الحدث – القاهرة
هجوم داعش في الحسكة على سجن الصناعة بالحسكة جاء بعد سلسلة من التطورات والمستجدات التي شهدتها المنطقة وأحداث متزامنة معها، حيث يأتي هجوم داعش هذا على السجن بعد سلسلة من عمليات عصيان لعناصر التنظيم في أوقات سابقة باءت كلها بالفشل لكن هذا الهجوم كان الأشد خطورة منذ انهياره جغرافياً في آخر معاقله في بلدة الباغوز الفوقاتي التابعة لمحافظة دير الزور.
سبقت أحداث الهجوم على السجن سلسلة من التحركات والأحداث والتطورات كتمهيد لهذه العملية وتهيئة الأرضية والفرصة والتوقيت المناسب لها، وتلك الإجراءات لا يمكن فصلها بأي شكل من الأشكال عن مخرجات آستانا السابعة عشرة التي خرج منها المجتمعون باستهداف الإدارة الذاتية وضربها، وذلك الاستهداف بدأ من خلال القصف المستمر لدولة الاحتلال التركي على ريفي تل تمر ورأس العين وعين العيسى ومناطق الشهباء إلى جانب استهداف مبان وشخصيات مدنية وعسكرية بالطائرات المسيرة في كوباني وقامشلو، ومن ثم فرض حالة حصار –الحرب الاقتصادية- خانق من جميع الجهات في مساع منهم لإضعاف الإدارة لتأليب الشعب عليها ودفعهم للهجرة وتفريغ مناطق الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا من سكانها الأصليين، وتشتيت انتباه الإدارة وحصر اهتماماتها بتأمين احتياجات المواطنين الأساسية والانشغال بهم، وبكل بد المستفيدون منها كثر روسيا وإيران وسلطة دمشق لفرض حالة أمر واقع على الإدارة وتسليم مناطقها لنظام وفق نظام المصالحات والتسويات التي عملت بها في درعا والسويداء والذي أثبت فشله في تلك المناطق حتى اللحظة إلى جانب البروبوغندا الإعلامية التي كانت تروج لها بأن أعدادا ضخمة من سكان دير الزور والرقة قاموا بتسليم أنفسهم لسلطة دمشق وإجراء مصالحات معها، وهنا أيضا فشلت في مساعيها حيث سرعان ما خرج أهالي منبج والرقة ودير الزور بمظاهرات احتجاجية رافضة لأية عمليات للتسوية والمصالحة، وحتى الشبان الذين أجروا مصالحات حاول العشرات منهم الفرار بعد تعرض قسم منهم للاعتقالات وغيرها من الإجراءات التي كانت من المفترض عدم التعرض لها.
إلى جانب خلق حالات الفوضى وعدم الاستقرار تحت ستار المقاومة الشعبية لضرب القوات الأمريكية في سوريا ولكنها في الحقيقة قوات وميليشيات مدعومة إيرانياً.
بالإضافة إلى خلق حالة فوضى وبلبلة في مناطق الإدارة الذاتية في شنكال وإجبارها على العودة إلى ما كانت عليه قبل 2014م، واستهداف قياداتها وسكانها المدنيين العزل بنفس الإجراءات والسياسات التي تمارسها دولة الاحتلال التركي في مناطق الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا.
تلك السياسات والممارسات تُوِجت بالهجوم الأشرس والأول من نوعه على سجن الصناعة بالحسكة في مسعى منهم لتحرير عناصرهم من السجن، وبالتزامن مع التحركات والاستهدافات التركية ومرتزقتها الإرهابيين لريفي تل تمر ورأس العين إلى جانب عمليات داعش واستهدافها للجيش العراقي في ديالى والاستهدافات التركية للقيادات العسكرية في شنكال.
تلك السياسات والممارسات تُوِجت بالهجوم الأشرس والأول من نوعه على سجن الصناعة بالحسكة في مسعى منهم لتحرير عناصرهم من السجن، وبالتزامن مع التحركات والاستهدافات التركية ومرتزقتها الإرهابيين لريفي تل تمر ورأس العين إلى جانب عمليات داعش واستهدافها للجيش العراقي في ديالى والاستهدافات التركية للقيادات العسكرية في شنكال.
لذا ما قامت بها خلايا تنظيم داعش الإرهابي بهذا الهجوم وبهذا الزخم من الأعداد والتسليح لولا وجود دعم ومساندة من قوى ودول، وهذا ما أكدته بعض العناصر الذين وقعوا بيد قوات سوريا الديمقراطية باعترافاتهم بأنهم في عملية التحضير لهذا الهجوم منذ ستة أشهر وأن البعض منهم دخلوا من رأس العين وتل أبيض الخاضعة للاحتلال التركي بشكل مباشر ومن البادية السورية.
فبدلا من أن تساند سلطة دمشق قوات سوريا الديمقراطية في السيطرة على عناصر التنظيم واستتباب الأمن والاستقرار خرجت وزارة خارجيتها بتصريحات بعيدة كل البعد عن الواقع كغيرها من التصريحات التي تندرج ضمن سياق حملاتها البروبوغندا الإعلامية الهادفة إلى النيل من الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا وتشويه الحقائق “ما تقترفه القوات الأمريكية وميليشيات قسد في الحسكة، أعمال ترقى إلى مستوى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية”.
