الحدث – القاهرة – بكروان هاوار
مع المتغيرات والمستجدات التي تحدث في المنطقة وكذلك التحركات الجماهيرية ذات الطابع الشبابي التي حصلت قبل حوالي عقد والتي كانت تبحث عن مزيد من الحرية و الديمقراطية والانفتاح والتنمية ومعالجة البطالة وتأمين الرعاية الصحية والتعلمية والخدمات الأساسية، بالإضافة إلى حالة الحرب المستمرة في خضم ما يمكن أن نسميه في العام بالحرب العالمية الثالثة، حيث أن مستوى التغيرات الممكن حدوثه يتجاوز في تأثيراته وتداعياته حرب الثلاثين عامة في أوربا وأقرب لنتائج الحرب العالمية الأولى والثانية وتداعياتها على المنطقة لما يحمل الحروب التي تحدث من أجندات مع رغبة الأطراف الإقليمية والدولية في تنفيذ مشاريعها الخاصة والاستعمارية التي لا تأخذ إرادة ومصالح شعوب المنطقة ومستقبل أجيالها بعين الاعتبار بل تزيد المعاناة وتعمق حالة الأزمة.
وهنا وفي هذه الظروف تظهر أهمية التفاعل وعلاقات شعوب المنطقة مع بعضها وخصوصاً الشعوب المستهدفة كالشعب العربي والشعب الكردي من قبل المشاريع الإقليمية والدولية التي تهدف إلى السيطرة و الهيمنة على شعوبنا ومقدراتنا.
ومن الصحيح القول أن هناك ضرورة و حتمية لاستكمال مسارات التعاون المجتمعية التاريخية وبدء حوارات بناءة على مختلف المستويات لبناء علاقات عربية_كردية وتهيئة الأرضية والظروف والعمل على بناء الوعي الجمعي المتبادل والوصول لذهنية وإرادة مشتركة لبناء تحالف أو شراكة استراتيجية تحقق للشعبين ولشعوب المنطقة ومجتمعاتها الحرية والديمقراطية والتنمية وللمنطقة والإقليم والعالم الاستقرار والأمن والسلام .
إن بعض أسباب وموجبات حتمية الحوار تتلخص في:
1_أهمية العلاقات الصحيحة بين التكوينات المجتمعية والشعوب في الدول والمنطقة في الحفاظ على وحدة المنطقة التكاملية والكلياتية الديمقراطية والطوعية المتينة في ظل نظم ديمقراطية.
2_وجود العديد من المشاريع الإقليمية الاستعمارية وتدخلاتها وأذرعها المتعددة.
3_فشل الاعتماد والرهان على القوى الخارجية لإحداث تغيرات أو الحفاظ على الوضع الراهن والوجود في الحكم والصدارة.
4_أهمية تماسك الجبهة الداخلية لتحقيق القدرات الذاتي القادرة للوقوف في وجه التحديات الخارجية والداخلية.
5_استغلال القوى الإرهابية والمضادة لتكامل ووحدة المنطقة الديمقراطية للفجوات وحالات التباعد بي الشعبين والتسلل عبرها وبث الفتن والفرقة وخلق عداوات لمصالحها .
6_إنهيار وفشل حالات التقوقع والانعزال و كذلك الممارسات التي تمتاز بالمطلقية والأحادية وخدمتها للأجندات الخارجية دون أهل المنطقة.
7_تزايد حالات التزييف والتشويه وخطاب الكراهية الذي يبثه الأطراف المعادية لوحدة وتكامل الشعوب في ظل عالم افتراضي ومخترق ومضلل بقصد من قبل مخابرات بعض الدول والأطراف الي تستهدف المنطقة.
8_قدرة الحوار في الإسهام في تحقيق الاستقرار والأمن للدول والشعوب العربية وكذلك في تحقيق رافد ودعم وحتى اعتراف بالكيانات الكردية الديمقراطية المجتمعية بما يتناسب مع زيادة قدرات الشعبين على الصعد الإقليمية والعالمية.
