الإثنين 25 نوفمبر 2024
القاهرة °C

شاركوا في معارك خارج الحدود، تجنيد وخطف واغتيالات…. جماعة “الذئاب الرمادية” التي حظرتها فرنسا

تعتبر جماعة الذئاب الرمادية، الذراع العسكرية المسلحة غير الرسمية التابعة لحزب الحركة القومية التركية “MHP”، المتحالفة مع حزب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وواحدة من التنظيمات الداعمة له، وهي تعتبر منظمة إرهابية متطرفة، فمن هي هذه الجماعة، أين تتواجد، ما هي أهدافُها، وما أبرز العمليات التي قامت بها؟

كما تعد هذه المنظمة من أكثر الجماعات التي ارتكبت عمليات إجرامية، حيث كانت القوة الرئيسة المشاركة بأعمال العنف السياسي في تركيا بثمانينيات القرن الماضي. وهي مسؤولة عن قتل مئات العلويين في مذبحة مرعش عام 1978، ومتورطة في مذبحة ميدان تقسيم عام 1977 التي راح ضحيتها 126 شخصًا.

جماعة “الذئاب الرمادية”.. تأسيسها وعلاقتها بحزب الحركة القومية
بدأت فكرة إنشاء جماعة “الذئاب الرمادية” في العام 1963 من قبل ضابط في الجيش التركي يدعى آلب أرسلان توركيش كان حينها ملحقاً عسكرياً في الهند، أرسل إلى هناك على خلفية مشاركته في الانقلاب العسكري 1960 الذي أطاح برئيس الوزراء عدنان مندريس وإعدامه.

وعند عودته انضم أرسلان الذي كان متطرفا، ويروج لتفوق العرق التركي، رفقة زملائه إلى حزب الأمة الريفي الجمهوري في العام 1964، حيث بدأ الترويج من داخل الحزب لفكرة القومية التركية، فأسس حركة “الذئاب الرمادية” معتبرا أن العرق التركي هو المتفوق على بقية الشعوب في تركيا والمنطقة. وبدأ بتوسيع هذه المجموعة عن طريق ضمّ الشباب الأتراك حصراً، والذين يملكون الفكر ذاته.

لم يمضِ على انضمام أرسلان عام واحد حتى تم اختياره زعيماً جديداً للحزب، فكانت أولى خطواته البدء في تغيير اسم الحزب من الأمة الريفي الجمهوري إلى حزب الحركة القومية.

وكان له ما أراد في العام 1969، عندما تمّ عقد مؤتمر استثنائي تم فيه استبدال الاسم، كما قام بتغيير الشعار من الميزان إلى الأهلة الثلاثة.

ومنذ ذلك الحين بات حزب الحركة القومية يمثل الاتجاه القومي اليميني المتشدد في تركيا، وحصل على نجاحات كبيرة في الانتخابات الرئاسية والبلدية التي أُجريت في عامي 1969 و1973، إذ تم رفع عدد نواب الحزب في البرلمان من 1 إلى 3 نواب.

كما تمكّن الحزب في انتخابات العام 1977 من الحصول على نسبة أصوات بلغت نحو 6.5%، ما مكّنه من دخول الحكومة عبر 5 وزراء ونائب رئيس وزراء.

أهداف جماعة “الذئاب الرمادية”
تعتبر منظمة “الذئاب الرمادية” أنّ العرق التركي هو المتفوق على بقية الأعراق في المنطقة، لذلك فإنها تسعى إلى توحيد جميع المنتمين إلى القوميّة التركية حول العالم، في بلد واحد يمتد من البلقان حتى آسيا الوسطى، ويشمل دول المجلس التركي (أذربيجان، كازاخستان، قيرغيزستان، تركمانستان، أوزباكستان) وبعض المقاطعات التركية ذات حكم ذاتي في روسيا الاتحادية تتضمن مثل (باشكورتوستان، تتارستان، جواشيا، خقاسيا، قبردينو – بلقاريا، قراتشاي، تشيركيسيا).

كما أن الجماعة من أكبر المعارضين للتسويات وتحقيق السلام مع القوميات الأخرى، خاصة الأكراد واليونانيين والأرمن إضافة إلى الشيوعيين.

إشارة فم الذئب
أبرز ما يميز الحركة هو الشعار الذي يرفعه أعضاؤها بيدهم، وذلك من خلال رفع السبابة والخنصر، بينما تضم باقي الأصابع إلى بعضها مشكلةً ما يُشبه رأس الذئب.

وترتبط تلك الإشارة بأسطورة تركية قديمة تتحدث عن أنثى ذئب رمادية تدعى “أسينا”، قامت بمساعدة أتراك بقوا عالقين في وادي “أرجينكون”، الذي يعتقد أنه يقع قرب ولاية فان شرق تركيا مدة 4 قرون.

