الحدث – الخرطوم – وكالات
بعد 4 أعوام على إدراج السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب أصدر الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون في نوفمبر 1997 قرارا تنفيذيا تم بموجبه منع تصدير التكنولوجيا للسودان، وهو ما حرم السودان من الاستفادة من أفضل عصور التطور التكنولوجي، مما انعكس سلبا على أداء كافة القطاعات الاقتصادية.
الآن وبعد بدء واشنطن إجراءات شطب السودان من قائمة الإرهاب، يعاين السودانيون الأضرار ويتساءلون عن كيفية ردم الهوة التكنولوجية الكبيرة من أجل اللحاق بركب الاندماج العالمي.
وفيما يجمع خبراء في مجال البرمجيات وتقنيات المعلومات على ضخامة الضرر، إلا أنهم قالوا لموقع سكاي نيوز عربية إن الاندماج في النظام العالمي مرتبط بالقدرة على ردم الهوة التكنولوجية، وهو أمر يتطلب تصميم آلية وطنية تعطى أولوية قصوى مع ضرورة تنسيق جهود القطاعين العام والخاص.
حرمان طويل
وفي الواقع حرمت العقوبات السودان من النفاذ الكامل إلى السوقين الأميركي والأوروبي، وقيدت بالتالي قدرته على الوصول إلى الكثير من التقنيات العالية وقواعد البيانات ونظم التشغيل والأجهزة الوسيطة اللازمة لتوزيع ونقل المعلومات.
وفي هذا السياق، يشير الخبراء إلى الأثر السلبي البالغ الذي لحق بكافة قطاعات الاقتصاد السوداني بسبب حرمان شركات البرمجيات من الحصول على تراخيص التطبيقات وقواعد البيانات، مما أضعف قدرتها على تقديم تطبيقات شاملة تساعد على النهوض بالأداء.
5 ملامح رئيسية
يلخص مدير عام شركة أجايل للخدمات الاستشارية والتقنية، محمد إبراهيم عثمان، ملامح الهوة التكنولوجية في السودان في 5 جوانب رئيسية، وهي حرمان الكثير من السودانيين من الحصول على العديد من الشهادات الاحترافية في مجال تقنية المعلومات، حيث أعاقت العقوبات أنشطة المراكز العالمية المتخصصة داخل البلاد فأصبح السبيل الوحيد للحصول على الشهادات والدورات هو السفر إلى دول أخرى مثل الإمارات والهند.
ويتمثل العنصر الثاني في الحرمان من الحصول على البرمجيات والتطبيقات والأجهزة التي تنتجها مؤسسات عالمية، إلا من خلال شرائها من دول أخرى أو وسطاء وبتكلفة أعلى ودون دعم فني أو دون الاستفادة من الإصدارات التصحيحية أو ترقية الإصدارات، ما دفع بعض الشركات لشراء إصدارات غير مرخصة يحتوي بعضها على نواقص وثغرات تتسب في عدم أمن وسلامة المعلومات، وهو ما أدى إلى بروز مشاكل تشغيلية حقيقية مثل تلك التي واجهت مصنع كبير لإنتاج السكر في منطقة النيل الأبيض.
ويشمل العنصران الثالث والرابع، بحسب عثمان، غياب المنتجات البرمجية للشركات السودانية عن المحافل الدولية، إضافة إلى اهتزاز الثقة في الكثير من القطاعات وخصوصا الخدمات المصرفية والمالية وذلك بسبب التأخر التقني.
أما العنصر الخامس فيتمثل في حرمان السودان من الاستفادة من الكثير من الخدمات المقدمة على شبكة الإنترنت في مجالات الاتصالات والتطبيقات والبحوث العلمية.
تأثير واسع
ووفقا لأسامة بابكر، استشاري تطوير الأعمال لشركة هاش لتقنية المعلومات، فإن التعليم والصحة والصناعة والقطاع المالي هي الأكثر تأثرا بتلك العقوبات.
ويقول بابكر إن صعوبة الحصول على التقنيات المتقدمة انعكس سلبا على قطاع التعليم حيث حرم الجامعات ومراكز التدريب والتطوير من مواكبة التطورات العالمية المتسارعة والاستفادة من المراجع الإلكترونية، وتزويد المختبرات بالأجهزة المتطورة.
ويشير بابكر إلى تأثر القطاع الصناعي بشكل كبير حيث أجبرته العقوبات على استخدام تقنيات تشغيل معظمها تقليدي.
ويلاحظ بابكر أيضا الأثر الكبير الذي لحق بقطاع الخدمات الصحية، إذ تفتقد المستشفيات ومراكز التشخيص إلى الأجهزة والنظم التي تتحكم في تقديم الخدمة، إضافة إلى برامج قواعد البيانات التي تعتبر عنصرا أساسيا في تطوير قواعد البيانات الصحية.
ويرى بابكر أن تأثير العقوبات يتجلى بوضوح في القطاع المصرفي والمالي حيث تعتمد مسألة التواصل مع شبكة المصارف والأسواق العالمية على أنظمة وتقنيات متطورة وآمنة تضمن سلامة المعاملات.
حلول عاجلة
أجمع الخبراء على ضرورة الإسراع في وضع استراتيجية فاعلة وقابلة للتطبيق تتضمن، برامج تدريب مكثفة للشباب العاملين في مجال البرمجيات والشبكات، إضافة إلى الدخول في شراكات مع لاعبين عالميين كبار ومنح شركات البرمجيات وتقنيات المعلومات مزايا تفضيلية.
ويشدد عثمان على أهمية إسهام الدولة المباشر في توفير بنية تحتية موثوقة للربط الشبكي وخدمات الإنترنت، ونشر ثقافة الاستخدام الإيجابي والفعال للتقنية، وإعفاء المدخلات التقنية من أي رسوم.
وينبه عثمان إلى ضرورة فتح فرص للتعاون ما بين الشركات العالمية والإقليمية العاملة في مجالات تقنية المعلومات والاتصالات، وتسهيل عمل الشركات العالمية في السودان.
ويتفق بابكر مع ما ذهب إليه عثمان، ويؤكد على ضرورة اعطاء أولوية قصوى لتأهيل البنية التحتية التكنولوجية في القطاع المالي والمصرفي والاستفادة من النظم المعتمدة لدى العديد من المصارف العالمية المرموقة وإدخال المصارف السودانية في تلك المنظومة لإعطاء الثقة للمستثمرين وتسهيل إجراء المعاملات وتأمينها كشرط أساسي لجذب تحويلات المغتربين وعوائد الصادر ورؤوس الأموال الخارجية.