9_إسهام الحوار والعلاقات في الدفع باتجاه وضع القضية الكردية على منضدة الحل أمام القوى والجهات المعنية وإبراز النتائج الإيجابية لحل القضية على صعيد تحقيق الاستقرار للمنطقة والعالم.
10_ إدراك حقيقة أنه لا يستطيع أحد من العيش بسلام وأمان واستقرار وحوله وفي جنباته شعوب تتعرض للإبادة والإنكار وعمليات التطهير العرقي والتغيير الديموغرافي. فالحياة الحرة والكرامة والديمقراطية والتنمية علاقة وبناء تكاملي وليس جزئي أو تفاضلي.
و لو أردنا أن نذكر من بعض الأسباب الأساسية في حاجة العرب للكرد سنجد:
1_وجود حاجة ورغبة و إمكانية لضم الكرد وقبولهم كجزء من منظومة الأمن القومي العربي ووجود أمل وآفق لقدرتهم على أداء دور مهم في تعزيز الأمن القومي العربي. حيث تنبه لذلك الرئيس جمال عبد الناصر وعمل على إقامة العلاقات مع الكرد ومد جسور التواصل والأخوة. وحتى أن نابليون بونابرت وإبراهيم باشا ابن محمد علي الكبير وكذلك العلامة جمال حمدان أكدوا جميعاً وغيرهم على أن الأمن القومي العربي يبدأ من جبال طوروس أي من كردستان في جنوب شرق تركيا وشمالي سوريا.
2_ جيوستراتيجية كردستان، وتموضع الكرد وجغرافية كردستان التي تقع بين تركيا وإيران من جهة والمناطق والدول العربية من جهة أخرى حيث يمتد مناطق تواجد الكرد من شمال الخليج العربي في جنوب غرب إيران ماراَ بسلاسل جبال زاغروس وطوروس بشكل قوس حتى مدينة عفرين وأضنة ولواء إسكندرون على البحر الأبيض المتوسط وشمالاً حتى أرمينا وازربيجان وجورجيا.
وحتى أن الإنكليز ضموا ولاية الموصل لولايتي البصرة وبغداد أي ضموا شمالي العراق أو إقليم كردستان العراق بجبالها للعراق المنشأ حسب اتفاقية القاهرة 1921 لهدف أساسي وهو قدرة جبال إقليم كردستان في أنها تشكل موانع طبيعة لحماية العراق أو لتأخير على الاقل أي قوة تريد الشر بالعراق من الشمال وعندها كانت العثمانية وتركيا الحديثة المنشأة.
3_لضمان تقوية وتمتين الجبهة الداخلية في العديد من الدول العربية حيث بالإضافة إلى تواجد الكرد كشعب وجغرافية في سوريا والعراق إلا أنه يتواجد أكثر من 15 مليون مواطن في الدولة العربية المختلفة من أصول كردية.
4_إمكانية توحيد الجهود للمؤسسات و اللوبيات العربية والكردية في كثير من الدول الأوربية وحتى أمريكا وغيرها والضغط على الرأي العام العالمي في القضايا المصيرية التي تهم الشعبين والعمل على الدفع بنشاطات مشتركة في الساحات الممكنة خارج العالم العربي.
5_ وجود ضورة اقتصادية وحاجة المنطقة العربية ودولها لأسواق العمل والتبادل الاقتصادي والعديد من القطاعات التي يمكن التعاون فيها مثل الطاقة والغاز والسياحة والتجارة وغيرها وهذا ما يشكل عامل مساعد في التنمية العربية وكذلك فتح المجال للاقتصادات الكردية المجتمعية الناشئة.
6_لما للكرد من دور في تحقيق الاستقرار والأمن والسلام ومكافحة الإرهاب والتنظيمات الإرهابية التي تهدد العديد من الدول العربية وأمانها وسلامتها عبر تعاون معلوماتي مثمر وهادف ومساعد للمنظومة الأمنية العربية مع الجهات الكردية المعنية.
7_رفد وتعزيز الحياة الثقافية والسياسية والدبلوماسية العربية بمكونات أخرى إضافية، تعزز وتقوي الحضور العربي الإقليمي مما يساعد في ظهور قوى ودول عربية قادرة على لعب أدوار مهمة في المنطقة مما يعيد للمنطقة توازنها أمام القوى الإقليمية الأخرى.
