السياسة… إلهام
أفين يوسف
يتميز السياسيون بتحليلاتهم السياسية وفصاحة ألسنهم وإتقانهم فن الخطابة وقدرتهم على جذب الانتباه ويتماهون بالتفاف الناس من العامة حولهم وإمكانية التأثير عليهم، ويعتقد البعض أن ممارسة السياسة تقتصر على الذكور فحسب، وأن الإناث لا يستطعنَ تقييم الوضع السياسي أو الانخراط فيه وأنهن لا يملكن الجاذبية السياسية التي يملكها الرجل، فالسياسة بنظرهم هي عمل الرجال!
لكن ما أثبته واقع الحال في روج آفا خصوصاً أن المرأة ليست ناجحة في الحياة الاجتماعية والاقتصادية فحسب، بل هي ريادية في الحياة السياسية، ولا يعيقها عائق، بل هي تخوض معترك السياسة بكل قوة وحزم، وتقود البلاد بلا هوادة إلى بر الأمان، وخير مثالٍ على ذلك وجود سيداتٍ عظيمات وقياديات كالسيدة إلهام أحمد، وهل هنالك أحد لا يعرف تلك المرأة الجبارة ذات الشخصية القيادية القوية، المرأة التي تحمل على كاهلها قضية وطنٍ ومصير شعب، وتعلم جيداً بأن حملها ثقيلٌ كثقل جبال جودي، وأن الثقة التي منحها إياها الشعب يجب ألّا تُخذل، فها هي اليوم كما عهدناها دوماً تقف بكبريائها وشموخها نداً لند بجانب سياسيين ورؤساء ووزراء العالم الغربي، يقفون مشدوهين أمام المرأةٍ الكردية الرزينة، التي كانت تتفيأ بظل أشجار الزيتون بعفرين، وتروي عطشها بمياه ينابيع واشوكاني، وتتزين بزهور نيسان في كوباني، وتحتفل بربيع نوروز في سهول الجزيرة الخصيبة، تدهشهم القوة الخفية المتوارية خلف ابتسامتها، وتهز عروشهم إرادتها وعزيمتها وكرامتها، هي المرأة الكردية التي لا تخنع، ولا ترضى بالعبودية لشعبها كما لا ترضاها لنفسها، وتأبى أن تتنازل عما حققه شعبها من مكتسبات وترفض المساومة على أرضٍ رويت بدماء الشهداء، ها هي تنقل لهم رسالة شعبها العظيم، وترسم خارطة الطريق التي ستقودهم لبر الأمان، ويعلق الناس على فطنتها وحكمتها وحنكتها الكثير من الآمال والأمنيات، وسوف تكون السيدة إلهام حمامة السلام التي تغطي بجناحيها البيضاوين سماوات روج آفا، كما كانت من قبلها الكثيرات من النساء الكرديات مثل ساكينة جانسيز وبيريتان وليلى زانا والكثيرات الكثيرات، تلك النسوة الباسلات اللاتي حملن رسالة شعبهن وجُبنَّ بها أصقاع الأرض.
لربما يقول لي البعض بأنني مذهولةً بتلك السيدة الراقية أو أنني أبالغ في وصفي لها، لكنني أؤكد بأنني لم أجد من الكلمات ما يفي حقها، في هكذا وأكثر، نعم هي هكذا كما هن هكذا نساء روج آفا، وكما هنَّ هكذا النساء الكرد، لا تقفن مكتوفات الأيدي أمام الصعاب، بل تطورن أنفسهن وتتحدين الصعاب في سبيل تحقيق الحرية لأنفسهن ولمن حولهن، تتقدن شموعاً في سبيل إنارة طريق النضال، وتكافحن لبناء مجتمع تسوده الحياة التشاركية الندية، فيبدعن في كل شيء ابتداءً من الحياة الاجتماعية ووصولاً إلى الحياة الاقتصادية والتربوية وانتهاءً بالحياة العسكرية السياسية.