الحزب الديمقراطي الكردستاني والعزف على الوتر التركي
غاندي إسكندر
لقد تمكن الشعب الكردي في السنوات القليلة الماضية من قطع أشواطٍ مهمة نحو حل قضيته فالانتصارات الكثيرة التي حققها الكرد على المرتزقة بمختلف تسمياتهم والمهددة للاستقرار العالمي، والمشاريع الديمقراطية التي تبناها بعيداً عن التعصب القومي، كذلك قدرته وعن جدارة على إدارة نفسه بنفسه لاقت الاحترام، والتقدير من المجتمع الدولي ومن شعوب العالم أجمع لكنّ أي انتصار يفقد قيمته إذا ما جوبه بإجراءات نسفه من قبل أبناء جلدة المنتصر، فنسف الانتصارات وهدمها عن قصد، والتقليل من شأنها والعزف المستمر على وتر المحتل، والمستبد، والتماهي الكلي مع إرادته، هو دون شك خدمة مجانية لأعداء الكرد ليس إلا،
فمنذ أيام صدر تصريح لمسعود البرزاني رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني فيه تهديد ووعيد وللأسف دقٌ لجرس الحرب الأهلية ودعم مباشر لتركيا، الدولة الغاصبة لكردستان، فعوضاً عن انتقاد وإدانة هجمات الدولة التركية الوحشية على أراضي باشور كردستان وتشريدها وقتلها للناس الآمنين من أطفال وشيوخ ونساء، وبدلاً من المطالبة بخروج المحتل التركي من باشور كردستان الذي بات يسيطر عن طريق جيشه واستخباراته على كل مفاصل الحياة في باشور؛
يلجأ الحزب الديمقراطي الكردستاني إلى محاصرة قوات الكريلا الكردستانية، ودق طبول الحرب ضدها بالتشارك مع قوات الجيش التركي، وهذه ليست المرة الأولى التي يحارب فيها بيشمركة البرزاني إلى جانب تركيا، فتاريخياً للحزب الديمقراطي الكردستاني سجل حافل في الاقتال الكردي الكردي بالتعاون مع تركيا، ففي عام 1992خاض الحزب حرباً ضروساً مع قوات الكريلا وفي عامي 1996 و1997 تعاون البيشمركة مع الجيش التركي في قتال حركة حرية كردستان، وكانت سبباً في إراقة دماء خيرة الشباب الكرد من الطرفين، فكلما خطت حركة حرية كردستان خطوة نحو إعلاء راية الكرد وتحقيق آمالهم المغتصبة من قبل محتلي كردستان يسعى الحزب الديمقراطي إلى وضع العصي في عجلة انتصاراته.
وينم هذا الموقف المعادي للبرازني وحزبه عن شيء واحد فقط، وهو التفكير الضيق القائم في الحفاظ على مكانة العائلة وزعامة العشيرة والحفاظ على المصالح الحزبية دون التفكير بالمصالح القومية الكردستانية، فتنفيذ إرادة الدولة التركية وزعيمها أردوغان هي هَمُّ هذا الحزب الذي لا يتذكر، أو يتناسى عمداً، أنه عندما دق مرتزقة داعش بوابة هولير لم تساعدهم ولم تقدم لهم تركيا شيئاً بل ساعدتهم قوات الكريلا وقدموا دماءهم الطاهرة دون التفكير بأي حسابات سوى الحسابات الكردستانية، وإنقاذ شعب باشور كردستان من مرتزقة أردوغان، وعلى الديمقراطي أن يعرف أن الذين حافظوا على شرف الإيزيديين في شنكال هم قوات الكريلا الكردستانية وحدها في الوقت الذي لاذت فيه قوات البيشمركة بالفرار. ما نتمناه أن يتمسك الحزب الديمقراطي الكردستاني بخيط الأخوة ولا ينجر وراء المؤامرات التي تهدف تركيا ودوائرها الاستخباراتية من خلالها الوجود الكردي، وتسعى إلى محقه، وإبادته؛
فالاقتتال الكردي الكردي إن حصل لن يكون فيه الفائز سوى المحتل التركي وأردوغان، والشعب الكردي هو الوحيد الذي سيدفع فاتورة المؤامرة عندما تراق دماء أبنائه، وإن أي حالة صدام إن وقعت من شأنها أن تغير النظرة والصورة الناصعة للشعب الكردي أمام العالم، وستكون الحرب وتداعياتها ضربة قاصمة للحركة التحررية الكردية في كافة أجزاء كردستان، وربما تكون القشة التي ستقصم ظهر الكرد لصالح أعدائهم، ولاسيما تركيا.
وإن تابع الحزب الديمقراطي الكردستاني مساعيه في إشعال فتيل الحرب، ونفذ الأجندة التركية في المنطقة فعلى الحزب أن يعي بأن الصراع سيكون له نتائج كارثية وسيسمح بالمزيد من التدخلات الإقليمية، والدولية في القضية الكردية.