و من أسباب حاجة الكرد للعرب:
1_ حاجة الكرد إلى إسناد ودعم إقليمي للقضية الكردية العادلة وخصوصاً في تركيا وإيران ، بسبب إمكانية التعاون في هذا المجال ، حيث أن حل القضية في تركيا وإيران سوف يقلل أو يلغي الرغبة والمشاريع الاحتلالية لديهم تجاه المنطقة والدول العربية.
2_حاجة الكرد إلى إعادة التحالفات والشراكات التاريخية مع العرب لما لها من رافعة ورصيد لإمكانية حل القضية الكردية في كل مكان ومنها سوريا على أساس وحدة سوريا والاعتراف بخصوصية الشعب الكردي وحقوقه في إطار دولة ديمقراطية لامركزية.
3_تأمين عمق استراتيجي في العالم العربي المحيط بالأمة الكردية مما سيعطي النضال الكردي إمكانيات المقاومة والنضال أكثر ويقويها أمام أعدائها ويسد الطريق أمام التشويه الذي تحاول تركيا ضخه للعالم العربي عن القوى والنضال الكردي.
4_ تأمين فضاء إقليمي للشعب الكردي لإظهار ثقافته وقيمه ومعاناته وتاريخه النضالي للحصول على حريته وحقوقه الطبيعية. وبالتالي تحقيق مزيد من جسور التعارف والتواصل.
5_إمكانية استفادة الكرد من الدبلوماسية العربية المتعددة المؤثرة في المحافل الدولية لعدم تواجد الكرد فيها كونهم شعب بدون دولة والدول الموجودة فيها الكرد لا تدافع عن حقوقهم في المحافل الدولية بل تسعى لعدم تسليط الضوء على معاناتهم وحقوقهم ومحاولة إبعادهم كما في المفاوضات المتعلقة بسوريا ومستقبلها.
6_حاجة الكرد الملحة والضرورية لعودة التوازن للمنطقة على صعيد القوى الإقليمية، حيث أن العلاقات والشراكات مع الشعب العربي وكذلك الحضور الإقليمي للقوى والدول العربية الوازنة يقوي ويعزز جبهة النضال والكفاح الكردي لحل القضية الكردية ونيل حريتهم أمام أهم قوتين ودولتين تحاربان وترفضان حقوق الكرد وبل تصران على إبادته تركيا وإيران ومن ورائهم.
7_حاجة الشعب الكردي لتشكيل رأي عام إقليمي و دولي وضاغط على المؤسسات الدولية المعنية بحقوق الإنسان وجرائم الحرب فيما يتعلق بممارسات الإبادة والإنكار التي تمارسها الدولة الفاشية التركية بحق اشعب الكردي. وكذلك للمساعدة في تحقيق حرية القادة والمعتقلين الكرد كما القائد عبدالله أوجلان المعتقل منذ 22 سنة وفي ظروف وحالة تجريد وعزلة شديدة.
ومن المهم الإشارة إلى توفر لغة وخطاب تنويري ومعتدل ومتوازن ورصين من الجهتين العربية والكردية بعيد عن لغة التوتر وخلق القلاقل و مبدد للمخاوف ومحقق لتهيئة الأرضية المساعدة للحوار وخلق رغبة حقيقية في العمل المشترك لتجاوز التحديات والظروف الراهنة. وكذلك عدم التصيد في الأخطاء وردات الفعل.
ولابد من الأخذ في الحسبان بعض النفاط الضرورية والهامة في الحوار للتركيز عليها:
1_معرفة الفلسفة والفكر الذي سيبني عليه الحوار وكذلك التحالفات والشراكات الاستراتيجية.
