثلما ضحي المناضلين لتغيير الواقع لماذا تكتفوا بالبكاء واطلاق الشتائم والنكات السخيفة في وسائل التواصل الاجتماعي ،ولم تاتيكم الشجاعة لتغيير الواقع الذي تلومون عليه ثوار قاموا بثورتهم مخلصين منذ ما يقرب ستين عاما ولم يكن لهم يد فيما حدث لاحقا .
واود ان اشير الي بعض الحقائق التاريخية التي تتبعتها منذ فترات طويلة فان هذه اللحظة وهي تحديد تاريخ بدء الكفاح المسلح بالعام 1963 يوم 14 اكتوبر بانطلاق رصاص المناضل راجح لبوزة ضد الاستعمار البريطاني جاءت باتفاق المناضلين من الجبهه القومية مع تاكيد علي ما سبقها من نضال وكفاح ضد الاستعمار في مراحل كثيرة منها مواجهه الاستعمار من قبل ابناء لحج عند احتلال عدن في 1837م وكذلك نضال قبائل الباكازم في ارضهم ،وقبلهم الربيزي بكور العوالق ،ونضال قبائل الحموم وسيبان والمناهيل الحضارم في مواجهه الاستشارية البريطانية عام 1958م وقبائل يافع الذين هاجمهم الطيران البريطاني وقام بتحطيم قلعة القارة .
وحتي نوضح للاجيال الحالية فان بداية هذه اللحظة كانت بوصول اسلحة من مصر الي ميناء الحديدة حصل عليها محمد عبده نعمان الحكيمي وعدد من رؤساء القبائل الا ان الامام رفض اخراجها من الشمال تم تشكيل ميثاق مؤقت وتم الاعلان عن انشاء الجبهه القومية القومية لتحرير جنوب اليمن المحتل وكان ذلك في عام 1963م ،وخلال الاعوام التي سبقت هذا التاريخ حدثت الثورة ضد الامام وتمكنت مصر من مساندة الثورة و كان هناك تدريبات عسكرية يقوم بها المصريين لكل العناصر الوطنية الجنوبية وخاصة بمنطقة صالة تعز ، وقد شارك في هذه التدريبات المناضلين المنضويين في كل التيارات السياسية المؤمنين بالمواجهه المسلحة لاخراج الاستعمار ،وعند الاعلان عن انشاء الجبهه القومية وانها اختارت الكفاح المسلح ، انضمت عدد من التنظيمات السرية للجبهه منها منظمة شباب المهرة ،ومنظمة الطلائع الثورية ،وجبهه الاصلاح اليافعية ،وبعد الاعلان عاد عدد من ابناء ردفان بقيادة غالب بن راجح لبوزة وهم يحملون اسلحة حصلواعليها من القوات المصرية ، وبدات العمليات الموجهه ضد الاستعمار في 14 اكتوبر 1963 بردفان وسجلت اول عملية مهاجمة لمطار عدن بتفجير قنبلة قام بها خليفة عبدالله حسن خليفة في 10 ديسمبر من نفس العام .
وتتالت بعد ذلك العمليات في كل مكان تتواجد به قوات بريطانية ولهذا فان هذه اللحظة تم تحديدها والاحتفال بها من قبل عناصر الجبهه القومية الذين حققوا غايتهم بمواجهه الاستعمار، والانتصار عليه وقد تحقق النصر علي يد مكافحين مناضلين مؤمنين بقضيتهم الوطنية تحوطهم الامال العريضة بانقاذ وطنهم ،ومقدراته من الاستعمار البغيض قلوبهم فتية نقية يريدوا ان يعم الخير لم يحملوا اي احقاد او نوايا خبيثة او كان لهم اي مطلب في مغنم سلطة او مال، وهذا ما يفسر كيف تم فيما بعد الالتفاف عليهم وطعنهم من الخلف بتسلق المتسلقين ،وانتساب من لم يكن من الثوار، واود بهذه المناسبة ان اشير الي احدي العمليات العسكرية التي شارك فيها، والدي رحمة الله عليه محسن محمد باراس الحاصل علي وسام 14 اكتوبر ووسام 30 نوفمبر والذي ظلم كثيرا حتي انه والي هذه اللحظة لم يتم تسجيل فترة نضاله ضمن سنوات خدمته ،وتم نفيه بعد ان تمت محاولة اغتياله من قبل رفاق سلاح .