فبدلا من أن تساند سلطة دمشق قوات سوريا الديمقراطية في السيطرة على عناصر التنظيم واستتباب الأمن والاستقرار خرجت وزارة خارجيتها بتصريحات بعيدة كل البعد عن الواقع كغيرها من التصريحات التي تندرج ضمن سياق حملاتها البروبوغندا الإعلامية الهادفة إلى النيل من الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا وتشويه الحقائق “ما تقترفه القوات الأمريكية وميليشيات قسد في الحسكة، أعمال ترقى إلى مستوى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية”.
هكذا نوع عادة ما يكون كنوع من الآلية الدفاعية والتهرب من المسؤولية وإسقاط فشله على الآخر، كما أننا نشاهد تصاريح إعلامية مؤخراً عن رغبة تركية بنقل عشرات من المرتزقة السوريين المندرجين ضمن ما يسمى بالجيش الحر بنقلهم إلى تركيا هذا ما يثير القلق والمخاوف هل هناك اتفاق بين محور آستانا بتنازل تركيا عن جزء من إدلب مقابل إدخال عناصر المرتزقة إلى مدينة الحسكة بعد نجاح إرهابي داعش، وهل بعد فشل إرهابي داعش ستكثف تركيا من ضرباتها على ريفي تل تمر ورأس العين لتوطين تلك العناصر فيها والمزيد من الاحتلالات، كما هو معروف عن آستانا عمليات المقايضة حلب مقابل الاحتلال التركي لباب وإعزاز وجرابلس، والغوطة مقابل عفرين، والضوء الأخضر الروسي لتركي باحتلال رأس العين وتل أبيض.
لذا لا يمكننا اعتبار ما قام به داعش في الحسكة من حدث عابر بل على العكس تماماً هي وفق مؤامرة دولية مدروسة وممنهجة طالما هناك دول وقوى تستفيد من استمرارية داعش لتمرير مصالحها ومشاريعها في سوريا، وهذا ما لم يكن أن يتحقق إلا من خلال ضرب الإدارة الذاتية وقواتها العسكرية التي قضت على ذلك التنظيم عسكرياً وميدانياً، وبنفس الوقت داعش استفادت من تلاقح مصالح تلك الدول واستغلالها بالإضافة إلى تقاعس المجتمع الدولي حيال الأزمة السورية وعدم رغبته في إيجاد حل لهذه الأزمة وإنهائها، إلى جانب تهرب الدول من تبني مواطنيها من عناصر التنظيم أو حتى إخضاعهم لمحاكمة دولية تجري في مناطق الإدارة الذاتية التي ربما باعترافات تلك العناصر تضرر مصالحهم وظهور بعض من الحقائق ليست في مصلحتهم.
بالرغم من مناشدات وتحذيرات الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا إبقاء عناصر التنظيم في السجون والمخيمات على ما هم عليه من دون إيجاد حلول جذرية لهذه المعضلة يشكلون قنابل موقوتة قابلة للانفجار في أية لحظة، وحينها لن يكونوا خطرا على أمن واستقرار المنطقة إنما العالم بأسره وربما كانت أحداث سجن الصناعة غيضا من فيض لما سنشاهده في المستقبل على المنطقة والعالم، ولولا يقظة وخبرة قوات سوريا الديمقراطية القتالية وحكمتها في معالجة الحدث لكنا الآن أمام إعلان دولة خلافة جديدة تهدد الأمن والسلم الدوليين وكان الشعب السوري أول ضحايا هذا الإرهاب، فما قامت به قوات سوريا الديمقراطية من إجراءات وتضحيات تندرج بالدرجة الأولى في حماية المدنيين والحفاظ على أمن واستقرار المنطقة التي تحققت بفضل تضحيات عظيمة قدمها أبناء شمال وشرق سوريا وبدعم ومساندة من التحالف الدولي وليس كما يروج لها سلطة دمشق بأنها انتهاكات تستهدف الشعب، يبدو أن سلطة دمشق اليوم تحاول تصوير داعش على أنها الضحية بينما العالم بالأجمع يؤكد على أنها تنظيم إرهابي.
لذا طالما هناك دول مستفيدة من استمرارية وبقاء تنظيم داعش وتوفير حواضن آمنة لتغذية وتنمية فكر داعش المتطرف داعش باقية وخطره وتهديده باق على المنطقة والعالم، لذا يتطلب من المجتمع الدولي القيام بمسؤولياته الأخلاقية والإنسانية تجاه أبناء شمال وشرق سوريا بالإسراع لحل معضلة داعش وتقديم الجناة للعدالة وممارسة الضغوط على من يدعمون داعش وتجفيف منابع الدعم هذه وإنهاء الاحتلال التركي للمناطق المحتلة والتي تشكل حواضن ومنابع لتفريغ الإرهاب والتطرف وإنهاء الأزمة السورية وحلها وفق القرار الأممي 2254 وتكون سوريا موحدة شعباً وأرضاً وسوريا للسوريين وحدهم.