2_أهمية المدخل الثقافي للتأكيد على الثقافة والقيم المجتمعية المشتركة، ولما للمنتوج الثقافي من تأثير في إيجاد مؤيدين ومناصرين للقضايا المشتركة وكذلك في فتح الأبواب الموصودة للتعاون والتكاتف والتعاضد. ولنا في القضية الفلسطينية وللمنتوج الثقافي الفلسطيني مثال في جلب التعاطف ولفت الأنظار وتزايد المؤيدين. وهنا يتوجد بعث وأحياء الثقافة الكردية لما سيكون لها تأثير على فهم القضية الكردية وعدالتها بسبب التشويه الذي تعرض له و لتحقيق معرفة الشعب العربي بقيم وثقافة الشعب الكردي.
3_ محاولة إعادة صياغة بعض المصطلحات التي تحتاج للتوضيح والتي تخلق التوتر والقلق أحياناً أو إعادة تفسير بعضها حسب المشتركات الثقافية.
4_ عدم البناء على أفكار وشروط مسبقة بل العمل على زيادة التواصل والتعارف والتفاعل والمعرفة الحقيقية لكل طرف دون التأثر بما يضخه ويقوله الأطراف الأخرى التي لاتريد بدء الحوارات وبناء العلاقات العربية والكردية السليمة.
5_إعطاء مجال ودور أكبر لمؤسسات ومنظمات المجتمع المدني من كل جانب لبناء وعي جمعي مشترك بضرورة التعايش السلمي والأخوة والعيش المشترك ولتجاوز الأفكار الإلغائية والإقصائية.
_ معرفة مركز وثقل القضية الكردية التي تتواجد في القسم الشمالي من كردستان والمسمى باكور كردستان الواقع في جنوب شرق تركيا، ووجوب تعرف الشعب العربي بذلك لبناء رؤية صحيحة عن الشعب الكردي، بالإضافة إلى تواجد الكرد في إيران وتركيا والعراق وسوريا.
7_ التأكيد دوماً على المشتركات لبناء علاقات قوية وراسخة وطويلة المدى ومحاولة تبديد المخاوف المشتركة بجرءة وشجاعة عالية وعدم الوقوع في حالات رد الفعل والتصرف والسلوك الضيق.
8_مشاركة الشباب والمرأة وبل قيادتهم لبناء الحوار والعلاقات والوصول للتحالفات والشراكات الاستراتيجية كونهم من أكثر الشرائح الراغبة في التغيير و تحقيق التفاعل والتواصل بين شعوب المنطقة.
ولاشك للمحطات التاريخية وكذلك الحالية ونتائجها خير دليل على التأثيرات الإيجابية للتحالفات والشراكات العربية والكردية، ولعل اتفاقية قادش التاريخية 1258 ق. م للسلام ، بين المصريين الفراعنة والكرد الميتانيين والحثيين التي تعتبر إنجاز مهم في تاريخ البشرية لكل أهل المنطقة، وما من وحدة للمنطقة إلا و كان للكرد والعرب دور رئيسي فيها. وكذلك إرادة المنطقة التي تحققت أيام صلاح الدين والوحدة التي حصلت بين كردستان وبلاد الشام ومصر كانت أهم حدث في تاريخ العلاقات العربية الكردية بالإضافة إلى إسهام القائد إبو مسلم الخرساني في بناء الخلافة العباسية وإقامة الكرد لحوالي خمسين إمارة وحكم محلي في عهد تلك الخلافة، ولعل العلاقة التي تطورت بين حركة حرية كردستان بقيادة القائد عبدالله أوجلان والحركات الفلسطينية أعوام الثمانينات والتسعينات ومساعدتهم للبعض خير نموذج حديث يمكن البناء واتخاذه مثال حي ونموذجي حتى اختلط الدم الكردي والعربي الفلسطيني في معركة قلعة شقيف في جنوب لبنان عام 1982.
ولاشك أن الشراكة والتحالف والعلاقة الاستراتيجية التي تجسدت في قوات سوريا الديمقراطية والإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا والتي قامت على فكر وفلسفة الأمة الديمقراطية للقائد عبدالله أوجلان وكده وعمله لمدة 20 عام في سوريا ولبنان ، هي من الأمثلة والنماذج للعلاقة العربية والكردية حيث أنها استطاعت تحرير الملايين من العرب والكرد من داعش وكذلك بناء حياة مشتركة ومنظمة عبر نظام الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا. ومن الممكن تطوير هذه التجربة وتعميمها لتبدو بداية صحيحة لشراكة وتحالفات استراتيجية بين الأمة الكردية والأمة العربية وليس فقط في جزء أو دولة واحدة.
