الحدث – القاهرة
أكد الكاتب والباحث السياسي أحمد شيخو أن القائد آبو أصبح منظومة متكاملة للحرية والديمقراطية لمعظم الشعوب والإنسانية، واستمرار العزلة بحقه يغلق الطريق أمام أي حل ديمقراطي للقضية الكردية، وكذلك لدمقرطة تركيا والمنطقة ودولها.
أوضح الكاتب والباحث السياسي الكردي السوري أحمد شيخو أن القائد عبد الله أوجلان يجسد فلسفة الحياة الحرة والتحول الديمقراطي، والنضال المستمر والناجح وحرية المرأة. وأثنى على المبادرات التي أطلقت لكسر العزلة، وقال: “تأتي في السياق الطبيعي للحركة الأخلاقية والإنسانية والسياسية والقانونية لشعوب المنطقة والعالم والشعب الكردي في الدفاع عن نفسه وهويته الحرة والديمقراطية”.
تصريحات أحمد شيخو حول العزلة المشددة المفروضة على القائد عبدالله أوجلان.
وفيما يلي نص الحوار:
•تفرض السلطات التركية عزلة مشددة بحق القائد عبد الله أوجلان ، عبر خلق ذرائع وحجج، ووصلت إلى منعه من السير ضمن باحة السجن، ومنع اللقاء بمحاميه وذويه. برأيكم ما السبب الرئيس من هذه الممارسات بحق القائد عبد الله أوجلان؟
القائد عبدالله أوجلان تجاوز بأفكاره وفلسفته وحزبه وشعبه وبطرحه الأمة الديمقراطية والكونفدرالية الديمقراطية وبالمجمل الحداثة الديمقراطية الأبعاد القومية والجغرافية والدينية والجنسوية، وأصبح يجسد فلسفة للحياة الحرة والتحول الديمقراطي وكذلك النضال المستمر والناجح وحرية المرأة، وبالتالي القائد آبو اصبح منظومة متكاملة للحرية والديمقراطية لمعظم الشعوب والإنسانية كونه البديل الوحيد والقادر على إعطاء سبل للحلول الديمقراطية للقضايا العالقة في منطقة الشرق الاوسط والعالم، وتقديم طرح بديل للهيمنة العالمية ونهبها وأدواتها من الدول القومية والإسلاموية والتبعية.
وهنا ذهب النظام العالمي إلى القضاء عليه إن أمكن وإلا محاولة تحجيمه أو ترويضه والاستفادة من قوته واستغلاله، لكن ولمقاومة القائد وبأسلوبه الخاص استطاع الصمود وإنقاذ نفسه وشعبه من الموت المحكم، وبل طرح حلول ديمقراطية وأخوة الشعوب والتعايش المشترك، هنا أدركت قوى الهيمنة العالمية أهمية وقوة واستقلالية وقدرة القائد على التأثير على الفواعل الديمقراطية الكردية، وفي مجمل المنطقة والعالم وقواها المجتمعية والديمقراطية وعلى الاستراتيجيات المرسومة من قبلهم، ولذلك مازالوا مصرين على العزلة التي تعني الموت على الشعب الكردي والقوى الديمقراطية والشعوب الساعية إلى الحرية في شخص القائد عبدالله أوجلان.
وفي السنوات العشرة الأخيرة ومع حالات التحركات الشبابية والجماهيرية أدركت قوى الهيمنة العالمية وأداتها الوظيفية الدولة التركية أن للقائد عبدالله أوجلان فكر ورؤية وتأثير وصل وسيصل إلى الشعب الكردي في الأجزاء الأربعة وخارجها وعلى شعوب المنطقة المنتفضة والمطالبة بالحرية والديمقراطية، ذهبت قوى الهيمنة العالمية وعبر وكيلتها وأداتها دولة الإبادة والاحتلال تركيا الفاشية إلى فرض وتشديد العزلة، متجاوزة على كل القوانيين الإنسانية والأوربية وحتى التركية التي وضعتها الدولة التركية نفسها، وذلك لخوفهم الشديد من أراء وأفكار القائد وتأثيره الإيجابي على نضالات الحرية والديمقراطية في المنطقة والعالم.
