تتصدر العبارات التالية “توقفوا عن العنف ضد المرأة، لا تقتلوا المرأة، المرأة ثورة وليست عورة، العنف ضد المرأة يزداد، أين حقوق المرأة مما تتعرض له، قتل المرأة جريمة ويجب معاقبة الجاني، اغتصاب المرأة جريمة إنسانية، المرأة ضحية عنف أسري، يجب المساواة بين المرأة والرجل، حقوق المرأة معدومة، لا تكن شريكاً في قتل المرأة” قائمة التقارير الإعلامية ناهيك عن طرح الأسباب والحلول فيما يخص ظاهرة العنف القائمة منذ آلاف السنين والمنتشرة في جميع أنحاء العالم.
ما أرغب البحث عنه هو تفاقم هذه الظاهرة دون وضع حد لها، وبإمكاننا نسب كل مسببات هذا العنف إلى العقلية السائدة في مجتمعاتنا. العقلية التي تقيد المرأة منذ ولادتها وتخصص لها مساحة ضيقة لتعيش فيها دون أن يكون لها حق إبداء رأيها في اختيار ذلك المكان مثال على ذلك يتردد على الألسن “لا يمكنك ارتداء هذا اللون فهو لون يخص الشاب، هذه اللعبة لعبة الرجال، ليس بإمكانك الذهاب لوحدك إلى ذلك المكان يجب أن يكون معك شخص من الجنس الآخر، هذه المهنة لا تناسب الأنثى، ليس بإمكانك حل هذه القضية، عاطفتك تضعك في أخطاء، ليس لك رأي في هذا البيت، قرار خروجك من المنزل بيدي” كل هذه العبارات تطبق على أرض الواقع مما يضع المرأة في قوقعة مظلمة تجد نفسها جنس بلا حقوق أو ربما في بعض الأحيان لا تدرك بأن لها حقوق.
عندما نسمع كلام أمهاتنا وجداتنا نجدهن يدافعن عن الجنس الآخر بالقول “أننا نعيش في هذا المجتمع ومن المعيب رفض قرار أو طلب من الجنس الآخر فكلنا تربينا على هذا الدرب لذا يجب عليك السير عليه أيضاً”، بالتأكيد هذا الفكر لم يلد اليوم فهو وليد آلاف السنين، هذ الفكر الذي وضع تفرقة بين الجنسين؛ الجنس الضعيف المتمثل بالمرأة، والجنس القوي المتمثل بالرجل. هذه العقلية تعشعشت في ذاكرة الجنس الأنثوي أيضاً لدى أمهاتنا وجداتنا لذا فردهن يكون شكل من أشكال الدفاع عن الرجل وليس عن جنسها.
واليوم عندما بزغت شمس الحرية في شمال وشرق سوريا لتنهض المرأة وتستفيق من سبات أرغمها المجتمع الذكوري على البقاء فيه، مدافعة عن حقوقها عاداها المجتمع بداية كما السابق وحدوا من تقدمها إلا أنها رفعت رايتها نحو تحقيق الحرية لجنسها ولمجتمعها أيضاً فخطت بخطواتها نحو الإنصاف بين الجنسين لتشارك في مجالات الحياة كافة وكأنها ولدت من جديد لترسم لنفسها حياة تليق بها، خالية من الظلم والعنف واللاإنسانية.
مع كل النجاح الذي حققته المرأة بدربها نحو الحرية والديمقراطية والمساواة إلا أن عقلية المجتمع لم تشفَ بعد من السلطة والذكورية وهذا يظهر في الواقع الحالي فعلى الرغم من اندلاع ثورة المرأة وسيرها نحو توعية الذات والمجتمع معاً إلا أن ظهور حالات القتل والانتحار خاصة في الآونة الأخيرة في مناطق شمال وشرقي سوريا يدل على أن ثورة المرأة الحقيقة مازالت في بدايتها ولم تصل إلى مبتغاها ويلزمها الكثير لترتقي بالمجتمع نحو العدل والمساواة والديمقراطية.
فأيتها الأنثى كوني أنت ذاتك دافعي عن مبادئك وقيمك ومكتسباتك فالأجيال القادمة ستجني ثمار نضالك.