ومن المهم عدم نظر الشعوب والدول العربية في المنطقة من العدسات الأخرين كما العدسة التركية إلى بعضهم، حيث أن التشويه والتحريف الذي عملت عليها تركيا وكذلك القوى الدولية صاحبة المصلحة في تفتيت وتفريق الشعوب يفوق التصور والخيال. وليس عبثاً استعمالهم لكل أدوات ووسائل القوى الناعمة المختلفة لتغلغل إلى داخل المجتمعات والشعوب والدول. ومازالت تركيا تعمل وخصوصاً في المناطق التي تحتلها في كردستان والدول العربية على تتريك للوعي الكردي والعربي وتتريك اللغة والثقافة بنفس
المنظور الاسرائيلي واحياناً أسوء منها وإزالة كل مايمت للكرد بصلحة كمنع اللغة والثقافة الكردية ونشر اللغة التركية وتسمية الأماكن باسم الاتراك وفتح المدارس والجامعات التابعة لتركيا في المناطق المحتلة وشحن المجتمع التركي بالأفكار والمفاهيم العنصرية والشوفينية تجاه الكرد والعرب. هنا على الجميع الحذر من الممارسات التركية التي مثلاً جسدت أوضح مثال في التاريخ المعاصر عن التطهير العرقي والتغير الديموغرافي كما في عفرين وسري كانيه (رأس العين) و كري سبي (تل أبيض) وفي جنوب شرق تركيا وإقليم كردستان العراق وليبيا والصومال وغيرها.
ورغم بط ء بعض الرسميات العربية في التعامل مع القوى والحركات الكردية في ظل التغيرات والظروف الراهنة والتحديات المشتركة ، إلا أن التعامل المجتمعي والشعبي العربي وكذلك إرادة الشعب العرب الحقيقة لم تبتعد يوماً عن التفاعل مع الشعب الكردي وقضاياه المحقة رغم كل الظروف وحتى تعامل بعض السلطات العربية القاسية احياناً في سوريا والعراق مع الكرد، لكن ورغم ذلك للشعب الكردي حالياً كيانين وبمستويات مختلفة من الاعتراف السياسي والرسمي إلا أنه أفضل ما يوجد للكرد في تركيا وإيران التين تخوضان معارك على مستوي الدولة والجيش والقوى والأحزاب الشوفينية مع كل الشعب الكردي وحتى أن تركيا اصبحت تحارب الكرد ومباشرة بجيشها بعد فشل أدواتها الإخوانية والداعشية خارج تركيا وفي كل مكان.
ولابد من الإشارة إلى بعض المعوقات والتحديات التي يمكن أن تتضمن:
1_عدم إدراك البعض من الأطراف العربية للدور الكردي المؤثر في المنطقة، وفاعليته الإقليمية والدولية، رغم إدراك ذلك من بعض القوى العالمية الساعية إلى إعادة ترتيب المنطقة وإنشاء النظام الإقليمي الجديد والصحيح القول أنه من يبدأ الحوار وبناء العلاقات والتحالفات والدخول في الشراكات مع الشعب الكردي هو الذي سيفوز ويكون له التأثير القوي في المنطقة والإقليم.
2_رؤية بعض الأخوة والدول العربية والنظر من عدسة وعين القوى الخارجية والإقليمية التي تريد تفتيت وتقسيم المنطقة من جديد وبشكل أكثر خطورة وتهديد على استقرار وأمان شعوب ودول المنطقة. والصحيح أن يكون النظر والتعامل والتعاون والتحالفات بين الشعوب قائمة على اساس مصالح شعوب المنطقة وليس غيرها أو التبعية للخارج القوي لدء خضبه.
3_محاولة بعض القوى الكردية القوموية زيادة مخاوف الشعب والدول العربية في إظهار رغبتهم في تقسيم المنطقة وإقامة علاقات من هو في موقف المضاد لمصالح الشعوب والدول العربية وكل ذلك للتشويه على إمكانية بناء العلاقات الصحيحة بين قوى الحرية والديمقراطية الكردية مع الشعب العربي وشعوب المنطقة.
