الحدث – القاهرة
إذا كانت القاهرة بلد الألف مئذنة؛ فإن كازاخستان هي بلد الألف حلم، لا يمكن أن تسيرفي عاصمة هذا البلد (أستانا) الذي يحتل موقع قلب آسيا إلا وتجد مشروعا يبنى أو يعد لافتتاحه، أو أنه في طور التنفيذ الأولي، كما أن الشمس التي توجد في علم كازاخستان لديها اثنان وثلاثون شعاعا حيث ترمز إلى التقدم والازدهار.
كازاخستان يفتخر شعبها بتاريخه، ويثق بحاضره، ويتطلع إلى مستقبل مشرق، تجدها إرثا ثقافيا متنوعا، فالعودة إلى التراث يمثل هويتهم، ويرون أنه بدون قراءة جديدة له لن يكون التقدم في حاضرهم، ولا تهيئتهم للحاق بالمستقبل.
ويسعى رئيس كازاخستان الحالي قاسم جومارت توكاييف دائما إلى إقامة العلاقات المتميزة بين بلده والبلدان العربية وخاصة مصر لما تتمتع به من جذور ثقافية وتاريخية مع أبناء شعب كازاخستان.
ويطلق الكازاخيون على بلدهم قلب آسيا،وهو لقب وإن كان مستحقا جغرافيا، إلا أنه على أرض الواقع تحول إلى حقيقة لا يمكن لأحد أن ينكرها.
كازاخستان موطن التفاح وأزهار الخزامى، مدينة التفاح، مدينة الورود، مدينة الطبيعة الساحرة، مدينة الشعلة الخالدة، مدينة الألف لون ولون، مدينة الألف عام، إنها (آلماطي)أكبر مدن كازاخستان وأعرقها. وسبب تسميتها
بمدينة التفاح؛ لأن جميع أنواع التفاح في العالم، يمكن أن تجدها تنمو هنا، كما تنمو أشجار التفاح البرية خارج المدينة.
سميت كازاخستان أيضا بعابرة القارات، حيث تمثل إحدى البلاد التي تتواجد في قارتين معا، فالجزء الأكبر من هذه الدولة هو ذلك الواقع في القارة الأسيويّة؛ أمّا الجزء المتبقّي من الأراضي الكازاخية فيقع في شرق أوروبا
غرب النهر المعروف باسم نهر الأورال، وتشترك كازاخستان في حدودها مع العديد من الدول، ومنها: الصين، وأوزباكستان، وروسيا، وتركمانستان.
حاليا تتلاشى القبلية في كازاخستان الحديثة سواء خلال العمل الحكومي أو التجارة، وإن كان شيء طبيعي بينهم السؤال عن أصل الشخص ومن أي القبائل عند التعارف مع بعضهم البعض. وإن أضحى حاليا ضرورة أكثر من تقليد، فلا يوجد حاليا عداء بين القبائل. وبغض النظر عن الأصل ؛فإنهم يعتبرون أنفسم أبناء وطن واحد.
وتتمتع كازاخستان بموقعها المميز على طريق الحرير القديم كما تتميز بوفرة المناظر الطبيعية الخلابة وبعض أغرب المشاهد الطبيعية في العالم. كما يوجد عدد غير محدود من النصب الحضارية، فقد تم شق أكثر من سبع مئة طريق سياحي على أراضي كازاخستان الحديثة. وتصنّف كازاخستان على أنها الدولة التاسعة من حيث ضخامة المساحة على مستوى دول
العالم كلها، أمّا على مستوى العالم الإسلامي فهي الدولة الأكبر مساحة من بين كل دول العالم الإسلامي، حيث تقدّر مساحة الأراضي الكازاخية
بحوالي المليونين وسبع مئة ألف كيلو متر مربع.