وما تفعله الدولة التركية منذ سنة 2011 بحق القائد ومنع المحامين والعائلة من اللقاء به وفرض عقوبات وخلق حجج واهية، كلها تندرج في إطار التجاوز واغتصاب الحقوق والقوانين، في ظل صمت من المجتمع الدولي المتواطئ مع تركيا في سياساتها القائمة على الإبادة والعزلة بحق القائد والشعب الكردي والقضية الديمقراطية في المنطقة. ويتبين أن الاتفاقات السرية التي كانت بين استخبارات نظام الهيمنة العالمية وتركيا مازالت مستمرة ولم تتغير على رغم من تغيير مواقف بعض الدول الذين كانوا في المؤامرة الدولية التي استهدفت الشعب الكردي والخط الديمقراطي في المنطقة في شخص القائد أوجلان وحزب العمال الكردستاني كقوى تطرح بدائل مجتمعية ديمقراطية متكاملة للهيمنة العالمية ودولها القومية ونهبها وتحكمها وتقسيمها للمنطقة.
• يعتبر الشعب الكردي والكردستاني العزلة المطبقة بحق القائد عبد الله أوجلان بأنها استراتيجية ممنهجة لإبادة الكرد، كيف تنظرون إلى هذه التصريحات؟
من الصحيح القول إنّ ما تبديه قوى الهيمنة العالمية وأداتها دولة تركيا الفاشية تجاه القائد عبد الله أوجلان من سلوك ومقاربة هو مؤشر وهو نفس المعاملة ومواقف من قبل قوى النظام العالمي المهيمن تجاه الشعب الكردي ونضال حريته وحقوقه الطبيعية وتجاه الديمقراطية في المنطقة. ولا شك أن إبقاء أهم قائد لنضال حرية الشعب الكردي وللقوى الديمقراطية والمجتمعية في المنطقة في السجن لمدة 23 سنة، يعني الاستمرار في إبادة الشعب الكردي وعدم تقديم أي حلول ديمقراطية لقضية الشعب الكردي وللقضايا الوطنية العالقة، ومنع السبيل أمام أية حالات بناء ديمقراطيات حقيقية.
وطالما كان هناك سجن وعزلة بحق القائد عبدالله أوجلان، فهذا يعني استمرار ومع الأسف للمواقف السابقة للقوى العالمية وتوابعها الإقليمية التي لم تقدم للكرد سوى الموت والعبودية والخضوع والذل والانصهار والتخلي عن الكردياتية الحقيقة الحرة.
إنّ حل القضية الكردية وتحقيق الاستقرار والسلام والأمان في المنطقة يمر عبر تخلي نظام الهيمنة العالمية وتوابعها عن سياسات العزلة والسجن والموت البطيء للقائد عبد الله أوجلان والشعب الكردي.
• برأيكم لماذا لا تبدي المنظمات المعنية كمنظمة حقوق الانسان ولجنة مناهضة التعذيب أي مواقف حقيقة حيال الانتهاكات التي تتم بحق القائد عبد الله أوجلان، برغم من تأكيد لجنة مناهضة التعذيب في إحدى تقاريرها وجود انتهاكات في سجن امرالي؟
المقاربة الدولية لقضية سجن القائد آبو وللقضية الكردية والديمقراطية في المنطقة هي مقاربة سياسية وسلطوية من منظور تحقيق النهب والهيمنة على المنطقة وعبر الدول التي تحتل أجزاء من كردستان وإبقاء القضية الكردية في حالة عقم ولا حل، وكذلك إبقاء الاستبداد والقوموية والإسلاموية متحكماً، وتضليل الناس بالديمقراطيات التمثيلية دون المباشرة للحفاظ على التناقضات وتطبيق استراتيجياتها وسياساتها. ولا يمكننا أن نأخذ فقط البعد القانوني أو الواجب الوظيفي لبعض مؤسسات حقوق الإنسان. فلجنة مناهضة التعذيب CPT الأوربية تعرف ما يحصل من انتهاك للحقوق في إمرالي، ولكن من الواضح أنّ هناك تأثيرات وكما بعض الفواعل الأساسية من نظام الهيمنة العالمية، تمنعها من أداء دورها في التصريح بانتهاكات تركيا في سجن إمرالي بحق القائد أوجلان والسجناء الأخريين.