4_تبعية بعض القوى والتيارات من الطرفين ذهنياً وممارسةً وسلوكاً للخارج ومحاولة إعطاء إنطباع غير ذالك.
والادعاء بالاستقلالية والتمسك بالقيم المشرقية والمجتمعية على عكس حقيقتهم وذلك لأجل البقاء في السلطة ولو باي طريقة.
5_قوى الإسلام السياسي التي تشكل حجرة عثرة أمام بناء علاقات متينة عبر تشويه الثقافة الجمعية، بسبب ماهية وسلوك هذه التيارات التي هي في الإساس تحاول استغلال واستخدام الدين ومقدسات شعوبنا في الوصول للسلطة وخدمة الاجندات العالمية دون مصالح وأجندات شعوبنا العربية والكردية. بل أن هذه التنظيمات وخصوصاً الإخوانية أصبحت حواض للداعش والقاعدة التي اعتدت على الشعبين وكل المنطقة بإسم الدين ومازالت تقتل الناس فقط لعدم قولهم نعم لهم. وتحاول أن تتهم الشعب الكردي وقواه الأساسية بالإلحاد والكفر رغم أنهم أحفاد صلاح الدين الأيوبي وجابان الكردي وغيرهم وذلك لخدمة أعداء الشعوب والتشويه على تقارب الشعبين وقواها الفاعلة الديمقراطية.
6_ أهمية تجاوز الفكر القوموي والعنصري الضيق المسبب للتصدعات والشروخات والأزمات بين شعوب المنطقة، ذلك الفكر والذهنية التي لا ترى غير نفسها ويرى الآخريين أقل منهم أو تابع لهم. وبل يعطي الحق لنفسه في إنكار الأخريين وحتى ارتكاب الإبادات بحق الشعوب الأخرى وهو في ممارسته هذا يقترب من حالة الصهيونية المرفوضة تجاه الشعب الفلسطيني.
7_عدم وجود معرفة كافية في الطرفين تجاه الاخر وتجاه ثقافته وقيمه ومعاناته ومصالحه الأساسية ومشاكله وأزماته وقضاياه.
8_حصر التركيز على الكرد في تيار أو في أجزاء معينة وعدم التعامل مع القضية الكردية ككل وكأمة واحدة أو عدم وجود معرفة كافية بعمق وجوهر القضية الكردية ونتائج التي ستظهر في حال حل القضية في منطقة الشرق الأوسط.
9_قلة الانتباه إلى تكامل الدورين التركي والإيراني ومعهم الإسرائيلي في تنفيذ مشاريعهم المهيمنة على المنطقة والشعبين بشكل خاص. والتركيز على أحدهم دون الآخريين ورؤية أدوارهم المتممة والمكملة في النهاية.
10_وجود تحدي وصعوبة في تأمين التحرك السريع للأطراف والمؤسسات الكردية بسبب حالة الكرد كونهم شعب وتيارات وقوى ديمقراطية مستهدفة من بعض الأطراف الإقليمية والدولية لوضع عراقيل أمام تحركاتهم في المنطقة والعالم.
11_عدم وجود القبول والتنسيق الكافي بين الأطراف العربية والكردية الرسمية والشعبية بسبب البيروقراطية أحياناً وأحيانا بسبب الوقوع تحت التأثيرات الخارجية والرغبة في العمل مع تركيا رغم كل الاحتلالات والتجاوزات التركية بحق أهل المنطقة ودولها من العرب والكرد وغيرهم من دون الطلب من تركيا
في تغيير سلوكها وقبولها بحقوق الشعب الكردي.
ومن الاقتراحات التي يمكن أن تكون مساعدة في بناء حوار عربي وكردي وعلى المدى القريب والمتوسط وبذلك تكون رافد في تعزيز العلاقة على المدى الطويل كتدفق للتاريخ والحياة المشتركة.