حتى جاءتهم الذئبة آسينا، التي تمكنت من الخروج من الحصار عن طريق ممر نشأ بعد ذوبان الثلوج، وتعتبر هذه الأسطورة أساس نشوء القوميتين المغولية والتركية.

بينما تعود تسمية الجماعة إلى أسطورة أخرى، تتحدث عن تعرّض الأتراك لحرب أبادتهم جميعاً، عدا طفلاً واحداً اضطر إلى الزواج من ذئبة رمادية أنجب منها 12 شخصاً أعادوا بناء القبائل التركية.

المعارك التي شاركت فيها “الذئاب الرمادية”
في سبعينيات القرن الماضي بدأ حزب الحركة القوميّة التركي بكسب المزيد من الأصوات ضمن الأوساط المتطرفة، لسببين رئيسيين هنا:

1- الترويج لأهمية القومية التركية، وضرورة توحيد الأتراك في بلد واحد.

2- خوض جماعة “الذئاب الرمادية”، التابعة للحزب بشكل غير مباشر، لمعارك شوارع بشكل انفرادي خلال مواجهات مع اليساريين، متمثلين بــ “الحزب الشيوعي التركي”، و”الجيش الشعبي لتحرير تركيا”، وجماعة “دفر يمسي يول”.

وخلال تلك الفترة أنشأت “الذئاب الرمادية” في جميع أنحاء تركيا أكثر من 100 معسكر لعناصرها. ولم تكتفِ الجماعة بأنشطتها في تركيا، بل امتد نفوذها ليصل إلى دول كثيرة حول العالم.

فشارك “الذئاب” إلى جانب أتراك قبرص في صراعهم مع اليونانيين، وأيضاً قدموا الدعم للإيغور في إقليم شينغيانغ في الصين، ووقفوا إلى جانب الشيشانيين في حربهم الأولى والثانية ضد الروس، عن طريق جمع التبرعات لهم والمشاركة العسكرية.

وشاركت وتشارك في القتال إلى جانب الجيش الأذربيجاني في حربه ضد أرمينيا، منذ 2005 قبل أن يتورطوا في محاولة انقلاب فاشلة على الرئيس إلهام علييف، فتم طردهم وحظرهم لكنه سرعان ما تمكنوا من العودة مع الهجوم الأخير الذي يشنه الجيش الأذري للسيطر على اقليم قرباغ.

كما وشاركت هذه المجموعة في الحرب السورية، الى جانب الفصائل وميليشيات المعارضة السورية، وكان لها دور في احتلال مدينة عفرين، وتنفيذ اعدامات ميدانية بحق السكان، وفي الهجوم التركي على بلدتي رأس العين وتل أبيض. اضافة لمشاركتها في القتال في ليبيا.

وتمتلك هذه الجماعة مكاتب في المناطق السورية الخاضعة لتركيا، تقوم عبرها بتجنيد الشباب السوري للقتال في ليبيا وفي أذربيجان.

انتشار الذئاب الرمادية في أوروبا
تنتشر مجموعة “الذئاب الرمادية” في أوروبا بشكل كبير، إذ يعتقد أن عناصرها في ألمانيا وحدها يُقدّرون بنحو 20 ألف شخص، ما يجعلها أكبر تنظيم سري في البلاد، كما يعتقد بوجود نحو 5 آلاف عنصر في النمسا، وآلاف آخرين في فرنسا ودول أوروبية أخرى. وشنت هذه الجماعة عدة هجمات ضد تظاهرات سلمية كانت ينظمها أكراد وأتراك ضد حكم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وهجمات استهدفت الأرمن.

متورطة في محاولة اغتيال يوحنا بولس الثاني
في العام 1981، بينما كان البابا يوحنا بولس الثاني يجول في ساحة القديس بطرس في مدينة فاطمة بالبرتغال، أقدم شاب تركي يدعى محمد علي آغا ينتمي لتنظيم “الذئاب الرمادية” على إطلاق النار على البابا مرتين عن قرب، فاستقرت الرصاصات في أمعائه، وذلك وفقاً لما ذكره مركز Global Security العسكري.

تم القبض على آغا فور قيامه بالعملية من قبل المحتشدين وحتى وصول الشرطة، وقد حكم عليه بالسجن مدى الحياة.

وبعد يومين من عيد الميلاد عام 1983 زار البابا يوحنا بولس الثاني آغا في السجن، وتكلم معه على انفراد لمدة 20 دقيقة، وقال يوحنا بولس الثاني: “ما تحدثنا عنه يجب أن يبقى سراً بيني وبينه، تحدثت معه باعتباره شقيقاً، وقد عفوت عنه، ولي كامل الثقة في ذلك”.

وقد اعتراف محمد علي آغا بانتمائه لمجموعة “الذئاب الرمادية”.

to top