وأكثر سكانها من المسلمين حوالي ٦٠ في المائة من تعداد السكان، حيث يبلغ عدد سكانها ١٥ ١٧٠٠١٢ نسمة. ولا يمكن وصف أستانا سوى أنها مدينة نشأت من قلب اللا شيء، وتحولت إلى كل شيء ممكن، فناطحات السحاب تحجب شمس المدينة، ومراكز التسوق حركة لا تكاد تنتهي،
والشوارع أنظف من شوارع باريس، والتزام شعبها بالقوانين يجعلها الأكثر أمنا في العالم.
التكافل والتراحم أبرز مظاهر رمضان بكازاخستان، فشهر رمضان المبارك هو شهرالقرآن وشهر عطاء عند المسلمين في جمهورية كازاخستان، وبقيت عادات استقبال هذا الشهر المبارك في الشعب الكازاخي منذ عصور قديمة،
فقبل حلول الشهر يستعدّ المسلمون لاستقباله،بتنظيف المساجد وتكون صلاة التراويح، في كل مسجد حيث تقرأ ختمة كاملة لكتاب الله عز وجل.كما تشهد كازاخستان فعاليات كثيرة خلال شهر رمضان، حيث تقام موائد الإفطار الجماعي في المدن المختلفة، وتزدحم مساجد الجمهورية بالمصلين، وتقام صلاة التراويح في المساجد وغيرها، وعند الانتهاء من صلاة التراويح يوميًا
يخرج الأطفال والجيران في الأحياء إلى الشوارع يمشون ويطرقون الأبواب وينشدون نشيد شهر رمضان، هذا النشيد يحتوي على مفردات المدح
والدعاء لأصحاب المنازل التي يطرقون أبوابها، وهم بدورهم يقومون بتوزيع بعض النقود والحلويات على الأطفال. كما تفتتح مساجد جديدة، وتقام مسابقات لتلاوة القرآن الكريم تنظمها وزارة الشئون الدينية الكازاخية ويحصل الفائزون على جوائز مادية وعينية متعددة، وتتعدد الزيارات لدور
الأيتام وكبار السن وتقدم الهدايا لهم. ومن العادات الكازاخية في رمضان تناوب بعض الأسرفي تفطير بعضهم البعض، بحيث يدخلون بيت
كل واحد منهم ويفطرون عنده.
كما تقام ندوات رمضانية عن أحكام الصيام وآدابه، حيث تلقى محاضرة يومية قبل الإفطار لتبصير المسلمين بأمور دينهم، كما يتم توزيع عشرة أطنان من التمور خلال الشهر الكريم،وتوزيع أكثر من ٢٠٠٠ نسخة من القرآن الكريم خلال الشهر المبارك، إضافة إلى تسيير قوافل دعوية في أرجاء جمهورية كازاخستان.
كازاخستان الحديثة تميزت ببناء المساجد الفاخرة والجامعات الإسلامية وسط تقدير بالغ لدور الأزهر في نشر صحيح الدين والدعوة للدين بوصفه دين السلام والأمان. ورغم أن سنوات استقلال كازاخستان عن الاتحاد السوفيتي لا تتعدى أربعة وعشرين عاما فإنها نجحت باقتدار في المحافظة على تراثها الإسلامي، كونها أكبر دولة إسلامية من حيث المساحة وعاصمتها الجديدة أستانا هي عاصمة أقصى شمال العالم الإسلامي.وانعكس ذلك على المستوى المبهر للمساجد الحديثة بالمدينة وعلى رأسها مسجد نور أستانا، وحضرة سلطان) وهو واحد من أكبر المساجد في آسيا الوسطى، ويطلق عليه لؤلؤة المدينة. وأنشئت جامعة (نور- مبارك) الإسلامية بكازاخستان عام ٢٠٠١ من أجل خدمة القرآن واللغة العربية، حيث تمثل في العاصمة القديمة آلماطي قمة التعاون بين مصر وكازاخستان في مجال الدعوة ونشر صحيح الدين. وقد بدأت كمركز ثقافي ثم تحولت إلى جامعة ملحق بها سكن طلابي، وتضم الجامعة ثلاث كليات، هي: الشريعة، وأصول الدين، واللغة العربية، وتمنح شهادة تعادل شهادة التعليم الأزهري، وتمنح درجات
البكالوريوس والماجستير والدكتوراه.