1_ التحضير و العمل على عقد مؤتمر عربي _كردي في أحد الدول العربية وبمشاركة واسعة من القوى والشخصيات والمؤسسات المعنية بالحوار العربي_الكردي وكذلك الاستمرار في عقده بشكل دوري وعند اللزوم و بناء مؤسسات اللازمة للحوار والشراكة الاستراتيجية وكذلك توفير وإعداد الكادر اللازم لهذه الأعمال من الشخصيات السياسية والدبلوماسية ومن المثقفين والمفكرين والإعلاميين والباحثين.
2_ البدء في نقاش وعمل على إمكانية تمثيل الكرد في الجامعة العربية بصفة مراقب أو أي صيغة ممكنة لإيصال صوت شعب الكردي إلى المحفل العربي المشترك والاستفادة من مؤسسات الجامعة المعنية بقضايا حقوق الإنسان والتنمية والثقافة وغيرها.
3_تأمين مشاركة وإسهام عربي فعال ومساعد لعقد مؤتمر قومي كردي يشارك فيه كل القوى والأحزاب والتيارات والفعاليات وشرائح المجتمع الكردي. حيث أن الدور العربي سيكون ضاغط في إتجاه عقد المؤتمر وكذلك في تحقيق حالة إرتياح للقوى والدول العربية أن المؤتمر القوموي الكردي هو في صالح العرب أيضاً لما لها من تأثير سيكون إن تحقق الوحدة الكردية الديمقراطية على تحجيم التدخلات في شؤون المنطقة.
4_العمل على تمثيل الكرد في الأمم المتحدة بصفتهم شعب غير ممثل بدولة حتى الآن ويمكن أن تلعب الدبلوماسية العربية دور مساعد في ذلك.
5_مأسسة الحوار العربي _الكردي وفق ذهنية ديمقراطية وإرادة مشتركة ووفق النظم والدول العربية الموجودة وكذلك حالة القوى والمجتمع الكردي والبحث عن مرتكزات وآليات فعلية لتجسيد العلاقة والشراكة والتحالفات الاستراتيجية في المجالات الثقافية والسياسية والاجتماعية والأمنية وتشكيل قيادة إجرائية تنفيذية تخضع لمؤتمرات دورية مشتركة.
6_إيجاد مراكز بحثية استراتيجية و دبلوماسية تركز على تقديم دراسات وأبحاث ومقترحات لتطوير العلاقات في مختلف المجالات وكذلك توفر منصات إعلامية مشتركة تبث للشعبين وبلغتهم من مواقع وتلفزيونات وصحف مختصة وهادفة.
7_ تنشيط الدبلوماسية المجتمعية ومنها الدبلوماسية الثقافية كأحد المداخل الصحيحة لبناء العلاقات الاستراتيجية وبهدوء وبأقل تكلفة على الدول العربية من النواحي السياسية.
وعليه و رغم كل المستجدات والتحيات الراهنة ومع التدخلات الإقليمية والدولية و عملهم على إعادة ترتيب المنطقة وحالة الحرب العالمية الثالثة في المنطقة وكذلك استمرار الفوضى والأزمة . يبقى من ينظم قواها وحياته ومجتمعه وشعبه بشكل صحيح وفي الوقت المناسب ، ويبني منظومة العلاقات والتحالفات والشراكات الاستراتيجية ويملك رؤية وفكر وفلسفة ثاقبة وبعيدة المدى مستندة للمجتمع الديمقراطي الجاري إنشائه كضمانة للحياة الحرة، هو من سيكون في موضع وموقع المنتصر في قادم السنين، أو على الأقل خارج من الأزمة بأقل الخسارة وهو يحافظ على شعبه ومجتمعه أو دولته ويحقق أهداف الحرية والديمقراطية والعدالة والتنمية في بلده وإقليمه. ومن الشعوب الممكنة أن تغير قدرها المغلوب على أمرها إن تحالفوا وتوحدوا وبنوا شراكة حقيقة هم الشعبين الكردي والعربي كونهم يملكون من الطاقة والإمكانيات الكثير إن تفاعلوا بالشكل والفعل والترتيب المناسب مع بعضهم ومع الأحداث في المنطقة ومع الحرب العالمية الثالثة الجارية في المنطقة.