كما أن هذه المنظمات تتحرك وفق سياقات دولية مرسومة من مراكز سياسية واستراتيجية للنظام العالمي وحداثته، وليس فقط وفق القوانين الإجرائية التي تقدم نفسها فيه للعالم، وهي في نفس خط مقاربة النظام العالمي لقضايا الشعب الكردي والقضايا الديمقراطية في المنطقة، فهي لا تتحرك، وإن تحركت فهي بطيئة ولغايات تعلمها هي ومن يحركها ويمولها.
فرغم تجاوز تركيا لكل القوانين وارتكابها المجازر والإبادات بحق الكرد وشعوب المنطقة، فلا نرى أي مقاربة جدية وعقابية للسلوك الجرمي التركي. ولكن حتى مع كل التغطية الأوربية والأمريكية على ممارسات تركيا بحق القائد آبو والشعب الكردي إلا أن هذه الدول نفسها تستغرب من الهمجية والتوحش التركي والجرائم وحالات العزل والموت البطيء التي تطبيقها السلطات التركية بحق الكرد. ولذلك ربما أحيانا تجعل بعض من هذه المؤسسات تصدر بيان خجول هنا أو هناك دون أي متابعة أو جدية.
• طرح القائد عبد الله أوجلان وعبر مرافعاته مفهوم الأمة الديمقراطية؛ وترى النُخب المثقفة والسياسية في الشرق الأوسط أن أفكار عبد الله أوجلان أوجدت الحلول لمشكلات سكان الوطن العربي والشرق الأوسط. كيف تقيمون هذه التصريحات؟
إن العالم والمنطقة تعيش حالة أزمة حادة ومن الاستحالة معها الاستمرار دون تغيير البنية والذهنية للنظام السائد، وفي منطقة الشرق الأوسط ومجتمعاتها وشعوبها هناك حالة فراغ فكري وسياسي وثقافي، وهناك فشل لأدوات مشروع الشرق الأوسط الكبير أو الجديد، وهي القوموية والإسلاموية التي فرضت من الخارج على شعوب المنطقة ودولها، لذلك ومع سنوات العشرة الأخيرة وانهيار الدول والنظم وضعف القوى السياسية وعدم وجود بدائل ديمقراطية ومجتمعية حقيقية وصحيحة، كانت أراء القائد آبو ومرافعاته وطرحه للحلول والبدائل ملفتاً وجذبت انتباه الكثير من مجتمعات وشعوب ودول وقواها، وخصوصاً في ظل المقاومة الناجحة التي أبداها من يعتنق ويطبق فكر القائد عبدالله أوجلان، ومن الصحيح القول أن القائد آبو وبفلسفته وبمشروعه الديمقراطي الأمة الديمقراطية هزم داعش في المنطقة وليست أية قوى أخرى، وبذلك نستطيع القول أن العالم ودولها وشعوبها مدينون للقائد آبو في حرب الكرد والقوى المتحالفة معهم لحربهم داعش والانتصار عليها.
• برأيكم ما هي تداعيات العزلة المفروضة على القائد عبد الله أوجلان على الصعيد الكردستاني والتركي؟
إنّ استمرار العزلة وسجن القائد عبدالله أوجلان يغلق الطريق أمام أي حل ديمقراطي للقضية الكردية في الأجزاء الأربعة من كردستان، وكذلك لدمقرطة تركيا والمنطقة ودولها.