والشعب الكازاخي شعب كريم ووجبة الطعام تستغرق وقتًا طويلًا؛ لأنهم يقدمون الطعام المتنوع تِباعًا، كما أن عادات الكازاخيين في الإفطار لا تختلف عن بقية الشعوب المسلمة،بحيث يتناوب بعض الأسر في تفطير بعضهم البعض، بحيث يدخلون بيت كل واحد منهم ويفطرون عنده،حيث يعتقد الكازخ أن الخيل ظهرت لأول مرة في هضبة آسيا الوسطى،حيث تقع دولتهم، ويؤمنون أيضا بأن أجدادهم الأوائل هم أول من روض الخيول في التاريخ، والرجل الكازاخي على حصان مع النسر الذهبي(الصورة التي اتخذت حوالي عام ١٩١١ م)، مما أضحى للخيول مكانة كبيرة عندهم.
كما أن طبق كازاخستان الوطني هو (بيشبارماك)، الذي يعني حرفيًا خمسة
أصابع؛ لأنه يؤكل تقليديًا باستخدام كل الأصابع الخمسة.وتتلألأ كازاخستان في سماء القاهرة حيث تهتم دار الأوبرا المصرية في سهراتها العربية والإسلامية بمناسبة شهر رمضان المبارك بالتراث الكازاخي وتحتفي به دوما،
شهر رمضان في كازاخستان له عاداته الخاصة بهم بما أن كازاخستان تتميز بإرث تاريخي وثقافي عظيم،وقد ساعد موقعها المتميز بين أوروبا وآسيا في أن يجعلها ملتقى للحضارات القديمة، ومعبرًا لدروب المواصلات، كما أن التفاعلات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية الناتجة عن ارتباطات الشرق بالغرب، والشمال بالجنوب ترتب عليها تحولات كبيرة في قارتي آسيا
وأوروبا تركت آثارها على كازاخستان، حيث حتمت عليها الظروف المكانية والزمانية أن تعيش تطورا متلاحقا، فمشروعات النهضة مجالات العقل والاستنارة والإبداع، وأنهم قد نفضوا عنهم غبار الماضي، وخرجوا من سكون
أكفان القرون التي سبقت اللحظة الزمنية للقرن العشرين ليلبسوا أثوابًا جديدة، وقد أبدعوا بعد أن انفتحت عقولهم، وتعاملوا مع أصالتهم، وخلقوا لهم أشياء جديدة لم يكونوا يعرفونها من قبل، بل إنهم انسجموا مع مشروعهم النهضوي ويقظتهم الفكرية، وناضلوا من أجل أن يكون
لهم مكانهم بين دول العالم.
وحديثا تسعى سفارة كازاخستان بالقاهرة ممثلة في السفير (خيرات لاما شريف ) إلى ترجمة أشهر مؤلفات الأدب الكازاخي إلى اللغة العربية ونشرها في مصر، مع وزيرة الثقافة الدكتورة إيناس عبد الدايم مشيرة الأخيرة إلى مسار تنفيذ مشروع (الثقافية الكازاخية المعاصرة في العالم)، الذي أطلقه الرئيس السابق ( نور سلطان نزارباييف) تحت عنوان( نظرة إلى المستقبل.. تحديث الوعي الاجتماعي) وأكمل الرئيس الحالي (قاسم جومارت توكاييف ) نفس النهج للرقي ببلاده كازاخستان، ومن جانبها أعربت إيناس عبد الدايم – بحسب البيان – عن انبهارها بثقافة الشعب الكازاخي، وأنها تعرف الفنانين الكازاخستانيين المشهورين عالميا، مؤكدة على التقارب التاريخي والثقافي بين شعبي البلدين.