فوالدي كان احد فدائي الجبهه القومية، وكان قبل الالتحاق مغترب بدولة الكويت ،وقد وصل الي الكويت وهو في مقتبل الشباب تعلم هناك في المدارس المسائية، وحصل علي الثانوية ثم درس هندسة الراديو والالكترونيات، وكان اثناء ذلك يكتب عن اماله في مجلة الطليعة، وقد اطلع علي مقالاته الاديب صالح باعامر والذي كان مؤمن بالفكر القومي ووجهه ،وقام بتنظيمة مثلما قام بتنظيم عدد من المناضلين منهم صالح منصر السييلي و سالم علي الكندي وسالم باعامر واقتنع والدي ،وترك الحياة الرغيدة الهانئة في المهجر والتحق بالجبهه وعقب رحلة تعليمية قصيره الي مصر غادر الي تعز حيث تدرب هناك في صاله علي حمل واستخدام السلاح علي يد الضباط الاحرار المصريين، وعاد الي حضرموت وكان هو من القلائل الملتحقين بالجبهه القومية الذين لا ينتمون للجهاز العسكري سواء شرطة مسلحة او جيش بادية، ولهذا كان يتحرك بحرية اكبر وينظم ،وقد قام باشعار القياده بانه تم رسو سفينة بريطانية امام الاستشارية البريطانية لتعزيز قوتها عقب انطلاق ثورة 14 اكتوبر ،وطلب بوصول اسلحة لمهاجمة السفينة ولم تصل وعلم بوصول اسلحة الي العم احمد هيثم الحميري وهو ينتمي لحزب البعث الاشتراكي حينها ولكن لم يكن للحزب حينها عناصر حضرمية مدربه، فطلب الوالد من العم احمد تسليمة الاسلحة لاستخدامها في العملية ووافق طواعية العم احمد، وتم نقل الاسلحة من مخبئها الي مخبا في منطقة الشرج بالقرب من العيقة والبحر ،وهو عبارة عن جب خاص جنود بجيش البادية حسين بن احمد وابوبكر الشاذلي ،وتم لف الاسلحة بالسلاميت الخاصة بهم ( البطانيات والتي مسجل بها رقمهم العسكري ) ولهذا الرقم قصة كاد ان يؤدي الي القبض و تحديد العناصر التي قامت بالهجوم واذكر من الذين ذكرهم والدي وشاركوا بالعملية سالم باعلوي كاسترو و حسين بن احمد باراس و ابوبكر الشاذلي وبن شملان وتم تنفيذ العملية بمهاجمة السفينة البريطانية ،وتم الرد باطلاق الصورايخ المضاءه ومطاردة الثوار ولكن حققت العملية اهدافها وعرف البريطانيين انهم وحتي في اقصي السلطنات الشرقية انهم مرفوضين، وان الشعب يرفضهم ولولا الحاضنة الشعبية ما استطاع الثوار ان ينتصروا ويحققوا ما قاموا بهم فقد فتحت لهم البيوت قبل واثناء وبعد العملية بالرغم من كل الاخطار والمطاردات الا ان ذلك لم يجعل احد يتردد، وقد لحقت بهذه العمليات عدد من العمليات وان كان محدود جدا سواء بمهاجمة السكرتارية او محاولة اغتيال المندوب في الحرشيات، او مهاجمة معسكر الريان وبالرغم من المحدودية الا انها مؤثرة بصورة كبيرة وفعاله.
ومن هذه العملية التي شارك فيها عناصر من الجبهه القومية والتحرير والبعث وساهم عدد من المواطنين الغير منتمين بالمساعدة والمساندة يجعلنا نستدل عن النوايا الحقيقية للثوار المكافحين المخلصين، والذي للاسف تم تشويههم والاستيلاء علي جهودهم، وللاسف ايضا نجد ان كل من وثق الثورة حتي من بعض كبار الثوار نجده يقحم الاعداد الكبيرة ضمن الثوار ،وتحت مبررات تفرضها الحزبية المقيته او الانتماءات القبلية واقول عن ثقة انه والي اليوم لم يتم توثيق التاريخ بصورة صحيحة، وليس ادل من ذلك علي الاعداد المهولة من مدعيين النضال، والذين اتوا علي الاخضر واليابس وشوهوا من شكل الثورة وجعلنا اليوم نجد من يتطاول علي الثورة وعلي المناضلين بسبب عدم تحقق الاهداف بعد ان تم حرف المسار فهل ستاتي الذكري القادمة لنجد من يسجل التاريخ الحقيقي بشفافية بلا مطلب او تحقيق غاية مؤقتة الواقع للاسف مؤلم ،فها نحن نجد ان كشوفات المساعدات وهيئات خاصة بالمناضلين يتم من خلالها صرف مساعدات تافهه لا تحقق اي شي سوي تشويه التاريخ، ولا تصل الي المستحقين ومثلها نجد مشاريع الجمعيات السكنية والاراضي والتي نجد ان معظم المناضليين الحقيقين لم يتم تسجيلهم في تاكيد الي انهم لم يسعوا ولم يعملوا علي ان يقبضوا ثمن نضالهم وتحضرني هنا مقولة نيلسون مانديلا ((ان قبضت الثمن علي نضالي فقد تحولت من مناضل الي مرتزق )).

to top