وطالما كانت العزلة هي عنوان المقاربة العالمية والتركية للشعب الكردي في شخص قائدها، سيبقى بالتالي وبالتوازي معها استعمال الكيمائي من قبل دولة الاحتلال والإبادة تركيا الفاشية هو السلوك المتبع من قبلها باتجاه الشعب الكردي، مع احتلال والتطهير العرقي والتغيير الديموغرافي كما في عفرين وسري كانيه وكري سبي بحق الكرد وشعوب المنطقة. وهنا من الطبيعي والمنطقي، وبل من الواجب أن تسعى قوى الحرية والديمقراطية الكردية، وقوى الدفاع الذاتي في الدفاع عن الوجود والهوية، كما تفعله قوات الدفاع الشعبيHPG ووحدات المرأة الحرةYJA–STAR في حماية الشعب الكردي وشعوب المنطقة أمام توحش دولة الاحتلال التركية وجيشها الغازي.
وستبدأ مرحلة جديدة في حالة تم التخلي عن سياسة العزلة والموت للشعب الكردي وقائدها من قبل تركيا ومن ورائها، ولكن مازالت تركيا في عهد أردوغان تطبق العزلة وتغالي وتزيد في حملات الإبادة بحق الكرد ليس فقط في باكور كردستان بل في الأجزاء الأخرى، وبالتالي إذا توقفت تركيا عن سياسة العزلة والإبادة يمكن أن تكون هناك مسارات سياسية ومختلفة، وإلا فإن الشعب الكردي والقائد أوجلان سيستمرون في حقه بالدفاع عن وجودهم وتحت كل الظروف والشروط.
ولا يمكن أن تتحقق الاستقرار والسلام والأمن في المنطقة من دون حرية القائد آبو، وتطبيق الحل الديمقراطي للقضية الكردية، وضمان حقهم في إدارة أنفسهم ومناطقهم وثرواتهم، وبالتالي الوصول بالمنطقة إلى الديمقراطية والحرية.
• مؤخراً أطلقت عدّة مبادرات من أجل إنهاء العزلة المفروضة على القائد عبد الله أوجلان. في الشرق الأوسط والعالم، كيف تقيمون هذه المبادرات، وهل هي كفيلة بإنهاء العزلة أم لا، ولماذا؟
المبادرات التي يتم إطلاقها من قبل أبناء الشعب الكردي وأصدقاء الشعب الكردي ومن الأحرار في العالم، تأتي في السياق الطبيعي للحركة الأخلاقية والإنسانية والسياسية والقانونية لشعوب المنطقة والعالم والشعب الكردي في الدفاع عن نفسه وهويته الحرة والديمقراطية، ولأن الكثير من شعوب المنطقة والعالم والعديد من النخب الفكرية والفنية والثقافية والسياسية حول العالم تجد نفسها وحريتها ومستقبلها المشرق في حرية القائد عبدالله أوجلان، وفي تطبيق فلسفته ورؤيته وحداثته الديمقراطية التي ترتكز إلى ركائز(الأمة الديمقراطية، الاقتصاد التشاركي المجتمعي الديمقراطي، الصناعة الأيكولوجية)، وذلك في وجه الاحتكارية التي طورتها حداثة النظام العالمي المهيمن الرأسمالية عن طريق ركائزها (الدولة القومية، الرأسمالية، الصناعوية والإفتراضية).
ومن الوارد أن هذه المبادرات والحملات المطالبة بحرية القائد مع الجهود الجبارة لقوات الدفاع الشعبيHPG ووحدات المرأة الحرة YJA–STAR والمقاومة المتعددة الأوجه، ستخلق الطريق الصحيح، وتجعل حرية القائد آبو والشعب الكردي والقضية الديمقراطية في سلم أولويات الرأي العالم العالمي والإنساني، وستجبر قوى الهيمنة العالمية وأدواتها الإقليمية كالدولة التركية على التخلي عن سلوكها بفرض العزلة ومقاربتها العدائية للقائد أوجلان وللشعب الكردي وللقضية الديمقراطية في المنطقة.