الحرب الخاصة
جيهان حسين
لقد وصلت بنا الحروب إلى ذروة الطغيان والظلم بحيث تحول العالم إلى جحيم لا يطاق، وهذا إن دل على شيء فإنه دلالة لحاجتنا إلى ثورة ذهنية ووجدانية ورؤية جديدة للتخلص من هذه الحروب التي مآلها الغزو وتحطيم للإرادة وسلب مقدرات الشعوب, والمقابل من ذلك هناك حروب لتحرير الأوطان من الاستعمار ومثيلاتها كثر كحرب فيتنام وأمريكا الوسطى والجنوبية في مواجهة الاستبداد والاحتلال، وإن كانت كلفة هذه الحرب باهظة كان لا بد للجوء إلى وسائل أقل تكلفة وأكثر خطراً على الطرف الآخر، ولهذا تم ابتكار ما تُسمى بالحرب الخاصة. والولايات المتحدة الأمريكية هي أول من استخدمت هذا المصطلح خلال الحرب العالمية الثانية في سبيل التصدي لخطر المد الشيوعي وكبح جماح حركات تحرر الشعوب من نير الاستعمار، ولهذه الحرب دعائم ثلاثة، هي:
الانقلابات العسكرية, العمليات الخاصة, الحرب النفسية.
فالأمور التي ذكرناها لا تروق لمحتكري السلطة والرأسمال ولا للقوى المهيمنة العالمية، فما تسعى إليه هذه القوى هو مجتمع هش غير متماسك؛ أي ما يسمى بمجتمع (القطيع) من خلال تجريده من القيم والمقومات المجتمعية التي جعلت الإنسان متميزاً عن سائر المخلوقات الأخرى.
إن أول ضحايا الحرب الخاصة والأكثر تركيزاً عليها في المجتمع البشري هي المرأة فيحاولون جعلها سلاحاً يسقط المجتمعات لمستنقعات من الجهل.
لهذا نرى دائرة الحرب الخاصة تدرب وتأهل أشخاصاً ومجموعات لاستخدامها عند الضرورة، وهذه التنظيمات إما أن تكون علنية أو سرية, فالعلنية منها إما أن تكون أحزاب سياسية قانونية مرتبطة بإدارة الحرب الخاصة كحزب الحركة القومية في تركيا MHP أو جمعيات قانونية باسم الدراسات الاستشارية أو العلمية.
وهذه التنظيمات تتسرب وتحاول التغلغل في التنظيمات الأخرى بهدف حرف مسارها كما حدث في الكثير من التنظيمات الكردية في السبعينات. فالحرب الخاصة لها تنظيمات قانونية خاصة بها لمحاربة التنظيمات الثورية والأمثلة كثيرة. وتبرز مخالب هذه الحرب في المجالات التي تهتم بها الفئة الشابة والنساء مثل: الرياضة, الفن وصناعه الأفلام..
يكمن التخلص من هذه الحرب وقذارتها عبر عدة طرق:
تطوير العمق الفكري وطرق التحليل لمعرفة أبعاد الأمور وماهيتها الحقيقية وبذلك تصبح دائرة الحرب الخاصة صغيرة جداً.
عدم تصديق الشائعات ومحاولات التضليل الإعلامي ومتابعة الأمور بدقه، أي إعطاء المعنى الصحيح للأشياء.
يجب أن نكون أصحاب موقف إزاء الرفض والقبول لهذه الحرب وإلا ستبلعنا هذه الحرب دون أن نعرف.
وعلى أساس هذه النقاط نستطيع النيل من تَبِعَات الحرب الخاصة.